بخبرة الكبار والمتعوّدين على الصولات والجولات القارية في أدغال القارة السمراء اجتاز الترجي الرياضي أمس الأول بالعاصمة الكاميرونية دوالا عقبة فريق كوسموس دو بافيا بسلام بالنظر إلى الإنتصار الذي اختطفه أبناء باب سويقة في الدقيقة الأخيرة من هذه المباراة التي لم تكن سهلة بالمرة لا من ناحية الظروف المناخية ( الحرارة الشديدة ونسبة الرطوبة العالية ) ولا من ناحية أرضية الميدان الإصطناعية التي لم يتعوّد الترجيون على اللعب عليها ولا من ناحية جهل كل شيء تقريبا عن المنافس من مؤهلات ونقاط قوة وضعف وبالتالي توفر عنصر المفاجأة الذي يمكن أن يرجح كفة الفريق المحلي المغمور الذي رمى بكل ثقله طوال هذه المباراة من أجل كتابة اسمه بأحرف من ذهب في أولى مشاركاته القارية من خلال الفوز على أحد كبار إفريقيا... كل هذه المعطيات العديدة كانت تؤشر إلى صعوبة مهمة الأحمر والأصفر في مفتتح مغامرته الإفريقية لهذه السنة وفي تحوّله الأول خارج تونس في أمجد الكؤوس القارية وكان الأمر فعلا كذلك على الميدان حيث ضغط الكاميرونيون مرارا على دفاع الترجي الرياضي وخلقوا بعض الفرص الخطيرة السانحة للتهديف وكانوا قريبين جدا من تحقيق فوز تاريخي كان سيعسّر المهمة على زملاء معز بن شريفية في لقاء الإياب... الترجي الرياضي وبحنكة المتمرّس على مثل هذه المناسبات تغلّب على كل هذه الظروف الصعبة وذلل كل العوائق التي اعترضته بمناسبة هذا اللقاء الإفتتاحي في كأس رابطة الأبطال الإفريقية لهذه السنة وحقق بالتالي نتيجة وضع بفضلها أكثر من قدم في الدور الثاني الذي من المنتظر أن يضعه في مواجهة أصعب أمام المريخ السوداني الذي انتصر على ممثل أنغولا بهدفين نظيفين في أم درمان في لقاء الذهاب. تدارك... أكبر مشكل كان يعترض المدرب جوزي دي مورايس قبل لقاء يوم الأحد الفارط هو عدم حصوله على المعلومات الضافية والكاملة عن المنافس ولهذا السبب بالتحديد لا يمكن لومه ولا انتقاده عن الإختيارات التي اتخذها في بداية اللقاء سواء في خصوص التركيبة الأساسية التي بدأ بها المباراة أو كذلك في شأن طريقة اللعب والإنتشار على الميدان... لا يمكننا أن نتجاهل هذا العامل المهم للغاية عند تحليلنا للمباراة وحكمنا على اختيارات الإطار الفني التكتيكية... البرتغالي كان متخوّفا من المفاجآت وتسلح بالحذر وهذا طبيعي جدا وعوّل بالتالي على مهاجم وحيد وهو نجانغ ولعب بأكبر عدد ممكن من اللاعبين في خط الوسط من أجل وضع جدار دفاعي أول أمام الخط الخلفي لقطع الهجومات الكاميرونية بعيدا عن مرمى بن شريفية وتجنيب رباعي الدفاع المواجهات المباشرة المستمرة مع هجوم فريق كوسموس، ربما لم يكن اختياره لبعض الأسماء في وسط الميدان صائبا لكن التوجه التكتيكي العام كان طبيعيا والتفكير في تحصين الدفاع مطلوبا بل وضروريا في انتظار اكتشاف خصائص وإمكانيات المنافس بمرور الوقت أثناء المباراة وهذا ما وفق فيه البرتغالي بدليل التغييرات التي قام بها والتي كانت مؤثرة إيجابيا في النهاية لأن ما يبقى من مثل هذه المواجهات هي النتيجة ولا شيء غيرها في ظل حتمية اجتياز الترجي الرياضي الدورين الأول والثاني لهذه التظاهرة وبلوغ دور المجموعتين بالزاد البشري الحالي الذي سيتعزز بانتدابات من الطراز الرفيع خلال الصائفة المقبلة إذا ما تكللت بداية الفريق الإفريقية بالنجاح ووصل إلى الدور ربع النهائي ... امتياز إضافة إلى التغييرات الموفقة التي أقدم عليها المدرب جوزي دي مورايس خلال الشوط الثاني من مباراة دوالا والتي ساهمت في إحداث الفارق في نهاية اللقاء نظرا للإضافة التي قدمها اللاعبون المعوّضون وهم الدراجي والعكايشي وخاصة إيدوك فإن الإمتياز على مستوى الآداء الفردي يعود أولا للحارس معز بن شريفية الذي تألق كأروع ما يكون وأنقذ الترجي الرياضي من أهداف بدت محققة والمحافظة على عذارة شباكه وبالتالي التمهيد للفوز الذي اقتلعه الأحمر والأصفر في نهاية المقابلة وثانيا للشاب غيلان الشعلالي الذي خاض بالمناسبة أول لقاء قاري له مع الترجي الرياضي وكان أبرز لاعب على الميدان في فريق باب سويقة وقام بمجهودات كبيرة جدا لتأمين المهمتين الدفاعية والهجومية على أحسن وجه في وسط الميدان والتحرّك المستمر للضغط على حامل الكرة ومنع المنافس من تنظيم هجوماته ... هذا الثنائي ابن المدرسة الترجية كان فوق الجميع من حيث المستوى وقام بالدور على الوجه الأكمل وكانت مساهمة كل منهما في النتيجة الإيجابية التي افتتح بها الترجيون مغامرتهم الإفريقية كبيرة للغاية فيما كان مردود بقية اللاعبين الأساسيين يتراوح بين المتوسط والمتواضع وهذا ما يجب تدراكه مستقبلا لإضفاء عنصر الإنتظام على المردود الفردي وما يترتب على ذلك من تطوّر في الآداء الجماعي.