عُثِرَ عليه بالصدفة.. تطورات جديدة في قضية الرجل المفقود منذ حوالي 30 سنة بالجزائر    السلطات الاسبانية ترفض رسوّ سفينة تحمل أسلحة إلى الكيان الصهيوني    عاجل: لأول مرة: تونس تصل المرتبة الثانية ضمن التصنيف الدولي للبيزبول    الديبلوماسي عبد الله العبيدي يعلق على تحفظ تونس خلال القمة العربية    في ملتقى روسي بصالون الفلاحة بصفاقس ...عرض للقدرات الروسية في مجال الصناعات والمعدات الفلاحية    يوميات المقاومة .. هجمات مكثفة كبّدت الاحتلال خسائر فادحة ...عمليات بطولية للمقاومة    فتحت ضدّه 3 أبحاث تحقيقية .. إيداع المحامي المهدي زقروبة... السجن    المنستير .. المؤبّد لقاتلة صديقها السابق خنقا    ارتفاع عجز الميزان الطاقي    رفض وجود جمعيات مرتهنة لقوى خارجية ...قيس سعيّد : سيادة تونس خط أحمر    دخول مجاني للمتاحف والمواقع الأثرية    دغفوس: متحوّر "فليرت" لا يمثل خطورة    وزارة الفلاحة توجه نداء هام الفلاحين..    العدل الدولية تنظر في إجراءات إضافية ضد إسرائيل بطلب من جنوب أفريقيا    تعزيز نسيج الشركات الصغرى والمتوسطة في مجال الطاقات المتجددة يساهم في تسريع تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي قبل موفى 2030    كاس تونس - تعيينات حكام مباريات الدور ثمن النهائي    الترفيع في عدد الجماهير المسموح لها بحضور مباراة الترجي والاهلي الى 34 الف مشجعا    جلسة بين وزير الرياضة ورئيس الهيئة التسييرية للنادي الإفريقي    فيفا يدرس السماح بإقامة مباريات البطولات المحلية في الخارج    إمضاء اتّفاقية تعبئة قرض مجمع بالعملة لدى 16 مؤسسة بنكية محلية    وكالة (وات) في عرض "المتوسط" مع الحرس .. الموج هادر .. المهاجرون بالمئات .. و"الوضع تحت السيطرة" (ريبورتاج)    طقس الليلة    سوسة: الحكم بسجن 50 مهاجرا غير نظامي من افريقيا جنوب الصحراء مدة 8 اشهر نافذة    القيروان: إنقاذ طفل إثر سقوطه في بئر عمقها حوالي 18 مترا    تأمين الامتحانات الوطنية محور جلسة عمل بين وزارتي الداخليّة والتربية    كلمة وزير الخارجية التونسي نبيل عمار أمام القمة العربية    باجة: باحثون في التراث يؤكدون ان التشريعات وحدها لا تكفي للمحافظة علي الموروث الاثري للجهة    توزر: تظاهرة احتفالية تستعرض إبداعات أطفال الكتاتيب في مختتم السنة التربوية للكتاتيب بالجهة    وزارة الثقافة تنعى المطربة سلمى سعادة    صفاقس تستعدّ للدورة 44 لمهرجانها الصيفي    صفاقس: هدوء يسود معتمدية العامرة البارحة بعد إشتباكات بين مهاجرين غير نظاميين من دول جنوب الصحراء    جندوبة: وزير الفلاحة يُدشن مشروع تعلية سد بوهرتمة    "فيفا" يقترح فرض عقوبات إلزامية ضد العنصرية تشمل خسارة مباريات    هل سيقاطعون التونسيون أضحية العيد هذه السنة ؟    عاجل: "قمة البحرين" تُطالب بنشر قوات حفظ السلام في فلسطين..    106 أيام توريد..