الليلة: أمطار مرتقبة بهذه المناطق    عاجل/ أول تعليق من بودربالة على "أزمة المهاجرين"    ولاية رئاسية ''خامسة'' : بوتين يؤدي اليمين الدستورية    هجرة غير نظامية: تراجع عدد التونسيين الواصلين إلى إيطاليا ب 18,52 %    المهديّة :ايقاف امام خطيب بسبب تلفظه بكلمة بذيئة    نحو صياغة كراس شروط لتنظيم العربات المتنقلة للأكلات الجاهزة    من الحمام: غادة عبد الرازق تثير الجدل بجلسة تصوير جديدة    الاحتفاظ بمسؤولة بجمعية تعنى بشؤون اللاجئين و'مكافحة العنصرية'    عاجل : صحيفة مصرية تكشف عن الحكم الذي سيدير مباراة الاهلي و الترجي    هذه الآليات الجديدة التي يتضمنها مشروع مجلة أملاك الدولة    المتلوي: حجز 51 قطعة زطلة بحوزة شخص محل 06 مناشير تفتيش    بن عروس: تواصل تنظيم الدروس التوعوية لفائدة الحجيج بكافة معتمديات الجهة    تالة: ايقاف شخص يُساعد ''المهاجرين الافارقة'' على دخول تونس بمقابل مادّي    هام/ الليلة: انقطاع المياه بهذه المناطق في بنزرت    سليانة: السيطرة على حريق نشب بأرض زراعية بأحواز برقو    دوري أبطال أوروبا : ريال مدريد الإسباني يستضيف بايرن ميونيخ الألماني غدا في إياب الدور نصف النهائي    قريبا: وحدة لصناعة قوالب ''الفصّة'' في الحامة    وزير السياحة : قطاع الصناعات التقليدية مكن من خلق 1378 موطن شغل سنة 2023    عرض الكرة الذهبية لمارادونا في كأس العالم 1986 للبيع في مزاد    انقلاب "تاكسي" جماعي في المروج..وهذه حصيلة الجرحى..    ليبيا تتجاوز تونس في تدفقات الهجرة غير النظامية إلى إيطاليا في 2023    حماس: اجتياح الكيان الصهيونى لرفح يهدف لتعطيل جهود الوساطة لوقف إطلاق النار    سليانة: تخصيص عقار بالحي الإداري بسليانة الجنوبيّة لإحداث مسرح للهواء الطلق    أبطال إفريقيا: الكاف يكشف عن طاقم تحكيم مواجهة الإياب بين الترجي الرياضي والأهلي المصري    مخاوف من اختراق صيني لبيانات وزارة الدفاع البريطانية    تونس تسيطر على التداين.. احتياطي النقد يغطي سداد القروض بأكثر من ثلاثة اضعاف    يومي 10 و 11 ماي:تونس تحتضن بطولة إفريقيا للجمباز.    اتصالات تونس تنخرط في مبادرة "سينما تدور" (فيديو)    منظومة الاستثمار: نحو مناخ أعمال محفز    تونس : 6% من البالغين مصابون ''بالربو''    لاعبة التنس الأمريكية جيسيكا بيغولا تكشف عن امكانية غيابها عن بطولة رولان غاروس    المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك: "أرباح القصابين تتراوح بين 15 و20 دينار وهو أمر غير مقبول"    فتوى تهم التونسيين بمناسبة عيد الاضحى ...ماهي ؟    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    وزارة التربية تنظم حركة استثنائية لتسديد شغورات بإدارة المدارس الابتدائية    «فكر أرحب من السماء» شي والثقافة الفرنسية    الكشف عن وفاق إجرامي قصد اجتياز الحدود البحرية خلسة    الفنان بلقاسم بوقنّة في حوار ل«الشروق» قبل وفاته مشكلتنا تربوية بالأساس    حوادث: 13 حالة وفاة خلال يوم واحد فقط..    الرابطة الأولى: النجم الساحلي يفقد خدمات أبرز ركائزه في مواجهة الترجي الرياضي    في قضية رفعها ضده نقابي أمني..