اضطراب في التزوّد بالماء في هذه المناطق: رئيس إقليم « الصوناد » بمنوبة يوضح...    رياض دغفوس: لا يوجد خطر على الملقحين بهذا اللقاح    عاجل/ إحباط عملية 'حرقة' وإنقاذ 20 تونسيا    زين الدين زيدان يكشف عن حقيقة تدريبه لنادي بايرن ميونيخ الألماني    بمناسبة اليوم العالمي لغسل الأيدي: يوم تحسيسي بمستشفى شارل نيكول حول أهمية غسل الأيدي للتوقي من الأمراض المعدية    التيار الشعبي : تحديد موعد الانتخابات الرئاسية من شأنه إنهاء الجدل حول هذا الاستحقاق    تصنيف اللاعبات المحترفات:أنس جابر تتقدم إلى المركز الثامن.    كرة اليد: المنتخب التونسي يدخل في تربص تحضيري من 6 إلى 8 ماي الجاري بالحمامات.    النادي الصفاقسي يتقدم بإثارة ضد الترجي الرياضي.    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنّان بلقاسم بوڨنّة.    عاجل : القاء القبض على السوداني بطل الكونغ فو    فيديو/ تتويج الروائييْن صحبي كرعاني وعزة فيلالي ب"الكومار الذهبي" للجوائز الأدبية..تصريحات..    مدنين: استعدادات حثيثة بالميناء التجاري بجرجيس لموسم عودة أبناء تونس المقيمين بالخارج    التحديث الجديد من Galaxy AI يدعم المزيد من اللغات    عاجل/استدعاء مدير وأستاذ بمدرسة إعدادية للتحقيق: محكمة سوسة 2 توضح..    بداية من مساء الغد: وصول التقلّبات الجوّية الى تونس    تعرّض أعوانها لإعتداء من طرف ''الأفارقة'': إدارة الحرس الوطني تُوضّح    الرابطة الأولى: البرنامج الكامل لمواجهات الجولة الثالثة إيابا لمرحلة تفادي النزول    جندوبة: تعرض عائلة الى الاختناق بالغاز والحماية المدنية تتدخل    تقلبات جوية منتظرة خلال اليومين القادمين (وثيقة)    عاجل/حادثة اعتداء تلميذة على أستاذها ب"شفرة حلاقة": معطيات وتفاصيل جديدة..    الفنان محمد عبده يكشف إصابته بالسرطان    سليانة: حريق يأتي على أكثر من 3 هكتارات من القمح    نسبة التضخم في تونس تتراجع خلال أفريل 2024    الفنان محمد عبده يُعلن إصابته بالسرطان    العاصمة: القبض على قاصرتين استدرجتا سائق "تاكسي" وسلبتاه أمواله    عاجل/ حزب الله يشن هجمات بصواريخ الكاتيوشا على مستوطنات ومواقع صهيونية    البرلمان: النظر في تنقيح قانون يتعلق بمراكز الاصطياف وترفيه الاطفال    حذرت من معاناة الآلاف.. الأونروا "لن نخلي مواقعنا برفح"    مطالب «غريبة» للأهلي قبل مواجهة الترجي    عاجل/ مقتل شخصين في اطلاق نار بضواحي باريس..    أنباء عن الترفيع في الفاتورة: الستاغ تًوضّح    منافسات الشطرنج تُنعش الأجواء في سليانة    القيروان ...تقدم إنجاز جسرين على الطريق الجهوية رقم 99    مصادقة على تمويل 100 مشروع فلاحي ببنزرت    طقس اليوم: ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    جندوبة .. لتفادي النقص في مياه الري ..اتحاد الفلاحين يطالب بمنح تراخيص لحفر آبار عميقة دون تعطيلات    ثورة الحركة الطلابية الأممية في مواجهة الحكومة العالمية ..من معاناة شعب ينفجر الغضب (1/ 2)    عمر كمال يكشف أسرارا عن إنهاء علاقته بطليقة الفيشاوي    تونسي المولد و النشأة... ترك تراثا عالميا مشتركا .. مقدمة ابن خلدون على لائحة اليونسكو؟    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): برنامج مباريات الجولة السابعة    إسرائيل وموعظة «بيلار»    زلزال بقوة 5.8 درجات يضرب هذه المنطقة..    اليوم: لجنة الحقوق والحرّيات تستمع لممثلي وزارة المالية    أهدى أول كأس عالم لبلاده.. وفاة مدرب الأرجنتين السابق مينوتي    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنّان بلقاسم بوڨنّة    جمعية مرض الهيموفيليا: قرابة ال 640 تونسيا مصابا بمرض 'النزيف الدم الوراثي'    الاثنين : انطلاق الإكتتاب في القسط الثاني من القرض الرقاعي الوطني    حقيقة الترفيع في تعريفات الكهرباء و الغاز    مختصّة في أمراض الشيخوخة تنصح باستشارة أطباء الاختصاص بشأن أدوية علاجات كبار السن    ظهرت بالحجاب ....شيرين عبد الوهاب تثير الجدل في الكويت    غدًا الأحد: الدخول مجاني للمتاحف والمعالم الأثرية    فتحي عبدالوهاب يصف ياسمين عبدالعزيز ب"طفلة".. وهي ترد: "أخويا والله"    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة التونسية برواية ليلى الطرابلسي
نشر في باب نات يوم 28 - 06 - 2012


وكالات
للمرة الأولى منذ سقوط نظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي،تتحدث السيدة التونسية الأولى سابقا ليلى طرابلسي، عن أيام الثورة التي غيرت مجرى التاريخ في تونس الخضراء.
