فوز رئيس المجلس العسكري في تشاد في الانتخابات الرئاسية    بعد معاقبة طلاب مؤيدين لفلسطين.. رئيسة جامعة كورنيل الأمريكية تستقيل    بنزرت.. الاحتفاظ بثلاثة اشخاص وإحالة طفلين بتهمة التدليس    نبات الخزامى فوائده وأضراره    وزير الخارجية: تونس حريصة على المحافظة على العلاقات التّاريخية والطّبيعية التّي تجمعها بالاتّحاد الأوروبي    المرسى: القبض على مروج مخدرات بحوزته 22 قطعة من مخدّر "الزطلة"    بسبب التّهجم على الإطار التربوي.. إحالة ولي على محكمة الناحية بسوسة    استدعاء سنية الدّهماني للتحقيق    أولا وأخيرا...شباك خالية    للنظر في إمكانية إعادة تأهيل عربات القطار: فريق فني مجري يحل بتونس    أم تعنّف طفليها وتسبب لهما كسورا: وزارة المرأة تتدخل    شكري حمدة: "سيتم رفع عقوبات الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات في أجل أقصاه 15 يوما"    الرابطة 1 (مرحلة التتويج) حسام بولعراس حكما للقاء الكلاسيكو بين الترجي والنجم    المدير الفني للجنة الوطنية البارلمبية التونسية ل"وات" : انطلقنا في الخطوات الاولى لبعث اختصاص" بارا دراجات" نحو كسب رهان التاهل لالعاب لوس انجليس 2028    تونس تفوز بالمركز الأول في المسابقة الأوروبية لزيت الزيتون    قبلي: تنظيم يوم حقلي في واحة فطناسة بسوق الاحد حول بروتوكول التوقي من عنكبوت الغبار    هام/ وزارة التربية: "نحن بصدد بلورة تصوّر جديد لمعالجة هذا الملف"..    المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بصفاقس تواصل حملتها على الحشرة القرمزية    اللغة العربية معرضة للانقراض….    تظاهرة ثقافية في جبنيانة تحت عنوان "تراثنا رؤية تتطور...تشريعات تواكب"    قابس : الملتقى الدولي موسى الجمني للتراث الجبلي يومي 11 و12 ماي بالمركب الشبابي بشنني    عاجل : إغلاق مطار دكار بعد إصابة 11 شخصاً في حادث طائرة    سلالة "كوفيد" جديدة "يصعب إيقافها" تثير المخاوف    سابقة.. محكمة مغربية تقضي بتعويض سيدة في قضية "مضاعفات لقاح كورونا"    181 ألف بناية آيلة للسقوط في تونس ..رئاسة الجمهورية توضح    نابل: الكشف عن وفاق إجرامي يعدّ لاجتياز الحدود البحرية خلسة    الزمالك المصري يعترض على وجود حكام تونسيين في تقنية الفار    أبطال أوروبا: دورتموند الأكثر تمثيلا في التشكيلة المثالية لنصف النهائي    زغوان: حجز 94 طنا من الأعلاف غير صالحة للاستهلاك منذ افريل المنقضي    كأس تونس: البرنامج الكامل لمواجهات الدور ثمن النهائي    يمنى الدّلايلي أوّل قائدة طائرة حربية مقاتلة في تونس    دراسة صادمة.. تناول هذه الأطعمة قد يؤدي للوفاة المبكرة..    عاجل/ الحوثيون يعلنون استهداف ثلاث سفن بصواريخ وطائرات مسيرة..    الزغواني: تسجيل 25 حالة تقتيل نساء في تونس خلال سنة 2023    مفزع: 376 حالة وفاة في 1571 حادث مرور منذ بداية السنة..    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    حماية الثروة الفلاحية والغابية من الحرائق في قابس....و هذه الخطة    في وقفة احتجاجية أمام مقر الاتحاد الأوروبي.. "تونس لن تكون مصيدة للمهاجرين الأفارقة"    قضية مخدّرات: بطاقة ايداع بالسجن في حق عون بالصحة الأساسية ببنزرت    السلطات السعودية تفرض عقوبة على كل من يضبط في مكة دون تصريح حج.    