تأخير محاكمة الغنوشي    رئيسة قسم أمراض صدرية: 10% من الأطفال في تونس مصابون بالربو    سيدي حسين: مداهمة "كشك" ليلا والسطو عليه.. الجاني في قبضة الأمن    البطولة الانقليزية : كريستال بالاس يكتسح مانشستر يونايتد برباعية نظيفة    إشارة جديدة من راصد الزلازل الهولندي.. التفاصيل    عاجل/ هجوم على مستشفى في الصين يخلف قتلى وجرحى..    عاجل- قضية الافارقة غير النظاميين : سعيد يكشف عن مركز تحصل على أكثر من 20 مليار    مشروع لإنتاج الكهرباء بالقيروان    أولا وأخيرا .. دود الأرض    في لقائه بخبراء من البنك الدولي: وزير الصحة يؤكد على أهمية التعاون المشترك لتحسين الخدمات    بمناسبة اليوم العالمي لغسل الأيدي: يوم تحسيسي بمستشفى شارل نيكول حول أهمية غسل الأيدي للتوقي من الأمراض المعدية    فيديو/ تتويج الروائييْن صحبي كرعاني وعزة فيلالي ب"الكومار الذهبي" للجوائز الأدبية..تصريحات..    نسبة التضخم في تونس تتراجع خلال أفريل 2024 الى 2ر7 بالمائة في ظل ارتفاع مؤشر أسعار الاستهلاك    الفنان محمد عبده يكشف إصابته بالسرطان    الفنان محمد عبده يُعلن إصابته بالسرطان    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود الماي ( الحزب الجمهوري) ل «التونسية» مشاركتنا في حكومة «النّداء» واردة ، لكن على أساس برامج
نشر في التونسية يوم 17 - 12 - 2014


نشهد صراع مشروعين شعارهما «أشكون يضرب أكثر»
ايقاف الارهاب يتم ب «ماكينة» التصدّي له، لا بالقانون
إحتمال وجود «زواج عرفي» بين « النهضة» و«النّداء»
لو كنّا متمسكين بالرئاسة لتمسكنا بسقف العمر
حوار: أسماء وهاجر
بعد ما اصطلح على تسميتها ب«ضربات موجعة» ل»الحزب الجمهوري» بسبب النتائج الهزيلة التي حققها في الانتخابات والتي تلتها استقالات لعدد هام من اعضائه بات هناك تساؤل عن مدى صمود مشروع هذا الحزب أمام الازمات المتعاقبة التي وصلت حد اعتبارها خطوات نحو الاندثار وعن قيمة النضالية في تحديد مقام الحزب في المشهد السياسي وعن دوره في المراحل القادمة بمقعد وحيد في البرلمان وموقفه من المترشّحيْن للرئاسة وتقديم نفسيهما كضامنين للحريات والديمقراطية في ظلّ دستور ومؤسسات دستورية ومدى استعدادهما للتعامل مع الحكومة القادمة.
«التونسية» حملت جملة هذه التساؤلات وغيرها وطرحتها على طاولة السيد محمود الماي رجل اعمال ومهندس بترول وقيادي في «الحزب الجمهوري « ونائب سابق بالمجلس التأسيسي فكان معه الحوار التالي:
موجة استقالات كبيرة في «الحزب الجمهوري» هل هو تمهيد للانحلال بعد الفشل في الانتخابات؟
هذا ليس صحيحا لا توجد استقالات بالجملة هي بعض الاستقالات بسبب عملية التصويت حول امكانية دعم أي من المترشحين فالأغلبية كانت مع حرية الاختيار وأقلية في اتجاه دعم احد المترشحين وقد كانت استقالاتهم رفضا للانصياع لقرار الأغلبية الذي افرزه التصويت .
أما ما يُروى عن بوادر انحلال «الحزب الجمهوري» فهذا غير صحيح. فهذا الحزب خُلق من رحم الصعاب ولا يمكن أن تعصف به بعض الرياح والانواء والحزب الذي كان شوكة في حلق بن علي لا يمكن أن يندثر بل هو باق ببقاء مناضليه على العهد والمبدإ .والانتخابات ليست غاية هي معركة من اجل غاية وهذه ليست لغة خشبية .لسنا مهووسين بالسلطة نحن مهووسين بالبرامج .