تعود ليلى بن علي في كتابها «حقيقتي» الذي صدر قبل أيام في العاصمة الفرنسية باريس، بالتفصيل إلى تاريخ 14 يناير 2011، ذلك اليوم الذي شهد انهيار النظام التونسي ومغادرة عائلتها برفقة الرئيس إلى المملكة العربية السعودية.
ترصد ليلى بن علي من وجهة نظرها ساعة بساعة، ولحظة بلحظة الطريقة التي أُجبرت فيها على مغادرة بيتها في سيدي بوزيد، ومن ثمة تونس إنطلاقاً من مطار العوينة العسكري وليس مطار قرطاج، مثلما أكد لها مدير الأمن الرئاسي علي السرياطي، إلى غاية التوقيفات التي طالت أفراد عائلتها، ومقربين منها.
وترد ليلى بن علي في هذا الكتاب أيضا، على كل ما وصفته إدعاءات كاذبة وافتراءات غير مؤسسة نالت منها ومن أولادها، وهي التي وصفت بالمرأة المتكالبة على المال والسلطة. وان كانت زوجة الرئيس التونسي السابق، تعترف باستفادة أفراد عائلتها من الطرابلسية بتواطؤ من مؤسسات الدولة من خيرات تونس، إلا أنها تحدثت عن الكثير من التفاصيل في ما يخص اتهام حفيدها بسرقة يخت في فرنسا، إلى ما سمته اللعبة المزدوجة التي لعبتها بعض الوجوه السياسية التونسية والدولية وعلى الخصوص الاستخبارات الفرنسية في الإطاحة بزوجها.
تفاصيل عدة تحاول من خلالها ليلى بن علي، دحض ما نشر وكتب عنها في هذا الكتاب الذي تنشر القبس ترجمة حلقات منه، وقد تمت صياغته انطلاقا من مقابلات أجريت معها. مع الإشارة الى أن الحقيقة هي غالبا في مكان آخر.
كانت حليمة ابنة الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي آخر من ركب الطائرة، بعد أن طلبت من أحد أفراد الحرس الشخصي، ان كان بمقدورها تقبيل والدها، ذلك أن الظروف يمكن ألا تسمح بلقائهما قريبا، لكن الرجل اكتفى بالقول «لا أعرف».
ما أن صعدت حليمة الى الطائرة، حتى اكتشفت أن والدها سيغادر مثلها... كان الأمر مفاجئا ليس فقط لنا، وانما أيضا لمدبرة بيتنا ايمان، خصوصا حين طلبت منها مضيفة الطيران أدوية الرئيس، حيث سألتها «لماذا تريدين الأدوية؟ هل الرئيس مسافر؟».
لم نكن نرى عبر النافذة سوى أربع سيارات كبيرة، كانت تشكل ما يشبه الحاجز. اصطفاف هذه السيارات جعلني أفكر في وجود خطر داهم، يتهدد مدرج الطائرة، خصوصا بعدما حذرنا السرياطي وأخبرنا بسيطرة البعض على برج المراقبة، ما قد يحول دون سفر الرئيس أو ما قد يؤدي الى اغتياله.
هل كانت التهديدات حقيقية أم كانت مجرد سيناريو أخرجه السرياطي؟ هل كان هناك خطر يتهدد الرئيس فعلا؟ أم كانوا يريدون رحيله حتى لا يتم توقيفه أو محاكمته؟ هل كانوا يريدون اعتماد فرضية الهروب دون السقوط في أي تناقض؟.
السفر:
أقلعت الطائرة في حدود الساعة الخامسة والنصف عصرا وكنت على متنها، أنا وزوجي وابني محمد وحليمة وخطيبها، بالاضافة الى طاقم الطائرة.
