كادت الجلسة العامة المخصصة للمصادقة على القانون الأساسي المتعلق بإحداث هيئة وقتية للإشراف على القضاء العدلي المنعقدة أمس بالمجلس الوطني التأسيسي، أن تعيد سيناريو جلسة 2 أوت من سنة 2012 والتي لم يتوصل فيها النواب إلى توافق حول الفصل الأول من هذا المشروع مما أدى إلى سقوطه وإعادته إلى لجنة التشريع العام. ولئن تجاوز نواب المجلس الوطني التأسيسي الاختلاف حول الفصل الأول من مشروع احداث الهيئة الوقتية للقضاء العدلي بالمصادقة لصالح هذا الفصل ب 128 صوتا وبالتالي الإقرار بهيئة تتمتع باستقلالها المالي والإداري، فإن الخلاف احتد بينهم لدى مناقشة الفصل الثاني المتعلق بتمتيع الهيئة بالشخصية المعنوية. عدم تمتيع هيئة القضاء بالشخصية المعنوية فقد تقدم نواب كتلة النهضة وهم عماد الحمامي ولطيفة الحباشي وعبد الحليم الزواري ومنير بن هنية وصالحة بن عائشة وسناء حداد وكوثر الأدغم إلى جانب النائب عن كتلة الحرية والكرامة عبد الرزاق الخلولي بمقترح يقضي بحذف الفصل الثاني، ملاحظين أنهم لا يرون جدوى من هذا الفصل طالما تم التنصيص على الاستقلالية المالية والإدارية للهيئة بالفصل الأول. مقترح التعديل الذي تقدمت به كتلة «النهضة»، أثار حفيظة نواب المعارضة واعتبروا أنه إرادة من الأغلبية للالتفاف على السلطة القضائية، حيث أكد النائب عن الكتلة الديمقراطية إياد الدهماني أن الأغلبية تنتهج نفس التمشي وتريد أن تضع هذا المشروع في مأزق على غرار ما حدث سابقا مشيرا إلى أن مقترحها ينم عن رغبة في الالتفاف على السلطة القضائية. في حين أكدت النائبة المستقيلة من حزب «المؤتمر» سامية عبو أن الاستقلالية المالية والإدارية تقتضي بالضرورة تمتع الهيئة المستقلة التي تشرف على القضاء العدلي بالشخصية المعنوية. هذا الموقف أكده أيضا النائب عن حزب «نداء تونس» محمد علي النصري الذي أشار إلى أن حذف الفصل الثاني من هذا المشروع هو حذف للاستقلالية المالية والإدارية، وأن ذلك من شأنه أن يعيد النواب إلى مربع الخلاف، كما أكد أنه اصرار كتلة حركة «النهضة» على التشبث بنفس الموقف، ما هو إلا اصرار منها على رفضها لاستقلالية الهيئة. ولئن تم رفض مقترح التعديل الذي يقضي بحذف الفصل الثاني ب 86 صوتا، فإن النتيجة كانت واحدة حيث تم رفض الفصل الثاني بعد عرضه على التصويت وبالتالي فقد فرضت كتلة «النهضة» موقفها ولم يتم تمتيع الهيئة الوقتية للقضاء العدلي بالشخصية المعنوية. غير أن النائب عن المسار الديمقراطي الاجتماعي سمير الطيب، أكد أن الاختلاف كان حول منهجية العمل مشيرا إلى أنه لا علاقة للشخصية المعنوية بمسألة استقلالية الهيئة. رفض منح الهيئة النظر في التعيينات كما تم خلال الجلسة العامة التصويت على الفصل الثالث دون قبول أي تعديل، علما أن أهم مقترح تعديل تقدمت به الكتلة الديمقراطية ويقضي بإضافة مسالة التعيينات إلى صلاحيات الهيئة لتصبح صيغة الفصل كالآتي: «تنظر الهيئة في المسار المهني للقضاة في تسمية وترقية ونقلة وتأديب وتعيينات...»، وقد أكد في هذا السياق النائب عن الكتلة الديمقراطية سليم بن عبد السلام أن من أكبر الصلاحيات التي كان يتمتع بها وزير العدل في الحكومة السابقة وفي عهد بن علي هي مسألة الإعفاءات ، مشيرا في هذا الإطار الى الخطأ الذي أقدم عليه البحيري بإعفاء 82 قاضيا. غير أن النائب كمال السعداوي أكد أن التأديب يشمل الإعفاء أيضا الأمر الذي دعاه إلى القول بعدم ضرورة التأكيد على صلاحية الاعفاءات. كما تمت المصادقة على الفصل الرابع دون قبول أي تعديل في حين تم حذف الفصل الخامس الذي ينص على أن «ترفع الهيئة كل أربعة أشهر تقريرا عن سير أعمالها لكل من رئيس المجلس الوطني التأسيسي ورئيس الجمهورية ورئيس الحكومة». وتجدر الإشارة إلى ان رئيسة لجنة التشريع العام كلثوم بدر الدين أكدت في مستهل الجلسة أن جلّ المداخلات السابقة تمحورت حول الجانب القانوني والسياسي، مشيرة إلى أن هناك عدة نقاط خلافية مثارة خاصة مسألة التركيبة مؤكدة في ذات السياق أن الرأي الغالب هو الذهاب الى التركيبة المختلطة كما أضافت أن من أهم النقاط الخلافية مسألة حل المجلس الأعلى للقضاء.