لاتزال أصداء تشكيلة الحكومة الجزائرية الجديدة تسيل حبرا كثيرا وجدلا واسعا في الوسط السياسي الجزائري مع ما حملته من مفاجآت لم تكن تتوقعها النخبة السياسية وبصفة خاصة قيادة حزب «جبهة التحرير الوطني» التي أقصي أمينها العام وزير الدولة السابق عبد العزيز بلخادم أقرب المقربين من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من التشكيلة الوزارية الجديدة. وتقول تقارير جزائرية ان التوقعات كانت تشير إلى أنّ قيادة الجبهة كانت تتوقع أن يتم تكليف بلخادم برئاسة الحكومة الجديدة لكن الرئيس بوتفليقة فاجأ الجميع ليس بتعيين عبد المالك سلال رئيسا للوزراء بل بإقصاء بلخادم من دائرة القرار. ورغم تستر قيادات «جبهة التحرير» (المعروفة اختصارا بإسم الافالان )تحت التفسيرات الدستورية، والقول إن المشرّع الجزائري منح رئيس الجمهورية مرونة غير محدودة في التعيينات، بشكل حرره من أي التزام مع الحزب صاحب الأغلبية البرلمانية، ينظر أغلب أنصار بلخادم إلى التغيير الحكومي على أنه انتكاسة سياسية للحزب العتيد وقيادته، وأن فوز الجبهة في الانتخابات التشريعية لا معنى له في عملية اتخاذ القرار، فوضع وموقع «جبهة التحرير» لم يغيّر ولم يتغير سوى كونه واجهة مدنية للنظام السياسي. وإضافة إلى خروج بلخادم وبقاء محمود خوذري الفاعل في الحركة التقويمية، (الحركة التي تطالب بتنحية بلخادم من الأمانة العامة للجبهة) سجلت عودة عبد العزيز زياري إلى الجهاز التنفيذي، وهو المعروف بمواقفه الداعية لرحيل أمين عام الحزب من منصبه، كما لم يحصل الحزب على أي من المناصب السيادية، بشكل يجعل «الأفالان» شبيها بوضع الغريب في بيته. وعلق محمد الصغير قارة، وزير السياحة الأسبق، عضو الحركة التقويمية المعارضة في الحزب بالقول: «إن عدم تعيين بلخادم في منصب الوزير الأول بيان على نزع البرنوس عنه، ودليل على أنه لا يحظى بثقة الرئيس بوتفليقة» مضيفا: «لقد حقق لنا الرئيس بوتفليقة ما كنا نسعى إليه في الحركة التقويمية بقطع الطريق أمام الرداءة»، متهما بلخادم بعدم الكفاءة في التسيير. وفتح قرار بوتفليقة بتعيين سلال رئيسا للوزراء واستبعاد بلخادم من التشكيلة الوزارية أبواب التأويل على مصراعيها ففي الوقت الذي رأى فيه البعض أن القرار يأتي في إطار التحضير للانتخابات الرئاسية 2014 التي يعتزم بلخادم خوضها ,رأى البعض الآخر أن بوتفليقة تخلى – على ما يبدو – عن حليفه وعن عدد من صقور السلطة التنفيذية لامتصاص غضب الشارع الجزائري ومنح الحكومة الجديدة فرصة لمعالجة ما أمكن من المشاكل الاجتماعية المتفاقمة.