مقارنة بالسنة الفارطة: تطور عائدات زيت الزيتون ب91 %    الثلاثي الأول من 2024: تونس تستقطب استثمارات خارجيّة بقيمة 517 مليون دينار    الفيلم العالمي The New Kingdom في قاعات السينما التونسية    كشف لغز جثة قنال وادي مجردة    على طريقة مسلسل "فلوجة": تلميذة ال15 سنة تستدرج مدير معهد بالفيسبوك ثم تتهمه بالتحرّش..    البطولة العربية لألعاب القوى للشباب: ميداليتان ذهبيتان لتونس في منافسات اليوم الأول.    عاجل/ نشرة استثنائية: أمطار متفرقة بهذه المناطق..    بطولة روما للتنس للماسترز : انس جابر تواجه الامريكية صوفيا كينين في الدور الثاني    كتاب«تعبير الوجدان في أخبار أهل القيروان»/ج2 .. المكان والزّمن المتراخي    آخر أجل لقبول الأعمال يوم الأحد .. الملتقى الوطني للإبداع الأدبي بالقيروان مسابقات وجوائز    «قلق حامض» للشاعر جلال باباي .. كتابة الحنين والذكرى والضجيج    محمد بوحوش يكتب...تحديث اللّغة العربيّة؟    مدْحُ المُصطفى    ستنتهي الحرب !!    إذا علقت داخل المصعد مع انقطاع الكهرباء...كيف تتصرف؟    عشرات الشهداء والجرحى والمفقودين جراء قصف متواصل على قطاع غزة    بعض مناضلي ودعاة الحرية مصالحهم المادية قبل المصلحة الوطنية …فتحي الجموسي    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ خميس الماجري – المرزوقي وَفِيٌّ لمبادئه
نشر في باب نات يوم 20 - 12 - 2013


حاوره في باريس / الطاهر العبيدي
بن لادن - السلفية - الإغتيلات السياسية - الأوضاع الأمنية قي تونس – العلاقة مع حركة النهضة...هذه بعض العناوين وغيرها من القضايا التي طرحناها على الشيخ "خميس الماجري"، في هذا الحوار الساخن، الذي أجابنا مشكورا ودون تردد على أسئلتنا المنبثقة من الزوايا الخلفية للمحيط التونسي بكل تضاريسه وتقاطعاته. وللإشارة فقد حاورناه سابقا بتاريخ 30 حزيران2007 زمن الجدب السياسي. مع العلم أننا أجرينا سلسلة من الحوارات المتنوعة والمتعددة طيلة 20 سنة في المنفى مع مختلف الفاعلين السياسيين التونسيين في الداخل والخارج ( زعماء أحزاب - حقوقيين – إعلامين - شخصيات وطنية من مختلف الألوان والاتجاهات...)، بما فيهم محاورة أغلب المساجين السياسيين الذين هم الآن في سدة الحكم ومن ضمنهم رئيس الدولة الحالي. وسوف تجمع هذه الاستجوابات في كتاب عنوانه حوارات في المنفي لتكون وثيقة لتأريخ الزمن الساسيي التونسي.
أنت أحد مؤسسي "الإتجاه الاسلامي " سابقا، "حركة النهضة " التونسية حاليا، فما هي حقيقة انسلاخك عن حركة النهضة، هل هي فعلا استقالة كما تقول أنت، أم هي عملية طرد كما أعلنت الحركة بسبب عدم التزامك بالمؤسسات، حيث انفردت سنة 1996 بالإتصال بأحد كبار الجلادين الأمنيين في نظام بن علي، المدعو "حمادي حلاس "، والمعروف باسمه المستعار" محمد الناصر "، والمتهم بقتل الاستاذ "عبد الرؤوف العريبي" تحت التعذيب، من أجل البحث عن قتاة اتصال مع نظام" بن علي المنهار "، وكان ذلك من وراء ظهر النهضة ؟
أمّا التّأسيس فانطلق بالجماعة الإسلاميّة، وما الاتّجاه الإسلامي والنّهضة إلاّ لافتات سياسيّة للجماعة السّلفيّة السّرّيّة.