اخفق الحزب الجمهوري رغم انه ينتمي للعائلة الوسطية الديمقراطية في الحصول على عدد محترم من المقاعد بمجلس الشعب لماذا حسب تقديراتكم يعود هذا الاخفاق ؟
نحن نعترف بالإخفاق من حيث عدد الاصوات التي تحصل عليها حزبنا في الانتخابات التشريعية ولعل السبب الرئيسي أن حزبنا لم يختر سياسة رمي الخصوم السياسيين بالتهم بمناسبة وغير مناسبة -وكلنا نعلم مستوى الخطاب السياسي في الثلاث سنوات الأخيرة في بلاتوهات التلفزة- من اجل حشد الانصار في الانتخابات دون أن ننسى مفعول «التصويت المفيد».سياسة حزبنا تقوم على البرامج ارتأينا أن التونسي في حاجة لبرنامج ينهض به ويدفع بالقاطرة إلى الامام لكن يبدو وان للانتخابات منهج اخر وعلى كل نحن نمتثل لأحكام الصندوق وهذه هي الديمقراطية سواء كانت لنا أم علينا. في المقابل الاخفاق لن يخرس اصواتنا ف«الجمهوري» سيكون له مقعد واحد وسيكون صوته مسموعا وقادرا على تكوين كتلة برلمانية متكونة من13 نائبا. وقد كنّا في المجلس السابق16-نائبا وكوّنا كتلة متكونة من 55 نائبا لنمثل ثاني كتلة في المجلس. وقد كانت تدخلات النواب في مستوى الامانة التي كلفهم بها الشعب واذكر على سبيل الذكر تدخلات اياد الدهماني في أحداث الرش أو اثناء الدفاع عن حرية الضمير، فالعبرة بقيمة المداخلة وبالمعارضة البناءة .
صرح الاستاذ عصام الشابي في احدى حواراته أن الحوار الوطني فُهم على أنه مد حبل نجاة لحركة «النهضة» والتحالف معها وأن هناك حملات اساء ت كثيرا لشعبية الحزب ما تقديركم لذلك ؟
الحوار كان مطلب كل التونسيين وضرورة قصوى ويكفي أن نسترجع حالة الاحتقان .مع العلم وأن «الحزب الجمهوري» كان اول من دعا للحوار الوطني وذلك بعد أن تجاوز المجلس اجل عام الذي تم الاتفاق عليه وبدأت شرعيته تهتزّ وكثرت سهام النقد الموجهة له حيث طلب السيد نجيب الشابي من كل الحساسيات والفعاليات السياسية أن تدعم الشرعية الانتخابية بشرعية توافقية .لكن وبعد منعرج اغتيال الشهيد البراهمي ومع اشتعال نار الانشقاقات ارتأى «الجمهوري» العودة لمربع الحوار كخطوة اجبارية وللغرض تم التوجه إلى السيد حسين العباسي وكان الاتفاق أن يتم تشريك جميع الاطراف السياسية المنتصرة والغير منتصرة في انتخابات 2011 دون النظر إلى عدد مقاعدها داخل المجلس. فالعبرة بتحقيق قدر أوسع من التوافق ومن بين النقاط التي تم الاتفاق عليها ألاّ يتخذ أي قرار صلب الحوار الوطني الا على اساس الاتفاق بين جميع الاطراف المكونة للحوار لكن ما حدث أن الحوار الوطني تحوّل إلى اتفاق بين الاتحاد و«النهضة» بمباركة نسبية من حزب «نداء تونس» وهو ما يعدّ مخالفة وخرقا لجوهر الاتفاق الاولي فانسحب «الحزب الجمهوري» .لذلك لا اعتقد أن شعبية الحزب ضُربت بالحوار الذي حُسب على انه انقاذ ل«النهضة» حتى لا تنتهي إلى ما انتهى اليه حزب الإخوان في مصر بل كان فرصة بصفة رئيسية لتجنيب البلاد ويلات الحروب الاهلية وسيناريوهات الدمار على غرار ما يحدث سوريا وليبيا والعراق .