في الواقع، بعد بضع دقائق من الاقلاع،جاء قائد الطائرة واطلع بن علي على أمر تلقاه من الرئيس المدير العام للخطوط الجوية التونسية نبيل شتاوي، لقد طلب منه هذا الأخير العودة فورا الى تونس بعد أن يُنزل جميع الركاب في المملكة العربية السعودية.
م يفهم بن علي ان كان الأمر يتعلق بغلطة أو نكتة، لذلك قام من مقعده واتجه نحو الكابينة، حيث كان الطيار والميكانيكي وقال لهما «أبنائي، اذا ما كنتم في حاجة الى فسحة للراحة أو الى وقت اضافي للتزود بالكيروزين، لا يوجد أي مشكل، سنغادر في وقت متأخر من الصباح».
لكن الطائرة غادرت بسرعة، فمن أعطى الأمر؟.
اتصل زوجي هاتفيا بالوزير الأول محمد الغنوشي ليخبره بأنه سيغادر ويعود في الغد، وعليه أن يخلفه في ممارسة مهامه، ثم أعاد الاتصال به، لكن العنوشي رد عليه بالقول «نحن في قصر قرطاج سيدي الرئيس» فتساءل الرئيس: ماذا تفعل في القصر في هذه الساعة؟ فرد الوزير الأول «لا أعرف، لقد حضر حرس ملثمون الى بيتي وجاءوا بي بالقوة».
حين كان الغنوشي يرد على الرئيس، كان يتوجه بكلامه الى شخص آخر، كان يحاول ابعاده، لقد كان يقول له «اخرج من هنا، اخرج، ألا ترى أني بصدد الحديث مع السيد الرئيس».
تساءل بن علي: مع من تتحدث؟ فرد الغنوشي: «انه أحد الحراس ولا يريد الخروج، لقد حبسونا هنا ولا نعرف لمَ؟
كان الوزير الأول يشعر بالخوف، وقد شعر الرئيس بذلك من نبرة صوته، واعتقد أن زوجي فهم كل شيء في هذه اللحظة، فحاول الاتصال بالسرياطي، لكنه لم ينجح في ذلك، لان مدير الأمن الرئاسي لم يرد. مباشرة بعد ذلك طلب الرئيس التحدث إلى فؤاد المبزع رئيس مجلس النواب، الذي كرر له كلام الغنوشي نفسه «لقد اقتيد من قبل رجال ملثمين إلى الصالون الأزرق في قصر قرطاج من دون أي تفسير» والأمر نفسه بالنسبة لرئيس غرفة المستشارين وزير الداخلية السابق عبد الله قلال الذي لم يتوقف عن تكرار «سيدي الرئيس ما يحدث خطير للغاية، عليك أن تبقى حيث أنت».
ويبدو أن المحاولة ذاتها استهدفت رئيس المجلس الدستوري فتحي عبد الناظر، لكن هذا الأخير أغلق هاتفه، فلم يتمكن الملثمون من الإمساك به.
بدا جليا الآن أن الاشخاص الذين أجبروا أبرز أعضاء الحكومة على التنقل إلى قصر قرطاج، هم أنفسهم الذين حضّروا مقلب الطائرة لإبعادنا من البلد وعدم عودة بن علي.
اتصل بن علي هاتفيا بوزير الدفاع رضا قريرة، فوصف هذا الأخير الوضع في قوله «إنها كارثة، وقعت مجزرة هذا المساء والحصيلة ثقيلة جدا، عليك أن تبقى في المملكة العربية السعودية ليومين او ثلاثة ولا تعد أبدا قبل أن نتصل بك».
وأخيراً اتصل الرئيس بكمال لطيف، صديقه السابق الذي تحول إلى خصمه، لكن هذا الأخير اكتفى بالتعبير التونسي «لقد تقاسمنا الماء والملح واعتبارا لهذه الصداقة، أنصحك بعدم العودة».
أعاد بن علي الاتصال بوزير الدفاع كي يسأله عن الأسباب التي منعته من الحديث إلى السرياطي، لكنه فوجئ برضا قريرة يخبره بتوقيف مدير الأمن الرئاسي علي السرياطي بسبب تورطه في الأحداث.
تحول مكتب الطائرة إلى خلية أزمة، حيث حاولت أنا وزوجي فهم الوضع وكنت أعرف من خلال المعلومات التي كانت ترد إلى بن علي بان أفراد عائلتي وجزءا من أفراد عائلته تم اعتقالهم، شعرت بالقلق وخفت من أن يكون القتل مآلهم فيما كان أبنائي قلقين، لكننا تجنبنا اطلاعهم على حقيقة الوضع.
