في نطاق الاحتفال بشهر التراث احتضنت دار الكتب الوطنية صباح أمس يوما دراسيا حول واقع التراث وسبل إسصلاحه تحت عنوان «من أجل سياسة تراثية جديدة» نظمته وزارة الثقافة وأشرف عليه السيد مهدي مبروك وزير الثقافة. في البداية تناول السيد عبد اللطيف مرابط مكلف بمهمة لدى وزير الثقافة الكلمة وأكد على أن الاحتفال بشهر التراث لهذه السنة هو الأول بعد الثورة لكنه لا يجب أن يخفي الظروف الصعبة التي يمرّ بها قطاع التراث في تونس الذي يحتاج إلى مزيد العناية. ثم أحال الكلمة إلى السيد الوزير الذي أكد أن هذا اليوم الدراسي يندرج في سياق التباحث والتشاور حول السياسة التراثية المثلى التي يجب أن تتبعها بلادنا بعد الثورة، واعتبر أن الوزارة وجدت حرجا في الاحتفال بشهر التراث في ظل تراث منكوب وقطاع يحتضر، فكيف لها أن تحتفي بشهر التراث والقطاع يشهد مواقع تتهدم وأخرى يقع السطو عليها؟ وأضاف الوزير أنه من السابق للأوان إجراء تقييم حقيقي لوضع قطاع التراث لا سيما وأنه ارتبط بملفات الفساد التي حوّلته إلى ملك خاص يزيّن القصور. واعتبر السيد مهدي مبروك أن الوضعية الهشة التي يمرّ بها القطاع يمكن تفسيرها بفرضيتين الأولى هي كون الدولة هي المشرف القانوني الوحيد على قطاع التراث وهذا أحد أسباب نكبة القطاع مشيرا إلى أن تونس واحدة من الدول القلائل في العالم التي تمثل الاستثناء في سيطرة الدولة على التراث، داعيا إلى ضرورة وجود شريك فعلي للدولة يمكنه تحمّل المسؤولية والمساهمة في صيانة القطاع وحمايته وهذا الشريك حسب السيد الوزير يمكن أن يكون أحد مكونات المجتمع المدني أو الجامعات الدراسية. أما الفرضية الثانية التي تحدث عنها السيد مهدي مبروك فهي اللامركزية المفرطة بالتركيز على المدن دون أن يكون للوزارة علم ومعرفة ببعض التفاصيل المهمّة. واتهم الوزير الجماعات المحلية بالتقصير في حماية المكاسب التراثية وذلك يجعلها آخر اهتماماتها ضاربا مثل الحوض الروماني بقفصة الذي يقع العبث به يوميا ورميه بفواضل السوق الأسبوعية دون تدخل من البلدية التي تقول إنها غير قادرة على السيطرة على الموقف. وقال الوزير إنه في ظل تقصير الجماعات المحلية لا يمكن المحافظة على مقاربة تقصي المجتمع المدني وهنا لابدّ للإطار التشريعي من التدخل والسماح للجمعيات والجامعات من القيام بدورها في حماية التراث وصيانته. وفي ختام كلمته أكد السيد مهدي مبروك أنه للرقي بالقطاع، لابدّ من 3 خطوات: الأولى هي تفعيل المؤسسات المرجعية ماديا وبشريا فمن غير المعقول ألاّ نجد سيارة إدارية ببعض المواقع. أما الثانية فهي مراجعة التشريعات مثل مجلة حماية التراث وحسن استثماره. أما النقطة الثالثة، فهي الاستثمار الاجتماعي والثقافي للتراث بطريقة تسمح له أن يكون عنصرا فاعلا في النسيج الحضري والاجتماعي ليكون المواطنون هم بن يحمون التراث لما يمثله من مورد رزق وترفيه! وفي النهاية أعلن السيد الوزير أنه سيتم استدعاء زهاء 250 جمعية تهتمّ بالتراث لندوة حول المجتمع المدني والتراث يومي 11 و12 ماي القادم بالحمامات.