ترى بعض الاطراف السياسية ان «النداء» سيتغوّل واننا في اتجاه العودة الى الحزب الواحد رغم التنوع الحزبي في مجلس الشعب ما رايك في ذلك ؟
ذِكر التغوّل وغول ممارسات الماضي تعني بالضرورة أن عمل ثلاث سنوات في المجلس التأسيسي ذهب هباء منثورا. وهو أمر غير منطقي وغير مقبول .الدستور كان واضحا وحدد بوضوح صلاحيات رئيس الجمهورية .ربما هناك صورة مازالت تطبع المخيال لارتباط هذه المؤسسة لعقود من الزمن بمفهوم جمع واحتكار كل السلط والادارة وتطويع جميع المؤسسات على هوى الحاكم بأمره .وللتوضيح فمثلما تصدى الدستور لفكرة تغوّل رئيس الجمهورية الذي لا يمكنه – كما تسوّق لذلك بعض الاطراف- بجرة قلم أن يحل البرلمان فقد تصدى كذلك لأي امكانية لتغول البرلمان.واليوم الصورة هي ترجمة لمفهوم النسبية ف«نداء تونس» هو الحزب الاول والفائز في الانتخابات لكن اغلبيته ليست مطلقة وإنّما نسبية وهي قد تكون رسالة طمأنة بأن الماضي «كان صرحا فهوى» انتهى ولا داعي لبيع الياس للناس وتخويفهم. وهو نفس الشيء لمن يسوّق لأطروحة أن اختلاف اللون الحزبي بين رئيس الجمهورية وحزب الاغلبية في البرلمان قد يؤدي إلى شلل في مؤسسات الدولة وهو امر غير صحيح .اليوم نحن امام مؤسسات دستورية قوية وسيزيد من قوتها وعينا بها والاجهزة الرقابية من اعلام ومجتمع مدني هؤلاء هم الحراس الحقيقيون للمكتسبات الدستورية التي اهدتنا اياها الثورة .انا اؤكد أن الدستور التونسي هو رحيق ثوري كانت خطوطه العريضة حماية المؤسسات والاشخاص من التغول والحرص على مقاومة الاستبداد في كل حرف من الدستور فلا داعي للقلق .فالمبدأ هو الفصل بين السلط لكنه فصل مرن: تعاون ورقابة وتواصل.
ما رايك في الحملات الانتخابية التي لا تعتد بالمؤسسات الدستورية وتعتبر أن الرئيس هو الضامن الوحيد للقطع مع الممارسات الظالمة؟
ما يجب أن نقف عليه اننا الآن في مرحلة ما بعد الدستور, الدستور أنشأ مؤسسات ضامنة وراعية للحريات والديمقراطية .لم يجعلها متوقفة على اشخاص. كما أنشأ لجانا ولعل ابرزها حسب رايي لجنة الفساد التي تتعهد بقضايا الفساد وتحيلها على محاكم اخرى حتى لا نسير نحو الوراء ونعود إلى «حكم العائلة» بكل ما يحيل اليه ذلك من رشوة وفساد وتلاعب بالمال العام وبمقدرات الدولة . كما انشأ الدستور المحكمة الدستورية بثلثي أعضاء منتخبين وثلث معيّن من طرف رئيس الجمهورية ليتميز بذلك عن التجارب الاخرى في ما يسمى بالديمقراطيات العريقة ولعل المثال الاقرب بالنسبة الينا هو فرنسا حيث أن اعضاء المحكمة الدستورية يُنصبون بالتعيين وليس بالانتخاب وهي نقطة ايجابية كبيرة تحسب لنا في تجربتنا الديمقراطية الفتية. ولا يخفى عن احد أن هذا الهيكل هو من اكبر الضمانات القاطعة لعودة الاستبداد كمفهوم وكممارسة. لذلك دائما اعتبر ان الدستور هو النقطة المضيئة في هذه السنوات العجاف بكل ما حملته من ارهاصات وآلام. لكن كل هذه البناية ما كانت لترى النور لولا الحكومة الاولى التي تزامنت مع مغادرة بن علي والتي كان لها الفضل في استمرار مؤسسات الدولة هذا الهاجس الذي جعل السيد نجيب الشابي يشارك في حكومة الغنوشي -رغم الانتقادات الشديدة التي تعرض لها حيث اولت مشاركته بطريقة خاطئة من طرف الاحزاب التي شاركت في اعتصام القصبة 2 والتي طالبت بإيقاف العمل بالدستور القديم وانتخاب مجلس تأسيسي في حين وان السيد نجيب الشابي طلب التريث ريثما تستعيد مؤسسات الدولة عافيتها –وهذا بشهادة الاستاذ عياض بن عاشور الذي صرح بان نجيب الشابي كان على صواب .فلولا ذلك لكنا اليوم نعيش على وقع السيناريو الليبي او السوري .وبالتالي فالضامن للديمقراطية وعدم عودة الممارسات السابقة هي المؤسسات وليس الاشخاص فالحريات وهبتها دماء الاحرار والابرار وحماها الدستور وليس هدية من الاشخاص أيّا كانت مناصبهم واليوم جميعنا واعون انه حامل لأمانة الحرية. لكن الحملات الانتخابية تقترب من الحملات الدعائية إذ يتم التركيز فيها على المسائل المؤثرة ونقاط الاستقطاب لان الهاجس اصطياد الناخبين «ووضعهم في الكيس»وان كان ذلك لا يجب أن يمضي على حساب المكتسبات الثابتة والعليا «والنتيجة «أن كلاّ يغني على ليلاه».
