ماء الصوناد صالح للشرب لكن التونسي تعود على شرب المياه المعلبة... مدير عام الصوناد يوضح    وزارة التشغيل : '' الشركات الأهلية ليست جمعيات خيرية وعلينا ضمان ديمومتها ''    عقوبات سجنية وخطايا مالية للاجانب والاشخاص المخالفين ، ابرز التنقيحات المقترحة في القانون المتعلق بحالة الاجانب بالبلاد التونسية    البنك المركزي التركي يتوقع بلوغ التضخم نسبة %76    قفصة: تأثيرات إيجابية لتهاطل الأمطار على مواسم الزراعات الكبرى والغراسات المثمرة والخضروات والأعلاف    القطاع الغابي في تونس: القيمة الاقتصادية وبيانات الحرائق    جندوبة: حريقان والحماية المدنية تمنع الكارثة    السلاطة المشوية وأمّك حورية ضمن أفضل السلطات حول العالم    الكاف: عروض مسرحية متنوعة وقرابة 600 مشاركا في الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    بطاقة جلب في حق سنية الدهماني    قليبية: الكشف عن مقترفي سلسلة سرقات دراجات نارية    بطاقة جلب في حق سنية الدهماني    رادس: إيقاف شخصين يروجان المخدرات بالوسط المدرسي    اليوم: فتح باب التسجيل عن بعد بالسنة الأولى من التعليم الأساسي    عميد المحامين: نتعرّض للتحريض من قبل هؤلاء ما أدى لمحاولة قتل محام    رئيس منظمة إرشاد المستهلك: أسعار لحوم الضأن لدى القصابين خيالية    بقيمة 7 ملايين دينار: شركة النقل بصفاقس تتسلم 10 حافلات جديدة    بلطة بوعوان: العثور على طفل ال 17 سنة مشنوقا    عاجل/ غلاء أسعار الأضاحي: مفتي الجمهورية يحسمها    كأس تونس: تغيير موعد مواجهة مباراة نادي محيط قرقنة ومستقبل المرسى    الأمطار الأخيرة أثرها ضعيف على السدود ..رئيس قسم المياه يوضح    مقتل 10 أشخاص وإصابة 396 آخرين خلال ال24 ساعة الماضية    بطولة روما للتنس: أنس جابر تستهل اليوم المشوار بمواجهة المصنفة 58 عالميا    الرابطة الأولى: برنامج مواجهات اليوم لمرحلتي التتويج وتفادي النزول    عاجل/حادثة اعتداء أم على طفليها وإحالتهما على الانعاش: معطيات جديدة وصادمة..    وزير السياحة يؤكد أهمية إعادة هيكلة مدارس التكوين في تطوير تنافسية تونس وتحسين الخدمات السياحية    نرمين صفر تتّهم هيفاء وهبي بتقليدها    لهذه الأسباب تم سحب لقاح أسترازينيكا.. التفاصيل    دائرة الاتهام ترفض الإفراج عن محمد بوغلاب    بسبب خلاف مع زوجته.. فرنسي يصيب شرطيين بجروح خطيرة    نادي ليفربول ينظم حفل وداع للمدرب الألماني يورغن كلوب    الكشف عن توقيت مباراة أنس جابر و صوفيا كينين…برنامج النّقل التلفزي    منبر الجمعة .. الفرق بين الفجور والفسق والمعصية    خطبة الجمعة .. لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما... الرشوة وأضرارها الاقتصادية والاجتماعية !    اسألوني ..يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    إتحاد الفلاحة : '' ندعو إلى عدم توريد الأضاحي و هكذا سيكون سعرها ..''    بلا كهرباء ولا ماء، ديون متراكمة وتشريعات مفقودة .. مراكز الفنون الدرامية والركحية تستغيث    أحمد العوضي عن عودته لياسمين عبدالعزيز: "رجوعنا أمر خاص جداً"    مدنين.. مشاريع لانتاج الطاقة    قوات الاحتلال تمنع دخول 400 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة..#خبر_عاجل    عاجل/ هجوم جديد للحوثيين على سفينة في خليج عدن عبر زورق مسلحين    عاجل/ مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص شراء أضحية العيد في ظل ارتفاع الأسعار..    