كان الترجي الرياضي قبل المباراة المصيرية التي جمعته أول أمس بالنادي الصفاقسي في وضعية صعبة ودقيقة قادته لها الهزيمتان الأخيرتان في الجولتين الأولى والثانية لدور المجموعات لكأس رابطة الأبطال الإفريقية وكان بالتالي في حاجة ماسة للإنتصار بل إن الفوز كان حتميا وإلا سيكون الخروج مبكرا وعلى غير العادة وعلى عكس السنوات الفارطة من هذه المسابقة... مثل هذه الوضعيات التي وجد أبناء باب سويقة أنفسهم فيها غالبا ما تلعب دورا سلبيا على معنويات اللاعبين وتؤثر على مستواهم وبالتالي على آدائهم فوق الميدان ومنه على نتيجة المباراة وهي الأهم في مثل هذه الحالات وهو العنصر الذي نجح الأحمر والأصفر في تحقيقه في سيناريو « هيتشكوكي» تميّزت فيه قوة الشخصية والخبرة ورفض المصير والتشبث بالبقاء في هذه المسابقة بحظوظ وافرة للتأهل إلى المربع الذهبي... الترجي الرياضي ، كعادته وعلى طريقة الأندية الكبرى التي لا تعترف بالمستحيل ولا ترمي المنديل بسهولة وتجد الأسلحة اللازمة للخروج من أصعب الوضعيات عند الحاجة ، فاز في المباراة التي كان لزاما عليه الإنتصار فيها مؤكدا مرة أخرى أنه من طينة خاصة جدا وأنه فعلا فريق التحديات الذي لا تؤثر عليه الضغوطات النفسية الثقيلة والمرهقة ولا تثنيه الوضعيات العسيرة وشبه المستحيلة على تحقيق أهدافه وبلوغ شاطئ الأمان... ابناء باب سويقة لم يفرطوا أول أمس في فرصة الأمل الأخير للبقاء في دائرة المنافسة على مقعدي التأهل إلى الدور نصف النهائي وخرجوا من أهم مواجهة لهم في هذا الدور بالنتيجة المطلوبة التي تخدم مصالحهم وتسمح لهم بتدارك ما فاتهم في الجولتين السابقتين محققين بالتالي هدفهم الأول والأساسي من هذا الكلاسيكو الخاص ضد النادي الصفاقسي وهو هدف لم يكن سهلا بالمرة أمام فريق دخل اللقاء براحة نفسية أكبر ولم تكبل الضغوطات أرجل لاعبيه بل أكثر من ذلك فقد نجح في التقدم في النتيجة في توقيت مناسب جدا بالنسبة إليه في بداية الفترة الثانية معكرا وضعية ومهمة الترجيين أكثر فأكثر وهو سيناريو أشر إلى نهاية حلم «الأحمر والأصفر» في رابطة الأبطال حيث أضحى خروج زملاء بن شريفية من هذه المسابقة وشيكا وشبه محسوم بعد افتتاح النتيجة من قبل الحناشي غير أن الترجيين رفضوا هذا المصير وانتفضوا انتفاضة البطل الذي لا يرضى بتوديع الكأس التي تشكل غايته الأساسية وهدفه الأول وحوّلوا الهزيمة إلى انتصار ثمين للغاية في لحظات قليلة متداركين العثرتين السابقتين وعائدين إلى المنافسة الجدية على ورقتي العبور إلى الدور نصف النهائي. جمهور من ذهب... كان خير سند... ولدوره الأساسي أجاد اللعب قبل الحديث عن فوز الترجي الرياضي والأسباب التي غيّرت مجرى ونتيجة المباراة في لحظات سواء من قوة شخصية اللاعبين والتغييرات الناجعة في التشكيلة هذا علاوة على سذاجة النادي الصفاقسي لا بد من إعطاء حق جماهير الأحمر والأصفر التي حضرت إلى ملعب رادس وقدمت الدعم المعنوي المطلوب للاعبيها وبرزت بمساندتها القوية والفعالة في الوقت الحرج أي حين قبول فريقها هدفا قاتلا كان يمكن أن يقضي على كل الأمال في التدارك والبقاء في المنافسة... في هذا الوقت بالذات يكون دور الجمهور مطلوبا وهذا ما قام به أحباء الترجي الرياضي كأروع ما يكون مساندين لاعبيهم في أحرج فترة من اللقاء وواقفين إلى جانبهم وقت العسر ومساهمين بالتالي وبصفة فعالة في قلب الأوضاع والمعطيات... جمهور الترجي الرياضي أعطى مثالا في حب ناديه وتحمل المسؤولية عند الحاجة حيث كانت الفترة التي تأخر فيها فريقهم في النتيجة الأقوى على مستوى التشجيع والدعم مما أعطى شحنة معنوية كبيرة للاعبين وساعدهم على