الصحة العالمية.. استهلاك الملح بكثرة يقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    عُثِرَ عليه بالصدفة.. تطورات جديدة في قضية الرجل المفقود منذ حوالي 30 سنة بالجزائر    عاجل: لأول مرة: تونس تصل المرتبة الثانية ضمن التصنيف الدولي للبيزبول    السلطات الاسبانية ترفض رسوّ سفينة تحمل أسلحة إلى الكيان الصهيوني    الديبلوماسي عبد الله العبيدي يعلق على تحفظ تونس خلال القمة العربية    يوميات المقاومة .. هجمات مكثفة كبّدت الاحتلال خسائر فادحة ...عمليات بطولية للمقاومة    فتحت ضدّه 3 أبحاث تحقيقية .. إيداع المحامي المهدي زقروبة... السجن    المنستير .. المؤبّد لقاتلة صديقها السابق خنقا    في ملتقى روسي بصالون الفلاحة بصفاقس ...عرض للقدرات الروسية في مجال الصناعات والمعدات الفلاحية    رفض وجود جمعيات مرتهنة لقوى خارجية ...قيس سعيّد : سيادة تونس خط أحمر    دخول مجاني للمتاحف والمواقع الأثرية    ارتفاع عجز الميزان الطاقي    دغفوس: متحوّر "فليرت" لا يمثل خطورة    العدل الدولية تنظر في إجراءات إضافية ضد إسرائيل بطلب من جنوب أفريقيا    تعزيز نسيج الشركات الصغرى والمتوسطة في مجال الطاقات المتجددة يساهم في تسريع تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي قبل موفى 2030    كاس تونس - تعيينات حكام مباريات الدور ثمن النهائي    الترفيع في عدد الجماهير المسموح لها بحضور مباراة الترجي والاهلي الى 34 الف مشجعا    جلسة بين وزير الرياضة ورئيس الهيئة التسييرية للنادي الإفريقي    فيفا يدرس السماح بإقامة مباريات البطولات المحلية في الخارج    إمضاء اتّفاقية تعبئة قرض مجمع بالعملة لدى 16 مؤسسة بنكية محلية    وكالة (وات) في عرض "المتوسط" مع الحرس .. الموج هادر .. المهاجرون بالمئات .. و"الوضع تحت السيطرة" (ريبورتاج)    طقس الليلة    سوسة: الحكم بسجن 50 مهاجرا غير نظامي من افريقيا جنوب الصحراء مدة 8 اشهر نافذة    القيروان: إنقاذ طفل إثر سقوطه في بئر عمقها حوالي 18 مترا    تأمين الامتحانات الوطنية محور جلسة عمل بين وزارتي الداخليّة والتربية    كلمة وزير الخارجية التونسي نبيل عمار أمام القمة العربية    باجة: باحثون في التراث يؤكدون ان التشريعات وحدها لا تكفي للمحافظة علي الموروث الاثري للجهة    توزر: تظاهرة احتفالية تستعرض إبداعات أطفال الكتاتيب في مختتم السنة التربوية للكتاتيب بالجهة    وزارة الثقافة تنعى المطربة سلمى سعادة    صفاقس تستعدّ للدورة 44 لمهرجانها الصيفي    صفاقس: هدوء يسود معتمدية العامرة البارحة بعد إشتباكات بين مهاجرين غير نظاميين من دول جنوب الصحراء    وزارة الفلاحة توجه نداء هام الفلاحين..    "فيفا" يقترح فرض عقوبات إلزامية ضد العنصرية تشمل خسارة مباريات    جندوبة: وزير الفلاحة يُدشن مشروع تعلية سد بوهرتمة    عاجل: "قمة البحرين" تُطالب بنشر قوات حفظ السلام في فلسطين..    هل سيقاطعون التونسيون أضحية العيد هذه السنة ؟    106 أيام توريد..مخزون تونس من العملة الصعبة    اليوم : انطلاق الاختبارات التطبيقية للدورة الرئيسية لتلاميذ الباكالوريا    سوسة: الإطاحة بوفاق إجرامي تعمّد التهجّم على مقهى بغاية السلب باستعمال أسلحة بيضاء    ناجي الجويني يكشف عن التركيبة الجديدة للإدارة الوطنية للتحكيم    المعهد الوطني للإحصاء: انخفاض نسبة البطالة إلى حدود 16,2 بالمائة    سيدي بوزيد: انطلاق الدورة 19 من مهرجان السياحة الثقافية والفنون التراثية ببئر الحفي    رئيس الجمهورية يبحث مع رئيس الحكومة سير العمل الحكومي    قيس سعيد يُؤكّد القبض على محام بتهمة المشاركة في وفاق إرهابي وتبييض أموال    عاجل: متحوّر كورونا جديد يهدّد العالم وهؤلاء المستهدفون    ظهورالمتحور الجديد لكورونا ''فيلرت '' ما القصة ؟    الأيام الرومانية بالجم . .ورشات وفنون تشكيلة وندوات فكرية    محمد بوحوش يكتب...أدب الاعتراف؟    الخُطوط التُونسية في ليبيا تتكبد خسائر وتوقف رحلاتها.    بطولة اسبانيا : أتليتيكو يهزم خيتافي ويحسم التأهل لرابطة الأبطال الاوروبية    إصدارات.. الإلحاد في الفكر العربي الإسلامي: نبش في تاريخية التكفير    زلزال بقوة 5.2 درجات يضرب هذه المنطقة..    استشهاد 3 فلسطينيين بنيران جيش الاحتلال في الضفة الغربية    أمراض القلب والجلطات الدماغية من ابرز أسباب الوفاة في تونس سنة 2021    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"عدنان منصر" ل "التونسية": رجال أعمال موّلوا حرق مؤسسات واعترفوا !.. في المشهد السياسي هناك "النهضة" ثم.. الفراغ! و حكومة "السبسي" كانت امتدادا لحكومة "بن علي" ولذلك حاولت منع اقصاء التجمعيين