في تلك الأثناء، انشغل خطيب حليمة بشد انتباه محمد بسرد قصص له، واللعب معه، كانا جائعين، ولكن لم يكن هناك أي شيء على متن الطائرة سوى بعض زجاجات المياه المعدنية التي جيء بها في آخر دقيقة.. وهما منهمكان في اللعب خرج زوجي من مكتبه وأعطاهما قطعة شوكولاتة.
الوصول:
حطت الطائرة في المملكة العربية السعودية بعد خمس ساعات من الطيران من دون توقف. كان مخطط الطيران مباشرا، ولم تكن لنا وجهة أخرى منذ الانطلاق، عكس ما قيل، فلا جربة ولا إيطاليا ولا ليبيا، كانت مبرمجة كمحطات للتزود بالمؤونة أو الكيروسين ولا حتى فرنسا لنستقر فيها.
كل الفرضيات التي طرحت، لم تكن سوى إشاعات فقط، استعملت لتكتمل عملية إخراج «فيلم» إبعادنا من تونس.
كانت الساعة تشير إلى منتصف الليل بالتوقيت المحلي والعاشرة والنصف بتوقيت تونس، حين وصلنا. وقد تم استقبالنا مثلما يستقبل أي رئيس دولة، مررنا بالقاعة الشرفية وكان هناك موكب وسيارات رسمية لنقلنا.
بعد ساعة ونصف الساعة فقط، غادرت الطائرة من دون أن تنتظر زوجي.. لقد أُبعد الرئيس بن علي من تونس فيما اجتمعت شروط شغور منصب الرئيس، وقد تبين لنا ذلك بعد 24 ساعة من خلال تطبيق المادة 57 من الدستور التونسي، حيث عوض برئيس مجلس النواب فؤاد المبزع.
لم نستطع تصديق السيناريو الذي رسم لنا بعناية، فخلال عدة أيام كنّا نعتقد بأن الأمر يتعلق بتضليل من جهة ما، أو بفترة سيئة ستمر، وأننا سنعود من جديد إلى بلدنا.
حاول زوجي السيطرة على الأوضاع من جديد، فاتصل بوزرائه، الذين بدا بأن الأحداث قد تجاوزتهم، بما في ذلك الوزير الأول محمد الغنوشي، الذي بقي على اتصال ببن علي طيلة الأسبوع التالي.
كان الغنوشي، يكرر الجملة نفسها في الهاتف «لا نعرف من أعطى أمر ترحيلك، ولا نعرف لحد الآن هوية من جاء بنا بالقوة إلى القصر الرئاسي وليس لدينا أي فكرة عما سيحصل في البلاد».
بعد التساؤل والشك، دخلنا مرحلة الحزن والألم، لقد بقينا مصدومين طيلة الأيام التالية، كما ابتعدنا عن شاشات التلفزيون حتى لا نصدم أكثر من كم الاتهامات والشهادات المزورة.
بن علي يزور البوعزيزي:-
اشتدت الإشاعة منذ أكتوبر 2010، لكننا لم نأخذها بجدية، فمنذ تاريخ السابع عشر ديسمبر 2010، التاريخ الذي أقدم فيه محمد البوعزيزي على حرق نفسه، بدأت التظاهرات، لقد انطلقت في سيدي بوزيد وكانت المؤشرات تشير إلى أنها ستمتد إلى مناطق اخرى من البلاد. لم يكن بن علي يغادر مكتبه وكان يقضي أياما في التشاور مع وزيري الدفاع والداخلية، وأما أجزاء من الليل فكان يقضيها في الهاتف معهما أيضا.
أصر الرئيس على زيارة البوعزيزي حين أدخل إلى المستشارين عكس ما نصح به مستشاروه. ففي 28 ديسمبر التقط له كاميرات التلفزيون صورا إلى جانب سرير الرجل الشاب، الذي كان على قيد الحياة، عكس الاشاعات التي ترددت، وجاء فيها أن الرئيس كان يقف إلى جانب جثمان البوعزيزي.
كان الرجل يعاني كثيرا ولكن كان يعي ما يجري من حوله، حتى أن الرئيس اقترح نقله للعلاج في الخارج ويمكن أن يؤكد الأطباء، الذين كانوا حينها هناك هذا الأمر، لكن وضعيته كانت حرجة.
ولكن علينا في المقابل أن نطرح السؤال التالي: لماذا أدت وفاة محمد البوعزيزي نتيجة إحراق نفسه، إلى اشتعال الوضع في تونس وانتشار موجة التظاهرات تلك؟ وليس الشابان اللذان احرقا نفسيهما قبل أسبوعين في الموناستير؟
هل كان التوقيت غير مناسب لمن كانوا يدبرون المؤامرة. كانوا ينوون إشعال فتيل التظاهرات في منتصف ديسمبر حتى تستمر شهرا كاملا، كان البرنامج معدا من قبل، وكان تاريخ الرابع عشر من يناير مضبوطا كذلك.
