ماذا حدث أول أمس الأحد بدار الاتحاد المحلي للشغل بسبيطلة؟ لماذا لم يتعرف المعلمون على تشكيلة نقابتهم الأساسية بعد يوم طويل من النقاشات.. والجدل.. والاقتراع.. والفرز.. في مؤتمر كانت فيه كل المؤشرات توحي منذ مدة بأنه ساخن جدا.. ويحمل في طيّاته أسئلة حارقة للوضع السياسي الراهن ولما ستؤول اليه المرحلة القادمة..؟ لماذا انتهى مؤتمر نقابة المعلمين بسبيطلة بانقطاع التيار الكهربائي.. وتمزيق أوراق الانتخابات.. وفوضى عارمة.. وبالضرورة إلغاء المؤتمر؟! هل هناك جهة بحثت عن إفشال العملية الانتخابية بعد أن تأكدت من اتجاه الأصوات... أم أنّ هنالك جهة أرادت «تحطيم» الموعد الانتخابي في رسالة موجهة الى كل المرحلة السياسية القادمة؟ أم هو مجرّد سوء تقدير من رئاسة المؤتمر التي كان عليها إجراء عملية الفرز في فضاء مغلق؟! «التونسية» واكبت مؤتمر النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بسبيطلة وخرجت بهذه الورقات... في البداية لابد من الإشارة الى أن ثلاث قائمات ترشحت لهذا الموعد الانتخابي الهام ضمت القائمة الأولى عددا من الوجوه النقابية المعروفة يترأسها محمد الصحراوي (كاتب عام اتحاد الشغل بسبيطلة) وناجية برهومي (عضو الاتحاد الجهوي للشغل بالقصرين) ورضا برهومي (عضو الاتحاد المحلي للشغل) ومحمد الهادفي (عضو النقابة الجهوية للمعلمين) ومحمد الهادي الزيودي وصبري دربالي وسامي الربيعي في حين ضمت القائمة الثانية المعلمين: الفاضل الفريضي وفتحي محفوظي ومحسن الرحالي وحمزة القرمازي ومحمد الصغير عامري وفاروق الدربالي ويرى الملاحظون أن هذه القائمة مسنودة من حزب حركة «النهضة» في حين ضمت القائمة الثالثة كلاّ من الناصر بوعلاقي وعادل سعودي والناصر علوي ورضوان الصالحي وعبد الباسط هلالي وحبيب الدلهومي وعياض الميساوي ويقول عنها رئسها إنها ليست يسارا وليست يمينا وقد ترشحت للعمل النقابي دون سواه...! حملة انتخابية عادية وعلى امتداد عدة أيام جرت الحملة الانتخابية في هدوء مقارنة بما يحدث عادة في مثل هذه المناسبات من تجاذبات.. ومشاحنات لم تخرج عن الاطار المألوف، ولكن مساء أول أمس وبعد انتهاء عملية الاقتراع التي تواصلت الى حدود السابعة مساء وبعد انقضاء شوط من عملية الفرز حدث ما لم يكن في الحسبان حيث انقطع التيار الكهربائي فجأة (التاسعة والنصف مساء) ومزّقت الأوراق الانتخابية، ليجد المشرفون على مؤتمر نقابة المعلمين بسبيطلة أنفسهم مضطرين الى مغادرة مقر الاتحاد المحلي للشغل وإلغاء نتائجه. «التونسية» اتصلت برئيس المؤتمر ورؤساء مختلف القائمات المترشحة لتقف على حقيقة ما حدث. تمزيق الأوراق الانتخابية عبد الحميد العرباوي عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بالقصرين ورئيس المؤتمر قال إن الأجواء كانت عادية جدا.. انتهت عملية الاقتراع في حدود السابعة مساء (440 مقترعا) وبعد أن بلغت عملية فرز الأصوات بين 60 و65٪ فوجئنا بانقطاع التيار الكهربائي وبأحد الأشخاص ينقض على بقية الأوراق ويقوم بتمزيق البعض منها وتهريب البعض الآخر.. أنا لا أعرف الحاضرين.. ولا أستطيع أن أجزم بأن الأصوات