أمّا في مسألة الطّرد، فهي فرية لا تثبت بشرع ولا تقرّرها مؤسّسة عدل تحترم نفسها. لقد غاض حزب نهضة المهجر استقالتي، فافتروا عليّ، وأنا أتحدّى الذي يقول ذلك في السّرّ أن يجرؤ به في العلن. أمّا أنا والله لا علم لي به، ألستُ أنا المعنيّ به، فلماذا لم أتلقّ منهم شيئا رسميّا؟ أهكذا تتعامل الأحزاب التي تحترم نفسها. لقد أعلنت عن استقالتي بشكل رسمي ومعلن يوم 14/12/2006، فليأتوني بشيء رسميّ معلن مثله، وهذا لم يقع البتّة، فإذن ما يقال في الكواليس هو افتراء. ولكنّ الذي أقوله الآن:
إنّ المفترى نفى الله تعالى عنه الإيمان ووصفه بالكاذب، لأنّ الإيمان والكذب لا يلتقيان:"إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ"، كما بشّره ب" لَعْنَة اللَه عَلَى الكَاذبينَ".
هذه ضريبة من فارق بيت الطّاعة الحزبيّة، وأقام فيهم فريضة النّصح وواجب الإنكار وحتميّة المراجعات، ومن لا يخاف الله تعالى يسهل عليه تلفيق التّهم. إنّ الحزبيّين إذا تكون معهم، فأنت وليّ صالح ولو كنت خبيثا، وإذا فارقتهم يشيطنونك ولو كنت صالحا، ثمّ يصنّفونك في الخيانة والعمالة والمخابراتيّة إن خالفتهم في السّياسة، أمّا إن حافظت على دينك وتمسّكت ب"قديمهم" قبل أن يتعلمنوا، أشاعوا أنّك سلفي جهاديّ تكفيريّ.
إنّ الحزبيّين يحرصون على إسكات كلّ شريف ومحاصرته وتعريضه لإرهاب ممنهج قصد تكسيره واستسلامه أو دفعه للمقايضة والعودة لبيت طاعة الباطل.
ليس في لوائح وقوانين حركة النّهضة طرد عضو أخبرهم أنّ جهة أمنيّة اتّصلت به.
ليس للقوم مؤسّسة قضائيّة مستقلّة قويّة ذات سيادة، فكلّ ما يصدر عن مكتبهم السّياسي فهو غير شرعي وغير دستوري.
جاءني مسؤول حركة نهضة المهجر في باريس ليلة 11 سبتمبر 2001 برسالة من الغنّوشي للعودة إليهم فرفضت.
تحدّيتهم أمام العالم ولا زلتُ بالحوار ثمّ بالمباهلة، فماذا يُطلب منّي أكثر من ذلك؟
والله لا علم لي أنّ المُسمّى بوحلاّس قتل أخي وصديقي وزميلي عبد الرّؤوف العريبي رحمه الله تعالى، ولكنّي أقول لهم: كفاكم ابتزازا بأسماء الذين سبقونا إلى الله عزّ وجلّ. وها هو بوحلاّس بين أيديكم فأرونا ماذا فعلتم به، بل هل تقدرون أن تقتصّوا من أكابر جزّاري وزارة القمع وقد سحلونا وسلخونا طيلة ثلث قرن، بل إنّكم وضعتم أيديكم مع أيديهم بعد الثّورة ترهبون شعبنا والشّباب السّلفي خاصّة. ماذا ستفعلون بقتلة العريبي والجوهري ومبروك الزّرن والعشرات من رجال الحركة الأبرار.
بل أخبرونا ماذا فعل الغنوشي في قضيّة الشّيخ أحمد الأزرق والتي عرفت بقضيّة شيخ شارل نيكول، وقد كان صديقنا وحبيبنا.
عُرِفْتَ في المهجر بمواقفك المناهضة لقيادات حركة النهضة، فَسًرَهَا البعض أنها نوعا من التحامل المجاني، وغيرهم بوبّها في خانة الصراع الشخصي، وآخرون يحيلها إلى تضخّم الذاتية والأنا في شخصكم؟
هذا الذي تذكره غيض من فيض تدلّ على أنّي أتعرض للمحاصرة والملاحقة.