أعتقد شخصيا أنه كان ينبغي التحقيق بدقة في قضية البوعزيزي، كان ذلك سيوضح لنا العديد من الحقائق، لكن ما وقع، قد وقع.
وُصف تنقل بن علي إلى المستشفى للاطمئنان على صحة البوعزيزي باعتراف بالضعف، فيما استعملت هذه المأساة الإنسانية كفتيل لإشعال تونس، على الرغم من أن الرئيس وبعد الزيارة استقبل والدة وشقيقة محمد البوعزيزي، اللذين سلمهما مبلغا ماليا معتبرا، قبلاه وشكراه عليه.
وهذه الأم نفسها ظهرت على شاشات الفضائيات، زاعمة أنها رمت المال في وجه الرئيس. . . بدون تعليق.
الضوء الأخضر في ديسمبر:
في نهاية ديسمبر، بدأت أياد خفية في إثارة الاضطرابات، وقد وصل إلى مسامع الرئيس بأن سيارة مؤجرة وسيارات أجرة وسيارات أجرة جماعية تستعمل في المسافات الطويلة، تجوب المناطق الداخلية وتقوم بتوزيع المال والقنابل المسيلة للدموع وأقراص مضادة للاكتئاب.
كانت النية مبيتة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار المكالمات الهاتفية التي التقطتها أجهزة الاستخبارات الداخلية وجاء فيها «استمروا في ارتكاب أعمال عنف، ازرعوا الفوضى بمهاجمة أقسام الشرطة، وإحراق المقرات العمومية والبنوك والمحاكم وإطلاق سراح المساجين، الذين غادر البعض منهم إلى لامبيدوزا الايطالية، وقد روت مجموعة منهم كيف أنهم أُجبروا على مغادرة السجون عبر فتحات حُفرت لهم وقال هؤلاء إن العسكر من حرروهم استنادا إلى نوعية الأحذية التي كانوا يرتدونها.
امتدت الاحتجاجات إلى العاصمة تونس بتاريخ الحادي عشر من يناير، حيث انتشرت عصابات في الأحياء الحساسة وفي الضواحي الشمالية في الكرم وسلامبو، وبدأت في مهاجمة البيوت الخاصة وفي السيطرة على الطرق الفرعية للمدينة وبخاصة في الأحياء الفقيرة كحي التحرير وابن خلدون، حيث كانوا يشجعون الناس على التظاهر والقتل.
لجأ وزير الداخلية إلى نشر قوات كبيرة من الشرطة، لكن من دون فائدة، فيما تم الاعتداء على مقر التجمع الدستوري الديموقراطي، الحزب الحاكم. حينذاك لم يكن محمد الغرياني وكان أمينا عاما للتجمع، يملك ما يرد به الأذى عن نفسه، وقد اتُّهم لاحقا باستعمال مقرات الحزب لتخزين العصي والأسلحة البيضاء الموجهة لضرب المتظاهرين وزرع الذعر بعد مغادرة الرئيس، وألقي به في السجن.
وليس الغرياني الوحيد الذي عومل بهذه الطريقة.:
استمرت الخطة منذ الرابع عشر من يناير، فكلما تأزم الوضع وتظاهر المواطنون ارتفعت أصوات ضد قرار الفريق الجديد الموجود في السلطة، من خلال الإعلان عن إضرابات وتحطيم مبان والإعلان عن اكتشاف مخابئ للسلاح، وكانوا يرددون «رجال بن علي» و«عصابة الطرابلسية» او «حلفاء التجمع الدستوري».
كل هذه الأوضاع غذت الكراهية والشعور بضرورة الانتقام حتى ينعم البلد بالهدوء من جديد.
في المناطق الداخلية للبلاد مثل القصرين وتالة، أُعلن عن وجود جماعات غير معروفة في المنطقة، أحيانا كان يرتدي عناصرها زيا موحدا وكانوا يوزعون الأسلحة البيضاء والمال وكانوا يطاردون أفراد الشرطة لسرقة أسلحتهم.
في تلك الفترة التي كانت تونس تعيش خلالها الدمار، عيّن كمال لطيف، أحمد الفريعة كرجل للمرحلة.
بتاريخ 14 يناير من عام 2011 غادر الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي وأسرته تونس إلى المملكة العربية السعودية. وتبدأ ليلى بن علي، زوجة الرئيس، حديثها عن «حقيقتها»، بالسؤال عما جرى في ذلك اليوم؟
وما تؤكده هو أن موجة الاحتجاجات التي بدأت في مناطق بجنوب ووسط البلاد كانت قد وصلت إلى العاصمة تونس. ولكن دون أن يخطر لها أبدا أنها ستغادر بلادها بعد ساعات من استيقاظها في مقر إقامة أسرتها بقصر «سيدي بو سعيد».