مخزون تونس من العملة الصعبة    اليوم : انطلاق الاختبارات التطبيقية للدورة الرئيسية لتلاميذ الباكالوريا    ناجي الجويني يكشف عن التركيبة الجديدة للإدارة الوطنية للتحكيم    سوسة: الإطاحة بوفاق إجرامي تعمّد التهجّم على مقهى بغاية السلب باستعمال أسلحة بيضاء    قيس سعيد يُؤكّد القبض على محام بتهمة المشاركة في وفاق إرهابي وتبييض أموال    المعهد الوطني للإحصاء: انخفاض نسبة البطالة إلى حدود 16,2 بالمائة    سيدي بوزيد: انطلاق الدورة 19 من مهرجان السياحة الثقافية والفنون التراثية ببئر الحفي    رئيس الجمهورية يبحث مع رئيس الحكومة سير العمل الحكومي    عاجل: متحوّر كورونا جديد يهدّد العالم وهؤلاء المستهدفون    ظهورالمتحور الجديد لكورونا ''فيلرت '' ما القصة ؟    محمد بوحوش يكتب...أدب الاعتراف؟    الأيام الرومانية بالجم . .ورشات وفنون تشكيلة وندوات فكرية    الخُطوط التُونسية في ليبيا تتكبد خسائر وتوقف رحلاتها.    زلزال بقوة 5.2 درجات يضرب هذه المنطقة..    بطولة اسبانيا : أتليتيكو يهزم خيتافي ويحسم التأهل لرابطة الأبطال الاوروبية    إصدارات.. الإلحاد في الفكر العربي الإسلامي: نبش في تاريخية التكفير    استشهاد 3 فلسطينيين بنيران جيش الاحتلال في الضفة الغربية    أمراض القلب والجلطات الدماغية من ابرز أسباب الوفاة في تونس سنة 2021    أكثر من 3 آلاف رخصة لترويج الأدوية الجنيسة في تونس    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النقابي السابق والسياسي "الطيب البكوش" ل «التونسية »: لا علاقة لزيارة «السبسي» إلى قطر ب «نداء الوطن» و لو كنت على رأس الوزارة لما استفحلت أزمة كلية منوبة

بدا الطيب البكوش عالم اللسانيات والنقابي المحنّك والسياسي القدير هادئا كعادته في إجاباته محاولا التحفظ على تفاصيل مبادرة السبسي ومستقبله السياسي لكنه لم يخف توجسه حيال المشهد السياسي الحالي غير المتوازن والذي لا يخدم، في نظره، الانتقال الديمقراطي وقد يهدد مستقبل البلاد إذا تواصل على هذا النحو.
البكوش، الذي تقلد خطة الأمانة العامة للإتحاد العام التونسي للشغل والمناضل الحقوقي صلب الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ورئيس شرفي للمعهد العربي لحقوق الإنسان، أكد أنه لم يندم على مغادرة أية مسؤولية من المسؤوليات، معتبرا أن الحكومة الحالية تحكمها المحاصصات والتنافس على المناصب والجمع بين المسؤولية في التأسيسي والمسؤولية في السلطة.
استقبلنا في بيته فكان معه هذا الحوار الذي تداخل فيه السياسي بالاجتماعي.
هل لديكم علم بتفاصيل رحلة السبسي إلى الخارج وبالأساس قطر؟
أتصور أن زيارة «الباجي قائد السبسي» الى قطر، تدخل في اطار علاقاته الشخصية، وهي علاقات قديمة، فقد سبق أن زار قطر عندما كان في الوزارة الأولى، وهذه الزيارة تندرج في إطار العلاقات والتشاور حول قضايا مختلفة وطنية، اقليمية، دولية.
الزيارة ليست لها علاقة بالمرحلة الثالثة من «نداء الوطن» لأن هذا الامر داخلي ويهمّ التونسيين، ونحن حريصون على ألا يكون هناك تدخل من أي طرف أجنبي مهما كان نوعه أو صفته أما في ما يتعلق بالعلاقات العربية والاقليمية، فهذا من الطبيعي أن يقع التشاور حوله.
إذا كنتم في «نداء تونس» لا ترغبون في تأسيس حزب بل حركة جامعة، كيف ستستطيعون تجميع الأضداد ؟ وكل هذا «الشتات»؟
القضية لا تكمن في أننا لا نرغب في ذلك، لكننا طرحنا عدة سيناريوهات وعدة تصورات، ف «الحزب» هو من المقترحات التي وقع تقديمها في إطار اللجنة المؤقتة، لكنها ليست الصيغة الوحيدة.
