التأمت صباح أمس ندوة علمية بدار المحامي بتونس تحت عنوان «المجلس الأعلى للقضاء الجديد أية ضمانات لاستقلال القضاء؟»، وقد شهدت الندوة حضور عدد هام من الحقوقيين والقضاة كالرئيس الأول لمحكمة التعقيب السيد خالد العياري والوكيل العام السيد خالد البراق، ورئيسة جمعية القضاة التونسيين السيدة روضة القرافي، ورئيسة نقابة القضاة السيدة روضة العبيدي، والناطق الرسمي باسم الهيئة الوقتية للقضاء العدلي، وممثلين عن المحكمة الإدارية مثل السيد احمد الصواب، والعديد من المحامين والحقوقيين والسياسيين. وقد افتتحت الندوة بكلمة ألقاها عميد المحامين السيد محمد الفاضل محفوظ، والذي عبر عن فرحه لتنظيم هذا المؤتمر الهام، خاصة في هذه المرحلة، مرحلة الانتقال الديمقراطي. كما عبر محفوظ عن سعادته للتجاوب الموجود بين نقابة القضاة وجمعية القضاة والهيئة الوقتية للقضاء العدلي وكافة الهياكل في التعاطي مع هذا الموضوع الهام، خاصة وان الهيئة الوطنية للمحامين قامت بمبادرة اقتراح مشروع قانون لإنشاء المجلس الأعلى للقضاء والقوانين المتعلقة والمنظمة للقضاة. وقد أكد السيد محفوظ ل «التونسية» إن هذه الندوة جاءت بمبادرة من الهيئة الوطنية للمحامين، مؤكدا على أنهم مرتبطون بالآجال القانونية التي نص عليها الدستور والمتعلقة أساسا بإنشاء المجلس الأعلى للقضاء والقوانين المتصلة بالقضاء المالي والعدلي والإداري، وذلك في اجل أقصاه 6 أشهر من تاريخ إجراء الانتخابات التشريعية، مضيفا «نحن بدورنا قمنا بالاتصال بالجهات القضائية المسؤولة للتشاور معها، كما توجد هناك لجان بصدد الاشتغال على محاولة إيجاد صيغة توافقية والقيام بالمشاورات والمفاوضات في كل ما تعلق بتركيبة هذه المجالس، وفيما تعلق بالضمانات الضرورية لاستقلالية هذا المجلس». وقد أكد أن هدف الهيئة الوطنية للمحامين هو ضمان استقلالية القضاء أولا، وان تكون المحاماة كما نص عليها الدستور شريكا لإقامة العدل على حد تعبيره، مضيفا القول «لقد استدعينا ثلة من الزملاء المحامين والقضاة والفاعلين في الساحة القضائية والسياسية والمجتمع المدني للخروج بتوصيات فيما تعلق بتركيبة المجلس الأعلى للقضاء وصلاحياته». هذا وقد ألقى السيد محمد الصالح التومي مدير مركز الدراسات للمحامين كلمة تمهيدية، تناول فيها تاريخ القضاء، وأسسه، وأهمية استقلاليته لضمان المحاكمة العادلة. وقد تناول السيد فاضل موسى الأستاذ الجامعي والعميد السابق بكلية الحقوق بتونس وعضو المجلس التأسيسي ولجنة القضاء العدلي والإداري والمالي، جدلية المجلس الأعلى للقضاء في رحاب المجلس التأسيسي، متناولا العديد من المسائل المتعلقة بتركيبة المجلس، ومن المتدخلين من غير القضاة فيه، وكيفية تنصيب رئيسه، وما أثارته هذه المسائل من جدل في المجلس الوطني التأسيسي وخارجه. هذا وقد قدم السيد محمد صالح بن عيسى العميد السابق بكلية العلوم القانونية بتونس والكاتب العام للحكومة سابقا، مداخلة تناول فيها دور المجلس الأعلى للقضاء، واهم الإشكالات القانونية الموجودة صلب باب السلطة القضائية في الدستور، ليقوم الأستاذ احمد بوعوني المحامي والأستاذ الجامعي بعد ذلك بتقديم رؤية شاملة لتنظيم المجلس الأعلى للقضاء حسب مقتضيات الفصلين 112 و113 من