- على الديمقراطية ألا تقدم لأبناء الدكتاتورية فرصة الالتفاف عليها
- حقوق البغدادي المحمودي في تعذيبه لا في عدم تسليمه
كيف السبيل إلى محاورة الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية دون أن تبرز أمامنا بين السؤال والآخر لافتة «واجب التحفظ»؟ وكيف يمكن الجمع بين الرسمي والشخصي غير المتحفظ، في شخصية واحدة ؟ بدت المسألة عصية على الفهم ولكن تتالي الأسئلة واسترسال الضيف في تفسير مواقفه بكل حماس أذاب هذه الاشكالية وقطعَ الخيط الفاصل غير المرئي بين الرسمي المتحفظ والذاتي المنطلِق والمتحرر. فكان هذا الحوار المطوّل وكانت الأجوبة المفصَّلة التي لا نعرف حدود التحفظ فيها من عدمها ولا حدود الذاتي لعدنان المنصر كمثقف ومفكر. التفاصيل بين سطور هذا الحوار المطول.
منصب الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، هذا المنصب بقي غامضا لدى العامة، هل هو «صباب ماء على اليدين»؟
- ليس صحيحا أنني «صبّاب ماء على اليدين»، لأنه يفترض أن يكون الناطق الرسمي مُستوعِبا لكل الأوضاع المستجدّة والمواقف. فرئيس الجمهورية على سبيل المثال لا يُبَيِّن لي كل ما يريد قوله إزاء كل القضايا، فهناك مسائل خرجت فيها بياناتُ الناطق الرسمي دون استشارة الرئيس مطلقا لأنني أعرف موقفه في بعض الحالات وأحيانا هو يطلب مني أن أصْدِر بيانات دون أن يعطي موقفه!.
فالناطق الرسمي قبل كل شيء هو الذي يعبر عن المواقف الرسمية للرئاسة. ما عدى ذلك فهي مواقف غير رسمية! فرئيس الجمهورية بإمكانه التعبير والناطق الرسمي ومدير الديوان في بعض الحالات أيضا. والهدف من ذلك هو تحديد الموقف بوضوح للرأي العام والإعلام ولهذا السبب، فإن الناطق الرسمي عادة مايكون مستشارا وقريبا جدا من الرئيس، يحضر ويشارك في النقاشات وإذا كنتُ «صورة» كما يقال فبالإمكان أن يوظفوا أي موظف بسيط للتصريح بهذه الأشياء.
هو منصب حساس خاصة أن فيه شبه احتكار للتعبير عن المواقف الرسمية للرئاسة وهو ما لسنا متعودين عليه سابقا. فالناطق الرسمي سابقا كان لا يتكلم مطلقا. هدفنا هو توضيح المواقف أولا ووضع عنوان لمن يريد الحصول خاصة على موقف رسمي وعلى معلومة (المعلومات هي أساسا من اختصاص دائرة الإعلام والاتصال)، لكن مواقف السياسة الخارجية ومواقف القضايا الحساسة والمواقف التي تستدعي توضيحا قويا، عادة الناطق الرسمي هو من يقوم بها.
هل الموقف للرئيس والصياغة لكم أم أنك تعطي موقفك ويبقى القرار الأخير له؟
- رئيس الجمهورية يصوغ عادة مواقفه بطريقة جماعية بينه وبين مستشاريه وما نحن بصدد فعله هو أن تتحول الرئاسة من الفردانية، مِنْ شخصية الرئيس، إلى عمل جماعي. صحيح أن ذلك لا يحدث بنفس النجاعة دائما لكن الإرادة هي أن يكون هناك تشاور حول المواقف والكثير من الأشياء التي يجب أخذ مواقفَ منها. فالناطق الرسمي بوصفه مستشارا يحضر في هذه اللقاءات التشاورية ويشارك في النقاش وعندما يستقر الرأي على موقف معين يصبح هو المُطالَب بالتعبير عنه، فالمسألة ليست أن الرئيس له موقف خاص به والناطق الرسمي يتولى الصياغة، أحيانا الرئيس يتدخل في الصياغة التي أقوم بها لموقف وقع الاتفاق عليه جماعيا. فالعملية تشاركية فعلية وكل المستشارين المقربين من الدائرة المباشِرة لهذه الأمور يعطون رأيهم في البيان في معظم الحالات. إنها فِعْلُ تحويل الرئاسة من مؤسسة حول شخص إلى مؤسسة حقيقية تتكون من رئيس جمهورية طبعا بوصفه مُمثِلا للبلاد، لأن مواقفه ليست شخصية وإنما مواقف المؤسسة.