أضحية العيد: مُفتي الجمهورية يحسم الجدل    بلاغ هام للنادي الافريقي..#خبر_عاجل    المغرب: رجل يستيقظ ويخرج من التابوت قبل دفنه    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    اليوم: تصويت مرتقب في الأمم المتحدة بشأن عضوية فلسطين    ممثلة الافلام الاباحية ستورمي دانيلز تتحدث عن علاقتها بترامب    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    بنزرت.. الاحتفاظ بثلاثة اشخاص وإحالة طفلين بتهمة التدليس    نبات الخزامى فوائده وأضراره    كاس تونس لكرة القدم - تعيين مقابلات الدور ثمن النهائي    اللغة العربية معرضة للانقراض….    تظاهرة ثقافية في جبنيانة تحت عنوان "تراثنا رؤية تتطور...تشريعات تواكب"    قابس : الملتقى الدولي موسى الجمني للتراث الجبلي يومي 11 و12 ماي بالمركب الشبابي بشنني    سلالة "كوفيد" جديدة "يصعب إيقافها" تثير المخاوف    سابقة.. محكمة مغربية تقضي بتعويض سيدة في قضية "مضاعفات لقاح كورونا"    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المحامي غازي مرابط ل «التونسية»:مشروع قانون زجر الاعتداء على القوات المسلحة كارثي
نشر في التونسية يوم 21 - 04 - 2015


حجب هوية الشهود يقوض حق المتهمين ويمنع حق الدفاع
الإعدام من ثقافة العنف
قانون مكافحة الإرهاب مخالف للدستور
انتهاك حقوق الانسان هدية للإرهابيين
لا سبيل للتراجع عن تحييد المساجد
حوار:اسماء وهاجر
يتواصل الجدل حول إيجاد توازن بين ضرورات الحفاظ على الأمن القومي وتطبيق حقوق الانسان في كونيتها وشموليتها زاده حدة اتهام بعض المدافعين عن المتهمين بالإرهاب بخيانة دماء الشهداء وبتبييض الإرهاب .وفي انتظار المصادقة على قانون مكافحة الإرهاب تعالت صيحات الفزع من مخاوف أن يكون القانون مدخلا لعودة دولة البوليس لاحتوائه على العديد من النقاط السوداء .فما هو الخط الفاصل بين الدفاع عن المتهمين بالإرهاب والوقوع في مطب تبييضه خاصة مع ارتفاع حصيلة ضحايا الجرائم الإرهابية ؟ما سر رفع الفيتو أمام مشروع هذا القانون؟ما هي الاشكاليات التي يطرحها ؟هذه الأسئلة وغيرها كانت محور حوار «التونسية» مع الحقوقي والناشط السياسي والمحامي غازي مرابط الذي رافع في عدة قضايا أثارت الرأي العام منها قضية بيرسيبوليس(ضد مدير قناة نسمة) وامينة «فيمن» وغيرها والذي اعتبر ان انتهاك حقوق الإنسان هو هدية نقدمها للإرهابيين الذين يريدون تدمير الدولة و لعب دور الضحية في نفس الوقت...
تفاصيل الحوار في السطور التالية:
ما هو الخط الفاصل بين الدفاع عن متهم بالإرهاب وبين الوقوع في تبييض الإرهاب؟... وأنت أحد الذين اتهموا بتبييض الإرهاب ؟
المواطنون و المواطنات متساوون في الحقوق و الواجبات و هم سواء أمام القانون من غير تمييز . هذا ما نص عليه دستور الجمهورية الثانية . أنا محام و حقوقي و متمسك بتطبيق القانون و بالأساس أعلى القوانين درجة وهو الدستور الذي ينصّ في فصله 23 على أن الدولة « تحمي كرامة الذات البشرية و حرمة الجسد , وتمنع التعذيب المعنوي والمادي». أنا متمسك بمبادئ كونية إنسانية اعتنقتها في تفكيري و تكويني. كيف يمكنني أن أسمح لنفسي بخرق حقوق المتهم الشرعية و ضمانات الدفاع و قرينة البراءة؟ كيف يمكنني أن أصمت أمام خرق القانون من قبل ممثلي السلطة و خاصة منهم الناطقين باسم وزارة الداخلية ؟ موقفي واضح و سأواصل نضالي بكل ما أوتيت من قوة لقتل الإرهاب و اجتثاثه من بلادنا و كذلك في نفس الوقت مواجهة كل خرق للقانون ولحقوق الإنسان .
