علمت «التونسية» أن نحو 15 وزارة قدمت ملاحظاتها حول مشروع القانون الأساسي للعدالة الانتقالية وسيتم على ضوء هذه الملاحظات إدخال عدد من التعديلات على المشروع الذي تداولته وسائل الإعلام في المدة الماضية ، على أن تشمل هذه التعديلات بالأساس ضبط قائمة الجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان التي سيتم التحقيق فيها باعتبار وأن النص الحالي ذكر الجرائم والانتهاكات الجسيمة ولم يحددها بالتفصيل . مصادر «التونسية» التي أكدت أن أغلب التفاعلات مع المشروع كانت ايجابية قالت إن بعض الوزارات ( الصحة والداخلية ) اقترحتا مزيد التدقيق في ضبط مهام وتركيبة اللجنة المكلفة بالتحكيم والمصالحة التي ستحدث صلب هيئة الحقيقة والكرامة والتي ستتولى سواء بطلب من الضحايا أم من الدولة إجراء الصلح بين الأطراف المعنية (الضحية والجلاد) وذلك بعد كشف الحقيقة . وعلى ضوء هذه الملاحظات لا يستبعد أن تتولى اللجنة المكلفة بإعداد هذا المشروع إدخال جملة من التحسينات على الصيغة الحالية قبل عرضها خلال مجلس الوزراء القادم على الحكومة وإحالتها إلى المجلس التأسيسي في غضون الأسابيع المقبلة، خاصة وأن الإسراع في المصادقة على هذا القانون الأساسي سيفتح الباب أمام العديد لاسترجاع حقوقهم المادية والمعنوية وهو ما جعل رئاسة الجمهورية تدعو وزارة الاشراف الى التعجيل بانهاء الصيغة النهائية للمشروع. الصيغة الأولى وقد ورد ضمن مشروع القانون الأساسي المتعلق بضبط أسس العدالة الانتقالية ومجال اختصاصها 75 فصلا موزعين على محورين اثنين يتعلق الأول بالمبادئ العامة لأسس العدالة الانتقالية، ويهتم الثاني بإحداث هيئة ستشرف على مسار العدالة الانتقالية اقترح تسميتها هيئة الكرامة والحقيقة. ويعتبر مشروع القانون الذي أعدته اللجنة الفنية للإشراف على الحوار الوطني حول العدالة الانتقالية بالتعاون مع وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية أن مسألة المساءلة والمحاسبة هما من اختصاص الهيئات والسلطات القضائية أو غيرها حسب التشاريع الجاري بها العمل. وينص الفصل 8 من مشروع القانون الأساسي المتعلق بالعدالة الانتقالية على إحداث دوائر متخصصة في التتبع والتحقيق والمحاكمة في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وذلك صلب المحاكم العدلية وهي القتل والاغتصاب أو أي شكل من أشكال العنف الجنسي والتعذيب والاختفاء القسري والإعدام دون توفر ضمانات المحاكمات العادلة. ويقرّ القانون بعدم سقوط الدعاوى الناجمة عن هذه الانتهاكات بمرور الزمن ويقترح إلغاء العمل بالفقرة الرابعة من الفصل 5 من المرسوم عدد 106 لسنة 2011 المؤرخ في 22 أكتوبر 2011 المتعلق بتنقيح وإتمام المجلة الجزائية ومجلة الإجراءات الجزائية. وبخصوص جبر الضرر ورد الاعتبار ينصّ مشروع القانون على جبر ضرر ضحايا الانتهاكات كحق يكفله القانون ويعتبر الدولة مسؤولة على توفير أشكال الجبر الكافي والفعال بما يتناسب مع جسامة الانتهاك ووضعية كل ضحية. ويقوم جبر الضرر على التعويض المعنوي والمادي ورد الاعتبار واسترداد الحقوق وإعادة التأهيل والإدماج ويمكن أن يكون فرديا أو جماعيا ويأخذ في الاعتبار وضعية كبار السن والنساء والأطفال والمعوقين وذوي الاحتياجات الخصوصية. أما بالنسبة للمصالحة فقد تطرّق إليها مشروع القانون في الفصل السادس فقط وذلك بصياغة عامة إذ أكد على أن المصالحة تهدف إلى تعزيز الوحدة الوطنية وإعادة ثقة المواطن في مؤسسات الدولة، مشيرا إلى أن المصالحة لا تعني الافلات من العقاب وعدم محاسبة المسؤولين على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. وفي ما يتعلق بهيئة الكرامة والحقيقة فينصّ مشروع القانون على استقلاليتها وحدد عملها بأربع سنوات منذ تاريخ انطلاق عملها على أن يتمّ تمديد هذه المدة مرة واحدة ولمدة سنة ويقترح بخصوص تركيبتها 15 عضوا على أن لا تقل نسبة أي من الجنسين عن الثلث ويقع اختيارهم من قبل المجلس الوطني التأسيسي من بين الشخصيات المعروفة بحيادها ونزاهتها وكفاءتها. وتمّ تحديد الضمانات والحماية الواجب توفيرها للهيئة والواجبات المحمولة قانونا على أعضائها لضمان الحياد والنزاهة والشفافية المطلوبة من ذلك وضع شروط للترشح لعضوية الهيئة من بينها ألا يكون للمترشح مسؤولية في حزب سياسي وأن لا يكون قد تقلد منصبا نيابيا أو مسؤولية حكومية منذ جوان 1955 إلى تاريخ إنشاء الهيئة.