أشرنا في العديد من المناسبات السابقة أن مستقبل الترجي الرياضي أفضل من حاضره وقد أكدنا على ذلك في فترة الهزائم المتتالية التي كان يتكبدها الفريق في دور المجموعات لكأس الاتحاد الإفريقي، لم يكن كلامنا حينها يندرج ضمن رمي الورود أو تبرير إخفاقات الأحمر والأصفر في تلك التظاهرة القارية، لا أبدا، فهذا ليس توجّهنا بدليل انتقادنا وبشدة مردود ومستوى المجموعة وآداء بعض اللاعبين وقتها ووصفنا النتائج السلبية بالمخيّبة للآمال خصوصا في ملعب رادس بثلاث هزائم في ثلاث مقابلات وهي حصيلة لم يتعوّد عليها فريق باب سويقة. معيار الانتدابات ما قلناه في هذا الصدد ناتج عن معطيات ثابتة يتقدمها البرنامج الذي سطّره رئيس النادي حمدي المدب لتدعيم فريقه من خلال انتدابات مدروسة تركزت بالخصوص على قيمة اللاعبين وصغر سنهم حيث أبرم صفقات تخدم حاضر ومستقبل الأحمر والأصفر على حد السواء... الانتدابات التي كانت تؤشر إلى النجاح انطلقت بالياس الجلاصي الذي وعلى الرغم من ابتعاده عن التشكيلة بسبب الإصابة يبقى أحد أفضل التعزيزات التي قام بها نادي باب سويقة في الميركاتو الصيفي وكان أبرز عنصر في الفريق خلال كل لقاءات كأس الاتحاد الإفريقي في دور المجموعات وستكون عودته مؤثرة جدا لوسط الميدان، ثم جاءت صفقتا علي المشاني وآدم الرجايبي، الأول يملك كل مواصفات المدافع العصري من فنيات تسمح له بتأمين عملية تصعيد الكرة ولياقة بدنية تؤهله إلى التفوق في الحوارات الثنائية ورؤية شاملة للميدان تجعله قادرا على قراءة اللعب وحسن التمركز وتسيير الخط الخلفي وقد شهد أداء هذا الشاب تطوّرا كبيرا بمرور اللقاءات وتمرّسه أكثر فأكثر، والثاني مهاجم «جوكير» يحسن اللعب في المراكز الأمامية الثلاثة (الرواق الأيمن والجهة اليسرى وقلب الهجوم) ويمثل بالتالي حلا يتمنى كل مدرب التمتع به إضافة إلى فنياته وتوغلاته وكذلك نجاعته أمام المرمى حين تتوفر له فرص التهديف. بعد ذلك أبرم حمدي المدب صفقة سعد بقير الفنان «الصغير» للكرة التونسية وصانع ألعاب المنتخب في المستقبل القريب، قيمة انتداب هذا «المايسترو» الجديد للترجي الرياضي لا يكمن فقط في قيمة اللاعب وإنما في حاجة فريق باب سويقة إلى نفس هجومي في خط الوسط وها قد قضى هذا التعزيز على المشكل الذي كان يعاني منه الأحمر والأصفر على هذا المستوى. ولم يقف برنامج رئيس الترجي الرياضي عند هذا الحد بل أضاف مهاجما يمتاز على وجه الخصوص بتوفير الحلول لصاحب الكرة وفتح المجال أمامه لإمدادات تصنع الخطر على الدفاع المنافس بحكم تحركه المستمر الذي يقلق وينهك عناصر الخط الخلفي هذا علاوة على حسه التهديفي ونعني طبعا طه ياسين الخنيسي هداف الفريق إلى حد الآن الذي أضاف ما كان ينقص الأحمر والأصفر على مستوى العمق الهجومي. طبعا لا ننسى صفقة حسين الربيع الذي اجتاز يوم الإربعاء الفارط اختبار تثبيت نفسه في التشكيلة وكذلك فخر الدين بن يوسف حيث سيكون الهدف الذي سجله في الدربي نقطة تحوّل في مشواره مع الترجي الرياضي والذي سيؤهله إلى تقديم الأفضل مستقبلا. إذن واعتبارا لهذا الميركاتو المتميّز كان واضحا ومؤكدا أن مستقبل الترجي الرياضي بخير وأفضل بكثير من شهري جويلية وأوت المنقضيين حين كانت القائمة الإفريقية تمنع الإطار الفني من التعويل على كامل المجموعة. بنك الاحتياط التعزيزات التي ذكرناها قدّمت إضافة كبيرة لمستوى الترجي الرياضي وساهمت بالتالي في تحسّن النتائج ونجاحه في جني الانتصارات المتتالية وهو العنصر الذي كان يفتقده الأحمر والأصفر الذي لم يحصد مند مدة ليست بالقصيرة أربع نتائج إيجابية مسترسلة، غير