اليوم نقف على خطاب عنيف ومقسّم واحيانا دون المستوى كيف يمكن أن يؤتمن سياسيون من هذا النوع على الدولة؟
الخطاب العنيف غير مطمئن وهو الخطاب الغالب رغم الدعوات من حين لآخر لتنقية الاجواء واخرها كان يمكن أن يؤدي إلى حرب بين الجنوب والشمال في حين أن المواطنة والجنسية ومحبة تونس هي قاسم مشترك بين التونسيين.في فترة ما شاهدنا انقساما بين توانسة من الازلام وتوانسة ثوريين .وكلها من مأثر خطابات العنف وما خفي كان اعظم ما دامت الحملات الانتخابية تشبه أحيانا حلبة ملاكمة لفظية .الغريب أننا لم نقف على مقارعة افكار او برامج وهذا ليس وليد اليوم فقلّ ما خلت المنابر الاعلامية من الخطابات العنيفة التي وصلت إلى دُور العبادة حيث طالت نار الحملات الانتخابية اقدس الامكنة. وفي الحزب الجمهوري لم ندخل في هذه البوتقة وتجنبنا خطابات «نحب فلان» «ونكره فلان» ولمنا كل من تعاطاها ودفعنا ثمن ذلك في الانتخابات. فالحزب الجمهوري كان اول من طالب بإلغاء سقف العمر للترشح للانتخابات الرئاسية -ولو كان الجمهوري متمسك بمنصب رئاسة الجمهورية كما يروج لذلك البعض لتمسّك بسقف العمر كما أن الحزب الجمهوري هو اول من عارض قانون الاقصاء في سنة 2011نحن ضد التقسيم وبالنسبة الينا السلطة لا تكون على حساب مبادئنا ولا على حساب وحدة والفة التونسيين في ما بينهم .
هناك اخبار رائجة عن وجود تحالف غير معلن بين «النداء» و«النهضة» من اجل اقتسام السلطة ومؤجل التنفيذ الى ما بعد الانتخابات. كسياسي هل تعتبر ان هذه الفرضية موجودة فعلا ؟
نحن مازلنا في مرحلة حساسة وانتقالية لم نمر إلى مرحلة الاستقرار المؤسساتي وهو ما يفرض بالضرورة مشاركة جماعية في البناء بقطع النظر عن الالوان الحزبية والمصالح السياسوية الضيقة والعنتريات التي لا تسمن ولا تغني من جوع في نطاق حكومة سياسية .لكن هل أن هناك مقايضات او اتفاقات سرية غير معلنة أو ما يسميه البعض «زواج عرفي بين «النداء» و«النهضة» وهل هناك ضمانات؟هذه فرضيات واردة وإن وجدت لا يمكن أن تكون على حساب المصلحة الوطنية الصرفة لأنها هي المعيار في كل الحالات وهي «الحكم». لكن اليوم «نداء تونس» يجني ثمار التصويت المفيد وانتصاره انبثق من كره «النهضة» وهو الشعار الذي نفخ فيه «نداء تونس» وأدى إلىنجاحه وحياده عن هذا الوعد قد يفقده عددا كبيرا من ناخبيه وقواعده .
مرة ثانية تعلن «النهضة» انها لن تدعم أيا من المترشحّين ل«الرئاسية» الا تعتبر ان هذا يعني ان «النهضة» لم تتخل عن دعم المرزوقي وان حيادها صوّري لا غير؟
نحن نحكم بالظاهر. في بيان مجلس الشورى كان المبدأ اعطاء الحرية لقواعدها .ولنفترض أنها لم تعط حرية الاختيار لقواعدها فكم هي نسبة القواعد التي ستتبع القيادات ؟فمن المستحيل أن تسيطر القيادات على كل القواعد وعلى كل انا متأكد انه لا يوجد قرار معلن وآخر سرّي بمساندة المرشح المرزوقي .