لقد قمتُ في باريس مع مجموعة من الإخوة في مطلع تسعينيّات القرن الماضي بمحاولة إصلاح لحركة نهضة المهجر، فعاقبوني، فحاولت أن أطرح أفكاري في مواقع إلكترونيّة مقرّبة منهم فحاصروني، فأنشأت موقع "تونس المسلمة" لأساهم في إصلاح تونس ما استطعت، كما لاحقوني بعد الثّورة فضربوا لي 25 حساب فايسبوك، كما ضربوا صفحة "حركة الشّباب التّونسيّ" لما بثّوا شريط أقوال الغنّوشي الكفريّة، وقاموا بحملات تشويه وتشهير على مواقعهم والفايسبوك وفي جلساتهم ونواديهم، ثمّ حذّروا شيوخ وشباب السّلفيّين منّي. فبعدما صنّفوني في سنوات الهجرة بالسّلفي والتّكفيري والجهادي، إذ بهم يتراجعون بعد الثّورة والعودة، فصاروا يقولون إنّي لستُ سلفيّا. ولمّا اختارني أبناء حيّ الورديّة إماما لهم حاكموني بالسّجن. ثمّ ما هو العيب في مراجعة فكر وأداء حزب معيّن؟ أَأُعاقب لأنّي أقوم بواجبي الشّرعي؟ وهل أنا الوحيد الذي يراجعهم؟ إنّ الذين انتقدوا فكر النّهضة وتناقضاتها من تونسيّين وغيرهم كثيرون ولا يُحصون، فهل كلّ أولئك متحامل و لهم خصومات شخصيّة معهم وهم مضخّمون ذاتيّا؟ إنّي أذبّ عن الشّرع المطهّر من إفراطهم وتفريطهم. أليس النّصح والإنكار خاصّيّة من خصائص هذه الأمّة العظيمة؟ ألم يصحّح أهل العلم بعضهم بعضا؟ فليردّوا عليّ بالعلم والحجّة. عجبا من قوم كسّروا رؤوسنا بحقّ الاختلاف فإذا مارسناه رفعوا في وجوهنا السّيوف. إنّ الشّرع قبل الأشخاص، وإذا خالف الأشخاص الشّرع فلا كرامة لهم أمام شرع الله تعالى.
لقد اخترتُ أن أتحدّث بشفافيّة ووضوح، وتحمّلتُ مسئوليّتي في كبح جناح تفلّت وفوضى المختطفين للدّين. لقد دعوتهم إلى الحوار ولا زلت أطالبهم بذلك. فهل يُسمح لهم أن يقولوا ويكتبوا ما يشاءون ويمنعوننا من أن نقول أو نكتب؟ أحلال لهم حرام علينا؟ هذه آرائي لا أدّعي لها العصمة فليناقشوها وليكفّوا عن حرب التّهم الملفّقة، وإنّه من المفيد جدّا أن ترتقيَ لغة الحوار إلى مستوى أخلاقيّ عال وأن نتجاوز هذه الحيدات، ونركّز على الأفكار عوض الطّعن في النّوايا لقد راجعتُ مُفتي طاغية تونس في أكثر من مناسبة، وأنكرت على الجنرال ابن علي وسلطته، ورددت على العلمانيّين في تونس وعلى ما يُسمّى الهيئة العالميّة لنصرة الإسلام في تونس، وعلى ما يسمّى ميثاق علماء تونس، ونصحت حركة حماس الفلسطينيّة بعد أحداث غزّة، كما راجعت الاتّحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يترأّسه الدّكتور يوسف القرضاوي وغيرهم، فهل كلّ هؤلاء الذين راجعتهم علميّا هو تحامل مجاني عليهم، أو هو صراع شخصي ضدّهم، أو هو تضخّم ذاتيّة والأنا في شخصي؟
بعض الأخبار تقول أنك منذ سنة أوعزت لأحد أعضاء حركة النهضة للتوسط بينك وبين الأستاذ " راشد الغنوشي " للتصالح، فإلى ما أسفرت هذه الوساطة ولماذا أنت من بادر بها؟
