التونسية (تونس) قالت حدادية الغريبي رئيسة الغرفة الوطنية لتربية الماشية ل«التونسية» إنّ اقبال التونسي على استهلاك الحليب ضعيف وأن التونسي يستهلك سنويا حوالي 100 لتر من الحليب في حين يستهلك الأوربي 350 لترا. وكشفت أنه ليس للتونسي تقاليد في شرب الحليب ولا مشتقاته كالأجبان مثلا ، مبينة أن هناك مراهقين يعزفون تماما عن شرب الحليب وأن ذلك يتطلب ثقافة جديدة لتشجيع العائلات التونسية على استهلاك هذه المادة الحيوية والتي تعتبر مهمة جدا للصحة. واعتبرت محدثتنا أنّ من شأن هذا النقص أن يؤثر على الصحة العامة للناس وعلى توازنهم الغذائي مما يتسبب في العديد من الأمراض مثل هشاشة العظام والأسنان وامراض البشرة والشعر وكل ما له علاقة بنمو الجسم وأن ذلك ينعكس علي الميزانية العائلية وحتى الوطنية الموجهة لمعالجة هذه الأمراض. وكشفت ان نسبة هشاشة العظام في صفوف أطفال المدارس في ارتفاع وبينت أن الإحصائيات الخاصة بالنقص المسجل في شرب الحليب لدى الأطفال غير دقيقة ولا تزال من المواضيع المسكوت عنها . وأكدت انّه يتوجب على الدولة تدعيم إستهلاك الحليب أكثر فأكثر مما يجنبها عديد الخسائر في علاج المرضى وهشاشة العظام ونقص الكالسيوم . وكشفت محدثتنا أن منظومة الدعم مختلة، وأن الحليب الذي تدعمه الدولة يوجه الى النزل والمقاهي وصالونات الشاي في حين أنّ نصيب المواطن يظل دون المطلوب. ودعت حدادية إلى ضرورة مراجعة منظومة الدعم وتوجيهها نحو استهلاك الأسر التونسية وليس إلى الفضاءات التي تبيع فنجان قهوة بدينارين أو ثلاث. وبينت أن المواطن غير مستفيد من منظومة دعم الحليب وأن الفلاح يتكبد الخسائر ويعاني من غلاء تكلفة الأعلاف واعتبرت ان هذا الأمر أدى إلى هشاشة المنظومة في حين ان أطرافا اخرى تبقى هي المستفيدة من الخلل الحاصل ،مبينة ان هناك «بارونات» ومسالك ملتوية تتحكم في القطاع . وأكدت أن هذه الصعوبات أدت الى العزوف عن العمل في الألبان ملاحظة ان هناك نقصا كبيرا في اليد العاملة رغم أن القطاع يشغل حاليا 250 ألف من اليد العاملة المباشرة. وأضافت رئيسة الغرفة الوطنية لتربية الماشية أنّ الجزائر تعتبر الأولى عالميا في توريد الحليب ولديها سنويا نقص بملياري لتر ومع ذلك فإن تونس تلقي الحليب ولا تصدره عبر مسالك منظمة وكشفت أن بلادنا لم تستفد البتة من حاجة البلدان المجاورة الى هذه المادة. وأشارت إلى ضرورة كسب رهان الاكتفاء الذاتي ورهان الجودة معا مشيرة إلى أن الاكتفاء الذاتي وجودة المنتوج من حق كل التونسيين وقالت انه لابد من الإقرار بأن تطور قطاع الألبان فيه تطور لقطاع اللحوم باعتبار العلاقة الوطيدة بينهما. وأضافت أنه بعد نجاح الدورة الأولى التى نظمتها النقابة التونسية للفلاحين بصفاقس على هامش اليوم العالمي لشرب الحليب فإن الغرفة الوطنية لمربّيي الماشية، و شركة «فيتالي» سينظمان بعد غد يوما تحسيسيا للحليب وذلك تحت شعار «صحتنا و صحة أولادنا واجب علينا» بسيدي بوسعيد بالعاصمة. وحول الإكتفاء الذاتي ،قالت محدثتنا إن تونس كسبت في وقت ما رهان الاكتفاء الذاتي بعد سنوات من تضافر الجهود اذ الانتاج بلغ حوالي مليار وعشرة ملايين لتر من الحليب ولكنه تراجع منذ سنتين نظرا لعدة اسباب. وبينت ان الحاجة اصبحت أكيدة الآن وربما اكثر من اي وقت مضى لكسب رهان الجودة واعتبار هذا التحدي الصعب خيارا استراتيجيا وقالت إن هذا لن يحصل الا بتضافر جهود جميع الاطراف المتدخلة في منظومة الانتاج ومن هذا المنطلق فان هذا الموعد السنوي الذي حرصت الغرفة الوطنية لمربيي الماشية على تأسيسه يعتبر فرصة لتسليط الضوء على واقع القطاع وافاقه. وشددت على أن قطاع الألبان يبقى عنصرا أساسيا في إستراتيجية الاكتفاء الذاتي الوطني وأن هذا التمشي هو سياسي بالدرجة الأولى باعتبار ان مادة الحليب هي اساسية للتغذية الانسانية. ودعت إلى اعتماد اشكال جديدة لتنمية قطاع الالبان وبينت ان هذا لن يكون إلا عبر الحوار وتصور رؤية واقية للمنظومة ككل وأنه يمكن التفكير مثلا في مدى تطوير الأعلاف البديلة وان بعضها متوفر في بلادنا وأنها اقل كلفة، اضافة الى اعتماد مزيد الإحاطة والدعم لمربيي الابقار فاقدي السند على المستوى التقني على حد قولها. وقالت حدادية انه لابد من العناية بحلقة الانتاج التي تعتبر الحلقة الاضعف من خلال الدعم والاحاطة والتكوين وخاصة الحث على انخراط المربين في هياكل مهنية حتى تضمن لهم القدرة التنافسية والاستمرارية الى جانب التحكم في كلفة الانتاج من خلال وضع آليات جديدة للمواد المدعمة ليصل الدعم مباشرة للفلاح وارساء نظام التسعيرة حسب الجودة وفتح معمل التجفيف والعمل على دعمه لاستيعاب كميات الحليب في وقت الذروة وضمان التوازن بين مختلف حلقات المنظومة ودعم العلاقات المهنية بينها والتحسيس بأهمية مادة الحليب ومشتقاته.