صباح غجرية شبه معتزلة إيناس العباسي إلى فريال بوهلال، مع الحب لأني رأيتها، الضحكة حين تكون جذلى....ضحكتك التي تضيء المكان حولك بمئات النجوم الصغيرة... لأني رأيتها، فجأة فهمت كلمة جذلى! ثملة بضحكاتك، بصوتك، بهسيس كلماتك النائمة في كبرياء طفل يخاف أن يخسر لعبته إن هو دللها كثيرا.... أكثر مما ينبغي أو مما يعتقد أنه ينبغي... لم أكن أعرف أنك حين تضحك يضحك قلبي...لم أكن أعرف أن هذه الجملة في بساطتها أكثر صدقا مما قد تكون عليه أكثر كلمات "ريتسوس" أو "نيرودا" قرباً لقلبي....لم أكن أعرف أن جملة قيلت ذات مرة : "مدينة لست تحت سماءها ليست مدينتي" هي أصدق وأقرب من كلمة صباح الخير... واللعبة الصباحية الصغيرة التي اعتدنا أن نلعبها بتنويعة صغيرة من الصباحات والكلمات توقفنا فجأة عنها: من صباح النور إلى صباح العسل حتى صباح الياسمين حتى...هل وصلنا لصباح السفرجل؟ نفس اللعبة توقفنا عنها وبدأنا بدلاً عنها تراشقنا بكلمات أثقل ....كلمات أكثر قسوة. صوت الناي الذي لم نستمع إليه معا في حقول القمح التي لم نمش فيها بعد، سيصبح وجعاً صباحيا إذا ما مرّ فجأة في أغنية والمدن التي وعدتني بأن نزورها معا في بلادنا، تتراءى الآن سراباً بعيداً...والمدن التي لم نخطط لزيارتها معاً، ربما سنزورها مع آخرين وستمطر ذات مساء بعيد في غد النسيان... ولن أقول لطفلتي يا طفلتنا انتبهي لاتحبي المطر كثيراً مثلي كي لا تقعي في وله الكلمات ولا تحبي البحر كثيراً مثله كي لا يكون قلبك كبيرا مثل قلب... أبيكِ. أصابع مجهولة تتراقص في الذاكرة على حافة بيانو قديم والليل موسيقى مبحوحة على شفة بحار عطش لقنينة عرق والليل ليلي: أنة غياب متشكل في قلب الصحراء الممتدة ما بيننا...هل رأيت الغياب؟ عنكبوت هو الغياب يرمي بخيوطه ببطء ودهاء...يذكرني كم نحن متشابهان حد الألم مختلفان حد ال...محبة؟ هل عليّ مواجهة نفسي ومواجهة كل ماراكمته داخلي بعيداً أم مواجهتك أم مواجهتنا؟ أعرف أني مضيت دائما للأمام هربا وخوفا... وأنني أقوم بكل الأشياء -دون استثناء- بطريقة مغشوشة وغير كاملة... أغش في كل شيء حتى مع قلبي...لكن: ضحكتك التي تنساب في شرايين الوقت كنهنهة طفل أهدهده في أرجوحة قلبي مفكرة أن فخاخ الوحدة المنفتحة دائما أمامي لم ينصبها لي أحد...سوايا وأن الليل الذي يفصلنا: جرح في جبين العمر وأن تململ روحي لتعلقها بكلمة تموت وتحيا....على شفتيك دون صوت وأن روحي هي ذاتها تحاول الانفلات من بين ذراعي روحك مفكرة في نوتات صوتك بصبر عاشقة: حين ينساب صوتك بعيداً وعالياً تنمو في مكان ما بقلبي حقول من الضوء والموسيقى وأن رائحتك العالقة بعد في حدائق الوقت تتأرجح في الهواء كل ما هبّ اسمك فجأة ................... أعرف أنني مجبولة من الهواء وأنك مجبول من النار...فكيف سنلتقي؟ ................... صباح آخر ...دونك...أستقبل فيه وثبات الضوء دونك وأعد قهوتي دونك وأرتدي الألوان التي لا تحب دونك وأدوزن صوتك إن تذوقت القهوة وتبرمتَ: مُرةةةةةة لما خلق الله السكر ياعزيزتي؟ وأضحك بشماتة لأنني سأرتدي الألوان التي لا تحب وأفكر في قص شعري شماتة بك مثل ما تصنع كل النساء عندما تتشظى قلوبهن لكني أتذكر أنني لو فعلت هذا فسيكون شماتة بي...وأرمي جثة الوردة الحمراء اليتيمة التي جلبتها في أول موعد و أتوقف عن الاستماع للأغاني التي تحب....ثمّ أجلس أرضاً وأتابع قافلة النمل التي مازالت تتمشى في ذاكرتي منذ آخر صيف في بلدي...ثم أشتمك وألعن اليوم الذي التقينا به أول مرة وأسأل نفسي لما لم أهرب...؟ صباح آخر ...دونك وفي كل مرة أضع خيمتي، نسغ الكلمات وماء الموسيقى على كتفي وأرحل بعيدا، مدندنة ترنيمة الوحدة المقدسة. لكني في هذه المرة تعبت.... تعبت من الرمل الذي يعلق في شعري، في فمي، في يديّ، في جسدي حدّ بحيرة روحي....تعبت من لعبة الغجرية الصغيرة التي لا تهتم إن مشيت وحيدة وحافية وخلاخيل قدميها ترن في العتمة الشمسية.... تعبت هذه المرة وأنت تتمشى في دمي بخطوات صبي عابث ونظرتك تنمو في روحي بقوة الغياب، نظرتك تنمو كنبتة صبار طرية تخدشني و...أعبدها... أيام أخرى...دونك وفي كل مرة نعود فيها، يهمس صوت في الخفاء "كل شوق ينتهي باللقاء لا يُعول عليه"...ليتني لم أقل لك هذه الكلمات... ها أنت تلحنها بغيابك وتردد: أنتِ كالهواء يا "عشيرتي" لن أستطيع الامساك بك يوماً...إلا إذا ما افترقنا.