هذا غير دقيق، أنا لم أوعز لأحد أن ألتقي بمن ذكرتَ، وأنا لم أبادر للقائه أبدا. ولو أردتُ لقاءه فلماذا أوعز؟ ولماذا أجعل بيني وبينه وسيطا؟ ثمّ ما الذي يجمع بيني وبينه؟ هو سياسي حزبي متقلّب اختطف الحركة وشرّق بها وغرّب لما يقارب الأربعين سنة. وعلى ماذا سأتصالح معه؟ هو يدعو إلى الكذبوقراطية وأنا أدعو إلى الشّريعة. يا أخي ليس بيني وبينه إلاّ الشّرع. ولو أعلنها شريعة صرفة كما تعاهدنا على ذلك منذ بداية سبعينيات القرن الماضي لما فارقت هذه الحركة، ولكنّها تلوّنت وبدّلت وتعلمنت، وبقيتُ بفضل الله تعالى محافظا على ثوابتنا التي تنكّروا لها. ليس لي مشكل شخصي معه، وخصومتي معه هي خصومة شرعيّة بحتة، لأنّ من خاصم الشّريعة ينبغي أن يُخاصم. لقد كان أوّل من سعى إلى لقاء معه زياد الدّولاتلي منذ بداية الثّورة وعند أوّل لقاء جمعني به في باريس سنة 2011 وبوساطة من أخ، ثمّ ليس هو لقاء للمصالحة، بل لتليين قلب الغنّوشي الذي يروّج مرّة أنّي أسأتُ إلى عقيدته ومرّة أخرى أنّي أسأت إلى حركته. وألحّ الدّولاتلي أن يلاقيني برئيسه في باريس وقتها فرفضتُ، وأصرّ على لقاء في تونس فقبلت على مضض، إلاّ أنّ معاذ ابن الغنّوشي تدخّل في آخر لحظة ليلغيه، فحمدتُ الله على ذلك. كما تدخّل الكثير من الإخوة في مبادرات منهم من أجل لقاء معه فلم يحصل. كما حرص العربي نصرة صاحب قناة حنبعل، وأعرب لي عن استعداده للقاء بيني وبين صديقه الغنّوشي لأرفع عنه شبهة " المشكل الشّخصي " الذي يروّج له الحزبيّون، فاشترطتُ عليه أن لا يكون اللّقاء في مقر حزب النّهضة في مونبليزير وبحضور العربي نصرة، ولم أتابع المسألة أبدا.
في أحد المنابر الإعلامية قلت أنك تحترم ولا تعارض نهج "أسامة بن لادن فهل من توضيح في هذا الشأن؟
الشّيخ أسامة بن لادن رحمه الله تعالى لم يختلف عليه جميع المسلمين عندما كان يقاتل السّوفييت، فشهدوا أنّه مجاهد وصالح وتقيّ وورع وزاهد ووو، ولكنّه لمّا انطلق يقاتل الأمريكي، صار ابن لادن تكفيريّا وخارجيّا وإرهابيّا وعميلا ووو. والرّجل حبس أمواله لقتال الغزاة، ووقّف جسده لدفع المحتلّين، وأنا لا أطعن في مجاهد أو أشمت فيه لصالح قَتْلة أمريكيّة متوحّشة جبانة. لقد كان العدوَّ الأوّل لأمريكا. والشّيخ ابن لادن لا أُسْلمُه ولا أَخذلُه حيّا وميّتا، حرام عليّ دمه وعرضه، وقد صدقَ اللهَ فصَدَقَه فنال الشّهادة التي خرج من أجلها. فلا أقول في رجل قتله الأمريكيّ إلاّ خيرا. ولا أكترث أن يصنّفني وكلاء المحتلّ بتصنيفات الأمريكي الصّليبي. ولا مقارنة بينه وبين الرّويبضة الذين ترأّسوا اليوم وهم يُباعون ويشترون في سوق نخاسة السّياسة الدّوليّة والمحلّيّة.
عملية محاكمتك في فرنسا يوم 19 جوان ( حزيران ) 2013، بتهم التحريض على الإرهاب، والدعوة للجهاد المسلح، فسّرها البعض على أنها مسرحية مخابراتية، أريد منها تأهيلك للعب دور لصالح فرنسا؟
لقد حسب العقلاء أنّ هذه المحاكمة قد أسقطت كلّ تفاهات من يطاردونني، وحسبتُ أنّهم سيتوبون وسينتهون عن التّآمر..