توجد عدة صيغ ويجب توسيع المشاورات حولها على أوسع نطاق ومع جميع الأطراف، لكن اريد التأكيد على أن المبادرة ليست موجهة ضد أحد وهدفها الرئيسي مصلحة البلاد، وهي ليست للبحث عن مواقع لأي شخص، ولكن انطلاقا من تحليل موضوعي للواقع، أو المشهد السياسي الحالي غير الطبيعي وغير المتوازن، الذي لا يخدم الانتقال الديمقراطي ولا يخدم التحول الديمقراطي، وقد يهدد المستقبل إذا تواصل على هذا النحو.
وفي هذا الاطار تندرج مشاوراتنا من أجل إيجاد صيغ تغير المشهد السياسي بشكل يمكن من تطوير الحياة السياسية وخلق توازنات تحقق انتقالا ديمقراطيا حقيقيا، سليما وفعليا يسمح بتداول سلمي على السلطة بفضل انتخابات تكون شفافة وحرة تنطبق عليها مواصفات الانتخابات الحرة.
ما هي الصيغة التي تفضلونها؟
أفضل صيغة تجميع القوى، ما يسمى بقوى الوسطية التي تجمع بين الوسطية والحداثية في نفس الوقت.
ما هي ملامح المرحلة المقبلة ل «نداء الوطن»؟
نحن الآن بصدد اعداد المرحلة الثالثة، وهذه المرحلة تعتبر من أعسر المراحل لأنها تتطلب عملا كبيرا وتكوين وبعث لجان مؤقتة، تكون محلية وجهوية وقطاعية في كل مكان.. وهو ما يتطلب مجهودا والكثير من الوقت، والصيغة التي نفكر فيها تختلف عن صيغة الأحزاب التقليدية التي تأسست في الغالب على شاكلة الحزب الحاكم من حيث البنية والتركيبة، من حيث الآليات والهيكلة وخاصة الهيكلة العمودية، وما نراه الآن من انقسامات وصراعات وانشقاقات ومن «ترحال حزبي» يدل على وجود مشكل، وهو ما يستدعي التفكير والغوص في أسبابه.
نفكر في أشكال أخرى تتميز بانفتاحها، باستقلاليتها عن الهياكل الجهوية والقطاعية وتتميز بالعمل الجماعي بحيث لا يكون الهيكل مرتبطا بشخص حتى وإن سميت المبادرة باسم السيد الباجي قائد السبسي، يعني ليست مرتهنة بشخص أو زعيم كما يوجد في أغلب الأحزاب، نريد أن تكون بشكل آخر، تغلب عليه الديمقراطية.
نريد أن تكون المبادرة أكثر انفتاحا وأكثر ديمقراطية في اتخاذ القرار، وتكامل بين الأجيال لأن الأجيال التي لها تجربة وماض، أولا من واجبها السياسي والأخلاقي والوطني أن تشجع الأجيال الجديدة، أن تساهم في تكوينها السياسي لأن السياسة ليست دروسا تتعلم بل تمارس، والممارسة السياسية تحتاج الى وقت وهذا يتأتى بالتكامل بين الأجيال والتعاون في العمل الجماعي.
كما لا يجب أن تكون المبادرة «عملا سياسويا» مطلقا وإنما يجب أن ترتبط ارتباطا وثيقا بالمجتمع المدني، لأن العمل المدني عمل مكون ومكمل للعمل السياسي.
لكن هذه المبادرة واجهت عدة انتقادات واتهمت بأنها وسيلة لعودة «التجمع» تحت غطاء البورقيبية؟
هذا غير صحيح، أولا «التجمع» قانونا غير موجود، ولو كانت له قواعد لبقي مع بن علي، لأن «التجمع» كان يفتقد الى مقومات الحزب الحاكم، اذ كان هناك تداخل بين جهاز الحزب وجهاز الدولة والحزب معتمد على جهاز الدولة وهذا من أكبر عيوب الأحزاب التي تكون في الحكم وتكون بمفردها في الحكم لأن ضعف الدولة ينتج عنه ضعف الحزب في الغالب، واذا زالت مزايا أو مساعدات الدولة فإنه يضعف وليس من قبيل الصدفة أن أول قرار اتخذته الحكومة الانتقالية الأولى في اول اجتماع لها يوم 20 جانفي 2011 هو فك الارتباط بين أجهزة الدولة وحزب «التجمع»، لجل جميع الشعب المهنية وغيرها أي بإخراجها من الإدارة، من المؤسسات الاقتصادية والتربوية والادارة بمعزل عن التجاذبات والصراعات الحزبية.
