لا بدّ من تنسيق شامل مع الجيش الجزائري خسرنا 4 سنوات بسبب التخاذل الرسمي لو كان بورقيبة حيّا لقطع العلاقات مع الدول المموّلة للإرهابيين في قراءة له اعتبرها معمقة ودقيقة للمشهد السياسي العام بالبلاد في ظل تنامي التهديدات الارهابية التي تستهدف البلاد اكد السيد الطاهر بلخوجة وزير الداخلية في عهد الزعيم الحبيب بورقيبة ان تونس في حالة حرب شاملة مع الارهاب مذكرا بأن زعيم تنظيم «القاعدة» ايمن الظواهري كان قد صرح منذ سنوات بأن تونس ارض دعوة ليضيف بعد ذلك انها أرض جهاد مضيفا أنه من السذاجة الا يتم منذ ذلك الوقت اتخاذ الاحتياطات اللازمة ورفع كل الامكانات الضرورية واعتبار ان كل الامكانات ستوضع على ذمة المنفذين بعد تلقيهم تدريبات ارهابية فاعلة وانتصاب تنظيماتهم منذ سنين في العراق وافغانستان وباكستان ثم الجزائرفسوريا فليبيا ومالي ملاحظا ان غايات الجماعات الارهابية توضحت تماما وان الدول المستهدفة اصبحت تستشعر حدة الخطر الارهابي وتداعياته الجسيمة. وبيّن بلخوجة انه اتضح للدول التي سميت ببلدان «الربيع العربي» والتي توخت سياسة الاعتدال مع التطرف مدى خطورة هذه الجماعات مستطردا ان بلادنا خسرت اربع سنوات بأكملها في التعامل المعتدل مع هذه التيارات خصوصا بعد ان سيطرت النوايا الاولى والتي سعت الى ارساء الخلافة والامارة وبعد ان ثبت على أرض الواقع ان الوضع معقد وان هذه الجماعات ترتبط ارتباطا وطيدا بأجندات خارجية. وشدد السيد الطاهر بلخوجة على ان الدول المستهدفة من طرف الارهاب مطالبة بمواجهة منابع هذه الآفة واتخاذ موقف صريح وحاسم تجاه البلدان الممولة والمتبنية للجماعات الارهابية. وأضاف ان التونسيين يعرفون جيدا من يقف وراء ارسال ابنائهم الى المحرقة السورية وكيف يتم تجنيدهم انطلاقا من تونس فليبيا ثم تركيا وصولا الى سوريا مؤكدا انه لا فائدة ترجى من ملاحقة المقاتلين التونسيين في سوريا وانه لا بد من الضرب بقوة على ايدي الشبكات المدبرة والمنظمة والممولة. وشدد بلخوجة على انه حان الوقت لاتخاذ موقف رسمي صريح في الغرض مضيفا انه لو كان بورقيبة على قيد الحياة لقطع علاقات تونس مع البلدان التي تمول الفتنة بين التونسيين وتستهدف استقلالية قرار تونس وسيادتها. وأضاف محدثنا ان بلادنا مخترقة وان الخلايا الارهابية النائمة منتشرة في اغلب انحائها مذكرا بما أسماه تخاذلا حكوميا في عهد «الترويكا» تجاه ما يسمى ب «أنصار الشريعة» ملاحظا ان ذلك مكّن عناصر هذا التنظيم من جمع حوالي 5 الاف من انصاره في مؤتمر القيروان سنة 2012 ورفع علمهم الاسود مكان الراية الوطنية مشيرا الى تجاوب خلاياهم النائمة في حي التضامن لما تم منعهم من تنظيم مؤتمرهم الثاني سنة 2013. واضاف بلخوجة ان الجهات الرسمية آنذاك تغافلت كذلك عن تسريب الاسلحة وتكديسها في البلاد. وأوضح محدثنا ان من نتائج هذا التخاذل الرسمي في التصدي للارهاب سعي ما يسمى ب «داعش» الى التوغل في بلادنا رغم ما يلاقيه جماعة هذا التنظيم من تصدّ باسل من طرف القوات الأمنية والعسكرية التونسيةوالجزائرية ملاحظا ان هذا التنظيم يتخذ من ليبيا نقطة انطلاق ويسعى بصفة ممنهجة الى النيل من تونس كنقطة عبور الى الجزائر معتبرا ان غلق معبر راس جدير ليس الحل الامثل لوقاية البلاد لان الارهابيين قد يتسللون من نقاط اخرى ملاحظا ان الحلّ الأمثل هو تكثيف المراقبة الحدودية والمراقبة بالمعابر مع مراعاة الجانب الانساني بالنسبة للاجئين الهاربين من الجحيم الليبي. وعن آليات مواجهة تنامي المد الارهابي قال بلخوجة ان الحلقة الأساسية في مكافحة الظاهرة هي التي تجمع بين الجزائر ومصر