أثار تصنيف أمريكاتونس كحليف أساسي خارج حلف «الناتو» الذي تم توقيع اتفاقية بشأنه خلال الزيارة الرسمية التي أداها رئيس الجمهورية منذ أيام إلى واشنطن جدلا في المشهد العام بالبلاد، ومازال، بين شق مبارك ومهلل لهذه الخطوة باعتبارها تفتح المجال واسعا لدعم عسكري وأمني أمريكي في أعلى مستوياته لبلادنا في الحرب التي تخوضها ضد الإرهاب وآخر رافض أو متحفظ على خلفية أن هذا التصنيف قد يمس بالسيادة التونسية وفق تقديرهم. «التونسية» تحسّست آراء خبراء عسكريين وأمنيين حول هذا الملف. اعتبر الخبير العسكري مختار بن نصر أن تصنيف أمريكالتونس كحليف أساسي خارج حلف «الناتو» هو تصنيف هام لبلادنا يتيح لها التمتع بامتيازات دعم أمنية وعسكرية ولوجيستية ومعلوماتية ومخابراتية في أعلى المستويات من الولاياتالمتحدةالأمريكية وكذلك من جانب تعزيز مجالات التكوين والتدريب لإطاراتنا الأمنية والعسكرية في أمريكا، إضافة إلى تمكين الدولة التونسية من اقتناء أسلحة ذات تقنيات متطورة جدا كانت محظورة عليها سابقا نظرا إلى أن هذه الأسلحة لا يتم بيعها إلا للحلفاء الاستراتيجيين للولايات المتحدة. و أكد مختار بن نصر في اتصال مع «التونسية» أمس أن منح الرئيس الأمريكي باراك أوباما صفة الحليف الأساسي خارج حلف «الناتو» لتونس خلال الزيارة التي أداها رئيس الجمهورية مؤخرا إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية دليل على ثقة الإدارة الأمريكية في بلادنا وخطوة ممتازة في سلم العلاقات الثنائية بين البلدين كما أنها ستفتح الأبواب على مصراعيها لتفعيل نجاعة مكافحة الإرهاب والقضاء على هذه الآفة في بلادنا. وتابع بأن إعلان وزير الدفاع الأمريكي مؤخرا اعتزام بلاده ترفيع المساعدات العسكرية لتونس يصب كذلك في خانة تكثيف وتعزيز قدرات تونس في حربها على الإرهاب حسب تعبيره. الاتفاقية لا تسمح بوجود قاعدة أمريكية على ترابنا و بخصوص ما عبرت عنه بعض الجهات من خشية من أن يفتح هذا التصنيف الأمريكي الجديد لبلادنا الباب لاستخدام الأراضي التونسية والتراب الوطني من قبل أمريكا أو قوات «الناتو» عبر إحداث قواعد عسكرية في تونس لحماية المصالح الأمريكية في المنطقة المغاربية أو شمال إفريقيا وكذلك بالنسبة للضفة الجنوبية من المتوسط أو للعدوان على دولة من دول الجوار، أوضح الخبير العسكري أن تصنيف تونس كحليف أساسي خارج الحلف الأطلسي لا يخول للأمريكان أو «الناتو» استعمال الأراضي التونسية أو إحداث قواعد عسكرية داخلها مؤكدا أن مثل هذه الاتفاقيات سابقة الذكر تخضع إلى شروط أخرى مغايرة تماما. الاتفاقية لا تخول حماية امريكية لتونس في حال تعرضت الى اعتداء أما بخصوص الامتيازات التي من الممكن أن تحصل عليها تونس من خلال هذه الاتفاقية المذكورة في إطار إحتمالات تعرضها إلى اعتداء خارجي لا قدر الله، فقد أشار محدثنا إلى أن هذا التصنيف لا يخول لأمريكا الدفاع عن تونس في حال تعرضت إلى أي اعتداء من دولة أجنبية مضيفا أن صفة الحليف الأساسي في «الناتو» ليست خطوة أولى للانضمام إليه لأن الدولة التونسية لا يمكنها الدخول في مثل هذه الأحلاف على حد قوله. تنسيق