رغم ما تزخر به مناطق الشمال الغربي من موارد طبيعية ومنتوجات فلاحية ومخزون مائي ومساحات شاسعة من الغابات المتنوعة بأنها تحتل المراتب الأخيرة في قاطرة التنمية. فلا تخلو عمادة واحدة من معتمديات هذه الربوع من مظاهر الفقر والفاقة والحرمان ومّما عمّق معاناة الفقراء والمحتاجين قسوة المناخ وكثرة التساقطات وانخفاض درجات الحرارة ولم تتوقف مأساة الكثيرين منهم عند هذا الحد بل تعدتها إلى عدم توفر وسائل التدفئة الضرورية لديهم فأصبح برد الشتاء هاجسا يعصف بهم كلما تغيرت العوامل المناخية وازداد خوف الكثيرين منهم من اتساع رقعة الانزلاقات الأرضية وتفاقمها حتى أنها لم تترك أية عمادة إلا وطالتها وحتّى كميات حطب التدفئة التي كانت متوفرة بكثرة وتساعد بقدر كبير على حماية هؤلاء السكان من لذعات البرد القارس تقلصت وارتفعت أسعارها كما عاد هاجس الخوف والرعب إلى سكان المناطق المهددة بالانزلاقات الأرضية منذ أن بدأ تهاطل الثلوج خلال الأيام القليلة الماضية حتى أنهم أصبحوا يتوقعون الاسوء في صورة تواصل نزولها. «التونسية» كانت لها جولة في عدة أماكن متضررة من هذه الانزلاقات حيث بدت مظاهر الفقر واضحة من بعيد وتتمثل في انتشار المنازل البدائية المسقفة بالزنك والأكواخ التي تدل على أسوإ مظاهر الفقر والفاقة والحرمان. هذه المناطق ذات المساحات الشاسعة والتي تزخر بالمياه العذبة والموارد الطبيعية إلاّ أنّ سكانها يعانون من العطش وانعدام موارد الرزق وتغلغل ظاهرة الفقر والاحتياج وارتفاع نسب الانقطاع المبكر عن الدراسة وغياب المسالك الجبلية المهيأة والتي بإمكانها أن تفك العزلة عنهم وتجعل تنقلاتهم سهلة ولقضاء مآربهم وتساهم في توفير وسائل النقل الريفي التي قد تقلص من معاناة تنقلاتهم ولكن انعدام وجود المشاريع التي يمكن أنّ تقلص من عدد العاطلين عن العمل وتخلق روافد التنمية بها غيّبتها عن قاطرة التنمية منذ سنوات الاستقلال الأولى.