المنشور الوزاري الذي وصل الى إدارات المؤسسات التربوية والداعي في مضمونه الى حماية المؤسسات التربوية بعدما لحقها من نهب وتدمير خلال ايام الثورة كان مضحكا مبكيا لدى المربين من اطلعوا عليه واستغربوا الأمر!! فالمؤسسات التربوية لم يمر عليها التيار كما حدث في ايام الغضب للفضاءات التجارية والمؤسسات المالية بل حمت نفسها بنفسها وكأن الغاضبين ادركوا قداسة المؤسسة التربوية وان حصلت حالات فهي من قبل الاحداث الشاذة والعابرة.. فالمدارس والاعداديات والمعاهد الثانوية شاخت وهرمت وبدأ الكثير منها يتداعى ويقترب من السقوط وماحدث اخيرا في قابس لخير مثال وخاصة منها البناءات القديمة التي شيدت منذ عهد الاستعمار الفرنسي وعددها كثير في كل البلاد التونسية من شمالها الى جنوبها ... وان كانت العاصمة المدينة القطب قريبة من الادارة المركزية ونتخيل انها تحظى بعناية مكثفة في مستوى البنية التحتية للمؤسسات التربوية فان الصورة تعطي العكس لما نقف على صور معبرة عن اهمال قديم لازال الى اليوم لم يتعهدوه لا بالاصلاح ولا بالعناية.. اسوار مشروخة متشققة في واجهة المدارس تشمئز لرؤيتها النفوس وتبعث في الأطفال الكثير من الخوف والرهبة.. قاعات متصدعة الجدران تعري عن عيوبها كلما نزل الغيث فتتقاطر سيول المطر زخات زخات وكأنها تبكي حالها..تململ بين الطابق السفلي والطابق العلوي لبعض المؤسسات التربوية اذ تصدعت وتكسرت في صلب ركائزها وكرهت ان تظل متماسكة «كالبنيان المرصوص»والكلام يدور حتما حول ماكان يحدث سابقا من تلاعب في ملف البناء والتشييد حيث كان بعيدا عن العيون والرقابة والمحاسبة.. المجموعة الصحية في جل المدارس والمعاهد الثانوية ظلت لدى المديرين المشكل الاهم على اعتبار ان اكثرها لم يشيد حسب تصاميم هندسية تراعى فيها ضمان المداومة خاصة بالنسبة لقنوات تصريف المياه وحنفيات الشراب ويكفي ان يمر شهر واحد عن افتتاح السنة الدراسية حتى تتحول المجموعة الصحية الى نقطة اوساخ وروائح كريهة ومياه آسنة وكأنها خارج اسوار مؤسسة تربوية لأن «جمعية العمل التنموي» بالمؤسسة بميزانيتها المحدودة غير قادرة على توفير وتجديد لوازم ومعدات «بيوت الراحة» لغلاء ثمنها. ومديرو هذه المؤسسات لا يتأخرون في كل مرة لمراسلة المندوبيات الجهوية وهي بدورها تحيل الطلبات الى وزارة التربية ويطول الانتظار حيث تفتح مصلحة البناءات والتجهيز الملفات وهي في حجم الجبال الرواسي وتنطلق في المعاينة وكتابة التقارير والتصوير وترسل البشائر الى إدارات المدارس وتعلن اقتراب موعد انطلاق اشغال البناء والصيانة.. ثم يطول الانتظار ويصبح في خانة «الأحلام الزائفة» تحت حكمة كبارنا.. «استنى يا دجاجة..» ومعها قلت الثقة بين مديري المؤسسات التربوية ومصالح المندوبيات وكأنه «ضحك على الذقون».. ومن يريد التثبت ما عليه الا زيارة مدارسنا في انحاء العاصمة لأن في داخل البلاد التونسية ماهو اكثر مرارة. نحن لا نصنع فزاعة نرهّب بها التلاميذ وعائلاتهم ونبعث فيهم الريبة والشك وانما ننحت املا وضّاء لتخرج مدارسنا الى الناس في احسن صورة على اعتبارها معاقل علم ومعرفة وأخلاق.