في أجواء غير توافقية انطلقت أشغال مجلس نوّاب الشعب الذي عقد أول جلساته العامة بحضور كل النواب المنتخبين وعدد من نواب المجلس التأسيسي ورؤساء عدد من الأحزاب إلى جانب رئيس الحكومة فيما غاب عنها رئيس الجمهورية المؤقت. مجلس النواب الجديد بدأ أشغاله بالإختلاف بين الأحزاب الممثلة في البرلمان بسبب عدم التوافق حول اختيار شخصية رئيس المجلس بالأساس حيث طالب رئيس كتلة «نداء تونس» فاضل بن عمران بترك الجلسة مفتوحة إلى يوم الخميس للتشاور إما حول رئيس توافقي للبرلمان أو التصويت على الأسماء التي قدمت ترشحاتها. وقد لقي طلب كتلة «النداء» مساندة من العديد من الأحزاب الأخرى على غرار «آفاق تونس» و«الاتحاد الوطني الحر» وحتى حركة «النهضة»، فيما لقي هذا المقترح معارضة من قبل حزبي «المؤتمر» و«التيار الديمقراطي» وشق من «الجبهة الشعبية» التي أعربت عن جاهزيتها التامة لانتخاب الرئيس دون أيّة مضيعة للوقت . التشاور الذي امتد طيلة ردهات اليوم الافتتاحي انتهى إلى قرار الإبقاء على الجلسة مفتوحة باعتبار أن الفصل 59 من الدستور ينص على انتخاب الرئيس خلال الجلسة الأولى دون تحديد مدتها وهو ما يمكن المجلس من ترك الجلسة مفتوحة إلى الموعد الذي تم الاتفاق حوله، وقد انتهى التصويت على هذا القرار ب161 موافقا و22 محتفظا و9 ضد. وحسب الكواليس والتسريبات كان هناك شبه توافق منذ البداية على ترك الجلسة العامة مفتوحة إلى يوم غد كما يبدو أن حركة «النهضة» استحسنت هذا القرار حتى تتمكن من ربح الوقت ومزيد التفاوض مع حركة «نداء تونس» حول منصب رئيس المجلس الذي سيتقدم له كل من عبد الفتاح مورو كمترشح توافقي وسمير ديلو كمترشح عن حركة «النهضة» ومحمد الناصر كمترشح عن حركة «نداء تونس». بن جعفر يوصي بالتوافق قبل مغادرته للجلسة العامة دعا رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر في كلمته إلى ضرورة المحافظة على التوافق واعتماد الشفافية في أعمال البرلمان والتفاعل بإيجابية مع مكونات المجتمع المدني. كما أوصى بن جعفر بالإبقاء على لجنة التوافقات التي أحدثت صلب التأسيسي إبان مناقشة الدستور واعتبر في هذا الصدد أن تونس اليوم أمام امتحان جديد على درب الديمقراطية يفترض العمل بروح المجموعة بعيدا عن الضغوطات السياسية نظرا للتحديات الكبرى التي تواجهها البلاد مؤكدا على ضرورة الإسراع في المصادقة على قانون الإرهاب الذي قطع فيه «التأسيسي» أشواطا هامة . غياب المرزوقي يطرح أكثر من سؤال أثار غياب أو «تغييب» رئيس الجمهورية المؤقت المنصف المرزوقي عن الجلسة الافتتاحية لمجلس النواب الكثير من التساؤلات وقد انتقد النائب عن حزب «المؤتمر» عماد الدايمي عدم دعوة رئيس الدولة لهذا الحدث الوطني الهام متسائلا عن أسباب اتخاذ هذا القرار الذي وصفه بالغريب، وقد اكتفى رئيس المجلس التأسيسي بالإجابة عن هذا السؤال بأن غياب المرزوقي راجع لأمور بروتوكولية بحتة وهو ما فتح الباب للعديد من التأويلات ... كواليس الجلسة الافتتاحية: علي بن سالم يُبكي الغنّوشي والسّبسي لم يتمالك أكبر نواب مجلس النواب علي بن سالم نفسه عند افتتاح الجلسة حيث أدمعت عيناه مسترجعا تاريخه النضالي وسنوات السجن والعذاب التي قضاها ببرج الرومي وقد أثر هذا الموقف بشكل كبير على الشيخ راشد الغنوشي والباجي قائد السبسي اللذين اغرورقت عيناهما بالدموع بسبب هذا الموقف . «الرئاسية» تخيّم على المجلس خيم هاجس الانتخابات الرئاسية بشكل كبير على الجلسة الافتتاحية لمجلس النواب حيث اعتبر جل النواب أن اختيار رئيس البرلمان سيكون مؤشرا على التحالفات السياسية القادمة وأن ذلك قد ينعكس على نتيجة الدور