في إطار أيام قرطاج السينمائية في دورتها الحالية عرض يوم أمس بقاعة «المونديال» بتونس العاصمة الفيلم الوثائقي التونسي «Démocratie Année Zéro» انتاج سنة 2012 واخراج مشترك بين أميرة شبلي وكريستوف كوتارا. ويتطرق الفيلم وعلى امتداد 113 دقيقة الى تاريخ تونس منذ 2008 الى غاية 23 أكتوبر 2011 موعد انتخابات المجلس التأسيسي وفوز حزب «النهضة» بالمركز الأول ضمن الأحزاب المتنافسة. ويقدم الشريط الذي أنجزه فريق تقني تونسي فرنسي مجموعة من الشهادات لشخصيات سياسية على غرار السيد المنصف المرزوقي والشيخ راشد الغنوشي ودانيال كومن (عضو البرلمان الأوروبي) وحمة الهمامي فضلا عن شخصيات نقابية على غرار عبد الناصر العويني وبشير العبيدي وسامي الطاهري ووجوه حقوقية مثل راضية النصراوي وسناء بن عاشور والمحاميين شكري بلعيد وعبد الفتاح مورو الى جانب العديد من المدونين الذين ساهموا في اندلاع الثورة من بينهم سليم عمامو وعزيز عمامي وياسين عياري ولينا بن مهني وسفيان بلحاج. كذلك قدم الشريط العديد من الشهادات لمواطنين عانوا من كبت النظام السابق وعايشوا الثورة وتداعياتها. كاميرا المخرجين طافت بنا في العديد من المناطق بالبلاد التونسية فانتقلت بنا من الرديف الى سيدي بوزيد الى القصرين الى تونس العاصمة مرورا بصفاقس وسوسة وصولا الى مدينة ماطر وراوحت أحداث الشريط بين الشهادات الحية وبين الفيديوهات المسجلة وباستثناء بعض شهادات المواطنين فان أغلب الشهادات في الفيلم فضلا عن التعليق على الأحداث جاءت كلها باللغة الفرنسية مما أبعد الفيلم عن «تونسته» اذ صنفته اللغة التي طغت على مختلف أحداثه ضمن الأفلام النخبوية رغم «شعبية» المطالب التي كانت نقطة بداية الأحداث فيه. الثورة والديمقراطية انقسم الفيلم الى محورين تطرق القسم الأول إلى أحداث مدينة الرديف أو ما يعرف بانتفاضة الحوض المنجمي سنة 2008 ومواجهة قوات الأمن للعصيان المدني آنذاك في ظل تكتم وسائل الاعلام وأبرز الشريط دور المرأة «القفصية» في تأجيج شرارة «المقاومة» من خلال شخصيتي «ياسمينة» و«ليلى» واستشهد المخرجان بفيديو عن المسيرات النسائية التي رافقت اندلاع هذه الأحداث خاصة بعد زج أغلب «رجال» الرديف في السجون وكان موت «مرتضى حفناوي» أحد متساكني الجهة يوم 30 ماي 2008 الفتيل الذي أشعل حركة شعبية شهدتها تونس لأول مرة وحسب شهادة المحامية راضية النصراوي فان أحداث الرديف كانت الامتحان رقم واحد لنظام بن علي. ثم تتتالى أحداث الشريط لتبرز دور المدونين واستعانتهم بشبكات التواصل الاجتماعي على غرار «الفيس بوك» و«تويتر» للوقوف في وجه بن علي وكشف ممارساته اللانسانية ضد شعبه ومن 2008 تنتقل كاميرا المخرجين الى 2010 و«محاربة» المدونين للصنصرة الاعلامية للنظام السابق من خلال ما يسمى ب «عمار 404»، ثم تعود بنا الأحداث الى اندلاع الثورة في سيدي بوزيد وموت محمد البوعزيزي يليه ما حدث في تالةوالقصرين وما يحدث آنذاك في تونس العاصمة وبالتحديد في ساحة محمد علي أمام الاتحاد العام التونسي للشغل. وتتواتر أحداث الفيلم لترجع بذاكرة المشاهد الى 13 جانفي وليتم تمرير بعض المقتطفات من الخطاب الأخير لبن علي وردود الأفعال الشعبية وخاصة في مدينة الكرم اثر هذا الخطاب فضلا عن تقديم شهادات لبعض الصحفيين على غرار الفاهم بوكدوس وسياسيين مثل جوهر بن مبارك والعقيد الراحل معمر القذافي (حوار حصري مع قناة «نسمة») والسيد المنصف المرزوقي الذي ذكر بتاريخ بن علي المليء بالقمع والاستبداد تحت غطاء الديمقراطية. أحداث الفيلم تطرقت ايضا الى هروب بن علي وما تلاه من اعتصامات في القصبة 1 والقصبة 2 وردود الأفعال الشعبية حول حكومة محمد الغنوشي وحكومة الباجي قائد السبسي الى حين الوصول الى انتخابات 23 أكتوبر لتنتهي الأحداث بمقر حزب المؤتمر من أجل الجمهورية واعلام السيد المنصف المرزوقي وعبد الرؤوف العيادي (حركة وفاء حاليا) بأن حزبهما احتل المرتبة الثانية في الانتخابات. توق المخرجين الى الالمام بالأحداث التي شهدتها بلادنا في السنوات الأخيرة أوقعهما في «اهمال» العديد من المحطات الهامة سواء قبل اندلاع الثورة أي الأسباب وبعد هروب بن علي أي التداعيات، اذ جاءت الأحداث «متراصة» و«مختلطة» فضلا عن كثرة الشهادات وتداخلها مع مقاطع الفيديو المسجلة مما جعل «طول» الفيلم يؤثر بشكل سلبي على جودة الصورة والصوت. وبعيدا عن مضمون الفيلم فانه وكالعادة توقف أكثر من 6 مرات بسبب أخطاء تقنية رافقته خاصة في القسم الثاني من الأحداث وهو ما يطرح العديد من نقاط الاستفهام حول الاستعدادات التقنية للقاعات المحتضنة لعروض الأيام في ظل هذا التكرار «غير المرغوب فيه» من هذه «الأخطاء». وللاشارة فإن بعض رواد السينما غادروا القاعة قبل نهاية الفيلم بسبب ما «عانوه» من ظروف العرض.