«الجبهة الشعبية» تململت في تحديد موقفها من المرحلة القادمة واتخذت بدورها الحياد في الدور الثاني للانتخابات الرئاسية الا ترى ان ذلك قد يعطل تواصلها مع حزب«النداء» أو حتى قد يقصيها من الحكومة المقبلة ؟
نفس الشيء فمهما كانت درجة الانضباط داخل الاحزاب الايديولوجية أو العقائدية «النهضة»أو« الجبهة» فانه لا يمكن اصدار قرار يسري على الكل لانه يستحيل على الجبهة التحكم في كل قواعدها ومصادرة حقها في الاختيار .
صرح الباجي قائد السبسي مرارا بأن الحكومة ستضم حتى اطرافا من الاحزاب الغير فائزة في الانتخابات فهل تم الاتصال بكم للتشاور في هذا الغرض ؟
إلى حد الآن لم توجد اية اتصالات بحزبنا .لكن وعلى فرض وجدت فالمشاركة واردة على اساس برامج وليس على اساس اقتسام «كعكة السلطة».مع العلم ان هذه القرارات بالقبول أو بالرفض تتخذ في نطاق المكتب السياسي لحزبنا بطريقة ديمقراطية .ومبدئيا علاقتنا ب«نداء تونس» ككل الاحزاب مبنية على اساس الاحترام المتبادل كما أن هناك تقاربا بيننا من حيث البرامج الاقتصادية دون أن تكون هذه المشاركة هي مصادرة لأصواتنا فان سارت الحكومة وفق البرنامج ووفق احترام الحريات كنا معها وان حادت ننسحب وننقدها وفق الطرق الديمقراطية وبآليات ديمقراطية بناءة.
يعتبر بعض المحللين أن حكومة المهدي جمعة لم تكن في مستوى التطلعات وانها اورثت الحكومة الجديدة تركة ثقيلة ما تعليقك على ذلك ؟
حكومة المهدي جمعة اوقفت النزيف الاقتصادي وساعدها في ذلك انخفاض اسعار وتكلفة المحروقات من شهر اوت الى اليوم – بما يساوي 400مليم على اللتر وكان من الممكن استغلال جزء من هذا الانخفاض للتقليص في الاسعار المشطة وتحسين القدرة الشرائية للطبقة الوسطى وكان من الممكن كذلك ان يتم التخفيض في اسعار المواد الفلاحية و لانعكس ذلك ايجابيا على الاقتصاد لكن الحكومة الحالية لم تكن لديها من الجرأة لتتخذ هذه الخطوة وتركت النظر في هذه الملفات للحكومة الجديدة. وحتى اكون موضوعيا ومنطقيا في حكمي فان العامل الزمني قد يكون عنصرا معطلا بالنسبة لحكومة المهدي جمعة وهو ما عاقها عن القيام بتغييرات جذرية.كما أن الميزانية تم تمريرها في 10ساعات –في سابقة من نوعها لان الحوار حول القانون المالي قد يتطلب اكثر من عشر ساعات -لم تناقش سوى بعض الامور الاساسية في حين بقيت القرارات الرئيسية لتناقش مع الميزانية التكميلية للحكومة التي ستتشكل. بالنسبة للملف الامني لم تكن هناك انجازات كبرى على هذا الصعيد فالأمن اختل في سنة 2011 خرج منهزما بعد الثورة كان متخوفا وتلقى ضربات موجعة من اغتيالات واعتداءات وعاد تدريجيا في منتصف 2012 بعد ان استرجع الثقة ونجح في المحافظة على حياده مكرسا بذلك فكرة الامن الجمهوري والامن في خدمة الوطن ولا احد ينفي عن الامنيين تضحياتهم الكبيرة .لذلك كان «الحزب الجمهوري» سبّاقا لتأمين عون الامن وتأمين عائلته واقترح برنامج العيون الساهرة لأولاد الشهداء الامنيين تبنته الحكومة في قانون المالية ل2014 وينص هذا القانون على العناية بأبناء الشهداء إلى حين بلوغهم سن الرشد.
