طفقت في الفترة الأخيرة عديد التساؤلات حول مدى تدخل الاطراف الخليجية في القرارات التونسية ، وخاصة قطر التي يرى البعض أن لديها مصالح معلنة وأخرى خفية مع تونس ، فهل هناك إملاءات خارجية دفعت بالحكومة التونسية إلى إتخاذ قرارات غاية في الحساسية مثل طرد السفير السوري من أراضيها ومواقف أخرى لا تقل خطورة ؟ بعض الأحزاب عبرت عن مخاوفها من تدخل قطر في القرارات التونسية وزادت هذه المخاوف مباشرة بعد إعلان دول الخليج عن طردها سفراء سوريا من أراضيها، وقد إستنكرت عديد الأحزاب هذه القرارات المتسرعة ودعت إلى عقد جلسة إستثنائية في المجلس التأسيسي للنظر في تبعات هذا القرار في المقابل رأت الحكومة التونسية أن الأحزاب لا دخل لها في مثل هذه القرارات وهي مسائل ترجع لها بالنظر . لا للإرتهان إلى الخارج يقول سمير بالطيب عضو المجلس التأسيسي "نخشى أن تكون بعض القرارات التونسية "مستوردة" من الخارج ففي بداية شهر نوفمبر صرح راشد الغنوسي أن السلطات التونسية لن تتوانى عن قطع العلاقات التونسية السورية ، ثم ظهر سمير ديلو الناطق الرسمي للحكومة وكذب كالعادة نية الحكومة قطع العلاقات مع سوريا وقال إن هذا يلزم "الحكومة" والمشكل أن راشد الغنوشي أطلق هذا التصريح بعد لقائه ب "القرضاوي" وأكيد أن للأطراف الخليجية تأثيرا في هذا القرار فحالما أعلنت تونس عن موقفها أعلنت دول الخليج تباعا عن طرد سفراء سوريا من أراضيها . وأكيد أن إختيار تونس لم يكن إعتباطيا نظرا لرمزية الثورة ". وأضاف :" لا توجد صعوبة في ربط الخيوط ، فالتأثير موجود ونرفض إرتهان الموقف التونسي فالقرارات الخارجية شأن داخلي والمسألة مسألة سيادة فاليوم فرضوا علينا هذا القرار وغدا بالإمكان فرض التطبيع مع إسرائيل ، وهو ما يشكل خطرا على الثورة التونسية . لقد حاولنا تصديق ما قيل لكن للأسف لم نصدق التبريرات التي قدمتها الحكومة وسنطالب بعقد جلسة في المجلس التأسيسي لمناقشة هذا الموضوع . نشتم رائحة قطر من جهته قال حمة الهمامي عن حزب العمال الشيوعي :"نشتم رائحة قطر" في بعض القرارات التونسية الخارجية وخاصة بعد طرد السفير السوري فالمجموعة الدولية تحرض على التدخل الأجنبي في سوريا والمسألة تتجاوز مجرد طرد السفيير السوري من تونس ، فقد إنعقد في تونس منذ مدة المجلس الوطني الإنتقالي السوري برئاسة برهان غليون وهذا المجلس فيه حركة الإخوان المسلمون ويوم 3 فيفري طالب يوسف القرضاوي (مفتي العائلة الملكية في قطر) بطرد سفراء سوريا وتم في اليوم الموالي طرد سفير سوريا من تونس في الوقت الذي كانت فيه قطر تحرض مجلس الأمن على تبني مشروع أممي يفتح الباب للتدخل الأجنبي كما حصل في ليبيا ." وأضاف حمة :" وزير الخارجية التونسي ساند هذا الموقف كما أن الموقف الصادر عن الرئاسة لم يتضمن تباينا مع موقف بعض الدول ونخشى السقوط في أجندة أطراف معادية للقضية العربية ، والخطر حاليا أن هذه القرارات من شانها "استبعاد تونس" وإستخدامها كذريعة للتدخل في سوريا ، فهذه الدول تبحث فقط عن خدمة مصالحها الإستراتيجية لا مصلحة تونس" . التخوفات موجودة وقال خالد الكريشي الناطق الرسمي لحركة الشعب الوحدوية :" التخوفات موجودة وتبقى مجرد تخمينات لكن هذه الأحكام لا بد أن تبنى على الجزم .