هَبْ أنّ هذه المحاكمة مسرحية مخابراتية كما يفترون فهل محاكمة حزب النّهضة لي يوم 25 أكتوبر 2012 وبعد الثّورة هي أيضا مسرحية مخابراتية؟ إنّ ملفّي "الأمني" في فرنسا قديم، فقد مثلتُ يوم 26 / 10 / 2001 بعد أحداث 11 سبتمبر أمام شرطة مكافحة الإرهاب في باريس بتهمة التّحريض على الإرهاب، ولكن بحكم أنّي كنت وقتها أتمتّع باللّجوء السّياسي منعوني من الإمامة والخطابة فحسب. أتدري أَنِّي كلّما خرجت أو دخلت إلى التّراب الفرنسي إلاّ وتخضعني شرطة المطار لانتظار نصف ساعة وأكثر للتثبّت في وثائقي كما يزعمون! أهكذا يُعامَل من يُؤهّل للعب دور لصالح فرنسا؟ إنّ الذي يقوم بذلك الدّور هو الذي يدخل في المطارات من مكان التّشريفات بين فرنسا والجزائر وغيرها، وهو الذي يهرول بين سفارات الغرب في تونس، وصدق من قال:
إذا محاسِنِي الَّلاتي أُدِلُّ بها كانت ذنُوبِي فَقُلْ لي كيفَ أَعْتَذِرُ ؟
ثمّ اعلم أنّي لم أحاكم في فرنسا، بل القضاء هو الذي ألغى قرارا سياسيّا صدر من طرف إدارة من إدارات وزارة الدّاخليّة. فالحاصل أنّ كلّ ما يقال إنّما هي محاكمات سياسيّة لعقيدتي ولأفكاري. والله المستعان.
استقبلت في قصر قرطاج من طرف رئيس الجمهورية " منصف المرزقي " ضمن وفد من قادة السلفيين، فبماذا خرجت من هذه المقابلة، وما هو رأيك في حكم الترويكا بقيادة حركة النهضة التي بها رفقاء الأمس، كمواطن أولا وكداعية ثانيا، وهل هناك فرق وبون من حيث الأداء، بين الحكومة ورئاسة الجمهورية؟
لقد التقيتُ بالمرزوقي أيّام الجمر في باريس، ثمّ إنّ لقاء قرطاج كان قد سعى إليه بعض الوسطاء ولم يكن بطلب منّا، وطرحنا نحن المشايخ مع المرزوقي مسائل كثيرة أهمّها:
تصوّرنا للإسلام الذي نعتقده المخالف لإسلام ما يسمّى النّخبة في تونس.
رفضنا للتّمييز الممارس ضدّ الشّباب السّلفي في المجتمع وفي الجامعة، والتي منها خطابات المرزوقي المتشنّجة.
رفع المظلمة المسلّطة على التّيّار السّلفي.
. وأحسب أنّ وفد المشايخ قد وُفّق في قول كلمات حقّ أمام سلطان جائر.
أمّا حكم التّرويكا فهو كارثيّ بامتياز على شعبنا، ثمّ على حزب النّهضة بالخصوص، إذ لم يستفد الإسلام ولا الشّعب من حكمها، حيث "يعتقد" الكثيرون أنّها خانت الثّورة وخدعت التّونسيّين وتحالفت مع الفاسدين، ممّا أفقدها كلّ شيء: مبادئها ومصداقيّتها، فجيّشت ضدّها الشّعب والتّيّار الإسلامي: السّلفي والزّيتوني والأشعري والتّحريري والمنظّمات والجمعيّات الإسلاميّة المستقلّة، والمنظّمات والشّخصيّات الثّوريّة، هذا فضلا عن أعداء الثّورة، الذين سعت لإرضائهم فلم تفلح. إنّ قيادة حركة النّهضة تعاني من معضلات إستراتيجيّة هلاّكة لا بدّ أن يعالجها قواعده علّها تدارك أمرها.
أمّا المرزوقي فقد حرص رغم خلافي الشّديد معه أن يكون في المحافل الدّوليّة "مخلصا" ل"مبادئه" وأكثر تشبّثا ب"ثوابته" "الثّوريّة" من حلفائه "العقائديّين". فحزب المرزوقي لم ينكسر أمام مؤامرات الرّباعي الانقلابي، كما لم يُمْض على وثيقة ما يسمّى الحوار الوطني. أمّا على المستوى الخارجي فقد حرص أن يظهر في المنابر الدّوليّة كحقوقي، فدافع عن حقّ الشّعب السّوري في تقرير مصيره، كما دعا العسكر الانقلابي في مصر أن يطلق سراح سجناء ما يسمّى"الشّرعيّة". كما لعب المرزوقي دورا كبيرا لإقناع المؤسّسات الحقوقيّة والماليّة الغربيّة المشبوهة بأنّ الغنّوشي- الذي ضحّى بالعقيدة أمام مذبح السّياسة - ينبغي أن يَعتمد عليه الأوروبي الصّليبي لمحاربة "الإرهاب"، فيكون المرزوقي قد ورّط رئيس حزب النّهضة يوم خندقه في فسطاط دين الدّيمقراطيّة، في حين أنّ المرزوقي بقي محافظا على علمانيّته وعداوته للشّريعة ودعاتها ولم يدخلوه في فسطاط "الأخونة". وهذا ما يفتخر به المرزوقي في المحافل الدّوليّة. والله المستعان.