التي تم فرزها توحي بفوز قائمة دون أخرى خاصة وأن أكثر من 40٪ من الأوراق لم يتم فرزها بعد، وما أؤكده أن المنظمة النقابية تدين هذه الممارسات غير المسؤولة. سوء تقدير سألنا عبد الحميد العرباوي عن السبب الذي منعه من إجراء عملية الفرز في فضاء مغلق فأجاب بأنه لأول مرة يترأس مؤتمرا نقابيا بهذا الحجم رغم أنه كاتب عام نقابة الأساتذة بتالة وعضو بالمكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بالقصرين وأن العادة جرت بأن يحضر المترشحون عملية الفرز في اطار الشفافية خاصة وأنه يشرف على مؤتمر نقابة المعلمين ولم يكن ينتظر هذه المفاجآت!!! العرباوي ختم حديثه ل «التونسية» قائلا بأن الاتحاد العام التونسي للشغل ولجنة النظام العام ستتخذ الإجراءات المناسبة في حق كل من أساء الى المنظمة الوطنية العريقة التي تبقى بعيدة عن كل التجاذبات السياسية، كما أن القانون الداخلي يفرض أن يعاد المؤتمر خلال الأيام القليلة القادمة وبمن حضر من الناخبين. أطراف غير معروفة من جهته قال الناصر بوعلاقي رئيس القائمة الثالثة بأن قائمته مستقلة ولا لون سياسي لها وأن أطرافا غير معروفة خارجة عن القطاع سعت الى ضرب صف المعلمين واختياراتهم المسؤولة وأنه يتقبل النتائج مهما كانت لأنها في النهاية تمثل إرادة المعلمين وهو يدين التحزب داخل العمل النقابي لما له من تأثير سلبي، ويدعو الى تحكيم الرأي دون التأثر بالإملاءات الخارجية التي لا تخدم القطاع في شيء والابتعاد عن التجاذبات السياسية. منعونا من تحقيق الانتصار أما الفاضل الفريضي رئيس القائمة الثانية فقال إنه بعد ساعة من الفرز تأكد الحاضرون أن الكفّة كانت تميل لصالحنا وهو ما دفع بنبيل حقي (كاتب عام النقابة الجهوية للمعلمين) الى تهنئتنا فتحرك أحد الأشخاص (أعرفه وأتحفّظ عن ذكر اسمه حاليا) الى قطع التيار الكهربائي وفي عملية مدروسة ومخطط لها تحركت مجموعة أخرى قادمة من الباب الخارجي وقامت بإتلاف الأوراق الانتخابية... هذه مهزلة في تاريخ اتحاد الشغل والأطراف التي تتشدّق بالديمقراطية ظهرت على حقيقتها وهي ضد الصندوق وضد العملية الانتخابية، وعن الاتهامات الموجهة الى قائمته بأنها مسنودة من حركة «النهضة» قال الفريضي بأنه جاء للعمل النقابي فقط وهي ادعاءات باطلة لا أساس لها من الصحة وسنثبت وجودنا في الموعد القادم لمؤتمر نقابة المعلمين. خروقات انتخابية من جهتها قالت السيدة ناجية برهومي (عن القائمة الأولى) إن عدة خروقات رافقت العملية الانتخابية منها قيام أحد المعلمين بالتصويت عوضا عن زميله واعتماد قائمات غير مؤشرة من الاتحاد العام التونسي للشغل وتواجد أطراف غريبة (من غير المعلمين) داخل الفضاء الانتخابي. وقد قمنا بالطعون اللازمة، ومع ذلك نحن ندين هذه الممارسات التي لم أواكبها بما أنني غادرت مقر المؤتمر بعد انتهاء عملية التصويت. وتبقى الأسئلة معلّقة.. هل هي مجرّد عثرة انتخابية؟.. أم هي إشارة حمراء لما سيحدث خلال المحطات القادمة.. في مرحلة سياسية هامة من تاريخ البلاد خاصة وأن الاتحاد المحلي للشغل بسبيطلة لم يشهد عبر تاريخه الطويل مثل هذه المهازل الانتخابية؟!!