بماذا تبرر هذه الاتهامات؟
الاتهامات تهدف الى تشويه المبادرة خوفا منها، ولو لم يكن الخوف لما وقع التهجم عليها بهذه القوة والحدة، وان لم تكن لها قيمة فقد وقع تجاهلها لكن اريد التأكيد على ان هذا الخوف ليس له مبرر، لأن المبادرة لمن يفهم جيدا السياسية ولمن يؤمن بمصلحة البلاد تعتبر في صالح حتى الحزب الحاكم ان وجد كي لا يقع في الأخطاء التي سقط فيها الحزب الحاكم قبله، كالتفرّد بالسلطة وما نتج عنه من استبداد وفساد.
هل هناك تفاعل من طرف أحزاب وشخصيات وطنية قد تساهم في «نداء تونس»؟
يوجد تفاعل من العديد من الأحزاب والشخصيات وهناك الكثير من الأحزاب الموجودة عبرت عن استحسانها للمبادرة واستعدادها للمشاركة في الحوار. هذا بالاضافة الى الدستوريين غير المتورطين في الفساد الذين عبروا عن رغبتهم في الالتحاق دون أن ننسى أن هناك نسبة كبيرة من الشباب لم تشارك في الانتخابات ويجب اقناع هذا الشباب بشيء آخر يحمل صيغا جديدة وإقناع هذا الشباب بأنه من مصلحته ان يشارك في الحياة السياسية.
كيف ترون المسار الحالي ؟ هل هو مطمئن أم مجهول ولماذا؟
مازال فيه تعثر ومازال فيه بطء ومازالت فيه نقاط غموض، يعني استحقاقات المرحلة الانتقالية لم تتوضح معالمها الى حد الآن رغم الالتزامات السياسية والأخلاقية السابقة، فحتى تعيين تاريخ موعد الانتخابات تأخر كثيرا وتكوين اللجنة المستقلة للاعداد لذلك تأخر ايضا، فهل ان البلاد فارغة من الكفاءات المستقلة؟؟ هل أن اللجنة التي أوصلت من هم في الحكم الآن مشكوك في نزاهتها؟ كان يمكن الانطلاق منها والإضافة لكن الخطر الحقيقي هو تكوين هذه اللجنة من الاحزاب الحاكمة مثلا.
يجب أن تكون اللجنة مستقلة أو حتى من أحزاب ليست حاكمة وان تضم أشخاصا ليسوا معنيين بالانتخابات.
فرغم الصعوبات، عملنا كحكومة انتقالية بشيء من الراحة المعنوية لأننا اكدنا أن الانتخابات لا تعنينا، فقط أردنا ان ننقذ البلاد في مرحلة صعبة حتى لا نتهم بأننا نبحث عن المواقع، ما حدث في الفترة الانتقالية الثانية هو العكس تماما، فالصورة التي قدمت للناس هي صورة المحاصصات والتنافس على المناصب والجمع بين المسؤولية في التأسيسي والمسؤولية في الحكومة، وهو ما أعتبره من الأخطاء السياسية الفادحة.
أي دور يمكن لاتحاد الشغل القيام به لإنجاح المسار الديمقراطي؟
الاتحاد يمكن ان يقوم بدور وهو بصدد القيام به، لأن الاتحاد العام التونسي للشغل والحركة النقابية بصفة عامة هي في مقدمة المجتمع المدني ، فاهتمامها بالشأن العام هو من مهامها ومن مشمولاتها ومن واجباتها ولا يعتبر ذلك عملا سياسيا بالمعنى الحزبي للكلمة لأن ذلك يصبح عملا سياسويا، بينما الاهتمام بالشأن العام يحمل بعدا سياسيا في المفهوم العام للكلمة وكل مواطن مدعو الى ذلك لأن السياسة اذا أهملتها لا تتجاهلك.
ومن الطبيعي أن يكون للاتحاد رأي في الاختيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وأن يكون له رأي في الدستور وقد أعدّ الاتحاد مشروع دستور من بين المشاريع المطروحة، ومن الطبيعي أن يؤخذ بعين الاعتبار لأنه مشروع مدروس. إذا الاتحاد يمكن ان يكون عنصر توازن هام جدا ويجب ان يكون كذلك ويجب ان يقدر هذا من طرف السلطة.
