نظمت أمس وزارة العدل بالتعاون مع وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية ندوة دولية حول السجون التونسية: «الواقع والآفاق» تحت إشراف حمادي الجبالي رئيس الحكومة ونور الدين البحيري وزير العدل وبالشراكة مع المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي القانوني وبمساهمة المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي والوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتطرقت الندوة التي حضرها أيضا أكثر من 300 مشارك بينهم وزراء وكتاب دولة وسفراء وقضاة ومحامون وحقوقيون وممثلون عن مؤسسات رسمية وخبراء دوليون وإقليميون ومكونات المجتمع المدني الى تعميق النظر في واقع السجون التونسية والمنظومة السجنية لإعادة تأهيلها وإصلاحها حتى تستجيب للمعايير الدولية واستحقاقات الثورة. إصلاح السجون استحقاق ثوري وافتتح الندوة نور الدين البحيري وزير العدل الذي أفاد أن إعادة تأهيل المنظومة السجنية وإصلاح السجون يدخل ضمن استراتيجية وطنية واضحة لتكريس مبادئ حقوق الانسان وضمان كرامة السجين وإنسانيته مضيفا أن استحقاقات الثورة التونسية تفرض إعادة النظر في المنظومة التي يجب أن تخرج من الحيّز العقابي الى الحيّز التأهيلي والإصلاحي مؤكدا أن «خوض المعركة» الإصلاحية هذه لا يتطلب فقط إرادة سياسية لأنها متوفرة على حدّ قوله بل تتطلب نظرة جديدة للسجين تتمثل في عدم معاملته ك«عضو رفضه البدن» وبالتالي إهانته وإهانة آدميته بل معاملته كشخص زلت به القدم ويمكن إصلاحه عبر تأهيله وإعادة إدماجه مجددا في المجتمع مشيرا في ذات الصدد الى أنه على هذا النحو تتحول السجون من مؤسسات عقابية الى مؤسسات إصلاحية. التنسيقية الوطنية للسجون وأوضح البحيري أن وزارته حرصت بالتعاون مع مكونات المجتمع المدني على بعث التنسيقية الوطنية لإصلاح السجون وذلك من أجل توفير كل الشروط اللازمة لتغيير الصبغة السجنية من العقاب والتنكيل الى التأهيل والإصلاح ملاحظا أن تغيير الأوضاع داخل السجون ليس غاية في حدّ ذاته بل هو استحقاق ثوري مستطردا أن التغيير المطلوب أو المأمول يتطلب جهدا تشريعيا وماديا وورشات تكوين واعتماد العقوبات البديلة على حدّ تعبيره مؤكدا على ضرورة تغيير البنية التحتية للسجون ورسكلة الأعوان والضباط من أجل إرساء وضعية سجنية جديدة تطابق المعايير الدولية لأن تقييم أوضاع حقوق الإنسان في تونس يمرّ من خلال تقييم منظومة حقوق الإنسان داخل السجون على حدّ قوله. الوصيّة أما حمادي الجبالي رئيس الحكومة فقال إن إصلاح المنظومة السجنية هو أولوية من أولويات الحكومة لأن بناء دولة ديمقراطية يستلزم جيلا جديدا من المؤسسات التي تجعل من قيمة الإنسان محورا لوجودها وبذلك تعمل على ضمان حقوقه وصون كرامته على حدّ تعبيره. وأشار الجبالي الى أنه شخصيا ينقل وصيّة عديد السجناء عندما كان على مشارف الخروج من السجن إذ كان طلب هؤلاء المساجين الملحّ هو أن لا يقع تناسيهم والتغاضي عن الانتهاكات التي يتعرضون لها مضيفا أن هذه الوصيّة يجب تذكرها سيما وهو الآن في موقع المسؤولية على حدّ قوله. تطوير وتحسين المنظومة التشريعية وأكد الجبالي أن إصلاح واقع السجون في تونس يتطلب تحسين المنظومة التشريعية وتحسين البنى التحتية للسجون وتطوير أساليب الإدارة السجنية والرفع من مهارة موظفيها وأعوانها وأيضا وضع برامج تدريبية وتأهيلية لفائدة المساجين حتى يعاد إدماجهم مجددا بعد انتهاء فترة عقابهم. الشمولية في الإصلاح وقال الجبالي إن رؤية حكومته للإصلاح السجني هي رؤية شمولية وتشاركية باعتبار أن السجن مؤسسة منفتحة على المجتمع ولا يمكن فصلها عن محيطها الاجتماعي مضيفا أنه لابد من تضافر جميع الجهود من الحكومة والجهات المعنية بالسجون والمجتمع المدني والمنظمات الدولية مؤكدا على ضرورة تشريك كل الأطراف من أجل بلورة رؤية إصلاحية ناجعة لواقع السجون وتحويلها من فضاء لقضاء العقوبة الى فضاء تأهيل وإصلاح على حد تعبيره. يذكر أن الندوة تلتها جلسات علمية تدارست واقع السجون في تونس وآليات إرساء آفاق وبدائل إصلاحية تراعي حقوق السجين وكرامته من خلال نماذج لتجارب دولية كالتجربة الألمانية والإسبانية والسويسرية وغيرها.