صحيح أنه ليس من السهل الدفاع عن حقوق الإنسان في الحالة التي تعيشها تونس اليوم.الوضع حرج وأنا أغتنم الفرصة لتوجيه تحية لجنودنا و كل قواتنا المسلحة ورجال الأمن ولكنّي في نفس الوقت أحيي كل الحقوقيين و المنظمات الحقوقية التي وقفت ضد العملية الممنهجة لمغالطة الرأي العام و إرساء فكرة أنه في المطالبة باحترام حقوق الإنسان لكل المواطنين بما في ذلك المتهمين في قضايا إرهابية تشجيع على الإرهاب بل بالعكس نحن متأكدون أن انتهاك حقوق الإنسان هو هدية نقدمها للإرهابيين الذين يريدون تدمير الدولة ولعب دور الضحية في نفس الوقت .
مجموعة سليمان مثلا والعديد من الارهابيين الذين حولتهم لجنة الدفاع عنهم إلى أبطال تورطوا في العديد من الأعمال الإرهابية.. ألا تعتقد أن حق الدفاع عن الارهابيين عاد بالوبال على الوطن؟
لا أظن أن هيئة الدفاع عن المحكومين في قضية سليمان حولت من قام بعمليات ارهابية إلى أبطال .في اعتقادي أن هذه الهيئة تكونت من العديد من المحامين المستقلين و كذلك محامين محسوبين على حركة «النهضة» أو اليسار و كان هاجسهم الوحيد تمتيع هذه المجموعة من محاكمة عادلة. لكن النظام السابق عمل كل ما في وسعه لهتك حرمة الذات البشرية اذ تم تعذيب العديد منهم.كل هذه الأسباب جعلت الحكومة الانتقالية الأولى تصدر عفوا تشريعيا عاما شمل مجموعة سليمان و هو ربما خطأ لأنه تم الإفراج عن عناصر يمثلون خطرا على الأمن العام عاد بالوبال علينا في أخر المطاف هو إصدار قانون العفو التشريعي العام لسنة 2011.وأنا أقول أنه علينا احترام ظروف المحاكمة العادلة حتى لا نتيح الفرصة للإرهابيين و للحكومات المقبلة للإفراج على إرهابيين بتعلة عدم تمتعهم بمحاكمة عادلة .
اليوم هناك احتراز على صنف معين من الحقوقيين من ذلك مثلا من يشترط إذن النيابة العمومية لمداهمة منزل إرهابي أو القبض عليه.. هل ترى أنه احتراز في مكانه ؟
ليس هناك صنفان من الحقوقيين. هناك اشخاص يدافعوان عن حقوق الإنسان بكل جرأة و شجاعة واقتناع .الحقوقيون هم من يدافعون عن حقوق الإنسان المعترف بها كونيا و التي نجدها في المواثيق و المعاهدات الدولية. الحقوقي هو من يدافع عن حق الحياة المقدس و عن المساواة التامة بين الرجل و المرأة و هو من يدافع عن الحريات الفردية. ملاحقة الإرهابيين و تتبعهم كبقية جرائم الجنايات و الجنح المتلبس بها لا تشترط إذنا من النيابة العمومية لمداهمة منزل أو أشخاص متحصنين بالفرار ومن يطالب بتوفير إذن قضائي لتمكين أعوان الأمن من إلقاء القبض على مفتش عنهم في قضايا إرهابية يغالط الرأي العام و نفسه أو يجهل القانون و ليس بحقوقي.