الثاني من الرئاسية . ردّ على المشككين قال رئيس الحكومة السيد مهدي جمعة في تصريح مقتضب ل«التونسية» إن هذا اليوم تاريخي وردّ على كل المشككين في قدرة التونسيين على الوصول إلى استكمال مسارهم الديمقراطي الذي سيتوج بالدور الثاني للانتخابات الرئاسية . مهلة لحركة «النهضة» لمراجعة موقفها حسب ما تردد في كواليس المجلس فإن اليومين القادمين سيشهدان مفاوضات مكثفة بين حركتي «النهضة» و«نداء تونس» حول منصب رئيس مجلس النواب واعتبرت بعض المصادر أنّ مهلة ال48 ساعة هي بمثابة فرصة يمنحها «النداء» لحركة «النهضة» كي تتدارك نفسها وتحسم خياراتها في جميع المسائل العالقة خصوصاً في ما يتعلق بالدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية وتشكيل الحكومة المقبلة، خاصة أن الأجواء بدت جيدة بين قيادات الحركتين وخاصة بين الباجي قائد السبسي وعبد الفتاح مورو . «آفاق تونس» غير معني برئاسة المجلس أكد كريم الهلالي النائب عن حزب «آفاق تونس» أن ما تردد حول رغبة حزبه في ترشيح رئيس الحزب ياسين إبراهيم لرئاسة المجلس لا أساس له من الصحة مؤكدا على أن ما يهم الحزب بالدرجة الأولى هو الخروج بقرار توافقي ييسر العمل داخل قبة البرلمان . ترحيب كبير بمباركة البراهمي صفق نواب المجلس لمباركة عواينية أرملة الشهيد محمد البراهمي التي خلفته في المجلس. ويرجح حسب مصادر من «الجبهة الشعبية» أن تكون أرملة البراهمي النائب الأول لرئيس مجلس النواب خلفا لمحرزية العبيدي . اتفاق على لجنة فرز الترشحات بعد جدل مطول تم الاتفاق على انتخاب 7 أعضاء للجنة فرز الترشحات التي تتكون من كل من وليد الجلاد و أنس الحطاب عن حركة «نداء تونس» وبسمة الجبالي والبشير الخليفي عن حركة «النهضة» ونور الدين المرابطي عن «الاتحاد الوطني الحر» وحافظ الزواري عن حزب «آفاق تونس» وهيكل بلقاسم عن «الجبهة الشعبية» . حركة الشعب تعلن عن موقفها قال زهير المغزاوي أمين عام «حركة الشعب» إن مجلس أمناء الحركة سيجتمع يوم 7 ديسمبر للحسم في مساندة أحد المترشحين للدور الثاني للانتخابات الرئاسية وأكد المغزاوي أن القرار شبه محسوم لكن سيتم الإعلان عنه عقب مناقشته مع قواعد الحركة . لا للتلاسن دعا النائب عن حركة «نداء تونس» عبد العزيز القطي زملاءه من مختلف الأطياف السياسية إلى تجنب التلاسن والتشنج المفرط والمحافظة على الصورة الطيبة للمجلس الذي يعول عليه الشعب كثيرا . باقة السنابل تمثل الفلاحين حمل النائب عن حزب «صوت الفلاحين» فيصل التبّيني باقة من السنابل كشعار لحزبه الذي يمثل لأول مرة في البرلمان التونسي قطاع الفلاحين معتبرا أن هذه التمثيلية ستكون نقلة نوعية لقطاع طالما تم تهميشه وتغييبه في السلطة التشريعية . ارتباك علي بن سالم بدا الارتباك واضحا في كثير من المناسبات على رئيس الجلسة علي بن سالم الذي أخطأ في نطق أسماء النواب محملا المسؤولية لمن كتب القائمة لعدم شكل الأسماء . حفل استقبال على شرف النواب الجدد اثر رفع الجلسة تمت دعوة النواب الجدد ونواب التأسيسي إلى حفل استقبال أقيم في بهو البرلمان وقد كان مناسبة لتبادل التهاني والتصافح بين من غادروا البرلمان وسكانه الجدد . هوامش تمّت إعادة أداء القسم بعد أن وقع سهو عند أدائه من قبل رئيس الجلسة. أوّل من اخذ الكلمة خلال الجلسة هو رئيس كتلة «نداء تونس» محمد الفاضل بن عمران ثم تلاه نور الدين البحيري رئيس كتلة حركة «النهضة». حضور كامل أعضاء الحكومة وبعض الشخصيات الرسمية والوطنية على غرار مصطفى الفلالي وفؤاد المبزع وسليم الرياحي. استهلت الجلسة بتلاوة آيات من الذكر الحكيم التي تحض على الوحدة وعدم الأقتسام والصدق والأمانة