بقلم : مصطفى قوبعة بعد ساعات قليلة من اعلان السيد مهدي جمعة رئيس الحكومة المؤقتة بصفة رسمية عدم ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة تنفس السيد المنصف المرزوقي الصعداء وبشّر أولا بقرب حسمه في مسألة ترشحه للرئاسية ثم اسراعه بتقديم ترشحه ثانيا، وبين الاعلان وتجسيمه يرمي السيد المنصف المرزوقي بجملة تحمل «الكثير من الدلالات مفادها أن فكرة الرئيس التوافقي «حكاية فارغة» وأن علاقته بحركة «النهضة» هي علاقة استراتيجية. لقد اتّسم سلوك السيد الرئيس المؤقت بالكثير من الحيطة، وما كان ليغامر بتقديم ترشحه لولا ورود أولى الاشارات المطمئنة له ولحظوظه في «الرئاسية» يقينا من الجميع أن السيد المنصف المرزوقي ليس على درجة من الغباء السياسي حتى يعوّل في مغامرته هذه على حزبه ، حزب «المؤتمر» الفاقد للقاعدة الشعبية العريضة الضامنة لفوزه في الاقتراع المباشر على خلاف فترة رئاسته الأولى التي تأسست على حسابات المحاصصة الحزبية. وغير خفيّ على أحد أن الإشارات الإيجابية في اطارها المحلي متأتية من حركة «النهضة» بالأساس في انتظار إشارات واضحة من الخارج العربي ، ممّا يعني اليوم أن السيد المنصف المرزوقي قد يكون المرشح الرئيسي لحركة «النهضة» وللأحزاب المتقاربة معها فكريّا قبل أن يكون مرشح حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية». طبعا من حق حركة «النهضة» أن ترشح من تشاء عندما خيّرت لأسباب داخلية عدم ترشيح شخصية من بين قياداتها ووجوهها، كما أنه من حق السيد الرئيس المؤقت أن يترشح وفق قناعاته ومن حقه أن يراهن مبكرا على دعم العائلة الاسلامية حركات وجمهور، ولكن ليس من حق السيد عدنان منصر أن يدشّن مسؤولياته الجديدة كمدير مفترض للحملة الانتخابية للسيد المنصف المرزوقي بمغالطات للرأي العام . أولى هذه المغالطات تتمثل في تقديم السيد المنصف المرزوقي كمرشح «مستقل» وهو أبعد من أن يكون كذلك على الأقل لثلاثة أسباب بسيطة فالسيد المنصف المرزوقي لا يزال الرئيس الشرفي لحزب «المؤتمر» والناطق الرسمي باسمه وهو عضو في المكتب السياسي لحزب «المؤتمر» وأخيرا ما ترمز إليه صورة السيّد المنصف المرزوقي وهو يقدم ملف ترشحه محفوفا بقيادات حزب «المؤتمر» ونوّابه في المجلس الوطني التأسيسي، وفي المحصلة ثمة عالم واسع يفصل بين الحقيقة والواقع وبين الصورة الخاطئة التي يريد السيّد عدنان منصر رسمها اعتباطيا للسيد المنصف المرزوقي. ثاني هذه المغالطات تتمثل في استثمار السيد عدنان منصر من جانب واحد للإرث الفكري والسياسي لتجربة حركة 18 أكتوبر التي لم تكن في يوم من الأيام جبهة سياسية حتى يسعى السيد عدنان منصر لإحيائها وهو الذي لم يواكبها لا من قريب ولا من بعيد للتمكن على الأقل من معرفة ظروف نشأة الحركة واطارها وغاياتها والأسباب الذاتية والموضوعية التي أدت بها إلى التوقف عند ذلك الحدّ، فالتجربة كانت حركة وليست «جبهة» وهي تجربة بإيجابياتها وبسلبياتها ملك مشترك لجميع الأطراف الحزبية والمستقلة المكونة لها لا تقبل أغلبها أن تكون تجربتها حصان طروادة. وثالث هذه المغالطات ايهام السيد عدنان منصر الرأي العام بأن السيّد المنصف المرزوقي سيموّل حملته الانتخابية من عائدات بيع مؤلفاته فمن هو الغبيّ يا سي عدنان منصر الذي سيصدق أن عائدات بيع مؤلف أو مؤلفين تكفي لتمويل حتى جزء بسيط من حملة انتخابية رئاسية محمومة مالا وسياسة وترشحات ؟