ألم يتفرد الرئيس يوما بالقرار رغم اتخاذكم لمواقف مغايرة؟
- من الممكن في الجزئيات وهذا طبيعي لأن المستشار رأيه غير مُلزَم ولا يجب أن يكون غائبا، فيمكن لرئيس الجمهورية أن يكون له موقف وللمستشار موقف مغاير ولكن الرئيس بإمكانه الاحتفاظ بموقفه العام والتعبير عن موقفه الخاص. وهنا فإن المستشار ملزم بالتعبير عن موقف رئيس الجمهورية الخاص بالطريقة التي يريدها بالرغم مِن أن هذا نادرا ما يحصل وكان في مستوى الجزئيات وليس في الموقف الكلي(بمعنى حصوله واقعا).
نريد المزيد من التوضيح حول استقالتك في مثل هذا الشهر من العام الفارط من الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والانتقال الديمقراطي ؟
- لقد عبرت سابقا عن الأسباب التي دفعتني في مقال. الاستقالة جاءت بعد قمع اعتصام القصبة 3 وبعد الأحداث التي جدت في جامع القصبة والاعتداءات الكبيرة التي وقعت من طرف حكومة الباجي قائد السبسي. ما أزعجني أكثر أن الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة صمتت عن ذلك ولم تعر المسألة أية اهتمام باعتبار أن هؤلاء المعتصمين هم أناس قريبون من «المؤتمر» أو «التكتل» أو غير ذلك بمعنى أن هذا هو موقف سياسي وليس موقفا يليق بالهيئة العليا وبالمهمة التي كانت مطالبة بالقيام بها (وتناسى أن المعتصمين هم أقرب إلى «النهضة» بالأدلة القاطعة). وتحفظاتي على الهيئة بالرغم من أنني كنت ناشطا داخلها كانت واضحة وعبرت عنها في نصوص وأنا عضو داخلها ومن بينها بيان 6 جوان وبيان ال13 عضوا الذين نبهوا خلاله إلى التجاوزات التي تقوم بها الهيئة العليا في صلاحياتها وفي مهامها.
كانت وظيفتها إجمالا تحضير الانتخابات وكان إيجابيا بصفة عامة لكن مشكلتها أن التمثيل كان على عكس الأفران الحقيقية للمشهد التونسي ولهذا السبب عندما تراقب اليوم المجلس التأسيسي تلاحظ أنه نقيض للهيئة العليا، فقد وقع إغراقها بما يسمى بالشخصيات الوطنية، لدرجة أن الشخص أصبح شخصية وطنية دون أن يعرفه العامة، فمن الممكن أن يكون فيلسوفا أو كاتبا أو غير ذلك إلا أن الشارع يجهله في حين أنه يمثل ثلث الحزب مثل ما حصل مع حركة «النهضة» التي يمثلها 3 أعضاء.
فطبيعة اختيار الشخصيات الموجودة في الهيئة العليا كان اختيارا مقصودا (بينت الانتخابات أن اتجاه الهيئة لا يعبر عن الإرادة الحقيقية لمعظم التونسيين). لا أستطيع القول إن الأطراف السياسية التي كانت تعمل في الهيئة كانت تشتغل ضد أهداف الثورة وفي معظم الأحيان لا أشك في نواياهم السليمة لكن عندما تتناول الموضوع في إطار التنافس السياسي الذي يصبح صاحب الأولوية يصبحون غير متفقين على الوظيفة التي يُفترض أن الهيئة كانت تقوم بها. فإذا ما قلنا إنّ الهيئة العليا كانت مكلفة بإعداد قانون الانتخاب وتكون لجنة الإشراف على الانتخابات قد نجحت، وإذا ما كانت وظيفتها هي إعداد قانون الصحافة وقانون الأحزاب والسمعي البصري إلى غير ذلك (وقد لاحظنا ذلك في قانون الصحافة حيث أن نصاب الجلسة لم يكن موجودا وهو ما يعتبر فضيحة خاصة أن التصويت قد قام به 40 أو 50 شخصا فقط) فهناك رغبات لبعض الأشخاص داخل الهيئة العليا في توجيه الحياة السياسية وجهة معينة وكشفت الانتخابات غياب الحجم الذي كانت تدعيه هذه الوجهة..
ترشحت لانتخابات التأسيسي كرئيس قائمة طريق السّلامة للائتلاف الديمقراطي لعبد الفتاح مورو،أي كمستقل لماذا ؟ وماهي دوافعكم؟
- لقد قمت بتكوين هذه القائمة وكنت سأدخل الانتخابات كقائمة مستقلة لا تنتمي إلى أي ائتلاف آخر ثم صارت محادثات بيني وبين أعضاء الديمقراطي المستقل خاصة السيد رضوان المصمودي وصلاح الدين الجورشي على أساس أن القائمة تكون عضوا في الإئتلاف الديمقراطي المستقل فتمت المسألة على هذا المنوال أي أن الائتلاف لم يُمْل علي أي شيء في المواقف وعلى مستوى المضمون كنا على نفس الموقف في القضايا الأساسية إجمالا ولكن تلك القائمة لم تكن تابعة ل«هرمية» بمعنى أنه لم تكن هناك هرمية مالية ولا وجود لقائمات دفعت بالأموال للائتلاف ولا العكس. إن القائمات المستقلة عندما يتعلق الأمر بالائتلاف تصبح المسألة ما بين القائمة المستقلة الفردية وبين تحالف انتخابي.في هذا المستوى قائمتنا كانت في شكل تحالف بين مجموعة من القائمات ولكن لم تكن حزبا سياسيا، لم يكن أعضاؤها متفقين بصفة كلية على جميع المسائل وقد صرحنا بذلك فليس من الضروري أن يدافع الأعضاء الذين سيكونون نوابا بالتأسيسي عن ثقة الأفكار لأن هذا الائتلاف هو خاص بالانتخابات فقط والمسألة هي مسألة مردودية ونجاعة وليس تحالفا سياسيا على المضمون.