كيف تنظر لعمليات الاغتيالات السياسية التي راح ضحيتها المعارض "شكري بالعيد" والنائب في المجلس التأسيسي "محمد البراهمي" وذبح الجنود بجبل الشعانبي، والعديد من الهجمات على بعض رجال الأمن، وما موقفك من اتهام السلفيين في هذه الأحداث؟
إنّ كلّ ما ذكرت من الاغتيالات أضف إليها أيضاً مقتل 23 سلفيّا وسلفيّة، ليندرج ضمن اغتيالات سياسيّة كيديّة ممنهجة، قام بها أطراف حزبيّة متطرّفة متورّطة مع جهات خارجيّة أجنبيّة، تستهدف صناعة الفوضى للانقلاب على نتائج ما يسمّى الانتخابات، ولقد كنت أوّل من حذّر أن تنزلق تونس في هذا المربّع الشّبيه بالمذبح الجزائري، وذلك في مؤتمر صحافي بمسجد المركّب الجامعي في المنار بالعاصمة يوم الخميس 11/10/2012، إذ قلت:" لدينا معلومات مؤكّدة أنّه يُخطّط الآن لإيجاد أحداث عنف في البلد لا نعرف نوعيتها، إحراق نزل، تفجير أيّ شيء، وسيحمّلون التّيّار السّلفي المسؤوليّة. نحن نحذّر (من ذلك) ونحن أبرياء من كلّ حدث سيقع... والآن يخطّط لأن تقع في تونس جزائر جديدة....". أمّا اتّهام السّلفيّين بتلك الأعمال، فهو يندرج ضمن مخطّط منظومة الفساد القديمة المتحالفين مع أعداء الثّورة والذين استسلم لهم حزب النّهضة الحاكم الذي فتوافق معهم على استعمال فزّاعة الإرهاب لتفعيل ما يُسمّى قانون الإرهاب الذي وضعه الدّكتاتور ابن علي سنة 2003 تحت توصيات الأمريكي. لقد تحكّمت منظومة الفساد في مفاصل الفعل السّياسي في تونس، واستطاعت أن تستعمل التّرويكا في ذبح السّلفيّين ليدور الرّحى عليهم بعد ذلك.
أنت الناطق الرسمي باسم مشايخ التيّار السلفي، هل أنتم تيّار إصلاحي، أم وعاء لتجميع الغاضبين الإسلاميين، أم حزب في إطار التشكل، أم جمعية دعوية، وما هي بصماتكم على المشهد السياسي ودوركم في المجتمع؟
أنا أحد أعضاء"الهيئة الشّرعيّة للدّعوة والإصلاح"، واسمنا يدلّ على مهامّنا وأهدافها، والهيئة مفتوحة لكلّ شيخ شريطة التزامه بمنهج أهل السّنّة والجماعة، وأن لا يكون له انتماء حزبي أو ولاء للسّياسي سواء كان داخليّا أو خارجيّاً، لأنّ حملة العلم ليس لهم ولاء إلاّ للملّة، ورسالتهم النّصيحة للجميع، ودعوتهم إلى تحكيمه. وعلى هذه الأسس فنحن لسنا حزبا أو جماعة أو فرقة، بل نحن تيّار من المشايخ التقوا استجابة لنداء الله تعالى القائل:"وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ". فاجتمعنا من أجل المساهمة في إصلاح العباد والبلاد، والعودة إلى الدّين الصّحيح، ونعتقد أنّه لا حلّ لمشاكل الإنسان، وفوضى الأوطان، إلاّ بشريعة الخالق الرّحمان، وأنّه لا يصلح آخر هذه الأمّة إلاّ بما صلح به أوّلها.