أن دعم المنتدبين الجدد لم يكن وحده العامل الذي يصنع اليوم تطوّر آداء فريق باب سويقة وبالتالي عودته إلى مكانته المعهودة في البطولة المحلية، فبعض اللاعبين القدامى ونعني هنا الموجودين من قبل ضمن المجموعة لعبوا دورا مهما في الارتقاء بمستوى ونتائج الترجي الرياضي إلى ما هو مأمول. أول هؤلاء هو فوسيني كوليبالي الذي لم نفهم إلى الآن كيف تمّ تسريحه في شهر جانفي الماضي وإعارته إلى الملعب التونسي والحال أنه يعد أفضل عنصر أجنبي موجود في المجموعة ، لقد كان لرحيل الإيفواري عن حديقة الرياضة «ب» الأثر السلبي على أداء وسط الميدان وبالتالي على مردود الفريق ككل وكانت النتائج ستكون أفضل لو تم الاحتفاظ به نظرا للدور الكبير الذي يقوم به دفاعا وهجوما ، كوليبالي هو اليوم رئة وسط ميدان الأحمر والأصفر وأحد أبرز لاعبيه وكان قرار بقائه مع المجموعة في هذه الصائفة صائبا وإيجابيا إلى أبعد الحدود. اللاعب الثاني الذي يقدّم حاليا مردودا طيبا للغاية هو شمس الدين الذوادي حيث استعاد محور الدفاع منذ رجوعه إلى التشكيلة حصانته ولم يعد الوصول إلى شباك الترجي الرياضي سهلا مثلما كان الأمر في مناسبات سابقة عديدة، هذا المدافع يمتاز عن بقية زملائه في نفس المركز بالفنيات والمقدرة على تأمين صعود دقيق للكرة وله بالتالي فضل كبير في تطوّر مستوى الفريق لأن التخطيط للهجومات ينطلق من المنطقة الخلفية بتمريرات صائبة دون تشتيت لا يجني من وراءه المهاجمون شيئا. العامل الثالث هو جماعي في الحقيقة ويكمن في الزاد البشري المتوفر بما يضمن قيمة كبيرة لبنك الاحتياطيين وهو ما تجلى في كل اللقاءات الأخيرة من خلال تغييرات أعطت الإضافة على غرار دخول المحيرصي والعونلي في مباراة بن قردان والرجايبي والمحيرصي في الدربي الأخير وهذا ما يسمح للإطار الفني من لعب ورقات يمكن أن تحدث الفارق. ... والمستقبل أفضل كذلك غنم الترجي الرياضي الكثير من فوزه في لقاء الأجوار علاوة على النقاط الثلاث التي دعّم بها مركزه في كوكبة الطليعة، فريق باب سويقة ربح ثقة لاعبيه في إمكانياتهم، وما أدراك ما الثقة في الرياضة وفي كرة القدم على وجه الخصوص ، فهي التي تسمح للاعب بتقديم الأفضل وتمنحه الإمكانية لإظهار كل مواهبه... هذا يعني أن مردود كل لاعبي الأحمر والأصفر سيتحسن أكثر مستقبلا وستكون إضافة كل عنصر أكبر بكثير مما هي عليه الآن وسيرتقي الأداء الجماعي إلى أعلى المستويات بمرور المباريات. نفس الشيء بالنسبة للإطار الفني الذي اجتاز بنجاح أول اختبار كبير في مشواره مع فريق باب سويقة وهذا ما سيساعده على مواصلة العمل بأكثر راحة وبالتالي اتخاذ القرارات والإختيارات التي تناسب مجموعته ونقاط قوتها. لقد كان الدربي المنعرج الذي كان لزاما على الأطراف الترجية اجتيازه بسلام لأن الفائدة كبرى عند الخروج منه بنتيجة إيجابية وهذا ما يفتح المجال واسعا للتطوّر على جميع الواجهات وخاصة النقاط التي لا تزال إلى اليوم تشكو من نقائص وسلبيات.. طبعا هناك تعزيزات جديدة في الميركاتو الشتوي القادم الغاية منها تصحيح بعض الأشياء التي يريد المسؤولون والمدرب القضاء عليها نهائيا ضمانا لبناء الفريق العتيد القادر لا فقط على استعادة لقبه المحلي وإنما كذلك على كتابة ملحمة قارية جديدة. في كلمة نقول ونعيد أن مستقبل الترجي الرياضي سيكون أفضل من حاضره وهذا ما يريح ويسعد أبناء باب سويقة في الآن نفسه لأن سيناريو 2009 الذي مهّد إلى نجاحات قارية وإقليمية كبيرة ومشاركة تاريخية في كأس العالم للأندية بصدد إعادة نفسه من خلال البرنامج الموضوع من طرف الرجل الأول في النادي.