وتركز ليلى بن علي في مستهل كتابها على القول: إن علي السرياطي، رئيس الأمن الرئاسي، كان هو صاحب فكرة ذهابها مع أبنائها إلى السعودية «لأداء العمرة». وهو الذي أقنع بن علي بمرافقتهم للعودة سريعا «بعد استتباب الأمور».
ما تؤكده ليلى بن علي هو أن السرياطي صوّر الحالة في تونس وكأن «نهاية العالم» قريبة مع خطر قصف القصر الرئاسي أو اغتيال الرئيس وحمامات من الدم. وصولاً إلى إقناع بن علي بالمغادرة إلى خارج البلاد.
ما الذي جرى يوم 14 يناير من عام 2011 في تونس؟ بهذا السؤال تبدأ ليلى بن علي زوجة الرئيس التونسي السابق كتابها الصادر في باريس بتاريخ 21 يونيو عام 2012.
وهي تجيب على هذا السؤال بالقول: إن «إشاعات مجنونة وادعاءات كاذبة ووقائع مفبركة» شاعت في أجواء ذلك اليوم. ولذلك ترى أنه من واجبها، كما تقول، أن تبدأ بتحديد الوقائع بدقة وتوثيق ما شاهدته وعاشته من أحداث أرغمتها، هي وزوجها الرئيس السابق، على ترك البلاد «قسرا» وفتح صفحة جديدة من تاريخ تونس.
كان صباح ذلك اليوم جميلا، عندما استيقظت ليلى بن علي، حسبما تقول، في القصر الذي اتخذته مقرا لإقامتها بضاحية سيدي بوسعيد. لكنها لم تتمتع بجمال المنظر المحيط فالأحداث التي عرفتها تونس والأخبار التي تصل إليها كانت تثير القلق، على حد تعبيرها. «إن موجة من الاحتجاج كانت تهز البلاد.
لقد انطلقت من بعض مناطق الجنوب والوسط . ثم انتشرت في العاصمة»، كما نقرأ في كتابها وأمام تلك الأحداث: تملّك أسرة الطرابلسي قلق كبير، مثلما تحدد ليلى بن علي القول. كان الجميع يدركون أنه يعيش «لحظات صعبة»، لكن ليلى تؤكد أنه لم يكن يخطر على بالها أنها ستكون مرغمة على ترك البلاد بعد عدة ساعات فقط.
الأمور تشتعل
في ذلك اليوم، الجمعة 14 يناير 2011 اجتمع غالبية أفراد أسرة الطرابلسي المقرّبين عند ليلى بن علي. كان رئيس الأمن الرئاسي «علي السرياطي» أرسل لهم سيارات رباعية الدفع لجلبهم إلى القصر «دون علمها». وكان قد أخطرهم أن الأمور «تشتعل» وأنه سيتولّى حجز أمكنة لهم في الطائرات المغادرة إلى ليون بفرنسا، أو إلى طرابلس بليبيا. واستعدّ الجميع للتوجه إلى مطار تونس- قرطاج
تكتب ليلى بن علي قائلة: «حوالي الساعة الثالثة والنصف من يوم 14 يناير- تلقيت اتصالا هاتفيا من قصر قرطاج. كان المتحدث هو زوجي -الرئيس السابق- وقد اقترح علي الذهاب لأداء العمرة برفقة ابني محمد وابنتي حليمة. لقد أصابتني الدهشة وسألته: لماذا هذا السفر المفاجئ إلى المملكة العربية السعودية ؟.فأجاب: ستبقون هناك فقط حتى تعود الأمور إلى حالتها الطبيعية. وستعودين بعد ثلاثة أو أربعة أيام».
وتعلّق ليلى بن علي على هذا الحوار الذي بدا لها غريبا ومفاجئا بتأكيدها أن «علي السرياطي»، كان هو صاحب الاقتراح. كما تؤكد أنها لم تفهم ضرورة ذلك ولا إلحاحه.
وتتساءل ليلى بن علي: كيف يمكن الاعتقاد أن عدة آلاف من المتظاهرين يمكن أن يشكلوا خطرا يرغمنا على الرحيل؟ وتؤكد في معرض الرد على هذا التساؤل قولها: «كنت واثقة بزوجي»، وهو الذي كانوا يلقبونه ب»جنرال الأزمات»، وبالتالي كانت على اقتناع بأنه قادر على إيجاد الحلول وإخراج البلاد من الاضطرابات التي كانت تهزها هزا عنيفا بدا لحظتها غير قابل للتدارك.