ونحن نعتقد أيضاً أنّ هذا الأمر هو من حقّ شعبنا علينا، خاصّة في هذا الظّرف العصيب، وهذا ممّا يزيدنا شرفاً أن نكون خدما لديننا ثمّ لشعبنا، رغم الاستبداد والإقصاء والتّمييز المسلّط علينا، إذ ليس لأحد من الهيئة ترخيص رسميّ من الحكومة، بل فينا من حوكم بقانون المساجد الذي وضعه الطّاغية الجنرال المخلوع. أمّا عن بصماتنا على المشهد السّياسي فقد ساهمنا في إطفاء نار الحقد والحرب التي تشعلها أطراف فاسدة وفاشلة، وقد ساهمنا بأقدار ضخمة في تأطير الشّباب السّلفي وامتصاص غضبهم حتّى لا يقعون في فخاخ تلك المخطّطات التي استهدفنا فيها استهدافا جهنّميّا. كما ساهمنا في تجاوز الفتنة التي كادت أن تعصف بتونس عشيّة منع الملتقى الثّالث لأنصار الشّريعة المزمع عقده يوم 19/05/2013 بالقيروان.
فالمقصود، بلا فخر أنّ الله سخّرنا أن جعلنا رجال مطافئ المرحلة، ولا زلنا نقوم بهذه الأدوار بإذن الله تعالى.
تعثر الحوار الوطني – غموض الوضع الأمني – ترنح الاقتصاد وانكماش الدينار وغلاء الأسعار- الإضرابات والاحتجاجات المتتالية - الكتاب الأسود والجدل حوله – هذه بعض عناوين الواقع الحالي في تونس فكيف تقرؤون هذه الأوضاع وما هي مقترحاتكم؟
كلّ ما ذكرتَ من هذه الكوارث أضف إلى تدنّي أخلاق السّياسيّين، وتوسّع الجريمة وعودة وزارة الدّاخليّة إلى إرهاب شعبنا عموما والسّلفيّين خصوصا في ممارسات وحشيّة ممنهجة لاستعادة قبضته القمعيّة والانقلاب على الثّورة وأهدافها، آخرها ما حصل للسّلفيّين وأهليهم في مدينة الكاف. وأضف إلى ذلك أيضا خداع نخبة النّكبة لشعبنا والغدر به، واختطاف البلاد من طرف اتّحاد الشّغل...إنّه حصاد كارثيّ لأكذوبة الحلّ الكذبوقراطيّ الذي أدّى بالبلاد إلى فشل ذريع على كلّ المستويات، فالمعاناة والضّنك الذي نحن فيه ما هو إلاّ وعيد إلاهيّ يتحقّق، وعقوبة ربّانيّة تتجسّد، قال الحقّ تبارك وتعالى:" قُلْ هُوَ الْقَادِر عَلَى أَنْ يَبْعَث عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقكُمْ أَوْ مِنْ تَحْت أَرْجُلكُمْ أَوْ يَلْبِسكُمْ شِيَعًا وَيُذِيق بَعْضكُمْ بَأْس بَعْض". إنّ ما تشهده تونس هذه الأيّام ما هو إلاّ آثار ونتائج لسبب حذّرت منه الشّريعة، وهو مغبّة الإعراض عن التّوحيد، الذي خاصم فيه الكفّار منذ فجر التّاريخ أنبياءهم، وهو الذي يخاصم فيه أعداء الشّريعة اليوم في بلدنا الموحّدين. فالمقصود أنّ الحلّ في تونس وفي غيرها يكمن في التّوحيد بأقسامه الثّلاثة: العبادة وتحكيم الشّريعة والولاء والبراء.
إنّ إقامة شرع الله في الأرض هو وحده الذي يحقّق الأمن ويحقن الدّماء ويحفظ العقول والأموال ويحمي الأعراض ويحرّر الأوطان، وبدون تحكيم الشّريعة سنظلّ نعاني ونكابد ونتجرّع سموم الفاسدين، مصداقا لقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم:" مَا ظَهَرَتِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ فَعَمِلَ بِهَا فِيهِمْ عَلانِيَةً، إِلا ظَهَرَ فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ فِي أَسْلافِهِمْ، وَمَا مَنَعَ قَوْمٌ الزَّكَاةَ إِلا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلا الْبَهَائِمُ لَمْ تُمْطَرُوا، وَمَا بَخَسَ قَوْمٌ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَشِدَّةِ الْمُؤْنَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلا حَكَمَ أُمَرَاؤهُمْ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ فاسْتَنْقَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا عَطَّلُوا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ رَسُولِه إِلا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ". وقوله صلى الله عليه وسلم:" وما حكموا بغير ما أنزل الله إلاّ فشا فيهم الفقر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.