برأيكم لماذا يحاول البعض «لجم» الاتحاد ومحاولة حصر مجال تدخله في الشأن الاجتماعي فقط؟
هي محاولة فاشلة لوضع الاتحاد في الركن، وتدل على عدم فهم ومعرفة بدور الاتحاد الحالي والتاريخي، فالاتحاد اكتسب شرعية تاريخية بحكم دوره الأساسي في تحرير البلاد وفي بناء الدولة وفي التوازن الاجتماعي ولهذا لا يمكن تهميش الاتحاد ويصبح ذلك خطأ استراتيجيا وأعتقد أن الأزمة كانت مفتعلة الهدف منها اسكات الأصوات التي تختلف عنهم.
وقد وقع فهم هذا الخطأ وتداركه، ففُتحت قنوات الحوار من جديد.
هل جسد يوم غرة ماي يوما للمصالحة الوطنية ؟
في الحقيقة كان بودي شخصيا في غرة ماي ألا تتصرف الأحزاب كأحزاب بل ان يشارك النقابيون من المنتمين الى تلك الأحزاب في مسيرة الاتحاد ك «اتحاد» وأن لا يكونوا كأحزاب فهذا في نظري خطأ وفيه خلط.
وما شهدناه في ذلك اليوم كذلك، ان المنظمتين النقابيتين قد قامتا بمظاهرات فردية خاصة، أرادتا اغتنام الفرصة للبروز كتنظيمين لأول مرة ولكن يمكن ان نتصور أنه سيقع تنسيق في المستقبل كما أنه يمكن أن نتصور أيضا عودة الوحدة النقابية وهو ليس بالأمر المستبعد لأن مصلحة الشغالين هي في وحدتهم والتعدد النقابي حسب التجارب الموجودة في أغلب البلدان، مرتبط بتعدد الأحزاب، أي ان الحزب الذي ينفصل عن حزب آخر تنفصل معه أيضا كتل من النقابات وتصبح النقابة لها علاقة شبه عضوية مع الحزب. هذا ليس في مصلحة العمل النقابي. ما حدث في تونس ناتج عن أزمات داخلية، ليست لها علاقة بالأحزاب هو أن بعض النقابيين لم يجدوا مصلحتهم في وقت من الأوقات في المنظمة الأم، المبدأ الذي يمكّن من تجنب التصدع والانشقاق والانقسام هو توفر شرطين أساسيين: الاستقلالية عن الأحزاب وعن السلطة وشرط ثان هو الديمقراطية الداخلية، اذا توفر هذان الشرطان لن يكون هناك مجال للانشقاق وللانقسام.
باعتباركم حقوقيا، كيف ترون واقع حقوق الانسان في تونس بعد الثورة؟
ما هو واضح الآن تحسن في هامش حرية الإعلام رغم محاولات التقليص أو التوظيف لكن الاعلاميين عرفوا كيف يحافظون على هذا الهامش الهام، وهذا مكسب لأن حرية الإعلام هي من الحريات العامة وللمواطن الحق في إعلام حر وموضوعي بطبيعة الحال، والإعلامي الى حد الآن لا تهيمن عليه مراكز قوى سياسية أو مالية ، وإذا ما أصبح يخضع لهيمنة مراكز قوى فإنه سيفقد هامشا كبيرا من حريته.
بالنسبة للحريات الأخرى، حرية التنظم، حرية التظاهر، وقعت محاولات للحد منها ثم وقع التراجع بعد ذلك مما يعني أن قوى المجتمع المدني «فارضة لنفسها» ونشيطة وهذه من ضمانات وفي مقدمتها الاتحاد.
أما في ما يتعلق الآن بحرية المعتقد توجد أطراف تهدد حرية المعتقد وتهدد مكاسب المرأة هذه مخاطر حقيقية لكن ليس من السهل التراجع في هذه المكاسب، لكن المسألة ليست سهلة فالمكاسب قد تكون مهددة لكن ذلك يحتاج الى يقظة وجهد والى عمل كبير والى بذل جهود كبيرة للمحافظة على هذه المكاسب.
