ساهمت القرارات التي أعلنت عنها كلّ من حركة «النهضة» ومجلس أمناء «الجبهة الشعبية» وحزب «آفاق تونس» والقاضية برفضهم منح حكومة الحبيب الصيد ثقتهم إلى تأجيل جلسة المصادقة أمام مجلس نواب الشعب وقد دعّم ذلك غياب الرضاء التام داخل كتلة حركة «نداء تونس» عن تركيبة هذه الحكومة التي بات مصيرها محدّدا حسب رأي خبراء وسياسيين أكّدوا في تحاليلهم على ضوء التطوّرات الأخيرة أنّه لم يبق لرئيس الحكومة المكلّف الحبيب الصيد من خيار سوى إعادة خلط الأوراق والبحث عن سبل جديدة لتمرير حكومته موضّحين أنّ ما قيل حول تأجيل الجلسة بسبب عدم التوصّل إلى الحسم في النقاط الخلافيّة في مشروع النظام الداخلي للمجلس هي مجرّد تعلّة لا غير . ورغم انّه لا يمكن الجزم بأن حركة «نداء تونس» لم تدرس هذه الوضعية وغامرت بتقديم هذه التشكيلة التي تدرك أنها لن تنال الثقة فإنّ قرار حزب «آفاق تونس» الغاضب على عدم تشريكه في الحكومة وإعلانه عدم منحها ثقته قد بعثر كافّة الحسابات وجعل إمكانيّة سقوطها غير مستبعد إذ أنّه ومن خلال ال8 مقاعد التي يمتلكها في مجلس نواب الشعب كان الأداة التي ستمكّن من تمريرها بالحد الأدنى المطلوب لكن وامام موقفه بات في مجموع حكومة النداء حسابيا 103 أصوات متأتية عن 86 صوتا عن «نداء تونس» و 16 عن «الاتحاد الوطني الحر» وصوت واحد عن «الجبهة الوطنية للإنقاذ» إضافة إلى أصوات عدد من المستقلين الذين لا يزيد عددهم عن الثلاثة وهو ما لا يمكّن من تزكية الحكومة. من جانبه قرّر مجلس شورى حركة «النهضة» عدم منح ثقته لتركيبة الحكومة المعلن عنها على حدّ نصّ البيان الذي أصدره مؤكّدا أنّها لا تعبّر عن تنوّع المشهد السياسي التونسي وما تحقّق فيه من مكاسب مهمّة في السنوات الأخيرة وخاصة من معاني التشارك كمنهج للحكم والتوافق كآلية لتوسيع المشتركات في المواقف والبرامج وأنها لا تستجيب لمتطلبات المرحلة وما تقتضيه من إصلاحات يتوقّف عليها مستقبل البلاد وانتظارات التونسيين تحقيقا لأهداف الثورة في الكرامة والتنمية العادلة والشاملة. لكن تصريحات رئيس مجلس الشورى فتحي العيادي الذي أكّد أنه تمّ تفويض هذا القرار للكتلة وللمكتب التنفيذي للحركة جعل البعض يطرح تساؤلاته حول مدى إنضباط كتلة الحركة داخل مجلس نواب الشعب لهذا القرار من عدمه موضّحين أنّه ربّما يراد من ذلك ترك مساحة زمنية للحزب الحاكم قصد منحه ضمانات للحركة بمعنى أنّه يمكن فهم قرار الحركة كوسيلة ضغط على «نداء تونس» لمراجعة حساباته قبل المرور إلى مرحلة التنفيذ خلال عملية التصويت.