مع ذلك كله، قبلت باقتراحه الذهاب إلى السعودية «دون اقتناع كبير». وعند الساعة الرابعة بعد الظهر ذلك اليوم غادرت الأسرة قصر سيدي بوسعيد، واصطحبت معها ما هو ضروري جدا ومن بين ذلك «العباءة» المكرّسة لأداء العمرة.
أطنان الذهب
وتؤكد ليلى بن علي القول أنها لم تصطحب معها «حلاها وأثوابها» ولا أي «أموال» ولا حتى «جواز سفرها». ولا تتردد في نفي ما وصفته بأنه «الأكاذيب» التي «أشاعوها»، كما تقول، حول أطنان الذهب التي تمتلكها في البنك المركزي التونسي والتي «أخذتها معها». وتشير أن البنك المعني كذّب ذلك. وكذلك تشير إلى «المبالغ الهائلة» التي زعموا أنهم وجدوها في قصر سيدي بو سعيد بعد رحيل أسرة بن علي.
ما تؤكده بالمقابل هو أنهم كانوا يمتلكون، وتقصد الأسرة الرئاسية السابقة، مبالغ نقدية، مثلما هي العادة دائما في الصناديق الشخصية لرؤساء الدول، ولكن تلك المبالغ كانت أقل بكثير من ال41 مليون دينار تونسي التي قيل إنهم وجدوها في خزائنهم بعد رحيلهم عن تونس.
لحظة الرحيل
وتروي ليلى بن علي أنها بعد مغادرتها قصر سيدي بوسعيد مع أطفالها توجهوا جميعا نحو قصر قرطاج، لإلقاء التحية على الرئيس -الزوج- قبل السفر، حسبما كان الاتفاق. وهناك لم تجد أي حارس أمام المقرّ الرئاسي وكانت الأبواب مفتوحة على مصراعيها.
وتضيف: «لم يكن هناك سوى دبابتين تقفان على الرصيف»، كما تقول ليلى بن علي، لتشير مباشرة إلى ذلك الشعور الغريب الذي انتابها بأن هناك «كارثة كانت على وشك الوقوع كما في زمن الحروب».
أمام المكتب الرئاسي رأت ليلى أربع سيارات «رباعية الدفع» وسيارة علي السرياطي ومجموعة من الحراس والسائقين. اقترب أحد هؤلاء منها وقال لها راجيا: «أرجوك يا سيدتي، اخرجيه من هنا، ينبغي على الرئيس أن يغادر». لم تفهم، كما تقول، معنى رجائه لها، وتقدمت للدخول إلى المكتب.
هناك وجدت زوجها محاطا برئيس التشريفات الرئاسية وبمدير مكتبه وبصهره «مروان مبروك» زوج إحدى بناته من زواجه الأول. وكان علي السرياطي، رئيس الأمن الرئاسي، يتحرك في كل الاتجاهات متحدثا عن مخاطر كبيرة وباحثا عن إمكانية إقناع ليلى بن علي بضرورة المغادرة مع الأطفال. واقترح في النهاية أن يرافقهم بن علي، مثل عادته، إلى المطار.
رئيس الأمن يهذي
طلب بن علي عندها من أحدهم الذهاب إلى المنزل لجلب جوازات السفر. وصرخ السرياطي: «أي منزل؟ وأي جوازات سفر؟ لم يعد لدينا متسع من الوقت، وينبغي الذهاب حالا». مرت الأمور بسرعة مدهشة، ولم يكن هناك مجال للمناقشة.
مع ذلك لم يقبل بن علي مغادرة المكتب، وقال موجها الحديث لعلي السرياطي: «رافقهم أنت، أما أنا فسوف أبقى هنا». لكن رئيس الأمن ألحّ بحجة أن القصر الرئاسي قد يتعرّض للقصف. وأن طائرات عمودية -هيلوكوبتر- تحوم في أجوائه، كما أن حرس الشواطئ قد يقومون بالهجوم من البحر
تؤكد ليلى بن علي قولها: «لم أر أي طائرات عمودية شخصيا، ولم أفهم ما يقوله، ووجدت أن رئيس الأمن الرئاسي يهذي. ولم أقل شيئا. لكن حليمة هي التي ألحّت على أن يرافقنا أبوها إلى المطار، وقالت: إذا لم تأت فإنني لن أسافر، عندها فقط قرر بن علي الخروج من القصر»
قادت ليلى بن علي السيارة، وبجانبها زوجها، وفي المقعد الخلفي الابنان محمد وحليمة وخطيبها. وتروي أن دهشتها كانت كبيرة عندما رأت الموكب لا يتجه نحو مطار قرطاج الدولي، حيث كانوا يستقلون الطائرة، عادة بل إلى مطار العوينة، المكرّس للطيران العسكري. تابعت ليلى السير وراء سيارة علي السرياطي دون أن تطرح الكثير من الأسئلة ف»الرجل يعرف ما يفعل».
