امتعاض في الأوساط الجامعية والأكاديمية من العملية بعثة صندوق النقد الدولي في تونس تعبّر عن انزعاجها من المسألة لا حديث في الأوساط الاقتصادية والجامعية والأكاديمية هذه الأيام إلاّ عمّا وصفه بعض الخبراء بفضيحة كبرى تم تسجيلها في تونس من خلال استنساخ ونقل البرنامج الوطني للإصلاحات الكبرى للفترة 2016 / 2020 في تونس عن المملكة المغربية التي قامت بنفس البرنامج في سنة 2012. موضع الاتهام مجلس التحاليل الاقتصادية الذي قدم يوم الجمعة 20 فيفري الجاري لرئيس الحكومة الحبيب الصيد بدار الضيافة بقرطاج تقريرا مفصلا عن هذه الإصلاحات وتم إرفاق هذه الجلسة بندوة صحفية لأعضاء مجلس التحاليل الاقتصادية في قصر الحكومة بالقصبة لتقديم مجمل الإصلاحات المزمع اعتمادها في الخماسية القادمة. ما يعيبه عدد من الجامعيين والخبراء على مجلس التحاليل الاقتصادية انه قام بنسخ تجربة المملكة المغربية بحذافيرها وهو ما يعتبر في المصطلح الأكاديمي والعلمي (plagiat) والسعي إلى تطبيقها على الواقع الاقتصادي والاجتماعي التونسي وهو ما اعتبره المختصون مسألة لا تستقيم باعتبار الفوارق بين البلدين إذ أن تونس شهدت تغييرا سياسيا جذريا بحصول ثورة في البلاد مقابل استقرار المملكة المغربية على جميع الأصعدة. وتفطن الخبراء إلى أن برنامج الإصلاحات الكبرى تم نقله تقريبا حرفيا عن برنامج الإصلاحات المغربية بالكامل من خلال تعويض المغرب بتونس فقط واستدلوا في ذلك على عدة أمثلة ومقتطفات ،تم السطو عليها وفق تعبيرهم، بالكامل وحرفيا. كما استظهروا بنسخة مفصلة من البرنامج الاقتصادي المغربي الذي مول البنك الإفريقي للتنمية جزءا منه سنة 2011 وخاصة مقاطع مفصلة وبرقم الصفحة علما أنّ التقرير تم إعداده باللغة الفرنسية. وقد تحصلت «التونسية» على نسخة من التقرير المغربي مرفوقة بنسخة من التقرير التونسي (التقرير المغربي باللون الأصفر والتقرير التونسي بالأبيض) وستجدونه مرفقا للمقال. وعبر احد الأساتذة الجامعيين عن امتعاضه من هذه العملية التي وصفها بالفضيحة في تاريخ تونس التي كانت مثالا يحتذى في الإصلاحات الاقتصادية والتي قال إنها اليوم تنقل تجربة الدول الشقيقة بحذافيرها من دون تطويعها على الواقع التونسي. وكشف خبير اقتصادي من جهة أخرى أن بعثة صندوق النقد الدولي التي تزور تونس خلال هذه الأيام لإبرام اتفاق جديد عبرت عن اندهاشها لهذه العملية وانزعاجها لافتا إلى أن الاتفاق المخول لتونس الحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي قد يتعطل جراء هذه العملية. رئيس مجلس التحاليل الاقتصادية توفيق الراجحي موضع الاتهام أكد في تصريحات إعلامية بخصوص العملية أن مجمل التصورات والمقترحات التي تضمنها برنامج الإصلاحات الكبرى أعده أعضاء المجلس وهم من خيرة الخبراء والأساتذة الجامعيين مستندين في ذلك على عديد التقارير الوطنية والدولية على غرار تقرير البنك الدولي حول الثورة غير المكتملة في تونس وتقرير المعهد العربي لرؤساء المؤسسات. كما قال إن وثيقة الإصلاحات الكبرى تم إرسالها إلى مختلف المؤسسات الدولية للاطلاع عليها منذ شهر جانفي ولإبداء الرأي بشأنها ملاحظا أن التعاليق على برنامج الإصلاحات كانت ايجابية ولم تتطرق إلى مسألة نقل المقترحات والتصورات عن الشقيقة المغرب. وتجدر الإشارة إلى أن مجلس التحاليل الاقتصادية هو هيكل استشاري تابع لرئاسة الحكومة وان رئيس المجلس له خطة وزير مستشار لدى رئيس الحكومة مكلف بالإصلاحات الكبرى.