اعتبر الاستاذ عبادة الكافي في أحد تصريحاته أن مشروع قانون الإرهاب الجديد هو قانون 2003 مع اضافة بعض المساحيق... ما تعليقك على ذلك ؟
أولا أنا أكن كل الاحترام و التقدير لزميلي و صديقي الأستاذ عبادة الكافي، ثم أنا أعتبره من الكفاءات الوطنية وهو الرجل المناسب في المكان المناسب و اقصد بذلك أن ترؤسه للجنة التشريع العام لمجلس نواب الشعب فرصة لتونس لإيجاد الحلول لبعض المعضلات القانونية .فالمشرع يجد نفسه أمام حالتين: حالة قانونية موجودة في المجتمع وعليه معالجتها وحالة ثانية تتمثل في استباق المشرع وضعية قانونية مستقبلة... وبالرجوع الى سؤالكم أقول إن القانون عدد 70 لسنة 2003 المتعلق بمكافحة الإرهاب و منع غسل الأموال هو ساري المفعول منذ ذلك التاريخ و لم ينقطع تطبيقه إلى حد هذا اليوم و كل إحالات النيابة العمومية و المحاكمات التي جرت قبل الثورة و بعدها تمت بمقتضى هذا القانون. فمطالبة بعض الأطراف بالتسريع في إصدار قانون جديد لمكافحة الارهاب يوحي بأننا أمام فراغ تشريعي و هذه أكذوبة. ففي ظل حكم بن علي تمت محاكمة 3 ألاف شخص بموجب قانون 2003 و تصريح وزير الداخلية بتاريخ 17 /04 /2015 يؤكد أنه وقع مؤخرا إيقاف و تتبع ألف شخص بمقتضى القانون الحالي لمكافحة الإرهاب.مشروع القانون المقترح من طرف الحكومة على مجلس نواب الشعب أدخل بعض التعديلات على القانون الحالي فيها بعض المقترحات الايجابية و أخرى سلبية.
مشروع قانون محاربة الإرهاب يتعامل مع الظاهرة كما كانت منذ عشرين عاما وليس مع ما صارت عليه اليوم: يحارب ارهاب «القاعدة» وليس ارهاب «داعش» ما رأيك؟
محاربة الإرهاب مشروع تتبناه كل الدول. فالى جانب القانون الوطني , على الدولة التونسية أن تسعى الى بذل كل المجهودات للقضاء على ظاهرة الارهاب وذلك في إطار نص قانون من جهة و لكن و أساسا من خلال التعاون الدولي و التنسيق مع القوات و المخابرات الدولية. فالإرهاب واحد مهما اختلفت التسميات أو التنظيمات أو الأهداف والنتيجة بالضرورة لها نفس الانعكاسات .أنا لا أؤمن بأن محاربة الارهاب تقتصر على سن تشاريع وطنية بل هناك عمل توعوي تثقيفي و تربوي يجب غرسه في عقول الناشئة انطلاقا من الإطار الضيق وهو العائلة وصولا الى الإطار الواسع المتمثل في يقظة المجتمع . كما علينا الاّ نخجل من دراسة إمكانية التوقيع على اتفاقية دولية ضد الارهاب تجمع بين كل الدول المهددة مع مراعاة السيادة الوطنية لكل دولة .
اعتبر البعص انه قانون يحمي الأمن القومي و لا يحمي أمن المواطنين باعتباره يغفل سلسلة من الجرائم الإرهابية. ما تعليقكم على ذلك ؟
لقد جاء مشروع قانون مكافحة الارهاب و منع غسل الأموال على غرار قانون 2003 بتعريف واسع للعمل الارهابي و بالتالي غامض.وهو ما يجعل هذا التعريف يدخل بعض الجرائم الارهابية دون سواها كما يمكن أن يضيّق على بعض الحريات باسم التصدي للارهاب أو حماية الأمن القومي. ليس هناك قانون قادر على استيعاب كل أصناف الجرائم بما يجعل اجتهاد القاضي مطلقا في تكييف الأفعال.فالسلطة التقديرية للسادة القضاة تمكنهم من تحديد التصنيف القانوني للفعل الإجرامي سواء كان يدخل تحت طائلة الجريمة الارهابية أو جريمة الحق العام. مع الحذر طبعا من المساس بالحقوق و الحريات التي يضمنها الدستور .