فهناك غموض ولخبطة في بعض القرارات وإذا نظرنا إلى العوامل التي أدت إلى هذا الشعور سنجد توقيت طرد السفير السوري من تونس متزامنا مع تحركات مجلس الأمن وهو ما طرح نقاط إستفهام كبرى" . وأضاف :" كنا نتوقع أن تكون بعض القرارات محل وفاق ولا تتم بصفة فردية من رئيس الدولة أو رئيس الحكومة أو حتى من "الترويكا" وكان من الأجدر عرض هذا القرار على المجلس التأسيسي الذي له صلاحية "إستشارية" فلا رئيس الدولة ولا الترويكا بإمكانهما أخذ مثل هذه القرارات التي لها تأثير على علاقات تونس بجيرانها ، هناك عدة عوامل جعلتنا نشك في إستقلالية المواقف الأخيرة" . وإعتبرت المحللة السياسية سلوى الشرفي أن قطر تحاول ضمان مصالحها وتغيير وجهة الأحداث لصالحها وهو ما ظهر أيام الثورة الليبية وقد ساندت قطر القوى العالمية وهو ما يندرج ضمن المصالح والعلاقات الدولية، لكن أن تكون إلى جانب هذه الدول دويلة صغيرة في حجم تونس وأن تكون فاعلة وقراراتها بعيدة عن فضائها الإستراتيجي فإن ذلك يبدو مريبا ويثير عدة تساؤلات عن ضلوع الخارج في القرارت الداخلية . وترى سلوى الشرفي أن الخطاب القطري يتضمن تبعية للولايات المتحدة ثم يأتي الموقف التونسي وكأنه تمهيد للتدخل في الشؤون السورية وكل هذه الدلائل تجعلنا نعتقد أن قطر هي "الذراع" المنفذ للسياسة الأمريكية وحاليا نحن بين نارين : التدخل الواضح لقوى لم تعمل أبدا لصالح المنطقة ومن ناحية أخرى شعب يقتل يوميا وليست له القدرة على التخلص من هذا القمع فإما أن نقبل بهذا التدخل ونحن على دراية بمخاطره على أن نكون يقظين وإما أن نترك الشعب السوري يقتل ؟" واضافت :" الظاهر حاليا أن تونس تنفذ الأجندة الأمريكية الصهيونية بذراع قطرية ولا أظن أن رئيس الدولة أو رئيس الحكومة غير واعيين بذلك فقد ساعدتهما "الجزيرة" عندما كانا في المعارضة وقد تكون ساعدتها في مسائل أخرى مالية وليس من الغريب رد الجميل من خلال التحالفات السياسية بين الدول لأسباب إيديولوجية ومالية ومصلحية" . سيادة واضحة وما يروج وهم ويعتبر زبير الشهودي عضو الحركة التأسيسية لحركة "النهضة" أن السيادة التونسية واضحة ، وأضاف :" لا يجب أن نجعل من قطر كابوسا "... لديهم مصالح ولدينا مصالح وما يروج عن تدخل قطر في الشأن الداخلي مجرد وهم . لقد دعا راشد الغنوشي منذ شهرين إلى طرد السفير السوري وإلى تصعيد الموقف تجاه سوريا وتبقى تونس حرة ومواقفها حرة ولا يمكن لقطر أو غيرها فرض أي قرار مهما كان نوعه نحن نتعامل معها كأي دولة وما يعنينا من خلال طرد السفير السوري تخفيف الألم على الشعب السوري فلو كنا في موقف الشعب السوري لتمنينا مساندة الشعوب العربية لنا في محنتنا" .