هل أنت حاليا مستقل تنظيميا؟
- أنا غير منتم إلى أي حزب وأعتقد أنه في سني قد مرّ زمن الانتماء إلى الأحزاب وأول الدروس التي تلقيتها من الانتخابات خاصة أنني لم أفز وكنت من الصفر فاصل أن عصر المستقلين في تونس انتهى قبل أن يبدأ وأنه على المستقلين الذين ينوون الترشح إلى الانتخابات مستقبلا أن يفكروا جيدا وينقصوا من النرجسية خاصة بعد أن أثبتت الانتخابات أن الناس تختار عناوين وخيارات واضحة لا تدخل في تفاصيل الأشخاص، وأن الانتخابات من الواجب أن يكون لها آلة معقدة. ليس معنى هذا أنني سأنتمي ضرورة إلى حزب بل قلت إن المستقلين الذين ينوون البقاء في ممارسة الشأن السياسي وجب أن يعملوا باستقلال بعيدا عن حسابات الربح والخسارة وبالتالي أنا شخصيا أعتبر نفسي من الحزام المحيط ب«الترويكا» كحزام دعم لها، داعما ل«المؤتمر» و«التكتل» و«النهضة» في التقاء هذه الأطراف بعضها ببعض.
هل ننتظر أن نراك يوما في حزب «المؤتمر»؟
- هو ليس بالأمر المستحيل لكنني أرى أن فاعليتي تكون ناقصة جدا عندما أنتمي إلى حزب أو أشتغل من داخل حزب. لا أعتقد أنني سأحمل إضافة لأي حزب على المستوى التنظيمي أو غيره بالعكس أعتقد أن لي دورا في أن أساهم في حماية مثل هذا التحالف.
لكن الحزب الأقرب اليك هل يكون «المؤتمر»، «التكتل» أم «النهضة»؟ لو فكرت للحظة أن تنتمي لأحدهم؟
- لنترك ذلك إلى الوقت! أنا أعتبر أنه من معظم الأفكار التي أتبناها هناك حزبان بإمكانهما أن يكونا الأقرب سياسيا لأفكاري التي أحملها هما «المؤتمر» و«النهضة»، لكن أنا من الأشخاص الذين لا يعتقدون أنه هناك داع لحزب ديني في تونس وأرى أن مستقبل «النهضة» هو في تطوره إلى حزب مدني. وهذا التطور يقع على أرض الواقع وقلت ذلك منذ أشهر ولكن بعض الملاحظين اعتبروا أن في ذلك نوعا من التساهل في الحكم مع «النهضة» لكن سلوكها منذ الانتخابات أثبت أنها تتطور شيئا فشيئا لتكون حزبا مدنيا يعتبر أن النظام الجمهوري هو نظام مؤسسات ينتخبها المواطنون على أسس من الاتفاق بينهم وبالطرق الديمقراطية وأنه ما ينفع الناس يتفق عليه الناس أنفسهم وأن كل ما يدخل في حلقة الدين يبقى بين الإنسان وخالقه مع بقائه دافعا أخلاقيا في خدمة الشأن العام. ما عدى ذلك أعتبر أن كل فضاء أو حقل ديني هو حقل حميمي خاص بين الإنسان وبين خالقه له مساهمة في دعم الالتزام بالشأن العام على المستوى الأخلاقي لكن لا يعني ذلك أن مَن لا يكتسب الواعز الديني لا ينفع الناس ولكن يمكن أن يكون كما الإنسان الذي يدعي التدين فيشغل ذلك لخدمة نفوذه ومصلحته الخاصة. هذه المسألة ليست مرتبطة بشكل الحزب أو باسمه الذي أنت تنتمي إليه وتدافع عنه بل مرتبط برؤيتك للشأن العام أي أنه يكون هناك حد أدنى من الأخلاق في التعامل مع الشأن العام.
وعندما أتحدث عن الأخلاق فمن الممكن أن تكون ذات منبع ديني أو خالية من ذلك ولا يعني ذلك أن الإنسان غير المؤمن أو الملحد لا يكتسب أخلاقا هذا غير صحيح كما أن الإنسان المتدين ليس بالضرورة مجردا من الأخلاق التي تمنعه من الفساد فالمسألة نسبية والضمان هي المراقبة.
