انعقد يوم الجمعة الفارط مجلس وزاري مضيق لتدارس مشروع قانون المالية لسنة 2014 الذي أثار العديد من التساؤلات ونقاط الاستفهام بشان الأحكام والإجراءات الواردة به وخاصة تلك المتعلقة باقتطاع أيام عمل ورفع السر البنكي. ووفق المعطيات التي بحوزتنا فإنه خلال المجلس الوزاري اعترض الشاذلي العياري محافظ البنك المركزي على قرار رفع السر البنكي الذي ورد بمشروع قانون المالية التكميلي معللا ذلك بان الفرص غير ملائمة بالمرة في مثل الظرف الاقتصادي الحرج الذي تمر به البلاد التي تبقى بحاجة إلى الموارد المالية والسيولة من السوق الداخلية. واعتبر محافظ البنك المركزي أن رفع السر البنكي قد يؤدي إلى عمليات سحب كبيرة للأموال المودعة بالبنوك التونسية بما يؤثر على التوازنات المصرفية وإدخال اخلالات بالجملة. وحسب مصادر «التونسية» فإنّه تم الاتفاق خلال المجلس الوزاري المضيق الذي أشرف عليه نضال الورفلي الوزير المكلف بمتابعة الملفات الاقتصادية على التشاور مع الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية واخذ رأيه في الموضوع وإيجاد الحلول الملائمة في الغرض. ويذكر أن المشروع نص في فصوله من 14 إلى 17 على تمكين مصالح الجباية في إطار عملية مراجعة جبائية معمّقة من الحصول على الكشوفات المتعلقة بالحسابات المفتوحة لدى البنوك والديوان الوطني للبريد ولدى المتصرّفين في محفظات الأوراق المالية ، مع انتهاج المرحلية في تطبيق الإجراء وذلك بتطبيقه في مرحلة أولى على الأشخاص الذين لا يمسكون محاسبة مطابقة للتشريع المحاسبي للمؤسسات أو الذين يمتنعون عن تقديمها والذين يخضعون لمراجعة جبائية معمقة ابتداء من غرة جانفي 2015 ومن ثم تعميمه في مرحلة ثانية على كل مطالب بالأداء يخضع لمراجعة جبائية معمّقة ابتداء من غرة جانفي 2016 إضافة إلى عدم إخضاع الإيداعات المنجزة قبل غرة جانفي 2014 لأحكام هذا القانون شريطة التصريح بها في أجل أقصاه 31 ديسمبر 2014 ودفع ضريبة تقدّر ب 10 بالمائة من قيمتها وذلك حتى لا يكون لهذا الإجراء المفعول الرجعي مع التنصيص على أن هذا الإجراء لا يشمل المطالبين بالأداء الذين تم تبليغهم بنتائج المراجعة الجبائية أو قرارات التوظيف الإجباري للأداء قبل تاريخ دخول هذا القانون حيز التطبيق. وتم تفسير هذه الإجراءات بكون أن مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية نصت على حق مصالح الجباية في الإطلاع لدى الأشخاص الطبيعيين والمعنويين المنتمين للقطاع العمومي أو للقطاع الخاص على المعلومات المتعلقة بنشاط المطالبين بالأداء قصد استغلالها في مراجعة وضعيتهم الجبائية وتعديلها. أما بالنسبة للنشاط المالي للمؤسسات البنكية والبريدية فقد اقتصر حق الإطلاع على الإدلاء إلى مصالح الجباية بأرقام الحسابات المفتوحة لدى تلك المؤسسات خلال الفترة التي لم يشملها التقادم وذلك بالنسبة للمطالبين بالأداء الذين هم في حالة مراجعة معمقة لوضعيتهم الجبائية في تاريخ تقديم الطلب. الاقتطاعات من الأجور محل أخذ وردّ وفي ما يخص المقترح الوارد بمشروع قانون المالية التكميلي المتعلق باقتطاع أيام عمل من الأجور وأصحاب الجرايات والشركات كشفت مصادرنا أنّ العملية برمتها تظل رهينة التوافق وإيجاد الأرضية اللازمة مع الاتحاد العام التونسي للشغل بمعنى أن الحل والربط بيد هذا الأخير. وقد سبق لبعض أعضاء المكتب التنفيذي للمنظمة الشغيلة الأكثر تمثيلا للعمال والأجراء في تونس أن صرحوا أنهم معترضون شكليا وإجرائيا على القرار الخاص باقتطاع أيام عمل من الأجور فاتحين المجال للتحاور في الموضوع. وألمحت ذات المصادر إلى أن هذه المسالة سيتم تدارسها في الجلسات التمهيدية والتحضيرية ضمن لجنة المالية العمومية للحوار الاقتصادي الوطني وأنّه من المنتظر الخروج بحلول عملية. وأفادت مصادرنا أنه من المنتظر أن يدرّ هذا الإجراء في حال اعتماده 700 مليون دينار ولاحظت أن الضغوطات المالية التي تمرّ بها البلاد تحتم نوعا من التضامن والتآزر بين التونسيين من اجل تخطي الظرف الصعب مشيرة إلى انه تم إنجاز مثل هذه العملية سنة 1991 باقتطاع أيام عمل من الإجراء وتم إرفاق نفس الإجراء بعد الثورة في مناسبتين الأولى في عهد حكومة السبسي سنة 2011 عندما تم اقتراح في مشروع قانون المالية لسنة 2012 اقتطاع أربعة أيام عمل وتم رفضها جملة وتفصيلا. كما تم في سنة 2012 عند إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2013 إقرار مساهمة ظرفية تطوعية كان من المفروض أن تدر على ميزانية الدولة ما قيمته 450 مليون دينار غير أن عزوف المواطنين عنها جعل المحصول هزيلا جدّا لَمْ يتخطّ 30 مليون دينار.