الدستور الجديد. هذا وقد أكدت السيدة روضة العبيدي ل «التونسية» أن أول تحدي أمام مجلس نواب الشعب هو إرساء المجلس الأعلى للقضاء في الآجال القانونية المنصوص عليها في الدستور، مؤكدة على انه يجب على مجلس نواب الشعب الإسراع في سن قانون المجلس الأعلى للقضاء، حتى تخرج السلطة القضائية من الوضع المؤقت إلى الدائم، شأنها شأن بقية السلط الأخرى من تشريعية وقضائية، ومن المفروض أن يكون المجلس الأعلى للقضاء موجود وقائم الذات في شهر افريل القادم على حد تعبيرها. مضيفة قولها «اليوم الهيئة الوقتية للقضاء العدلي ونقابة القضاة التونسيين والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين، بدؤوا في عقد جلسات أسبوعية في اتجاه توحيد القراءات القانونية لباب السلطة القضائية في الدستور، وللخروج بمشروع قانون موحد يعرض على مجلس النواب، دون أن ننسى طبعا حضور المحكمة الإدارية واتحاد القضاة الإداريين والقضاء المالي، وسوف نقدم مشروعا موحدا بعد تجاوز الخلافات الموجودة بيننا في بعض النقاط وإيجاد توافقات فيها، وتقديم هذا المشروع سيكون من باب إعانة مجلس نواب الشعب، لان المشرّع هو المطالب بسن هذا القانون». من جهته أكد السيد احمد الصواب وكيل الرئيس الأول للمحكمة الإدارية ل «التونسية» أن المجلس الأعلى للقضاء يتكون من 4 هياكل، هيكل أداري، هيكل مالي، هيكل عدلي، بالإضافة للجلسة العامة، عكس ما يظنه الكثير من الناس على انه هيكل واحد، وقد قال صواب « المنطق يفرض أن كل قطاع وكل هيكل يجب عليه أن يهتم بالإطار المهني والترقيات والنقل التابعة للقضاة التابعين له، وان تبقى الجلسة العامة شاملة للجميع، وان تكون الجلسة العامة سلطة اقتراح نصوص وإصلاحات، ومشاريع قوانين سوف تصدر تهمّ القضاء تعرض للاستشارة أمام الجلسة العامة.» هذا وقد أكد صواب بأن المحكمة الإدارية قامت بوضع لجان للقيام بتحضير مشاريع قوانين متعلقة بالمجلس الأعلى للقضاء، شأنها شأن النقابة، وأنها ستقوم بجلسة عمل مشتركة مع هذه الأخيرة يومي 23 و24 جانفي، في إطار السعي للخروج بمشروع قانون للمجلس الأعلى للقضاء. مضيفا «انه من بين الإشكاليات المطروحة اليوم والمتعلقة بالمجلس الأعلى للقضاء هو نسبة المنتخبين بين القضاة كم ستكون، كما أن المسألة الأهم والتي لي فيها تحفظ كبير، هي مسألة الأعضاء من غير القضاة، خاصة إن كانوا محامين، وهو ما يطرح نوعا من التضارب في المصالح، لان المحامي أصبح هنا يتدخل في المسار المهني والتأديبي للقضاة، وبالتالي أصبحت لديهم سلطة لمراقبتنا وفي نفس الوقت يترافعون أمامنا وهو ما اعتبره تضاربا في المصالح، ولذلك اقترحت أن يكون المحامون الأعضاء في المجلس الأعلى للقضاء من المتقاعدين أو من غير المباشرين للمهنة، ثم انه لماذا لا تقع المعاملة بالمثل، كاعتماد نسبة 10 بالمائة من القضاة للقيام بالتدريس في جامعات الحقوق، والمعهد الأعلى للمحاماة، نحن لسنا ضد دخول المحامين والجامعيين في كل ما تعلق بالقضاة، لكن بشرط المعاملة بالمثل». هذا وقد أكد صواب على انه لا يجب الفصل بين المحكمة الدستورية والقضاء، إذ يجب ان يكون هناك شخص آو اثنان من المحكمة الدستورية حاضرا وموجودا في الجلسة العامة للمجلس الأعلى للقضاء. خولة الزتايقي