ميناء رادس غارق في الفساد والرشوة ننصح «الترويكا» بإعادة ترتيب بيتها الداخلي نتساءل عن أسباب تراخي السلطة في تطبيق القانون مع السلفيين لا يمكن طيّ صفحة الماضي بلا محاسبة عرف بجرأة أفكاره، لا يتوانى في كل مناسبة عن كشف حقائق مثيرة للجدل، هو ليس بدخيل عن عالم السياسة، فقد شغل مناصب عديدة وتولّى حقائب وزارية. منصبه كوزير للنقل في الحكومة السابقة لم يمنعه من الإدلاء بتصريحات أو الحديث في السياسة. لمن لا يعرفه نقول إنه السياسي ورجل الأعمال التونسي ياسين إبراهيم الذي شغل منصب وزير النقل والتجهيز سابقا ثم تولى رئاسة الأمانة العامة لحزب «آفاق» ليشغل اليوم الأمانة التنفيذية للحزب الجمهوري. «التونسية» اختارت أن تصافح هذا الرجل فكان هذا الحوار الذي عبّر فيه بوضوح عن موقفه من أداء الحكومة والتيارات السلفية وكشف لنا الخور الذي اكتشفه أثناء تولّيه وزارة النقل إلى جانب تقييمه للمشهد السياسي الحالي والمسار الديمقراطي: لننطلق من أخبار الحزب الجمهوري... ما هي أهم نشاطاته في الوقت الحالي؟ يعدّ الحزب الجمهوري الموحّد نتاج عملية انصهار بين كل من الحزب الديمقراطي التقدمي وحزب «آفاق تونس» و«الحزب الجمهوري» و«حزب الإرادة» و«حزب الكرامة» و«حركة بلادي» و«حزب الديمقراطية والعدالة الاجتماعية» وأحزاب أخرى بالإضافة إلى قائمات مستقلة وشخصيات وطنية تضمّ 10 وزراء من الحكومة الانتقالية. أما بالنسبة لنشاط الحزب الجمهوري فإن قياداته تتردد على الجهات قصد الاستماع إلى مشاغل المواطنين وبصفة عامة فإن الحزب بصدد رسم موقعه السياسي بصفة واضحة قصد تكوين قوة تسيير محكمة تكون بديلا ل«الترويكا» وسنركز في برامج عملنا على مشاغل المواطنين والنهوض بالمناطق المهمّشة وجلّ أبرز الإشكاليات الاجتماعية على غرار مشكليْ البطالة والفقر. نفهم من كلامكم أن الحزب سيركز على البرامج الاقتصادية والاجتماعية؟ سنحاول الاقتراب من المواطن وتقديم برامج اقتصادية واجتماعية تخدمه. كيف تقيّمون الظرف الاقتصادي الحالي وفي اعتقادكم هل يمكن تنفيذ هذه البرامج التي تحدثتم عنها في ظلّ تراجع الترقيم السيادي لتونس؟ إن الظرف الاقتصادي الحالي حساس، يتطلب تحقيق نمو اقتصادي وفي نفس الوقت يجب على الحكومة أن تتخذ إجراءات فورية للنهوض بالاقتصاد الوطني عبر رسم خارطة واضحة. هل أنتم مع المحاسبة أم المصالحة؟ لا يمكن لأي مجتمع أن يتقدم وأن يتطور بصفة سريعة وناجعة دون محاسبة شاملة وفي نفس الوقت لا يمكن طيّ صفحة الماضي دون محاسبة. ويمكن القول إن المصالحة يجب أن تكون معقولة أي دون تشفّ أو انتقام ونحن نطالب بعدالة انتقالية بلا حسابات سياسية. ما يعيبه المتابع للشأن السياسي عن الحزب الجمهوري هو كثافة عدد القيادات والشخصيات بالحزب وهناك من اعتبر أن قوّة شخصياته أكثر من قوّة برامجه... ما هو تعليقكم؟ كلّ ما افتقدناه في الانتخابات الفارطة أننا لم نقترب كثيرا من كافة أفراد المجتمع ونحن نحاول اليوم الاقتراب من مشاغل المواطن التونسي والتركيز على الحلول في إطار رسم رؤية واضحة وتقديم حلول فعلية. ويمكن القول إن الشخصيات التي لديها خبرة اقتصادية وسياسية من الممكن أن نستعين بها والاستفادة منها، فنحن لن نكتفي بتقديم الوعود بل بتطبيقها وتنفيذها. هل ترون أننا نتجه نحو المسار الديمقراطي الصحيح؟ بالعودة إلى نتيجة الانتخابات السابقة والفوارق الواضحة في نسبة التصويت فإنه يمكن القول إنه إذا تواصل هذا الفارق وتمّ تسجيله في الانتخابات المقبلة فإننا سنسقط في دكتاتورية جديدة وعندها يكون المسار الديمقراطي في خطر. قراءتك للمشهد السياسي الحالي؟ إن المشهد السياسي الحالي غير واضح وفعلا نحن نأسف لمرور 150 يوما على عمل الحكومة ولم نلمح برنامجا واضحا، فهذه الحكومة اكتفت بتقديم الوعود أما بالنسبة للتنفيذ فهو غير موجود. تقصد أن أداء الحكومة يُعتبر متواضعا؟ فعلا إن أداء الحكومة ضعيف. فمثلا آليات التواصل غير ناجعة وكذلك آليات القرار غير صائبة، فمثلا العلاقة بين رئاسة الحكومة والدولة غير واضحة فكيف لحزب من أحزاب «الترويكا» أن يطالب بإسقاط الحكومة وكيف لمستشار أن ينقد الحكومة ويطالب بإسقاطها؟ فعلا إنه أمر غريب أن ينتقد عضو من داخل الحكومة الحكومة نفسها، ويمكن القول إن المنطق الوحيد الذي يُسمح فيه بالتعبير عن عدم الرضاء هو الاستقالة. إذا بماذا تنصحون «الترويكا»؟ ننصح «الترويكا» بإعادة ترتيب بيتها الداخلي وبأن تنظر إلى مصلحة البلاد، فنحن في مرحلة انتقالية هامة تقتضي الوفاق الشامل خاصة في ما يتعلق بموضوع العدالة الانتقالية وخوفي كل الخوف أن تكون «التركة» التي ستخلفها الحكومة الحالية أتعس من التركة التي وجدتها عندما تسلّمت الحكم. أكيد بعد توليكم إدارة وزارة النقل اكتشفتم خورا كبيرا داخل منظومة النقل؟ وما هو تعليقكم على زيارة الجبالي إلى ميناء رادس؟ إن قطاع النقل قطاع حساس ومهم، له تأثير عميق وكبير في نجاعة الاقتصاد، أما بالنسبة لميناء رادس فهو يمثل جزءا كبيرا من المنظومة الاقتصادية وهو محرّك أساسي للقطاع الاقتصادي اعتبارا إلى قيمة الواردات والصادرات بهذا الميناء وحين تولّيت منصب وزير النقل سابقا، اكتشفت وجود خور كبير بهذا القطاع بالإضافة إلى وجود تجاوزات ومشاكل عديدة. ومن أبرز هذه التجاوزات مسألة الرشوة والفساد خاصة بميناء رادس وأعتبر أن المشكل الكبير بهذا الميناء هو مشكل الرشوة فهناك مصالح كثيرة يجب أن تفكّك ويمكن القول إن المافيا التي تسيّر الاقتصاد وتتحكم في دواليبه تزداد قوّة من أسبوع إلى آخر، وهذا أمر نأسف له فهناك مافيا في الأسواق ومافيا في المناطق الحدودية وفي حال ترك هذه المافيا تتحكم في الأسعار وتتحكم في السوق فإننا سنعيش مشاكل كبيرة في المستقبل، وفي هذا الصدد فإن الحكومة مطالبة اليوم باتخاذ مواقف صارمة وحازمة لتستعيد دورها كدولة قانون. أثناء توليكم رئاسة الوزارة هل اتخذتم إجراءات ضدّ هذه المافيا؟ فعلا لقد قمنا بوضع آليات للحدّ من هذه التجاوزات لكن ما فوجئت به بعد خروجي من الوزارة هو أن الرشوة والفساد عادا من جديد إلى ميناء رادس، لذلك لابدّ من فتح هذا الملف. في اعتقادك هل يتطلب تطهير هذه المنظومة وقتا طويلا؟ فعلا إن مثل هذه الأمور تتطلب سنوات طويلة فعملية «التطهير» لا يمكن أن تكون بين «عشية وضحاها». ما هو موقفكم من صعود التيارات السلفية خلال الآونة الأخيرة؟ إذا قبل التيار السلفي بدولة مدنية ودولة قانون فمرحبا به... أما إذا لم يقبل وتبنّى العنف والإرهاب فإن الحكومة مطالبة بتطبيق القانون، وهنا يجب التساؤل عن أسباب تراخي السلطة في تطبيق القانون ويمكن القول إن أهم شيء تفتقد إليه الحكومة هو مشكل التسيير والتواصل وكلّما تم تطبيق القانون بكل حزم وجديّة وبدون تمييز كلما اقتربنا من الديمقراطية. ما هو رأيكم في مسألة الاستقطابات الثنائية؟ أنا لا أعتقد أن مسألة الاستقطابات الثنائية مسألة إيجابية للبلاد لأننا فقط لم نقترب بعد إلى الديمقراطية فمثلا ما يحدث داخل «الترويكا» غير واضح ومثير للجدل، كما يمكن القول إن خطر الاستقطابات الثنائية يكمن في تكوين قوات متطرفة. إذا فإن الاستقطاب الثنائي يغذي ويقوي التطرّف. ألا تعتقدون أن تغيير تسمية الحزب من شأنه أن يؤثر على شعبيته؟ من الممكن أن يحدث تغيير اسم الحزب ضبابية لدى التونسي ونحن نحاول في كلّ برامجنا وزياراتنا التعريف بالحزب الجمهوري. ماذا أعددتم بالنسبة للمحطّة الانتخابية القادمة؟ سنقدّم رزنامة عمل واضحة ونطبّق كل الوعود والبرامج التي وعدنا بها.