شهدت بلادنا خلال اليومين الأخيرين ومنذ دخول الصّيف حوادث مرور قاتلة ذهب ضحيتها شباب في عمر الزهور ونساء وأطفال ممن قصف الطريق حياتهم ليخلّف رحيلهم صدمة كبرى ولوعة في صفوف ذويهم . وقد خلّفت هذه الحوادث دماء على الإسفلت وصورا أقل ما يقال عنها أنها مؤلمة ومرعبة لجثث منتشرة هنا وهناك وأخرى ملتصقة بهياكل سيارات لم يبق منها سوى الحطام، ذنب أصحابها الوحيد أنهم اجتازوا الطريق أو أنهم لم ينتبهوا لسيارة كانت تسير بسرعة جنونية لتدهسهم بلا رحمة أو سائق متهور اصطدم بهم لتكون الحصيلة فاجعة على الطريق ورقم ينضاف إلى سجلّ حوادث المرور... فقد قتل أول أمس رجل أمن في حادث مرور بشارع 20 مارس بجهة باردو وسط العاصمة بعد أن اصطدمت سيارة كانت تسير بسرعة بدراجة كان على متنها صحبة زميله في مفترق طرق ،كما جدّ في نفس اليوم حادث ثان في باردو أسفر عن وفاة طفل بعد أن صدمته سيارة ولم تقتصر الفواجع والصور الصادمة لحوادث المرور عند هذا الحدّ لتنقلب سيارة جديدة كانت تقودها امرأة في مقتبل العمر واصطدمت بعمود كهربائي وذلك على مستوى الطريق الحزامية كلم 3 بين منزل شاكر والمطار. ولئن انتشرت صور ضحايا هذه الحوادث على مواقع التواصل الاجتماعي بسرعة قياسية مثيرة عديد التساؤلات والآهات، مخلفة في نفس الوقت الأسى لدى كل من شاهدها فإنها تبقى وللأسف مجرّد عينة لحوادث تقع هنا وهناك، بعضها نسمع عنه و أخرى لا رغم أنها جدت في نفس الفترة أو خلال الأشهر القليلة الماضية في عدة مدن وأحياء بالجمهورية، والسؤال الذي يطرح في كلّ مرّة هو إلى متى سيتواصل نزيف حوادث المرور وإلى متى ستحصد الحوادث الأرواح البشرية ؟وكيف يمكن الحدّ من الخسائر الحاصلة ؟. في هذا الإطار، أكّد العقيد هشام الخميري من المرصد الوطني للمرور ل«التونسية» انّ حوادث المرور ترتفع خلال الصّيف، وتحديدا خلال شهري جويلية وأوت لأنّ حركة الجولان ترتفع بعودة التونسيين بالخارج ومع توافد جيراننا من البلدان المجاورة ،مبينا أنّ ارتفاع درجات الحرارة والسهر إلى ساعات متأخرة إلى جانب الإرهاق والتعب عوامل تؤثر على السائق فيقل الانتباه والتركيز ممّا يتسبب في تنامي الحوادث. واعتبر الخميري انّ الحوادث ترتفع خلال يومي السبت والاحد مقارنة ببقيّة أيام الأسبوع . واضاف انّ السرعة تبقى في طليعة الأسباب المؤدية الى الحوادث القاتلة، ملاحظا انّ أمل الحياة يتقلص عندما تكون السرعة كبيرة وأنّ الأضرار عادة ما تكون هائلة بسبب الإفراط في السرعة . وأوضح أنّ ظاهرة اجتياز الطريق تأتي في المرتبة الثانية بعد السرعة من حيث أسباب الحوادث، مبينا أنّ ظاهرة اجتياز الطريق من الظواهر الملفتة للانتباه في تونس، وكشف الخميري ان اجتياز الطريق لا يقتصر على مناطق العمران بل يطال حتى الطرقات السريعة، وقال انه تم تسجيل حوادث قاتلة في اجتياز الطرقات السريعة معتبرا انه من غير المعقول والمقبول ان يتم إلقاء النفس الى التهلكة دون أدنى وعي بالمخاطر المحدقة. وأكّد الخميري أنّه تم بين 1 جانفي و23 جويلية 2015 تسجيل 3784 حادثا نجم عنها 710 قتيلا وخلّفت 5715 جريحا . وأضاف أنه تم خلال نفس الفترة من سنة 2014 تسجيل 4723 حادثا خلّفت 807 قتلى و7143 جريحا ملاحظا ان عدد الحوادث في 2015 ومقارنة بنفس الفترة من سنة 2014 شهد تراجعا ملحوظا في أعداد الحوادث والقتلى والجرحى. وأكّد ان انخفاض الحوادث مقارنة بالسنة الماضة يعتبر مؤشرا جيدا في تونس وأنّ هذا لا يعني عدم مواصلة الجهود للحدّ من الحوادث القاتلة وانقاذ آلاف الأرواح البشرية من نزيف حوادث المرور. وأشار إلى أنه وللأسف يمكن ان يتسبب حادث واحد في خسارة عديد الأرواح البشرية دفعة واحدة ومن ذلك الحادث الذي جدّ يوم الاربعاء 22 جويلية في معتمدية البشاشمة بكندار سوسة حيث توفي 5 اشخاص على عين المكان وجرح 4 آخرين بعد إصطدام سيارة أجرة كانت متجهة نحو العاصمة بشاحنة كانت تسير أمامها .