خلال فترة توليك وزارة التربية ما هي أبرز الملفات المعقدة التي مازالت تحتاج الى اصلاح؟
أولا، توجد ملفات قابلة للعلاج، هناك أكثر من 1600 من الأسرة التربوية أغلبهم من الأساسي والابتدائي وقع اعادة ادماجهم والملفات الصعبة هي ملفات التشغيل فهناك ظن خاطئ أن كل من يحمل الأستاذية هو بالضرورة أستاذ ووجب ان يكون كذلك وهذا راجع الى التسمية نفسها، وتسمية الأستاذية في نظري كانت تسمية مغلوطة، وهي نسخ للكلمة الفرنسية «maitrise» والتي تحمل في الفرنسية معنيين وهي صفة من يصبح «maitre» أي استاذا وكانوا قديما يطلقون على الصنايعية «كلمة أستاذ» والمعنى الثاني للكلمة هو «التمكن» والمقصود بالأستاذية هو التمكن من اختصاص، هذا الأصل، ان التسمية أثرت على العقلية بشكل أنه أصبح كل من هو محرز على الأستاذية لا يتصور نفسه إلا استاذا في التدريس.
بالنسبة لوزارة التربية، التشغيل واضح، هناك حاجيات تضبط في كل سنة ويقع الإعلان عن مناظرات، بقي أن المناظرات من الصعب جدا الآن ان تكون على شاكلة المناظرات السابقة، فلا بد أن تتأقلم ولو بصفة ظرفية مع مقتضيات المرحلة الانتقالية وتراكم البطالة.. لكن من المشاكل العويصة هو أن مستويات الشهائد الجامعية انخفضت والتمكن من اللغات أيضا ضعف وهذا بالنسبة لمن يدرس مشكل عويص فهذا يتطلب إذا خطة متكاملة للتكوين المتواصل بالنسبة للمكونين.
هل تظن ان الاصلاحات في المنظومة التربوية سابقا لها دخل في تدني المستوى التعليمي؟
هناك قرارات سياسية كان لها تأثير مباشر مثل نسبة ال25٪ في الباكالوريا وهي ديماغوجية ساهمت في تدني المستوى لكنها قنابل موقوتة فأن ينجح التلميذ بمستوى متدن ولا يتلقى التكوين المناسب للعمل هو اشكال ايضا ولذلك فالمسألة تتطلب مراجعة سياسية كاملة لسياسة التكوين وسياسة التشغيل والربط بينهما.
وبالنسبة للتعليم هو يحتاج الى التقييم المتواصل وتقصي أثره فكل اجراء يتخذ لا بد من متابعته وقياس أثره وتقييمه في كل مرحلة وهذا ليس بمتوفر حاليا مع الأسف وهي اجراءات لابد من اتخاذها.
هل ندمت على بعض القرارات اثناء توليك وزارة التربية (خاصة بعد الضجة التي اثارها مديرو المعاهد والمدارس الثانوية )؟
لم أندم، لكن توجد قرارات ربما كان بالامكان أن أتعامل معها عبر مراحل لو كان لدي وقت أطول ، مثلا في ما يتعلق بالمديرين، وما وقع ترويجه من بعضهم أني قمت بإقالة جماعية، وهذه كذبة واضحة لاني قمت بفتح الباب للترشح لكل من تتوفر فيه الشروط، فهل نبقي على التعيينات الشخصية التي تكون بالمحاباة وبالتدخلات وبالمحسوبية؟ ..توجد العديد من التعيينات ليست في محلها لأنها قائمة على المحسوبية، والقطع مع ذلك يكون عبر فتح الباب وتكوين لجان للانتداب بمقاييس مضبوطة.
ولو كان لي متسع من الوقت كنت سأنتهج نفس الطريقة لكن بكثير من المرحلية.
كيف كنت ستتصرف حيال ما وقع في منوبة؟
لو كنت على رأس الوزارة او الكلية لما تركت الموضوع يستفحل، لا يمكن قبول أستاذة منقبة تدخل لتدرس ولا يمكن قبول طالبة تدخل منقبة هذا غير مقبول لأن الملامح هي شيء اساسي للتواصل مع الآخر، ومن يريد ان يكون بذلك اللباس لا يمكن ان يتبع العمل التربوي.
العمل التربوي فيه التواصل وجها لوجه فلا بد منه وهوية الطالبة لا بد ان تكون معروفة، لأنه من الممكن ان يدخل من شاء وعند ذلك لا تفرق بين رجل أو امرأة بلباس كهذا. ويمكن ان يمس ذلك أمن الناس، ولا علاقة له بالدين، لو كان هذا من الدين لما كان ممنوعا في الحج.