دعت منظمة «هيومن رايتس» إلى تعديل مشروع هذا القانون خوفا من أن يكون مدخلا للمس من مجال الحريات مع العلم أن القوانين المتعلقة بمكافحة الارهاب في كل من أمريكا وفرنسا لا تراعي سوى الأمن القومي. هل أنت مع مبدإ التعديل؟
منظمة هيومن رايتس واتش تقوم بعمل جبار وهي الجمعية الحقوقية الوحيدة التي تعمل بجدية وانتظام. نلاحظ بعد الثورة ان عمل الجمعيات الحقوقية التونسية التي لعبت دورا تاريخيا في الدفاع عن حقوق الانسان تراجع و دخلت في متاهات سياسية و سياسوية مخجلة.و أنا شخصيا أساند تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش الأخير حول مشروع قانون مكافحة الارهاب و التوصيات التي تقترحها. فأول ما نلاحظه حول هذا المشروع هو مخالفته لمقتضيات الدستور و المواثيق الدولية . ثم جاء هذا المشروع بتعريف فضفاض للارهاب و ليضرب الحقوق الشرعية للدفاع . فسمح لضابطة الشرطة العدلية بالتمديد في مدة الاحتفاظ للمتهم في قضية ارهابية الى 15 يوما بعدما كانت مدة الاحتفاظ 6 ايام مع التذكير أن مشروع تنقيح المجلة الجنائية خفض من هذه المدة لتصل إلى 4 أيام فقط . خلال مدة 15يوما من الاحتفاظ المقترحة في مسودة القانون الجديد سيكون المشتبه به عرضة للتعذيب و لن يسمح لمحاميه أو عائلته بزيارته. النقطة السوداء الثانية في هذا المشروع هي تسليط عقوبة الإعدام على من تثبت إدانتهم . فعملية قتل إنسان على يد الدولة تشكل شأنها شأن التعذيب اعتداء جسديا و عقليا بالغا على الشخص وهي تمثل أحد أعراض ثقافة العنف و ليس حلا لها . فليس على الدولة أن تواجه الوحشية بالوحشية . كما تمثل مسألة حجب هوية الشهود في القضايا الارهابية أمرا خطيرا إذ يقوض حق المتهمين و يمنع حق الدفاع في الطعن في الأدلة ضدهم و يضعف من نزاهة الإجراءات .هذه النقاط السلبية لا يمكن أن تحجب علينا بعض النقاط الايجابية كاحتفاظ النسخة الجديدة ببعض أحكام مشروع قانون 2014 الذي لم يمر للمصادقة مثل الإشراف القضائي على بعض العمليات الأمنية كأنشطة الأمن والمخابرات في اعتراضها للاتصالات والتنصت أو عند اختراقها للمجموعات الإرهابية . فعلينا إذن المعادلة بين مقاومة الإرهاب و احترام حقوق الإنسان .
هل تواصل وجود النقابات الأمنية كشريك فرض نفسه جزء من الحل أم يعطل حل معضلة الإرهاب ؟
أنا لم أفهم بعد الدور الذي تلعبه النقابات الأمنية في محاربة الإرهاب. يتمثل العمل النقابي الأمني كبقية النقابات الأمنية في الدفاع عن الحقوق الاجتماعية و الاقتصادية للمنخرطين(و نحن نجهل ما هو عدد المنخرطين في النقابات و هل تمثل هذه الأخيرة الأمنيين؟). فقط في تونس نجد ممثلين عن النقابات الأمنية يكتسحون الفضاءات الإعلامية المكتوبة والسمعية و المرئية ليس للمطالبة بحقوقهم بل للقيام بتحليل للوضع الأمني في البلاد و في غالب الوقت لترويج معلومات خاطئة مما يربك الأمن القومي و يشجع الارهابيين على التموقع مع الذكر أنه في البلدان الأخرى لا نجد النقابات الأمنية حاضرة في الإعلام و حتى المسؤولين على الأمن الوطني لا يتدخلون في المنابر الإعلامية الا من خلال ندوات صحفية منظمة و نادرة على غرار ما شاهدنا في العملية الارهابية لشارلي أبدو في فرنسا حيث لم تتدخل النقابات الأمنية الفرنسية و لو لمرة واحدة لتحليل الواقع الارهابي ببلادها . كما شاهدنا النقابات الأمنية التونسية تدخل في تجاذبات سياسية وحاولت في بعض الاحيان تكذيب الموقف الرسمي لوزارة الداخلية . أنا أدعو النقابات الى إحكام العقل و التريث و التفرغ للعمل النقابي المتمثل في الدفاع عن الحقوق الاجتماعية و الاقتصادية للأمنيين فقط.
