كشف «معز الجودي» الخبير الإقتصادي ل «التونسية» ان هناك عدة شخصيات مع «عادل الدريدي» وكيل شركة «يسر للتنمية» ليمارس نشاطه بكل أريحية، ومسؤولين متواطئين قبل ايقافه، مضيفا ان عديد الأطراف شاركت في هذه «اللعبة» وان ذلك ما جعل «عادل الدريدي» يفتح مكتبا في قلب العاصمة ،ويمارس نشاطه دون أي خوف وفي وضح النهار. وقال الجودي ان شركة «يسر للتنمية» ظهرت منذ 2011 رغم ان العملية تصب في خانة التحيل وتضرّ بالإقتصاد الوطني، مضيفا ان الرجل كان يتعاطى نشاطا مصرفيا ويمارس دور «البنك» بالرغم من أن لا رخصة له وأن البنك المركزي هو الجهة الوحيدة المخول لها إعطاء الرخص ومع ذلك فتح»الدريدي» الشركة دون ترخيص وفي تحدّ واضح للدولة. وقال الجودي ان ما حدث في شركة «يسر للتنمية» هو تحيّل ولا يوجد إسم آخر يمكن أن نطلقه على هذه العملية،مضيفا «لا يجب ان نغطي عين الشمس بالغربال»، مشيرا الى ان ما حصل في تونس «كارثة» بأتم المقاييس تذكرنا بهرم «بونزي» نسبة الى «تشالز بونزي» اكبر محتال في أمريكا ،مشيرا إلى ان تجربة أخرى ظهرت في أمريكا وقام بها « برنارد مادوف» مصرفي أمريكي وقام بأكبرعملية نصب ولهف أموال وقد حوكم إثرها ب350 سنة سجنا وقال: «حاليا لا نعرف عدد التهم التي ستوجه الى «عادل الدريدي» ومن غير المستبعد ان تكون كثيرة ومتعددة... وأضاف الجودي ان القوانين في هذا الصدد واضحة وخصوصا عواقب تعاطي نشاط مصرفي، مشيرا الى أن «الدريدي» قام بعديد الجنح وأنه لجأ إلى إشهار وهمي على صفحته الرسمية «الفايسبوك « وطلب من الحرفاء دفع تسبقة ب 50 بالمائة للإقامة بنزل في «طبرقة» موهما إياهم بكونها مكافأة للحرفاء الأوفياء، وقال الجودي ان هذا النزل غير جاهز وهو في طور الأشغال وبالتالي كانوا سيدفعون ثمن نزل غير موجود. وقال «الجودي» ان المسؤولية تقع على كاهل وزارة المالية والبنك المركزي لانهما كانا يدركان ان الشركة تجمّع المال وتحصد المليارات، ومع ذلك تم الإكتفاء بالتحذير،في حين ان القانون كان يسمح لهما بالغلق الفوري للشركة ،وقال نشتم من ذلك «تدخلا سياسيا» وهو ما ظهر أكثر عندما تم إيقاف «الدريدي» ثم أطلق سراحه في المرة الأولى . وأكدّ الجودي ان الكارثة حصلت بعد إطلاق سراح «الدريدي» لأن أغلبية المنخرطين أودعوا أموالهم بعد اطلاق سراحه،معتقدين أن نشاطه قانوني ما دامت الدولة قد أفرجت عنه. وأكدّ ان حرفاء شركة «يسر للتنمية» ليسوا فقط أولئك الناس البسطاء الذين يرغبون في تحسين ظروفهم وان هناك عصابات تنشط في الممنوعات والتهريب وان هؤلاء لا يمكنهم إيداع أموالهم في البنوك وبالتالي وظفوها في مثل هذه الشركات. وقال «الجودي» ان الغريب في الأمر تصريحات وزير المالية بعد الكارثة حيث قال :»أدعو الى غلق الشركات الأخرى ؟ « معتبرا ان هذا إعتراف بوجود شركات أخرى وتساءل :»ماذا ينتظرون لغلقها جميعا هل مازلنا في إطار الدعوات ؟». مضيفا : «بعد حصول كارثة بهذا الحجم والدولة مازالت تغمض عينيها على التجاوزات؟». وقال الجودي ان السبب الرئيسي في حصول أمر كهذا، هو غياب الدولة فالدولة غير قائمة بآلياتها وقوانينها ،ف «الدريدي» كان يدرك ان ما يقوم به هو «تحيّل»ومع ذلك تمسك بالإدعاء انه لا ينوي التغرير بالمواطنين وانه لن يقوم ب «الإستيلاء» على أموالهم وبعد الإفراج عنه في المرة الأولى عاد الى العمل وكأن شيئا لم يحدث،في حين انه لم يكن لديه لا مصنع ينتج ولا آلات تشتغل وبالتالي فهو «متحيل» . واعتبر «الجودي» ان هذا النشاط لا يخلو من عواقب وخيمة على الإقتصاد لأن الأموال لم تدخل في الدورة الإقتصادية ولا هي ضمن منظومة واضحة وكانت سببا في التضخم المالي والذي وصل مؤخرا الى نسبة 4،6 بالمائة . وأكدّ انه تم أول أمس، إيقاف 3 إطارات بنكية ،قاموا بإستبدال أموال «الدريدي» بعملة أجنبية، وقال ان المبلغ الذي تم تغييره قد يكون في حدود 60 مليون دينار . وقال «الجودي» ان تغيير مبلغ بهذا الحجم كان الهدف منه تهريبه الى خارج تونس. مضيفا ان «الدريدي «لديه 3 ملايين دينار في البنوك ومليوني دينار منقولات وعقارات، وبالتالي من المستحيل إرجاع الأموال الى المنخرطين وقال ان البعض يعتقد انه بالإفراج عن «الدريدي» ستعود اليهم أموالهم وهذا خطأ. مؤكدا ان هذه المبالغ لا تكفي ،مشيرا الى أن هذا «السيد» أي «الدريدي» كان يبيع «الريح للمراكب» لأن لا نشاط له ،فهو يأخذ المال من شخص ويُسدي جزءا منه للآخرين ثم يترك نسبة من المرابيح لنفسه، وهكذا جمع ال5 مليارات المحجوزة، وقال الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها تسديد المال للمنخرطين هي ان يرجع الأشخاص الذين ربحوا سابقا ما غنموه من «فارق» وقال ان هذا غير ممكن في الوقت الراهن. وإعتبر»الجودي» ان التحيّل والسرقات ستزداد في تونس ،لانه في ظل عدم الإستقرار وفي إطار غياب إطار تشريعي وأمام عدم الإنتهاء من كتابة الدستور، فإن الإقتصاد الموازي سينشط والمتحلين أمثال هؤلاء سيظهرون بكثرة ، وقال لن يكون هناك متحيلون من تونس فقط بل للأسف هناك متحيلون أجانب ،مذكرا بالأشخاص الذين أرادوا إقتناء جزء من البنك التونسي وتم التفطن اليهم. وتساءل الجودي محدثنا : أين وزارة الحوكمة ومقاومة الفساد ؟ هذه الوزارة التي خصصت لها ميزانية بالمليارات ؟وقال ماذا تفعل وزارة مثل هذه والفساد ينخر المجتمع؟.