نظمت أمس أكاديمية العدالة الانتقالية بالتعاون مع المؤسسة العربية للديمقراطية و مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية ورشة متابعة حول آليات العدالة الانتقالية في ضوء نتائج الدورات التدريبية السابقة بنزل المشتل بالعاصمة . و أشرف على الورشة الاستاذ المغربي أحمد شوقي بنيوب محام و خبير في مجال حقوق الانسان و العدالة الانتقالية و السيد محسن مرزوق الأمين العام للمؤسسة العربية للديمقراطية بحضور ثلة من المحامين و القضاة و عدول الإشهاد . هيئة مستقلة للعدالة الانتقالية طالب السيد محسن مرزوق المجلس الوطني التأسيسي المصادقة على إحداث هيئة عليا للعدالة الانتقالية و وضع استراتيجية خاصة لانجاز مشروع العدالة الانتقالية و تحديد برنامج عمل للهيئة خاصة مع وجود عدد كبير من الكوادر المتخصصة في مجال العدالة و حقوق الانسان و التي تلقت تدريبات مهمة لتكون أكبر سند لعمل الحكومة من خلال تقديمها لمقترحات و أفكار وصولا الى عقد مؤتمر وطني حول العدالة الانتقالية بتونس نظرا لما تعيشه البلاد من تقلبات سياسية سريعة يمكن أن تهدد مشروع العدالة الانتقالية . الفرق بين العدالة الانتقالية و العدالة الكلاسيكية و نبه السيد مراد المسعودي- قاض بالمحكمة الابتدائية بتونس- الى ضرورة التمييز بين العدالة الانتقالية و العدالة الكلاسيكية , فالانتقالية ترتكز على السرعة و تشتمل على المحاسبة ثم المصالحة و هي عكس العدالة العادية التي ترتكز على جانب المحاسبة الجزائية فقط و التعويض المدني اما الانتقالية فيها نوع من اعفاء المتضررين من بعض الإجراءات التي تعرقل حصولهم على التعويض مثلا اليوسفيين يطالبون بالتعويضات رغم مرور فترة زمنية طويلة إضافة الى تعويض المجتمع ككل و إطلاق ضمانات قصد عدم تكرار التجاوزات بحق الاشخاص . تونس في طريقها لإنجاح تجربتها في مجال العدالة و اكد السيد أحمد شوقي ان تنظيم هذه الورشة ياتي في اطار متابعة نتائج دورة تدريبية متخصصة في العدالة الانتقالية اجريت منذ 3 أسابيع في تونس و دورة تدريبية ثانية بالحمامات لفائدة القضاة ورجال الاعلام و رجال الامن ... و قال شوقي : " انا كخبير في العدالة الانتقالية و كعضو سابق في هيئة الإنصاف و المصالحة في المغرب فاني متأكد من نجاح التجربة التونسية نظرا لوجود عديد المؤشرات الايجابية التي من شانها ان تفضي الى وضع تجربة ثانية للعدالة الانتقالية في ثاني بلد عربي بعد المغرب " . و ناشد شوقي الأطراف السياسية و الاطياف الاجتماعية و مكونات المجتمع المدني التونسي الدخول في حوار وطني شامل حول العدالة الانتقالية . الحكومة جادة و كشفت منية عمار وهي احدى المشاركات في الورشة ان الحكومة أبدت استعدادها لانجاح مشروع العدالة الانتقالية من خلال إحداثها لوزارة حقوق الانسان و العدالة الانتقالية و التي يشرف عليها السيد سمير ديلو و اضافت ان خطاب الحكومة واضح فيما يتعلق بالعدالة الانتقالية و حقوق الانسان . و دعت عمار جميع التونسيين الى العمل على انجاح التجربة التونسية في مجال العدالة الانتقالية مؤكدة انه اذا لم تعالج انتهاكات الماضي لن تستطيع بلادنا المضي قدما و دون مصالحة مع الماضي بما يحمله من ايجابيات و سلبيات لن نستطيع التقدم و اضافت انه يجب ان ننظر الى الماضي بكل عقلانية من خلال تفحص سلبياته و البحث عن اسباب وقوعها وكيفية حدوثها لتكون منطلقا لاصلاح مؤسساتنا و قوانيننا و تشريعاتنا و سلوكياتنا حتى نعانق المستقبل برؤية واضحة . صيغ العدالة الانتقالية و أوضحت عمار ان هيئة العدالة الانتقالية المنتظرة ستلبي انتظارات الضحايا الذين تعرضوا لانتهاكات سابقة و دعت الجميع الى التفكير حول صيغة العدالة الانتقالية بتونس نظرا لاهميتها اضافة الى تعيين مختصين للاشراف على الهيئة التي ستتولى البحث عن الحقيقة لحفظ الذاكرة الوطنية و جبر اضرار الضحايا . التجاذبات السياسية تهدد العدالة الانتقالية و من جهة اخرى ابدى محسن مرزوق تخوفه من امكانية فشل مشروع العدالة الانتقالية بتونس نظرا لوجود تجاذبات سياسية من شانها اجهاض المشروع في محطاته الاولى . و اشترط مرزوق الإعداد لوفاق وطني حول هذا الموضوع للوصول الى الاهداف المرجوة و المنتظرة و نبه مرزوق أن التجاذبات و الخلافات السياسية من شانها تعطيل المسار الديمقراطي باكمله و ليس العدالة الانتقالية فقط . و قال مرزوق : " لا بد من الاتفاق حول ميثاق استراتيجية للعدالة الانتقالية تضمن المساءلة و المحاسبة و المصالحة و الحقيقة و اذا لم يتم هذا فان الموضوع سيكون مفتوحا على الالغام و لن يستفيد منه أي طرف كان" مضيفا " لا يمكن لاي طرف ان يستفيد من الكذب السياسي ومن الفوضى و من تشويه صورة خصومه من خلال الصراعات السياسية " و تابع : " و كل من يستطيع ان يحقق مكاسب عن طريق هذه الاساليب فهو واهم ". بناء تجربة تونسية خاصة و أجمع المشاركون في الورشة ان الهدف من الورشة هو خلق تكوين و أعداد مجموعة من الكوادر و الموارد البشرية في مختلف القطاعات المعنية بالعدالة الانتقالية من رجال امن و إعلاميين و قضاة و محامين ... التي يمكن ان يستفيد منها المجلس الوطني التأسيسي و الحكومة في تنفيذ برامجها و انجاح مشروع العدالة الانتقالية و تكون تجربة تونسية فريدة من نوعها. منتصر الاسودي تصوير نبيل شرف الدين