الإنتفاض وتحقيق انتصار غال في النهاية يمكن أن يشكل المنعرج في هذه المجموعة عند الحسم في التأهل إلى المربع الذهبي. جدوى تغييرات «دو سابر» إيهاب المساكني هو الذي قاد عملية هدف التعادل الذي أعاد الترجي الرياضي إلى المباراة حيث كان في بداية الهجمة من وسط الميدان ثم تقدم للمشاركة في العمل الجماعي وكان وراء التمريرة قبل الأخيرة لنجانغ في منطقة الجزاء ، وادريس المحيرصي هو الذي سجل الهدف الثاني الذي منح الفوز الثمين لأبناء باب سويقة... هذان اللاعبان اللذان ساهما بقسط كبير في قلب المعطيات كان من اختيار المدرب سيباستيان دو سابر عند التأخر في النتيجة وكان بالتالي لتدخل الفرنسي دور كبير في تغيير النتيجة حيث أحسن القيام بالتحويرات وقدم الإضافة اللازمة من هذا الجانب ليلعب بالتالي دوره على الوجه الأكمل ويساهم في هذه النتيجة الإيجابية التي استعد من أجلها منذ عشرة أيام ووضع البرنامج المناسب لتحقيقها وكان له ما اراد على الرغم من بعض النقائص التي سنأتي عليها والتي لا يمكن أن يحجبها الإنتصار. قوة شخصية اللاعبين إلى جانب التغييرات الإيجابية والمجدية في التشكيلة والإضافة التي قدمتها التعديلات التي أدخلها دو سابر بدليل آداء المساكني والمحيرصي ومساهمتهما في الهدفين والإنتصار برز كل لاعبي الأحمر والأصفر بشخصية قوية بعد التأخر في النتيجة وبحثوا داخلهم عن المخزون اللازم للتغلب عن السلبيات والنقائص واستغلال قوتهم وإيجابياتهم وكذلك هفوات المنافس وتحدي الوضعية الحرجة التي وجدوا أنفسهم فيها ولاحظنا تشبثا كبيرا بالفوز وعزيمة قوية على البقاء في المسابقة ... لقد كانت رغبة الترجيين في الإنتصار حتى عند تقدم النادي الصفاقسي واضحة وأكبر من رغبة منافسهم وكان هذا العامل أساسيا وفعالا في قلب المعطيات وتحوّل الفوز من هذا الطرف إلى ذاك ورفضوا الرضوخ إلى المصير الذي حكم به عليهم هدف الحناشي وكانت ردة فعلهم قوية جدا في حجم تطلعات وقيمة الفريق وأهدافه في هذه التظاهرة. انتصار لا يحجب النقائص ... والبناء على الإيجابيات ضروري حقق الترجي الرياضي الأهم في هذا اللقاء وهو كسب النقاط الثلاث وهذا في الحقيقة ما كان مطلوبا من اللاعبين والإطار الفني ، كما أن الفريق أظهر بعض الإيجابيات التي يمكن للمدرب سيباستيان دو سابر أن يبني عليها ويضع عليها برنامجه المستقبلي ، في المقابل لاحت عدة نقائص وسلبيات لا يمكن أن يحجبها هذا الفوز لأن طريق النجاح تمر عبر تصليح هذه الهفوات والوصول إلى القضاء عليها لأن قادم المقابلات تتطلب مستوى أفضل من الناحية الفردية وخاصة إضافة ركائز الفريق وكذلك من الناحية الجماعية وطريقة اللعب المناسبة التي تسمح للفريق بحصد النتائج الإيجابية في المقابلات المقبلة ومرحلة الإياب من هذا الدور والتي ستكون لقاءاتها لقاءات كأس بأتم معنى الكلمة. التعزيزات مطلوبة إضافة إلى العمل الذي سيقوم به الإطار الفني على بعض المستويات لمزيد القضاء على السلبيات الأخطاء فإن التعزيزات على مستوى الزاد البشري وفي مراكز معينة من المؤكد أن الفرنسي يعرفها جيدا إذ أن هذه المجموعة في حاجة ماسة وأكيدة إلى تدعيم مدروس حتى تنجح في مجابهة التحديات القادمة التي ستكون اصعب في مقابلات مصيرية خصوصا في مرحلة الإياب التي ستحسم اسم المتأهلين إلى المربع الذهبي... انتصار أول أمس أعاد الأمل للترجيين لاقتلاع إحدى الورقتين المؤهلتين إلى الدور نصف النهائي لكن الأهم من ذلك هو انه أعطى أيضا الشحن للمسؤولين للقيام بالإنتدابات وتعزيز هذه المجموعة بلاعبين من طراز رفيع جدرين بالإنتماء إلى فريق كبير مثل الترجي الرياضي وقادرين على تقديم الإضافة اللازمة.