وما حصل في منوبة، لم تقع معالجته من البداية بصفة سليمة ومن أول وهلة كنت سأتخذ كل الاجراءات القانونية ولا أترك مجالا لدخول عناصر خارجة عن الكلية.
ما رأيك في الحكم الذي صدر في حق الشخص الذي انزل العلم ؟
لا أظن أنه حكم منصف لأن هذا الشخص لم يعبر عن ندمه ولم يعتذر ومن المفارقات أن يقع الحكم على مدير قناة «نسمة» ومساعديه بالملايين ومدير «التونسية» بالسجن مباشرة ثم الحكم بالغرامة، بينما يغرّم من دخل منزل ذلك المدير وأحرقه، وكان يمكن ان يقتل، ب4500 مليم فقط وهذا مخجل.
كيف تقرأ ظاهرة انشقاقات الاحزاب؟
هذا يعود الى ما ذكرته سابقا وهو كيفية بناء هذه الأحزاب هناك أحزاب كان فيها من لم يتجاوز أصابع اليد، بعد الثورة والانتخابات وقع اقبال على الاحزاب حسب المصالح ومن لم يجد بعد ذلك مصلحته في حزب يخرج وينتقل لحزب آخر أو ينسجه أو ينشق فهذا ما يغمر ظاهرة «الترحال السياسي» بين الاحزاب وهو ترحال يدل على ان الوعي السياسي والوعي بالانتماء الى تنظيم فيه قواسم مشتركة ما يزال منقوصا، ثم أيضا ما أشرت اليه في البداية هو أن بناء الحزب تنقصه المرونة في بعض الاحيان وهذا ايضا عامل من عوامل التشتيت ولا أظن الانشقاقات قد تؤثر على الترويكا او على المجلس التأسيسي، وقد قلت منذ البداية أنه من الخطأ ان يقع الجمع بين الضفتين لأنه فعلا لا يمكن التوفيق بين المجلس والحكومة، واحدة لها مهمة تنفيذية والأخرى تشريعية واحدة لتعد الدستور وأخرى لتسيير شؤون البلاد وهو ما أدى الى ضعف الأداء الحكومي والتأثير عليه مباشرة.
ما رأيك في موقف الاتحاد الأوروبي الذي ربط المساعدة المالية بضرورة تطبيق الحريات في تونس ؟
هذا الأمر ليس بجديد، هناك عقد الشراكة الموجود بين النظام التونسي والاتحاد الأوروبي من عهد النظام السابق يوجد فيه هذا البند الذي نص على الحريات والديمقراطيات وأمضت عليه الجمهورية التونسية لذلك لا يعتبر موقف الاتحاد الأوروبي تدخلا في شؤوننا لأننا سبق وان أمضينا فهو يشترط عليك احترام الديمقراطية واحترام حقوق الانسان واحترام الحريات وأنت اليوم تطلب المساعدة فمن تطلب منه المساعدة من حقه أن يشترط عليك وإذا أردت الا يتدخل في شؤونك فلا تطلب شيئا، اعتمد على نفسك اما وأنت تطلب و«تستجدي» فمن حقه ان يشترط عليك.
ماهو موقفك من الصفحة المساندة لشخصك والتي تدعوك للترشح في الانتخابات الرئاسية؟
اعتبر ان هذه الصفحة لا فائدة منها و(موش وقتو) لأن هذا الامر غير مطروح في الوقت الراهن, فالى حد هذه اللحظة لم يتم تحديد موعد للانتخابات ولم يقع ايضا الانتهاء من صياغة دستور.
وان توفرت كل هذه الشروط، فهل هناك نية للترشح؟
بصراحة لا توجد أية مسؤولية تغريني أو تمثل بالنسبة لي رهانا شخصيا مطلقا، ولم أندم على مغادرة أية مسؤولية لأنني غادرت المسؤوليات التي تحملتها بمحض ارادتي ولا أريد البقاء في مسؤولية اكثر من فترة محددة، احددها مسبقا وأعلن عنها مسبقا، «المسؤوليات عندي لا تمثل رهانا شخصيا»، وأشعر أن سعادتي تكتمل وأنا حر، أطالع وأكتب..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.