ما رأيك في إستراتيجية وزارة الشؤون الدينية في دعم حياد المساجد؟و ما تعقيبك على الحملة التي قادها بعض الأيمة على الوزارة؟
شهدت الفترة الأخيرة تحوّلا نوعيا في خصوص تعامل السلطة مع بعض المساجد التي فقدت وزارة الشؤون الدينية السيطرة عليها و ذلك منذ الثورة حيث قام بعض الأيمة بتنصيب أنفسهم في منابر المساجد بإلقاء خطب لا تمت بصلة لديننا الإسلامي المعتدل(تكفير مواطنين , دعوة للجهاد ضد المسلمين ,تحريض على العنف...الخ)نحن نذكر أن الفصل 6 من الدستور نص على أن « الدولة راعية للدين ، كافلة لحرية المعتقد و الضمير و ممارسة الشعائر الدينية, ضامنة لحياد المساجد و دور العبادة عن التوظيف الحزبي» . لذا نحن ندعم إستراتيجية الوزارة في تحييد المساجد من خلال اتخاذها القرار الأخير لعزل بعض الأيمة المتشددين و تغييرهم بآخرين . ورغم هذه المجهودات التي نثمنها مازالت بعض المساجد و الجوامع تحت سيطرة أفراد نصبوا أنفسهم بمعزل عن سلطة الإشراف و يروجون أفكارا و خطبا سياسية لخدمة مصالح أحزاب معينة أو اتجاهات فكرية و أكبر دليل على ذلك رفضهم قرارات الوزارة وتشبثهم بتلك الممارسات من خلال التحركات الأخيرة التي يقودونها .لذا لابد من تكثيف كل الجهود و مساندة سلطة الإشراف لوضع حد لمثل هذه الممارسات التي تنم عن تعصب فكري و ديني و تهدد النظام العام و على الدولة ألاّ تتراجع عن هذه القرارات .
كيف بدا في نظرك التعامل الإعلامي مع موضوع الإرهاب.. هل نجح في تطبيق مبدإ «لا حياد مع الإرهاب»؟
يلعب الإعلام دورا هاما في إنارة الرأي العام و كشف الحقائق و أنا أشجع الإعلاميين على مواصلة التقصي في بعض الملفات التي لولا الإعلام لما كنا اكتشفنا بعض الملفات المتعلقة بالأمن الموازي داخل وزارة الداخلية مثلا. الإعلام الحر مطلب شعبي لا رجعة فيه مهما كانت القضايا المتناولة. وأريد في هذا الخصوص الرجوع الى مشروع القانون المتعلق بزجر الاعتداء على القوات المسلحة الذي يمثل خطرا على الحريات من بينها حرية الإعلام و حرية التعبير. هذا مشروع في نسخته الحالية كارثي و يهددنا جميعا.
هل زالت فوبيا التونسيين بالتصويت المفيد وما هو موقف «المسار» الذي كان من بين الداعمين للباجي وحزبه ؟
التصويت المفيد أو التصويت المجدي كان شعار انتخابيا أو انتخابويا. هو شعار سيء الذكر باعتباره حمل العديد من المغالطات للناخبين تمثلت أساسا في أن التصويت لحركة «نداء تونس» هي الوسيلة الوحيدة لإزاحة الإسلاميين من الحكم. وبعد الانتخابات نجد «النداء« و «النهضة» في تحالف حكومي بل أكثر من ذلك نجدهما في «صحفة العسل» و زاد هذا التحالف «النهضة» قوة و شرعية. في خصوص حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي الذي لا أمثله ولا أنتمي اليه مع أنني شاركت في الانتخابات التشريعية الأخيرة كمرشح مستقل في قائمة العميد فاضل موسى بدائرة أريانة أقول ان مشاركتي مكنتني من الاحتكاك بالناخبين و مجابهة افكاري مع البرامج الانتخابية للأحزاب الأخرى. خضنا هذه المعركة بكل مسؤولية و قلنا الحقيقة للناخبين الذين اختاروا أحزابا أخرى في اطار عملية تخوف عام قادتها حركة «نداء تونس» معتمدة على خطاب تقدمي و حداثي. تبين فيما بعد ان هذا البرنامج كان معدا للتصفيق المطول بالاجتماعات العامة . المسار دعم الباجي و «النداء» لأنه ضد إقصاء طرف سياسي(الدساترة و التجمعيين) و كان ذلك على حساب مصالحه الضيقة و سيذكر التاريخ أن حزب المسار كان دوما موجودا لتغليب مصلحة الوطن. على كل خوضي الانتخابات التشريعية الأخيرة و تجربتي قبل و بعد الثورة تكفل لي إمكانية مواصلة خدمة الشأن العام و ربما تكون الانتخابات البلدية المقبلة فرصة لتحقيقها عمليا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.