عسكري في إطار جماعي أما الخبير الأمني علي الزرمديني فقد أوضح من جانبه أن التعاون العسكري والاستراتيجي ليس أمرا مستحدثا في تاريخ العلاقات التونسيةالأمريكية والأوروبية أو الغرب بصفة عامة مضيفا أن مجالات التعاون العسكرية جمعت بين تونس والغرب منذ دولة الاستقلال موضحا أن عدة مناورات مشتركة بين تونس ودول الغرب سواء على الأراضي التونسية أو أراضي هذه الدول أو في المياه الإقليمية وقعت في السابق وأن ضابط من الجيش التونسي كان يحضر اجتماعات حلف «الناتو» في بلجيكا خلال عهدي الزعيم بورقيبة وبن علي. وأعقب أن التصنيف الأمريكي الجديد لتونس يجعل اليوم هذا التعاون العسكري مع الغرب يتم في إطار جماعي أي في إطار الحلف الأطلسي وفق تعبيره. تونس ليست بحاجة الى قواعد عسكرية على ترابها وعن علاقة هذا التصنيف بإمكانية إحداث قواعد عسكرية أمريكية في تونس، بين الزرمديني أن هذا الأمر ليس بالعملية الهينة متسائلا: هل من المعقول إحداث قواعد عسكرية أجنبية غير مرئية على ترابنا الوطني؟ نظرا لأن المسألة تستدعي إمكانيات ومعدات عسكرية رهيبة من قبل حلف «الناتو»، مشددا في سياق متصل على أن أمريكا ليست في حاجة إلى قاعدة عسكرية في تونس لأن لديها قاعدة استطلاع في النيجر كما أنها عززت تواجدها في ماليوتركيا وبالتالي لا تحتاج إلى قاعدة عسكرية في بلادنا. مساعدة لوجيستية و لاحظ أن هذا التصنيف يتيح لتونس الاستعانة اللوجيستية من «الناتو» في حال تعرضها إلى مخاطر أجنبية نافيا في المقابل امكانية استعمال الأراضي التونسية لاستهداف دولة مجاورة في إطار الاتفاقية المذكورة مشددا على أن العقيدة العسكرية لبلادنا منذ عهد الزعيم الحبيب بورقيبة تنص على دفاع جيشنا الوطني على حدودنا البرية والبحرية والجوية وأن هذه العقيدة لن تتغير لأن تونس غير معنية الا بالدفاع عن حدودها وترابها الوطني. تونس عضو ملاحظ وبخصوص عضوية تركيا كدولة مسلمة في حلف «الناتو» مقارنة بتونس، بين الزرمديني أن الأمر مختلف تماما لأن تركيا بلد فاعل وعضو قار وتنفيذي في حلف «الناتو» في حين أن تونس هي عضو ملاحظ مضيفا أنه من الصعب أن تصبح بلادنا عضوا قارا بهذا الحلف نظرا لأن المسألة تستدعي امكانيات ومجهودات عسكرية كبرى تفتقدها الدولة التونسية مقارنة بالأتراك. تونس لا تحتاج تحالفات بتعلة الحرب على الإرهاب الخبيرة العسكرية بدرة قعلول تساءلت من جهتها عن مدى حاجة تونس إلى التحالف مع «الناتو» بهدف مكافحة الإرهاب؟ وأكدت أن تصنيف تونس كحليف أساسي لأمريكا خارج حلف «الناتو» يجعلها تدعم الأمريكان في حروبهم الاقليمية وفي مخططاتهم الحربية في المنطقة موضحة أن المجال الجوي والبري والبحري الوطني سيكون وفق هذه الاتفاقية مفسوحا لتقديم الدعم لأمريكا في حروبها مشددة على أن تونس لم تكن تنتظر تصنيفها كحليف لأمريكا بل كانت تنتظر منها أشياء أخرى. وأكدت أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تتقن المراوغة ولعب الأدوار السلبية بالنسبة للقضايا المصيرية العادلة مشددة في ذات الصدد على أن تونس ليست بحاجة إلى عقد تحالفات مع أمريكا بتعلة الحرب على الإرهاب حسب كلامها.