في تعليق له على تصريحات الجنرال رشيد عمار أمس الأول على قناة التونسية التي أعلن فيها عن تقديم استقالته تحدث أمس الطاهر بلخوجة وزير الداخلية الاسبق في عهد الزعيم بورقيبة إلينا ذاكرا ان ما قاله الجنرال من حقائق كان يجب ان تقال منذ أشهر بل منذ سنوات حتى يدرك الجميع خطورة الوضع الذي تمر به البلاد مضيفا ان تصريحات قائد الجيوش الثلاثة تؤكد حقيقة ما حدث ويحدث في جبل الشعانبي ويشخص الواقع الامني والعسكري لتونس والمنطقة برمتها مشيرا الى ان كلام رشيد عمار كاف ليستوجب وجود شفافية كاملة تبدأ من اعلى هرم بالسلطة وصولا الى المواطن البسيط مبينا ان الكيان السياسي والامني والجغرافي لتونس هو على المحك في الوقت الراهن موضحا ان المصلحة العليا للبلاد في وضع دقيق كهذا تتطلب ان يتجند الجميع من اجل الحفاظ عليها حسب كلامه. وأكد الطاهر بلخوجة ان الوضع الامني تعفن بالبلاد منذ عشر سنوات تقريبا وتحديدا منذ احداث «الغريبة» و«سليمان» ثم بئر علي بن خليفة وغيرها مشيرا الى ان السبب يعود الى سوء التصرف وبعض الفشل الامني والسياسي مستطردا ان الجميع تفاجأ بان الارهاب اصبح واقعا في تونس وعلى مرمى حجر ملاحظا ان غياب دقة المعلومة وكذلك عدم وجود هياكل واجهزة استخبارتية في التصدي للإرهاب وعدم دعم جيشنا الوطني استعلامتيا زادت الطين بلة مشددا على ان عملية القضاء على الهياكل المخابراتية التي تمت بعد الثورة خطأ فادح لان عملية تصفية جهاز المخابرات يفترض ان تكون فنية وتقنية لا سياسية مشددا على ان امن البلاد يستوجب تجميع الهياكل الاستخباراتية الامنية والعسكرية في هيكل واحد لتوحيد الغايات والاهداف والقضاء على التناقضات وبناء هيكل امني تنسيقي شامل بمساعدة المواطنين حتى يكون جيشنا الوطني جاهزا للتصدي للإرهاب مضيفا ان المخاطر المحدقة بالبلاد في المرحلة الحالية لا يمكن مواجهتها بالهياكل الامنية والعسكرية العادية بل بهياكل خاصة اي وحدات خاصة بمكافحة الارهاب وتشكيل مجلس وطني للأمن القومي لوضع حد لتشتت المسؤوليات بين هذا وذاك وبين سلك واخر وبين مسؤول واخر كما نراه اليوم حسب قوله. لابد من الاقرار بخطورة الوضع وشدد وزير الداخلية في العهد البورقيبي على ان الماسكين بزمام السلطة اليوم مطالبون بالإقرار بخطورة الوضع الامني عوض التعتيم والاستخفاف بالمخاطر الارهابية المحدقة بتونس واعتبار الارهابيين مجرد مجرمين عاديين او انتظار بيان منهم حتى يقع الاقرار بان ما يحدث ارهاب موضحا ان الظاهرة الارهابية لا تعشش ولا تكبر ولا تنتشر الا في ظل وجود هشاشة امنية حسب تعبيره. خيط الارهاب واحد وسيتمدد في اتجاه المدن وعن اشارة رشيد عمار الى ان ارهابيي الشعانبي وارهابيي سليمان هم من نفس المدرسة بين «بلخوجة» انه يوجد خيط رابط وجامع لجميع الاحداث الارهابية التي شهدتها وتشهدها تونس انطلاقا من جربة فسليمان ثم الروحية وبئر علي بن خليفة واخيرا الشعانبي ليؤكد ان هذا الخيط الارهابي سيتمدد اكثر و»مازال يطوال» وسيشمل بقية الجبال ليصل الى قلب المدن إن لم يقع التحرك فورا للتصدي له وتحمل مسؤولياتنا الوطنية كل من موقعه من سلطة حاكمة ومن احزاب سياسية ومجتمع مدني وغيره ملاحظا انه على امتداد 10 سنوات يقع تجاهل ان الارهاب على الابواب وتقع مغالطة الشعب ملاحظا ان «بن علي» لما شعر بخطورة ارهاب الجماعة نزل بنفسه الى جبل سليمان للقضاء على الارهابيين مستطردا ان الامريكان صرحوا عدة مرات ان تونس مهددة باستفحال الظاهرة الارهابية واكدوا ان الخطر الارهابي الموجود بتونس اشد خطورة من العراق وغيرها من البلدان مستطردا ان احد المسؤولين الامريكيين اخبر الحكومة بأن المجموعات المتواجدة بجبل الشعانبي هي من جنسيات مختلفة وتدربت بمالي مشددا على ان خطورة الوضع الامني في تونس لا تنحصر فحسب في افراد او مجموعات تتحصن