ليس لي تناقض مع العديد من الأحزاب داخل الساحة لكن أعتبر أن حياتنا السياسية في مرحلة انتقالية كذلك الشأن بالنسبة لحياتنا الحزبية لأنه وبعد حل حزب التجمع السابق على مستوى الحضور في الشارع وعلى مستوى النضج التنظيمي وعلى مستوى الالتزام بمؤسسات داخل التنظيم، هناك حركة «النهضة» ثم هناك شبه الفراغ. وهذا الفراغ يعني على مستوى العمل داخل الهياكل والمؤسسات الحزبية أنه ليس هناك ما هو أكثر نضجا من ممارسات حركة «النهضة» حسب نظري وأعتقد شخصيا أن هناك ما لا يقل عن ال100 حزب «زايدين» وأنه عوضا عن مهاجمة «النهضة» أو مهاجمة حزب لحزب آخر وجب على الأحزاب أن تقلل من نرجسيتها وتحاول أن تتعلم من الخصوم أو من المنافسين التي تدعي أنها تنقدهم وأنها تحاول مقاومة هيمنتهم على الساحة لأن أول أسباب وعوامل التطور أن خصمك إذا ما تفوق عليك وجب أن تحاول أن تستفيد من العناصر التي جعلته متفوقا وهو ما يتطلب نوعا من التواضع خاصة أن هناك أحزابا تكرر نفسها.
ففي البلاد التي شهدت نشأة الحزبية بطريقة طبيعية نجد أن فئة اجتماعية لها مصالح وآراء هي من تنتج حزبها الذي سيدافع عنها لكن في تونس نملك العكس هناك من يطرح فكرة حزب ثم يبحث عن جمهور أو عن فئة وطبقة لهذا الحزب. وهو ما جعل أن اليمين في تونس له ما لا يقل عن 70 حزبا، اليسار كذلك والوسط 40 أو 50 حزبا فالظاهرة الحزبية في تونس هي ظاهرة قابلة للتطور ووجب أن يتجه تطورها نحو مزيد من حصر الفضاء السياسي عن طريق اندماج الأحزاب في بعضها البعض لكن ذلك يتطلب أن تتخلص القيادات من مرض النرجسية.
أحداث العنف الأخيرة خلفت نقاط استفهام حول أمن تونس ؟
- أحاول دائما أن أكون متفائلا وهذه قناعة بالنسبة لي وبالنظر إلى ما حصل مؤخرا على مستوى يتجاوز الأحداث التي وقعت فإننا أجمعنا على موقف وطني التف حوله كل الناس في رفض العنف والتطرف ورفض استفزاز المشاعر الدينية فهذا هو الرأي العام .إن تونس دولة عريقة ومجتمعها متجانس وعريق في تعايشه ومهما تكن الخلافات السياسية وما حصل ليس بالجديد بل تتالى بعد الثورة إذ نعيش نفس السيناريو، احتجاجات مشروعة في شكلها وفي مضمونها تحولت بتدخل عناصر خارجة عن المنطق الأصلي إلى أحداث عنف وحرق وغير ذلك فتضطرب الساحة.
لكن هذه المرة كانت الأقوى بمعنى آخر ألم يكن لك تخوفات على مستقبل تونس؟
- ردة فعل الجميع بينت خوفهم على تونس وهذا هو الرأي العام فقد نختلف في كل شيء إلا في ضرورة أن نضمن السلم الوطني الذي لا يتحقق دون وحدة وطنية وهذه الوحدة لا يمكن أن تكون إذا لم يكن هناك إحساس بدولة وهناك مجتمع موحد يحمل أهدافا واحدة ومنطلقا واحدا، هذه مقاييس الأمم الكبيرة وهذا يؤكد لنا أننا فعلا مجتمع متجانس مهما كانت الاختلافات.
قلتم في تصريح سابق إن المواجهة ليست بين الحكومة والمعارضة بل بين فلول النظام السابق والمستقبل الممثل في قوى الثورة؟
- شخصيا لا أقسم الساحة بين حكومة ومعارضة لأنه تقسيم خاطئ فإذا ما كان موقف الحكومة وموقف جزء كبير من المعارضة متجانسا يصبح هذا التقسيم غير فعال نحن نحتاج إلى التقسيم للحصول على التمايز لكن إذا تشابهت المواقف يكون التقسيم خطأ. نحن الآن في مرحلة وسطى بين الماضي والمستقبل، المستقبل بما يعنيه من دولة مؤسسات حقيقية يراقب بعضها البعض، دولة تقوم على مؤسسات منتخبة بطريقة ديمقراطية وشفافة، تكون عادلة إزاء الجميع وهدفها خدمة الشأن العام. فكل مستفيد من الأحداث التي جدت بالنسبة لي بإمكانك أن تقول إنه التجمع أو غيره فهذا ثانوي بالنسبة لي لكن أنا أسميه النظام القديم وأنا لا أتحدث عن حزب أو تيار سياسي معين أنا أتحدث عن نظام مصالح وظرفية تاريخية التي تندلع خلالها اضطرابات عندما تبدأ الحكومة في القيام بضربات موجعة للفساد وللفاسدين. الرسالة واضحة أنا أتهم شبكات الفساد المالي وشبكات المخدرات وتجار الخمور والأدلة واقعية ومنطقية جدا. على سبيل المثال لا توجد منطقة عاشت أحداث تخريب ليومين متتاليين فالشغب يكون دائما ليوم واحد لأن هؤلاء من حرضوهم على الحرق والتخريب قد تلقوا أجورهم ليوم واحد يعني أجر يوم تخريب وسبق أن رأيتهم صدفة عندما بدأت الأحداث في المرسى كنت هناك كانوا شبابا تراوحت أعمارهم بين 15 و17 سنة هذا لا ينفي عدم مشاركة السلفيين لكن هناك أموال دُفعت من أجل إثارة تلك الأحداث والسؤال المطروح مَن الأطراف المستعدة لدفع الأموال للناس لتخرب؟
ليس من حقي أن أخوض في أسرار التحقيقات لكن لدي معلومات أكيدة أن بعض رجال الأعمال دفعوا أموالا لحرق بعض المؤسسات في الأحداث الأخيرة وأقروا بذلك في التحقيقات . هؤلاء بالنسبة لي هم الأشخاص غير الراضين عن المسار الذي عرفته البلاد مؤخرا مثل عودة ارتفاع المؤشرات الاقتصادية وتحسن الوضع الاجتماعي والقدرة الشرائية.
