التونسية : مكتب صفاقس الدكتور محمد الناصر بن عرب هو اخصائي في التخدير والعناية الفائقة بباريس لأكثر من نصف قرن وهو محاضر ومؤهل في التاريخ العربي الاسلامي من جامعة السوربون ورئيس جمعية باب الديوان لحماية وصيانة تراث مدينة صفاقس في رصيده المئات من المقالات والدراسات المنشورة وغير المنشورة التي تهم الشأن الثقافي والسياسي والأكاديمي وقد علمت " التونسية " هذه الايام أنه ينوي الترشح للانتخابات الرئاسية بصفته كمستقل ولمعرفة صحة الامر التقيناه في منزله بصفاقس حيث كان لنا معه لقاء دام لأكثر من 6 ساعات ولأن الدردشة معه كانت في حديقة منزله استوقفناه عديد المرات للتحدث عن الأشجار البرازيلية والأمريكية ومن جزر الهاواي والكناري التي كانت تجذبك بلا استئذان في حديقته وفي معرض رده على أسئلة ' التونسية ' كانت أجوبته تطول لأكثر من ساعة أحيانا لذلك حاولنا الايجاز قدر المستطاع في الأسئلة والأجوبة دون المساس بلب الموضوع فكان الحوار الاتي : علمنا أنك ستتقدم للانتخابات الرئاسية فما وجاهة هذا الرأي ؟ في القانون التونسي لكل تونسي الحق في الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية اذا توفرت فيه الشروط اللازمة ولكنني عند البحث في هذه الشروط وجدت العديد من العوائق التي حالت بيني وبينها من أهمها تزكية 10 نواب أو 30 رئيس نيابة خصوصية أو 10 الاف مواطن تونسي من 10 دوائر وان لا تقل الدائرة عن 500 شخص بحيث ان الذي يستطيع للتقدم للانتخابات اما أن يكون منتميا او مسنودا من طرف أحد الأحزاب أو رجل أعمال زكاه 10 نواب محبة فيه أو شخص قام بشراء اصوات النواب بثمن عال فسياسيا أردت الترشح للانتخابات ولأسباب أخلاقية رفضت ذلك لكي لا أسقط في الدناءة لأن السؤال الذي بقيّ في ذهني كيف يمكن لشعب أن يثق في رئيس جمهورية رشى وارتشى كيف ذلك ؟ لأن البند الذي يعتمد على التزكية ليس سليما فالدولة أرادت التعجيز ولكنها سقطت في الفشل وبالتالي الرشوة ستكون حاضرة وأنا لا أقبل هذا لو لم يكن هناك بندا للتزكية فانك كنت ستتقدم للترشح حتما ؟ بطبيعة الحال كنت سأتقدم فأنا أرى أن هذا البند يلغي حرية كل مواطن تونسي يرغب في الترشح وتبقى هنا اللعبة بين أيادي رجال المال والأعمال. وهل أنت من رجال المال أو من رجال الأعمال ؟ أنا من أولئك الذين يعتبرون أن الدولة الحديثة هي التي تصنع مواطنين يملكون حسا وطنيا ولكن حب الوطن لا يكفي بل حب العمل والاتقان هو الذي يحقق الجودة والامتياز اذا أضفنا اليه الولاء للشعب وللوطن وأقول لك أن المواطنة لا تشترى بل تتحقق لحظة السعي للوصول اليها فأنا أنتمي الى الناس الذين يعتبرون أن الدولة السليمة هي التي تصبو للاخلاق ولكسب الأخلاق لا بد عليك أن تكون من صنف المثقفين وهل يمكن الحديث عن نموذج للدولة الحديثة الان في تونس ؟ لا لأننا أحدثنا دولة على منوال أجنبي غربي فرنسي والدولة الحديثة لا يمكن أن تكون منسوخة فلا بد من اعادة قراءة التاريخ للتمكن من بناء الدولة الحديثة أنت كمحاضر في التاريخ العربي الاسلامي أين تضع تونس ضمن النماذج الأخرى ؟ لا نستطيع أن نقول أن تونس لها نموذج ثقافي أو سياسي مستقل وذات جذوبية عالمية فخير مثال على ذلك أن غلق الجامعة الزيتونية هو طمس للهوية ولذاكرة التونسي أكدت في مناسبات سابقة أنه على كل تونسي رفع شعار حزبي هو وطني ولكن ألا توجد لديك ميولات حزبية ؟ أنا لا أنتمي الى الاحزاب التي لا تعتبر أن تونس لا بد أن تصبح دولة مستقلة أبية لا تخضع لقرارات أية قوة أجنبية فهذه الأحزاب ليست مرضية بالنسبة اليّ وفي الأخير يبقى حزبي هو وطني للدفاع عنه حسنا وبالرغم من ذلك الم تتلق أية اتصالات من بعض الأحزاب للانضمام اليها ؟ لا بعيدا عن السياسة علمنا أنك أنفقت كل ما ملكته طيلة نصف قرن من العمل بفرنسا من أجل دار بية فأين وصلت الان ؟ دار بية كانت مبادرة مني منذ الاستقلال لاعادة تأهيل منزل عتيق يكون بنفس المواصفات التقليدية فصحيح ما ذكرت فقد أنفقت كل ما تقاضيته من مرتباتي من أجل دار بية حيث حاولت جاهدا اعطاء المنزل قدرات قديمة حديثة وأعلمك أن دار بية عمرها أكثر من 200 سنة ولكن المدى قد طال لتدشينها لانعدام الامكانيات وأنا شخص أمشي حسب طاقتي ختاما لك الكلمة ؟ أشكر ' التونسية ' على رحابة صدرها في هذا اللقاء وأضيف أن ثورة 14 جانفي لا يمكن أن تحقق ما يحلم به الشعب التونسي لأن المشاكل الاقتصادية والسياسية صعبة وتحقيق الحداثة لا يكون في ظرف وجيز واذا أردنا تأسيس دولة ديمقراطية وجب علينا قراءة التاريخ من جديد