التونسية (تونس) عقدت أمس جمعية القضاة جلستها العامة بنادي القضاة بسكرة، حيث وقع التصويت على تعديل جدول الأعمال بالاقتصار على المسألة المتصلة بالمصادقة على مشروع القانون الأساسي المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء، خاصة بعد «وقوفهم على الانحراف الخطير بالمسلك الإجرائي لمشروع القانون، وعلى ما آل إليه هذا التمشي بالجلسة العامة لمجلس نواب الشعب المنعقدة بتاريخ 23 مارس الجاري للمصادقة على مشروع القانون من تراجع عن الخيارات الوطنية الدستورية بخصوص تركيز مجلس أعلى للقضاء بمقومات استقلالية حقيقية وبتركيبة متوازنة وبصلاحيات فعلية» حسب ما أكده المكتب. وعبّر أعضاء جمعية القضاة بعد انتهاء الجلسة مساء عن بالغ صدمتهم وعظيم استنكارهم لما آلت إليه المصادقة على مشروع القانون الأساسي المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء بعد سنة كاملة من تعهّد مجلس نواب الشعب بذلك المشروع من «تلاعب إجرائي ممنهج بمشروع الحكومة عرض خلالها ذلك المشروع عرضا شكليا وصوريا، ليتم إسقاطه وفرض مشروع لجنة التشريع العام عوضه في عملية تصويت آلي دون مداولة أو نقاش للتعتيم والتعمية حول خطورة التراجعات المصيرية الحاصلة في الخيارات السياسية بخصوص استقلال السلطة القضائية من خلال تمرير مشروع قانون لجنة التشريع العام الفاقد للمقومات الجوهرية لاستقلال القضاء والذي جرد المجلس من صلاحياته الأساسية في ضمان حسن سير القضاء واحترام استقلاله طبق الدستور والمعايير الدولية». وحملت الجمعية السلطة التشريعية مسؤولية الأخطاء الدستورية الإجرائية الاستثنائية والفادحة التي شابت المصادقة على مشروع قانون المجلس الأعلى للقضاء والتي لم تحصل مع أي مشروع قانون آخر والتي انكشفت خلفيتها في «إجهاض مشروع الحكومة لما تضمنه هذا الاخير من مقومات استقلالية معقولة لمجلس أعلى للقضاء فاعل في الاصلاح القضائي وتكريس استقلاليته بتركيبة متوازنة وبصلاحيات حقيقية بالإشراف على التفقد القضائي وعلى انتداب القضاة وتكوينهم فضلا عن إدارة المسارات المهنية للقضاة طبق الدستور والمعايير الدولية لاستقلال القضاء» كما حملتها مسؤولية سن قانون مجلس أعلى للقضاء يؤبد تبعية المحاكم العدلية التامة للسلطة التنفيذية وما خلفته تلك التبعية من حصيلة كارثية على الأوضاع المزرية لمرفق العدالة التي تزداد سوءا، ومسؤولية تقهقر وضعية المحكمة الإدارية ودائرة المحاسبات من خلال إلحاقهما بوضعية التبعية المطلقة للمحاكم العدلية للسلطة التنفيذية بمقتضى مشروع القانون المصادق عليه بعد إلغاء هامش الاستقلالية الإدارية والمالية التي كانت كل من المحكمة الإدارية ودائرة المحاسبات تتمتعان بهما». وفي نفس السياق حملت الجمعية كافة مكونات المجتمع المدني والحقوقي ومختلف الأطياف السياسية المعنية باستقلال القضاء مسؤولية غيابها عن متابعة مسار المصادقة على مشروع قانون المجلس الأعلى للقضاء رغم أهميته المصيرية على مستقبل الدولة المدنية والنظام الديمقراطي. وفوضت جمعية القضاة مكتبها التنفيذي صياغة مذكرة تفصيلية تتضمن بيانا للإخلالات الإجرائية والجوهرية التي شابت مشروع قانون المجلس الأعلى للقضاء والتي لم يتم تصحيحها طبق قراري الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين المؤرخين تباعا في 08 جوان و 22 ديسمبر 2015 وعرضها في ندوة صحفية تعقد بعد غد بقصر العدالة بتونس، واتخاذ كافة الأشكال النضالية الأخرى و ملاءمة التحركات المقررة مع المقتضيات الطارئة وحسب تطور الأوضاع في المدة القادمة. وقررت جمعية القضاة تنظيم وقفات احتجاجية أمام محاكم الاستئناف بكامل تراب الجمهورية يوم الثلاثاء 05 أفريل 2016 تعبيرا عن احتجاجهم على ما آلت إليه المصادقة على مشروع القانون المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء من انتكاس لمشروع التأسيس لسلطة قضائية مستقلة وتثبيت لمنوال القضاء القديم لنظام الاستبداد داعية كافة القضاة عدليين وإداريين وماليين إلى إنجاحها وتحمل المسؤولية التاريخية في الدفاع عن استقلال السلطة القضائية .