حسب تصريحاتك فإن السلفيين لم يكن لهم أي دور في الأحداث الأخيرة؟
- كان للسلفيين دور كبير لكن إذا ما تمعنا في ظاهرة السلفية في تونس نلاحظ أنها تحمل فوارق فهناك العلمية والجهادية وأطراف السلفية الجهادية لم تشارك كاملة في العمليات الأخيرة والتي شاركت مؤخرا لم يكن تدخلها غيرة على الدين. فكما نعلم التيار السلفي هو تيار ممتد ولكن ليس بتيار حزبي ذي تنظيم فمن السهل أن تلبس قميصا وتطلق اللحية لتصبح سلفيا ولهذا السبب الكثير من السلفيين الذين قبض عليهم مؤخرا اتضح تورطهم في 5 قضايا حق عام بالنسبة لكل شخص منهم أي لهم سوابق وهذا لا يعني أن جميع السلفيين هم متورطون في قضايا حق عام كما لا يعني أن كافة أعضاء السلفية الجهادية مجرمون فالسلفية هي ظاهرة مخترَقة من شبكات الإجرام حاليا. ففي الأحداث الأخيرة بالكرم كانت هناك عناصر سلفية تقوم بالحرق وكانت في حالة سكر شديد.
هل نسميهم سلفيين أم لا؟
- هناك مبدعون في تونس أطلقوا عليهم لفظة «ملتحين» و«الملتحون» هو أن تجعل من كتلة فيزيولوجية عنوانا لتيار فمن السهل أن على كل من له مشاكل مخدرات أو غيرها أن يطلق «اللحية» ويلبس قميصا وهذا معروف في العالم أجمع أن ظاهرة السلفية هي «مخترقة» ومثلنا في ذلك مقتل «أبو مصعب الزرقاوي» بالعراق. شبكات الإجرام والعصابات في تونس كلها تحمل الرغبة في أن تبرز في لون يعطيها الحصانة.
عندما حاول السبسي فترة ترؤسه للحكومة مراجعة الفصل 15 الذي يقصي التجمعيين من انتخابات التأسيسي، قلتم «إذا حدث ذلك فرجاء، أعيدوا لنا المخلوع»، فما هو موقفكم الآن حول نية إقصائهم في الانتخابات القادمة ؟
- كتبت مقالا في هذا الغرض اسمه «يا أبانا الذي في الحكومة ستتأجل الانتخابات وستتحملون بمفردكم المسؤولية» قبل الإعلان عن نتائج الانتخابات .حكومة السبسي التي كانت تواصلا للمنطق القديم ولحكومة محمد الغنوشي وتواصلا لحكومة بن علي نفسها ليس من مصلحتها أن تقصي التجمعيين ولهذا السبب فإن القانون الانتخابي الذي أعدته الهيئة العليا بقي في مكتب الأستاذ الباجي قائد السبسي أكثر من شهر في إطار الضغوط على الهيئة من أجل حذف الفصل 15 لكن كلمة للتاريخ أن الهيئة العليا بمعظم عناصرها رفضت ذلك رفضا باتا وأعتقد أن ذلك طبيعي جدا في وضعنا بعد الثورة إذ لم يقع نصب المشانق لهم ولم تُحرق بيوتهم ولا أملاكهم ومازالوا يحافظون على كافة حقوقهم كمواطنين، فمن حق التوانسة أن يبتعد هؤلاء ولو قليلا عن الساحة السياسية حتى تبنى المؤسسات من جديد.. يبتعدون لفهم المسار الجديد وسيحصل التونسي على فرصته لبناء مؤسساته بطريقة مختلفة عن القديمة. بعد ذلك تكون الصيغة التي تخول لهم العودة إلى الحياة السياسية ولكن أعتقد وهذا رأيي الخاص أن الفصل 15 هو قرار في مكانه وآمل أن نواب التأسيسي يعيدون اعتماد هذا الفصل.
ألا تعتقد اننا بهذا التصرف سنعيد إنتاج دكتاتورية أخرى؟
- إن الدول لا تبنى بالنوايا الطيبة، هناك فرق أن تعمل في دولة وأن تنشط في جمعية حماية البيئة. النوايا الطيبة لها مكانها لكن هناك قرارات تحدد اتجاه الدولة قلنا إن ثورتنا سلمية وحضارية ونظيفة لكن وجب ألا يعيد ذلك انتاج قيم النظام القديمة.