بالشعانبي بل في الايادي والجهات المدبرة والممولة والمخططة مؤكدا ان تونس مجرد حلقة من الحلقات الارهابية التي تستهدف منطقة المغرب الاسلامي لذلك لا بد ان يستفيق الجميع من وضع الغيبوبة التي تعيشها مبينا أنه على الحكومة التونسية التنسيق الفوري مع السلطات الجزائرية للتمكن من التصدي لاستفحال الظاهرة الارهابية حسب ما جاء في كلامه. حسابات ضيقة وغياب ارادة سياسية ولاحظ «بلخوجة» ان الحسابات السياسية الضيقة والصراع على الكراسي وايضا تخوف بعض المسؤولين من تحمل المسؤولية امام هذه الاحداث اضافة الى غياب ارادة سياسية جدية للتصدي لغول الارهاب هي سبب ما يحدث الان بالبلاد مشددا على ضرورة تحمل الماسكين بزمام الامور مسؤولياتهم السياسية والاخلاقية ملاحظا ان المقبوض عليهم من المتورطين في جبل الشعانبي هم مجرد ضحايا ومواطنون بسطاء استعملوا استعمالا ووظفوا من قبل الارهابيين الحقيقيين لإيصال مؤن او اموال والحنكة المخابراتية والامنية تقتضيان استغلال هؤلاء للوصول الى رأس الخيط ملاحظا ان الجماعة الارهابية الفعلية فرت من الشعانبي وتبخرت حسب تعبيره ملاحظا ان تعفن الاجواء السياسية هي سبب الداء وسبب تفشي الظاهرة الارهابية ولا بد من معالجة داخلية لتنقية الاجواء مؤكدا انه لا يمكن تطهير الهياكل الامنية والعسكرية وغيرها في ظل وجود تجاذبات وتدخلات سياسية سواء كانت اسلامية او غيرها بل المصلحة الوطنية تقتضي حيادية جميع المؤسسات العليا عن كل تجاذب حزبي او سياسي وتطبيق القانون بصرامة حسب قوله. على الجنرال ألاّ يترك الميدان وعن استقالة رشيد عمار قال «بلخوجة» انها سابقة لأوانها مبينا انه كان عليه الانتظار لفترة اخرى حتى انهاء المرحلة الانتقالية مضيفا ان استقالة الجنرال «موش وقتها» وانه على الجنرال ان لا يترك الميدان في هذه المرحلة الحساسة مستطردا ان الواجب الوطني يقتضي من رشيد عمار التراجع فورا عن قراره والبقاء في منصبه على الاقل لمدة ستة اشهر اضافية ملاحظا ان هذا الاخير وصل الى سن التقاعد قبل 6 سنوات مطالبا الرئيس المؤقت برفض استقالة قائد الجيوش الثلاثة مؤكدا ان السياسيين يتحملون مسؤولية كبيرة في حملات التشويه والتجييش التي استهدفت الجيش الوطني في الفترة الاخيرة ملاحظا ان الاطراف التي تخون رشيد عمار والجيش يجب ان تحاسب لان المساس بهيبة الدولة اجرام ولأن هاته الاطراف تستغل الديمقراطية وهامش حرية التعبير للمس بالجيش كهيكل مقدس واعلى لغاية بث الفوضى في البلاد مضيفا في ذات الصدد انه كان على رشيد عمار سواء اختار استقالته او اجبر عليها ان لا يترك الميدان في هذه المرحلة لان كيان تونس على المحك والوضع يقتضي المسك بزمام الامور وفق كلامه. الجيش «موش مضمون لأي طرف ولأي حزب» أما عن علاقة استقالة رشيد عمار بتصريحات راشد الغنوشي الشهيرة بأن «الجيش موش مضمون» أ كد الطاهر بلخوجة ان الجيش التونسي لا يمكن ان يكون مضمونا لمصلحة اي حزب سياسي مهما كان لانه جيش الوطن فقط لا جيش الاحزاب والاشخاص مضيفا ان من يراهن على ضمان الجيش الوطني لنفسه او لحزبه مخطئ في حساباته وتفكيره وسيحاسبه التاريخ ملاحظا ان للجيش رجالات وطنية مخلصة وصادقة منهيا كلامه بأن كل الاطراف مدعوة الى ترك النزاعات والصغائر جانبا والالتفات الى مصلحة البلاد العليا وبناء توافق وطني شامل للتصدي لخطر الارهاب ملاحظا ان مواجهة المخاطر الارهابية لا تكون بالتعيينات ولا الاستقالات ولا بالمغالطة والتعتيم بل لابد من انصهار الجميع في توافق وطني وتنازل كل الاحزاب لمصلحة تونس ملاحظا انه لا احد في البلاد يمكنه الاستفراد بمسك السفينة لنفسه ولا احد بامكانه المغالطة والتعتيم لان المجتمع المدني والاعلام الوطني النزيه بالمرصاد لكل الانحرافات والانزلاقات والتسكعات السياسية وهذا اهم مكسب حققته الثورة التونسية حسب تعبيره.