مبينا ان تونس تمثل الحلقة الأضعف في المنطقة وإن الحل والربط بيد الجزائر ومصر لأنهما الأقدر على التصدي للموجة الارهابية مضيفا أن رقعة الإرهاب أكبر من أن تكون تونسية وأنها إقليمية وتهمّ جميع البلدان الاسلامية والعربية. وطالب محدثنا السلطات المسؤولة بوضع استراتيجية ناجعة لمكافحة خطر الإرهاب تحاسب وفق مدى فاعليتها ونجاعتها واستبشر بلخوجة ببعث خلية لإدارة الأزمة بعد حادثة اغتيال الجنود مؤخرا مشددا على أن أعلى هرم بالسلطة مطالب بإيقاف تدخلاته العشوائية والاعتباطية في الشأن الأمني وكذلك بعض الأحزاب السياسية مبينا أنه لا يمكن القبول بأي حال من الأحوال أن تتحوّل مسؤوليات الدولة وسياساتها الاستراتيجية وقراراتها الى تركيبات سياسية وحزبية. وأضاف محدثنا أنه في حال تم القضاء على الاختراقات الارهابية أو على الأقل التحكم فيها والتي قال انه يجب الاقرار بأنها وجدت منذ سنوات فإننا سنضمن ألاّ تنال من هياكل ومؤسسات الدولة ومن أمنها على حدّ السواء. من جهة أخرى طالب بلخوجة بإبعاد المؤسسة العسكرية عن التجاذبات السياسية وأوضح أن مسؤوليات جسام ملقاة على عاتق جيشنا الوطني مهنيا وفنيا ووطنيا مؤكدا أن المؤسسة العسكرية مطالبة بقيادة الوضع في مكافحة غور الإرهاب. واعتبر محدثنا أنه لابد من وضع قاعة عمليات شاملة وموحدة تحت إمرة الجيش في حين تضطلع الهياكل الأخرى بدور الاسناد مبينا أنه من الضروري توحيد القطب الاستخباراتي الذي تديره بصفة منفردة مصالح أمن الدولة مع إحكام فعاليته بقطب قضائي مستقل بعيدا عن الهيكلة العادية لسلك القضاء مضيفا أنه على كل هذه الأقطاب أن تعمل بوضوح وفي استقلالية تامة وان تقع محاسبتها حسب النتائج التي تسجلها. وتابع بلخوجة قائلا انه اذا تمّ اعتماد ما سبق ذكره فإننا سنقي بلادنا من متاهات الأخطاء السياسية، ونتجنّب تغيير قائد أركان الجيش في كل عام أو تغيير وزير الدفع في كل تحوير ونتلافى ما أسماه «الفولكلور السياسي» الذي تمارسه بعض الأطراف من خلال تنظيم زيارات الى المناطق الساخنة كالشعانبي أو غيرها وأيضا التصريحات الاعتباطية والعشوائية بأننا سيطرنا على الوضع مشيرا الى أن ذلك ما فندته الأحداث والوقائع أكثر من مرة. وشدد بلخوجة على ضرورة التنسيق بين الجيشين التونسيوالجزائري لمواجهة الإرهاب المنتشر في الجبال المشتركة للبلدين ملاحظا أن الارهاب توغّل في المناطق الحدودية وأنه لم يقتصر على الجبال بل تسرب الى المدن وأصبح سرطانا مستشريا في الريف كما بعض المدن. وأكد محدثنا على وجوب ان يتجاوز التعاون العسكري بين تونسوالجزائر التنسيق الى التنظيم المشترك في مكافحة الإرهاب باعتبار ان التنسيق وحده غير كاف وتجاوزته الأحداث. وفنّد محاورنا في هذا الصدد من أسماهم ب «المتبجحين بالوطنية» الذين يرفضون التنسيق المشترك والفعلي بين تونسوالجزائر في تتبّع الإرهابيين وملاحقتهم مؤكدا أنه لابد من الوصول الى منابع الإرهاب وان هذا الأمر يتطلب آليات حديثة وخططا مشتركة بين الدول وتنظيما محكما داخليا وخارجيا عبر تفاعل إقليمي شامل والاستفادة من خبرات الدول التي اكتوت بنار الإرهاب. وأوضح بلخوجة أن الجيش الوطني وكذلك الأمن ليسا في حاجة الى متطوعين وتنظيم انتدابات ثانوية وأنه يمكن الاكتفاء باستدعاء الاحتياطيين مؤكدا أن النقص ليس في العدد ولكن في مستوى التنسيق مضيفا أنه لا يجب مواجهة عناصر ارهابية متحركة تتبخر بعد كل عملية في الأنفاق وغيرها بنقاط عسكرية قارة لأن الجنود يصبحون أهدافا سهلة للعناصر الإرهابية في هذه الحالة مطالبا بضرورة اعتماد سياسة الهجوم بدل الدفاع حتى ننتصر على الإرهاب.