كان بن علي قد خفّض الواقي من الشمس، كي لا يعرفه الآخرون. ولم يكن يفهم سبب العجالة التي كان يتصرف بها السرياطي. بكل الحالات بعد ست دقائق من الانطلاق وصل الموكب إلى مطار «العوينة».
في المطار
رفض الحرّاس العسكريون فتح الباب أمام القادمين قبل نزول علي السرياطي نفسه وإصداره لهم الأوامر بذلك. وشيء آخر «غريب» حصل عندما وجهوهم نحو أحد «الهناجر» حيث كان يتم تزويد الطائرة الرئاسية بالوقود، وليس نحو صالون الشرف «كما ينبغي». وكان هناك، حيث وصلوا، عدد كبير من عناصر وحدات مكافحة الإرهاب بأسلحتهم وأفراد من الحرس الوطني ورجال أمن مدنيون وعسكريون آخرون.
وبالقرب من الطائرة جرت محادثة «محتدمة جدا» بين بن علي والسرياطي وهما يزرعان المكان جيئة وذهابا وليلى ترقب بحذر أي حركة عدائية. تقول: «قلت لنفسي إنه إذا كان هناك من قد يطلق النار على بن علي، فليكن أنا من يستقبل الرصاصة». تشير ليلى في هذا السياق إلى حلم ستتحدث عنه لاحقا ،كما تقول كان قد تراءى أثناء النوم، وكان علي السرياطي في مقدمة الناس الذين «رأتهم» فيه.
زادت حدة النقاش عندما أعلن السرياطي أن رجال مكافحة الإرهاب استولوا على برج المراقبة. وتشير ليلى إلى أنها تدخلت عندها للمرة الأولى، وتوجهت إلى قبطان الطائرة الرئاسية «شيخ روحو» لتسأله عما يجري بالدقة. فأجابها، بعد إجراء اتصال هاتفي، بالقول: «لا تقلقي سيدتي، لم يستول أحد على برج المراقبة، وسوف نقلع».
فهل كان السرياطي بصدد تدبيج أكاذيب أم كان ضحية معلومات مزيفة؟ تتساءل ليلى بن علي.
سيناريو مخيف
فجأة قال السرياطي للرئيس: «سيدي الرئيس، لعلّه من الأفضل مرافقة أسرتك شخصياً إلى السعودية. وليس هناك أي خطر من عمل ذلك. فغداً سوف تستتب الأمور وتعودون». تتحدث ليلى هنا عن الدهشة التي رأتها على وجه زوجها.
فلماذا يذهب هو أيضا؟ وكيف يغادر البلاد بينما تتطلب الأوضاع الملحة أن يتولى قيادة الأمور؟ تفوّه عندها السرياطي ب»سيناريو» مخيف بسبب احتمال قصف القصر وحمام من الدم وخطر اغتيال الرئيس من قبل أحد حرّاسه، هذا كله إذا أصرّ على البقاء.
رضخ بن علي أمام إصرار علي السرياطي و»ليس أمام دموع ابني، كما قيل». مثلما تؤكد ليلى، مشيرة أن ذلك الابن صعد إلى الطائرة منذ وصولهم إلى المطار. وأمام رئيس التشريفات، قال بن علي لقائد الطائرة: «سوف أرافقكم. وبعد أن تصل الأسرة سنعود بالحال». وقد ألحّ علي السرياطي على الرئيس بالصعود إلى الطائرة سريعا «قبل أن يغيّر رأيه» وانحنى من أجل تقبيل يديه كي «يذهب».
وتروي ليلى بن علي أن الابنة «حليمة» اكتشفت في الطائرة فقط أن أباها سيكون معهم، والمرافقة «ايمان» أجابت عندما سألوها في الطائرة عن «أدوية الرئيس» بالقول: وهل الرئيس مسافر أيضا معنا؟ وتشير ليلى إلى أن إجراءات الأمن التي رافقت الإقلاع بدت وكأن هناك خشية من هجوم لمنع سفر الرئيس، أو ربما لاغتياله.
وتتساءل اليوم: هل كان هناك خطر اعتداء على الرئيس؟ أم هل كان هناك من يريد رحيله بأي ثمن بحيث لا تكون هناك لا محكمة ولا اعتقالات؟ وهل كانت هناك رغبة في إعطاء المصداقية لأطروحة هرب الرئيس؟
بكل الحالات، أقلعت الطائرة حوالي الساعة الخامسة والنصف من بعد ظهر يوم 14 يناير 2011، وبذلك انتهى فصل في تاريخ تونس، ليبدأ فصل جديد مختلف اختلافاً نوعياً.
يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.