بقلم: جيهان لغماري نعم، يمكن القول إنّ طبول تكتيكات الانتخابات بدأت تُقْرَعُ منذ الآن مما يوحي بأنّ الساحة السياسية مقبلة في هذه الأشهر على حراك غير مسبوق سيفضي قريبا إلى «تَمَتْرسٍ» انتخابي واضح وإلى تحالفات معلَنة أو ضمنية تزيل عن المشهد غموضه الحالي. فحين يصرح حمّة الهمامي أن «الجبهة» لم توافق على هذه الحكومة، إنما هو في الحقيقة يستعيد خطاب الجبهة الأصلي، والجميع يعرف كيف تصرف ممثلوها في خاتمة الحوار الوطني بطريقة سمحت لها بألاّ تكون في موقع الرافض العلني لجمعة وفي نفس الوقت التملص من الموافقة الصريحة على شخصه. في هذا الإطار تعدّ العودة إلى مربع «المنوال التنموي» والقول بأنّ قرارات الحكومة فيها تواصل مع سياسات سابقاتها بما تحمله من ليبرالية متوحشة رسالة إلى قواعد الجبهة بالأساس بأنّ القيادة لم تتنازل عن خطها الأصلي كما يصرح البعض، وأخرى لبقية الأحزاب بأنّ الجبهة لن تدخل في تحالفات انتخابية إلا مع من يشاركها قناعاتها، ولعلها استبقتْ التخلّي عنها ولو ضمنيا من بعض مكونات جبهة الإنقاذ وأساسا «النداء». حمّة الهمامي استطاع أن يأخذ مسافة واضحة عن مكونات «جبهة الإنقاذ» دون تورّط في فقدان التواصل معها، كما حملت مواقفه من حكومة جمعة أو حتى من الأحداث الأخيرة التي عاشتها البلاد تأويلات شتى! وهذا الغموض المتواري بين الكلمات المنمقة، يبدو مقصودا في انتظار توضح تكتيكات الأحزاب الأخرى للحسم النهائي في كيفية دخول الانتخابات ولو أنّ أغلب المؤشرات تنحو نحو دخول السباق باسم «النداء» فقط وتحت جناحه وحتى إن رغبت مكونات «الاتحاد من أجل تونس» أو بعضها في التحالف مع «النداء» فلن يكون إلا تحت رايته. لقد فهم «النداء» أنّ تسويق نفسه على أنه قادر على الحكم يفترض قدرة تجميعية حتى مع منافسيه وأساسا «النهضة»، لذلك قد تبقى جبهة الإنقاذ شكلا ولكنها استوفت دورها بالنسبة إليه وقد يلجأ إليها كورقة «يُحييها» من جديد في حال وقوع أزمة سياسية كبرى. بالنسبة ل «النهضة»، لا يختلف الأمر كثيرا عن تكتيكات «النداء»، أي هدوء في التصريحات بل المغالاة في ذلك وتقديم نفسها أيضا على أنها قوة بناء تجميعية حتى مع فرقائها كدليل على عقلانية ونضج يضعان المصلحة العليا للبلاد فوق كل اعتبار، وحتى بعض «الانفلاتات» الكلامية لبعض القيادات الوسطى فقد استطاعت تجاوزها دون التورّط في خلاف مع بعض قواعدها التي مازالت تمارس السياسة من داخل «صَدَفَة» الأيديولوجيا فحسب. بقية الأحزاب لم تحسم أمرها بعد وحتى تواتر الحديث عن تحالفات ممكنة بين بعضها ليس له أي انعكاس حقيقي على موازين القوى الحالية، لذلك من المتوقع أن تدخل أغلبها الانتخابات منفردة وأساسا «الجمهوري» خاصة إذا تأكد ترشح نجيب الشابي لمنصب الرئاسة لأنّ الأحزاب خارج ثلاثية «النهضة» و«النداء» و«الجبهة»، ترغب أيضا في الرئاسية والتحالف بينها يقتضي تنازلا عن الترشح لواحد فقط، وهو أمر مستبعد. الانتخابات بدأت اليوم، فلمن سيكون الخراج؟.