رأيي أن من ساهموا في ترسيخ الدكتاتورية وكانوا أعوانا في خدمتها غير قادرين على بناء الديمقراطية. فالدكتاتورية لها أبناؤها والديمقراطية كذلك. وجب ألا تقدم الديمقراطية لأبناء الدكتاتورية الفرصة للالتفاف عليها. وشخصيا أعتقد أنه وجب إقصاء رموز النظام السابق من الحياة السياسية لمدة لا تقل عن دورتين برلمانيتين متتاليتين.
ألا تعتقد أن قرار غلق العبدلية مجانب للصواب ورسالة موجهة للفنانين خاصة؟
- أولا «العبدلية» ليست بدار ثقافة فهي مَعلَم يُفتح في مناسبات معينة ويغلق بعد ذلك. عندما يصرح وزير الثقافة بغلق «العبدلية» فهذا طبيعي لكن شكلا، فإن التصريح بذلك قد يعطي رسائل خاطئة وللتوضيح فإن هذا المعلم ليس فيه إطار أو أشخاص يشرفون عليه، ثم في مثل هذه الأحداث أنت مضطر لغلق معلم حماية له لأن العبدلية له تاريخ وحتى من ناحية الاحتياط لما قد يتعرض له من ضرر يقع غلقه احتياطيا. قد تكون المسألة قد فهمت بطريقة خاطئة ولكن كان يجب التوضيح منذ البداية وأعتقد أن وزير الثقافة قد وضح ذلك في ما بعد.
حسب رأيك ماهو الخط الفاصل بين الإبداع والمساس بالمقدسات؟
- هذا ليس بعلم صحيح، هذا يخضع للتقدير يعني من الممكن أن يكون ما نعتبره حرية تعبير في تونس «كبيرة» من «الكبائر» في بلد آخر وهناك أشياء تعتبر في الغرب مثل حرية التعبير مسألة مضمونة نعتبرها في مجتمعنا مسا من المقدسات، فالمسألة مسألة ثقافية ومسألة تخضع للمزاج والذوق والعام.
أرى أن الضمان وجب أن يكون له إلمام بالظرفية يعني على سبيل المثال ما قيمة مثقف أو عمل فني إبداعي يقوم به صاحبه وقد يؤدي به الى فقدان حياته، أنا أعتقد أن أهم شيء عند الانسان هو حفظ قدرته على الإضافة، إذا ما قمت بعمل في وضعية معينة قد يفهم بطريقة خاطئة جدا وبطريقة فيها جانب كبير من الاستفزاز وبطريقة تؤدي الى تبعات كبرى.
هناك هشاشة للوضع ولتجاوز هذه الهشاشة، وضمانا بالتالي لحرية التعبير وسيادة القانون وجب أن يعي الجميع بهشاشة هذا الوضع، مثالنا في ذلك عندما أصبحت حرية التنظيم مضمونة فليس بإمكان وزارة الداخلية أن تمنع حزبا سياسيا يخضع للقوانين من حق التأشيرة، فالوزارة وجب أن تراعي هشاشة الوضع ونفس الشيء بالنسبة للآخرين وهذا لا يعني أن الدولة لا تحمي الفنانين إنها تحميهم كمواطنين لكن حماية سلمية الوضع هي مسؤولية الجميع فإذا ما تناقشت مع شخص متوتر جدا عن الفن لن يفهمني ولن أستطيع التأثير في واقعه.
ما حصل في معرض العبدلية شُوِّه في الجهتين بعض اللوحات التي قالوا أنها موجودة لم تكن كذلك وبعض اللوحات التي أنكر الجانب الآخر وجودها كانت فعلا موجودة، فتحولت المسألة الى مسألة ذات طابع سياسي وهذا خطير فهل أن الفن مستقل عن السياسة؟ وهل أن الفنان مستغن عن فهم الظرفية وهشاشة الوضع؟ إن الفنان لا يرسم تاريخ الشعوب بل هو يصوغ ثقافة وهو جزء منها وهو أكثر الناس وعيا بالظرفية ولذلك فهو اليوم ينظر الى هذا المشهد ويقوم بتصويره بطريقة معينة، ثم التضخيم من بعض الحالات والقول أن كل هذا استفزاز صراحة لا يبرر العنف.
هل لاحظت استفزازا في المعرض؟
- أنا لم أر المعرض ولم أزره لكن هناك موقع المعرض، إن حماية الذوق العام والمشاعر ليس مهمة كل فرد، هذا دور الدولة وأهم من الدولة هو حماية السلم الوطني، ولا يعني ذلك التنازل عن الأسس التي ستقوم عليها المواطنة وحرية التعبير فيها حرية مطلقة لكن لا يعني ذلك أن نتجاهل ضوابطنا وهذا لا يحمل اعتداء على الفن.
هناك رقي في التعبير على مشهد وكيفية رسمه وجب أن يبلغه الفنان، وجب ألا يكون هذا الرقي أحيانا بالرمز، فأحيانا تستطيع إبلاغ فكرتك بطريقة أذكى من تلك الطريقة.
هناك ابتذال في اللوحات؟
- بعض اللوحات فيها ابتذال ولا تدل على رقي فني وهذا رأيي الشخصي، لست ناقدا فنيا وفي الفن أؤمن بأن الإيحاء أبلغ من المباشر.