في نص إحدى الاستقالات قال عضو مستقيل أن «الحزب الجمهوري» مازال يعيش في جلباب جبهة اكتوبر ولم يستوعب اللحظة الجديدة منذ بروز حزب «نداء تونس» ؟
لقد قيل ذلك لكنه قول غير صحيح وان كانت جبهة 18اكتوبر هي جزء من التاريخ النضالي للحزب ومازالت الصورة التي جمعت الفرقاء السياسيين بعد أن وحدهم الهدف حدثا رغم مرور ما يقارب التسع سنوات .وليتها تتكرر اليوم تحت راية الدفاع عن الوطن ضد كل اشكال الانقسام لان الوحدة وانكار الذات هي القوة .وردّي على هذا الاتهام انه لو أن حزبنا مازال حبيس جلبات جبهة 18اكتوبر كما يدعي البعض لدعا إلى التصويت للمرزوقي وهو ما لم يحدث. فالقرار الغالب لمناضلي جبهة اكتوبر كان في اتجاه فتح المجال امام حرية الاختيار.
ماذا تساوي النضالية أمام صناديق الاقتراع ؟ما هو سر النجاح في الانتخابات ؟
النضالية اليوم لا تساوي شيئا وان كنا لسنا ممن يسمسر بنضالاته ولا ينتظر من ذلك لا جزاء ولا شكورا. فالحزب الجمهوري يواصل المسيرة مهما كانت الشعاب فمتعة النحت في الصخر هي سمة من سمات الجمهوري بقطع النظر عن النتائج لان هدفنا ليس الكرسي من اجل الكرسي بل الوطن وان خيّرنا بين هذا وذاك نقول «خوذوا الكراسي وخلولي الوطن». فالسلطة بالنسبة الينا هي أداة تحقيق برامج التنمية ومد الأيادي للمحرومين وما اكثرهم في وطني .لكن اليوم نحن أمام شقين من مشروعين يتصارعان «اشكون يضرب أكثر».
لكن لم نر منكم سعيا لسن قانون الارهاب في المجلس التأسيسي؟
هذا ليس صحيحا .أردنا سن قانون ارهاب بهوية تونسية لأن قانون الارهاب لسنة 2003هو قانون امريكي صنعت منه غوانتنامو المشكل الذي طُرح كان على مستوى تعريف الارهاب والتعريف ليس بالأمر الهين لأنه سيحدد تكييف الأفعال فيما بعد لان التوسيع في مفهومه سينجرّ عنه نتائج ونفس الامر بالنسبة للتضييق .كنا أمام تعريفين تعريف سياسي وآخر لغوي وظل ذلك العقبة التي حالت دون التقدم في المناقشات. وعلى كل حال فالإرهاب لن يوقفه قانون .الارهاب توقفه «ما كينة التصدي للإرهاب» المتمثلة في المؤسسة الامنية والعسكرية.
صرح عدنان منصر أنهم الفائزون الحقيقيون وانهم في صورة عدم الفوز في الدور الثاني فإن ذلك يعني أن هناك تزويرا؟
أرجو ألا يكون ذلك اسلوب تفكيره .وهو مجرد كلمات جوفاء في حملة انتخابية عابرة .
نشعر بنوع من التراجع في موقف «النهضة» هل هي الواقعية السياسية ؟أم هو هروب من قدر الاخوان؟
ما حدث في مصر اثر بطريقة كبيرة على السياسات في تونس ولكن حركة «النهضة» اعترفت بأخطائها قبل الانتخابات وانسحبت من الحكم والاعتراف بالخطأ فضيلة .اليوم حركة «النهضة» سياسية بامتياز وتقوم بمناورات سياسية وهذا من حقها .بالنسبة لي في هذه المرحلة الحساسة احسن منقذ هو حكومة وحدة وطنية تكون مدعومة بتوافق كبير سواء كنا من ضمنها أم لا .
ما تعليقك على مواقف «الجبهة الشعبية» بعد فوزها في الانتخابات هل مازالت فوق حجرة سقراط ؟
«الجبهة الشعبية» مثل الحركات والأحزاب العقائدية متشبثة بمبادئها حتى النهاية .
ما هي قراءتك للمشهد السياسي ؟
أنا متفائل وحامل لغصن الزيتون .متفائل لأننا تجاوزنا المرحلة الانتقالية بأقل خسائر. بدستور ومؤسسات وانتخابات نزيهة وشفافة وفي وقت قياسي في حين أن مرحلة الانتقال الديمقراطي قد تتطلب عشر سنين في بلدان أخرى . والفضل أولا وأخيرا للرجال والجيش الذين قدموا حياديتهم فداء للحظات الديمقراطية التي يستهين بها البعض ويعتبرها على هامش الانجازات .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.