كشف أمس عبد الله الزيادي معارض ليبي لنظام معمر القذافي سابقا ومن الثوار الليبيين ل «التونسية» أن الحلول المناسبة لإطلاق سراح الديبلوماسيين التونسيين المختطفين في ليبيا هي الاعتماد على «الديبلوماسية الموازية» والتواصل بين مكونات المجتمعين المدنيين التونسي والليبي معتبرا أنها الانجح لحلحلة المسألة على حد تعبيره. وقال عبد الله الزيادي على هامش ندوة حوارية لمؤسسة المجد التي خصصت لموضوع «التحولات الجيوستراتيجية في المنطقة العربية وتحديات الديبلوماسية التونسية» بالعاصمة أن ليبيا تعاني من غياب سيطرة الحكومة على الأوضاع وأن الظروف الراهنة تحتم تدخل أطراف معينة لا جهات رسمية وتابع في هذا الصدد «إن الديبلوماسية التونسية الرسمية ليست بمنأى عن الأوضاع لكن ديبلوماسية قبائل و«عروشات» البلدين هي وحدها الكفيلة بإخراج الديبلوماسيين من الورطة إن صح التعبير وأنه على أهل الحل والعزم أن يسعوا إلى حل المسالة واستغلال القرب الذي يجمع عددا من القبائل في الجنوب التونسي بنظرائها من الجانب الليبي باعتبارها أدرى وانجح للوصول إلى مثل هذه الأمور». من جهته صرح صلاح الدين الجمالي سفير وكاتب دولة سابق للخارجية خلال الندوة أن الثورة أثرت على كل التحركات التونسية في الداخل والخارج قائلا «لقد أثرت الثورة على السير اليومي لوزارة الخارجية حيث تعاقب على رئاستها ستة وزراء وكان للبعض منهم تجربة في حين غابت عن البعض الآخر دون أن ننسى تأثير بعض التعيينات التي لم تكن مدروسة في اغلب الأحيان لكن من الملاحظ اليوم أن موجة الثورة بدأت تهدأ وتهادن وبدأت البلاد تستعيد مسارها الطبيعي نحو المرحلة العادية لا المرحلة الانتقالية التي كلفتنا العديد من الخسائر المادية والمعنوية». وأكد الجمالي أن الديبلوماسية التونسية مطالبة اليوم بتثبيت علاقاتها مع البلدان التي تجمعها بها علاقات ومصالح تقليدية داعيا إلى تكريس الديبلوماسية الهادفة والهادئة التي تخدم تونس ومصالحها لا ديبلوماسية الثورات المفلسة على حدّ تعبيره مشددا في الآن ذاته على ضرورة منع التدخل الخارجي في مشاكل تونس الداخلية. وتعليقا على عملية اختطاف الديبلوماسيين التونسيين في ليبيا اعتبر صلاح الدين الجمالي ليبيا «مستنقعا» ودعا الديبلوماسية الرسمية الممثلة في وزارة الخارجية إلى الالتزام بالصمت وإطلاق العنان للديبلوماسية الموازية مشددا على ضرورة عدم تحميل الحكومة الليبية مسؤولية الاختطاف. من جهته تحدث عز الدين الزياني سفير سابق, عن التحولات الجيوستراتيجية في المنطقة العربية قائلا إنها لم تكن منتظرة وأن تونس أضاعت العديد من الفرص التي أتيحت أمامها من قبل العديد من الدول والتي فتحت لنا أبوابها إعجابا وتقديرا للثورة التونسية في أيامها الأولى وفق قوله. إعادة خارطة التمثيل الديبلوماسي وفي حديثه عن الديبلوماسية التونسية قال الزياني «هي اكبر ضحية من ضحايا ما بعد الثورة لان الأحزاب حاولت في كثير من الحالات أن تدجن هذا السلك الذي يعد حساسا ومهنيا وقد اهتزت صورة تونس في العالم ومصالحنا أيضا وهو شيء يؤسف عليه فعلا خاصة أن التعيينات أضرت به بصفة مباشرة فهناك عدم دراية وغياب الكفاءة وشخصيا أحبذ أن تقع تسمية شخص كفء وله القدرة على التسيير وعلى جلب الاهتمام». ودعا الزياني إلى ضرورة إعادة خارطة التمثيل الديبلوماسي التونسي خاصة إعادة تأهيل القطاع من داخله عن طريق الدورات التكوينية والى جعل المعهد الديبلوماسي في المقام الأول من أولويات الحكومة لأنه المشرف الأول على الإطارات التي ستتولى تسيير الديبلوماسية التونسية في فترة لاحقة». من جهته أكد توفيق بن عمارة ممثل مقيم سابق بالأمم المتحدة أن تقييم الديبلوماسية التونسية مرتبط بصفة وثيقة بالمعطيات الدولية والإقليمية والجهوية وقال «لابد لنا أن نعيد النظر في ديبلوماسيتنا الحالية لان المعطيات والتحالفات الدولية تغيّرت لذاك أرى وجوب تنظيم ندوات متعددة تجمع كل الديبلوماسيين وكل السياسيين لإعطاء الديبلوماسية التونسية دفعة إضافية وتمكين تونس من مواجهة التحديات بكل نجاح وتوفيق وبالتالي إعطاء الصورة المثالية والحضارية لتونس كما كانت عليه طوال سنين». أما حامد بن إبراهيم ممثل عن الشبكة المتوسطية للمحامين ورجال القانون وخبير في مكافحة الإرهاب فقد بين أن مسار المفاوضات الخاصة باسترجاع الديبلوماسيين التونسيين مازالت متواصلة وتابع في هذا الصدد «من الثابت أن الموقف التونسي في هذه المسالة هو موقف سليم فيه احترام للدولة التونسية واحترام للدولة الليبية انه لا تفاوض مع هذه الأطراف لكن أية إضافة كفيلة بإرجاع هؤلاء الأشخاص إلى رشدهم تعد أمرا محمودا». وبين حامد بن إبراهيم أن الانفلات الذي تعيشه ليبيا كفيل بالتأثير على الأوضاع في تونس وأضاف «لقد غاب الجهاز الأمني الكفيل بإرجاع الأمور إلى نصابها في ليبيا وهذا يحول دون بناء المسار الانتقالي الليبي وطالما الأزمة موجودة هناك تصبح المسألة مقلقة نظرا لعلاقات الجوار التي تجمعنا». مؤتمر وطني للديبلوماسية التونسية وحول التحديات التي تواجه الديبلوماسية التونسية دعا عبد الوهاب الهاني رئيس «حزب المجد» إلى عقد مؤتمر وطني حول الديبلوماسية التونسية يهدف إلى التفكير والتوافق الوطني حول عقيدة ديبلوماسية جديدة ويشارك فيه جميع الفاعلين في السلك على حد تعبيره مقترحا أن تجعل الأطراف المختصة من الديبلوماسية التونسية ديبلوماسية القارة والعالم العربي. وراهن الهاني على أهمية الديبلوماسية الثقافية قائلا «كل الدول تراهن على الديبلوماسية الثقافية فلم لا يقع التزاوج بين البعد الثقافي والبعد الديبلوماسي لان الثقافة تمهد لخدمة مصالح الدولة وخدمة التعايش بين الشعوب كما وجب اليوم أن نعمل على تكريس ديبلوماسية قيم لا ديبلوماسية تقنية».