لوحة النمل هل هي مستفزة؟
- تقدمت في هذا المستوى العديد من القراءات ومن بينها القراءة العجيبة أن النمل يسبّح وهو موجود في القرآن، فلو سئل صاحبها قبل الأحداث، لأجاب بطريقة مغايرة! أتصور أنه من الممكن تلافي العديد من المشاكل عندما نضع المحافظة على السلم الوطني مقياسا، أنا أفضل أن يكون فنانا يتفهم هشاشة الوضع وقد لا يعبر عما يريد بالضبط ويبقى سالما جسديا، على فنان يعبر بالطريقة التي تحلو له ثم يتعرض إلى الاعتداء أو ما شابه!!، هناك حالة وسطى متفق عليها، تخوّل لنا تفهم العديد من الأشياء التي نتصرف على أساسها.
ملف البغدادي المحمودي أين وصل؟ متى سيتم تسليمه؟
- ما نقوله إن البغدادي المحمودي سيسلم (اجري هذا الحوار قبل تسليم البغدادي المحمودي بثلاثة أيام) بما أن القرار قد اتخذ لكن المسألة مسألة توقيت والتوقيت مرتبط بظروف وهي توفر أسس محاكمة عادلة وإلى حد الآن هي غير متوفرة، فليبيا دخلت في حملة انتخابية ولا أعتقد أن الحكومة الليبية الحالية مصرّة جدا على تسلم البغدادي في ظروف مماثلة، وقد تمت محادثة هاتفية مؤخرا بين رئيس الجمهورية والمستشار مصطفى عبد الجليل واعتبرت القضية موجودة وللتباحث وليست بالقضية الكفيلة بتعطيل العلاقات بين تونس وليبيا أو بالتالي هناك تفهم ليبي للحرج التونسي وهناك تأكيد تونسي على ضرورة توفير شروط المحاكمة العادلة.
في مسألة تسليم المتهمين بجرائم، فإن حفظ حقوق الإنسان ليس بعدم تسليمه، وحقوق الإنسان ليست في منع التسليم أو منع المحاكمة، بل في منع التعذيب وتونس برئاساتها الثلاث متفقة على هذه النقطة وسترون أن القرار سيكون موحّدا.
التسليم لم يحن وقته ولا أعتقد أن السلطات الليبية مستعدة لتسلمه وهو موقف ورأي خاص، وستكون هناك إجراءات أمنية خاصة في صورة التسليم.
نفت الحكومة أية صفقة سياسية أو اقتصادية مقابل قرار تسليم البغدادي لكن بعض الأطراف الحقوقية مازالت مصرة على ذلك؟
- ما هي الصفقة ومدى شروط اتمامها وإنجاحها مع حكومة ليبية سترحل بعد أسبوعين، بالعكس الصفقة الصحيحة تقول أن تتفاوض مع الحكومة الجديدة، ماذا تملك هذه الحكومة من قدرة على الايفاء بالتزاماتها إذا التزمت بشيء في إطار صفقة مماثلة، الحساب الأصح هو أن تتفاوض مع حكومة قادرة على تنفيذ التزاماتها والواقع أن ليبيا في وضع انتقالي أكثر هشاشة من تونس، وبالتالي لو تعلّق الأمر بصفقة فعلا لكان التفاوض مع الحكومة المنتخبة الجديدة.
لماذا قلتم أن مقال «حتى لا تحفر الحكومة قبرها وقبر الثورة»، خطأ مهني ويمس من واجب التحفظ؟
- المقال لم يكن خطأ وقد اعتذرت لرئاسة الجمهورية عن ذلك المقال شكلا، لكن كنت على وعي بمضمونه وكان له مفعول إيجابي لأنه فهم في ما بعد على أساس ما أراد صاحبه أن يبلغه وهو ضرورة اتخاذ إجراءات قوية تجاه الفساد وتشجيع الحكومة على اعتبار أن مقاومة الفساد هو أولوية الأولويات.
لكن واجب التحفظ لا يلزمك بالسكوت على الأخطاء؟
- عملية نشره لم تكن خاطئة ولم أعتذر عن مضمون المقال بل اعتذرت لما سببته من احراج لرئيس الجمهورية لأن الأمر فهم وكأنه قد أوحى به رئيس الجمهورية أما بالنسبة لمضمونه لا أعتذر عنه، ورأيي أن المسألة كانت «تستحق وتستأهل» ارتكاب ذلك الخطأ وكنت على يقين أنني بصدد ارتكاب خطأ عندما كنت أحرره، واعتذاري هو عن سوء فهم بالنسبة لرئيس الجمهورية. المقال فهم وكأنه يعبر عن موقف رئيس الجمهورية وهنا يكمن الحرج.
هل تعتقد أن الحكومة أخطأت البوصلة؟
- هو نقد من داخل المنظومة قبل كل شيء فمن يقرأ العنوان يفهم أن خوف صاحب المقال هو من أن تفشل الحكومة في حماية تجربتها الحالية وفي مقاومة الفساد وفي تحقيق أهداف الثورة، فهو إذن خوف على الحكومة أكثر منه انتقادا لأنها انتقدت من داخل المنظومة. قناعاتي الشخصية، أن ذلك المقال قد جاء في وقته، وكلهم توصلوا الى فهم أن غاية صاحب المقال هو الخوف من فشل الحكومة وإعادة تصويب الوضع.
البقية في العدد القادم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.