أكّد مجلس إدارة البنك المركزي على ضرورة التصدي إلى مصادر الضغوط على التوازنات المالية الداخلية والخارجية، داعيا إلى مزيد من الحذر والعمل على اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالمحافظة على هذه التوازنات في حدود مقبولة كعامل أساسي لتوفير الشروط الملائمة لتدعيم الاستثمار المحلي والأجنبي ودفع النمو والتشغيل واستعادة مقومات الاستقرار الاقتصادي والمالي. وأبرز البنك المركزي أنّ الاقتصاد الوطني تمكن خلال سنة 2012 من الخروج من حالة الركود التي شهدها قبل سنة وتحقيق انتعاشه تدريجية شملت جل قطاعات النشاط وخاصة الفلاحة والخدمات والسياحة والنقل الجوي مع تحسن المداخيل السياحية وحركة نقل الأشخاص ب30 ٪و32٪، إضافة إلى قطاع الصناعات غير المعملية الذي شهد بالخصوص ارتفاع مؤشر إنتاج المناجم ب 11.2٪ إلى موفى أكتوبر2012 وبدرجة أقل بالنسبة للطاقة، وسجل قطاع الصناعات المعملية الموجهة للتصدير تراجعا لنفس المؤشر بالنسبة للصناعات الميكانيكية والكهربائية والنسيج والملابس ب1.1٪و3.6٪. أمّا على مستوى التوازنات المالية لاحظ المجلس أن جملة من التطورات السلبية المسجلة خلال السنة المنقضية والمتعلقة سواء بتردي الظرف الاقتصادي الدولي أو بمناخ الأعمال الداخلي ساهمت في احتداد الضغوط على ميزان المدفوعات الجارية وارتفاع مستوى الأسعار بالإضافة إلى تعمّق عجز ميزانية الدولة. وبيّن المجلس أنّه سجّل بوادر استعادة النشاط بنسق مشجع في بعض القطاعات من ناحية وفي المقابل استمرار الضغوط على التوازنات المالية الداخلية والخارجية من ناحية أخرى. الإبقاء على نسبة الفائدة وقد قرر مجلس إدارة البنك على إثر انعقاد اجتماعه أمس الأربعاء 30 جانفي الإبقاء على نسبة الفائدة الرئيسية للبنك المركزي دون تغيير. وأشار مجلس إدارة البنك المركزي التونسي إلى تباطؤ نسق النمو العالمي في سنة 2012، حيث ينتظر تراجع نسبة النمو حسب تقديرات صندوق النقد الدولي إلى 3.2٪ مقابل3.9 ٪قبل سنة وذلك بسبب تداعيات أزمة المديونية العمومية في منطقة الأورو وذلك حسب بيان للبنك المركزي أمس الاربعاء 30 جانفي 2013. وبالنسبة إلى سنة 2013، راجع كل من البنك العالمي وصندوق النقد الدولي، خلال شهر جانفي 2013 تقديراتهما لنسبة النمو العالمي المنتظرة إلى حدود 2.4٪ و3.5٪، وذلك بسبب ضعف الأداء الاقتصادي في البلدان المصنعة في حين يتواصل دعم النمو في البلدان الصاعدة والنامية. وقد عرفت الأسواق المالية العالمية تطورا إيجابيا عموما في بداية السنة الحالية مع بروز بوادر انفراج للصعوبات المالية في البلدان المصنعة ومواصلة البنوك المركزية في هذه البلدان إتباع سياسات نقدية ملائمة لدفع النشاط الاقتصادي. وبيّن المجلس أنّ الصادرات تأثرت بتقلص الطلب الخارجي للبلدان الأوروبية الشريكة التي عرفت انكماشا في السنة المنقضية في حين ارتفعت الواردات بنسق سريع، خاصة بالنسبة للطاقة ومواد التجهيز والمواد الاستهلاكية، مما أدى إلى توسع العجز التجاري ب 35٪ خلال سنة 2012 وهو ما ساهم في تفاقم عجز ميزان المدفوعات الجارية الذي بلغ ما يعادل8.1٪ من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 7.3٪ قبل سنة. وأكّد البنك أنّه أمكن تمويل هذا العجز بفضل ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر (+85.4٪) من جهة وتكثيف تعبئة القروض الخارجية متوسطة وطويل الأجل من جهة أخرى مما ساهم في ارتفاع الموجودات الصافية من العملة الأجنبية إلى 12.576 مليون دينار أو ما يعادل 119 يوما من التوريد في موفى سنة 2012 مقابل 10.582 مليون دينار و113 يوما في نهاية 2011. ارتفاع نسبة التضخم أمّا في مجال تطور الأسعار فقد سجّلت نسبة التضخم ارتفاعا إلى حدود5.9٪ بحساب الانزلاق السنوي و5.6٪بالمعدل في موفى سنة 2012 مقابل 3.5٪ تم تسجيلها في سنة 2011، وشمل هذا الارتفاع جل مجموعات المواد وخاصة المواد الغذائية التي شهدت زيادة ب 8.4٪ في نهاية السنة المنقضية. من جهة أخرى سجلت حاجيات البنوك من السيولة تراجعا تدريجيا خلال الربع الأخير من السنة وهو ما أدى إلى انخفاض تدخل البنك المركزي في السوق النقدية، ممّا نتج عنه الترفيع في نسبة الفائدة الرئيسية في موفى شهر أوت 2012،و ارتفاع نسبة الفائدة الوسطية في السوق النقدية من 3.16٪ في جانفي 2012 إلى 3.98٪ في شهر ديسمبر من نفس السنة. ارتفاع قائم الايداعات وقد تراجع تدخل البنك المركزي في السوق النقدية بداية سنة 2013 إلى حدود 3.663 مليون دينار خلال شهر جانفي (مقابل 4.786 مليون في الشهر السابق) بالعلاقة مع ترشيد إعادة التمويل من ناحية وتحسن السيولة المصرفية نتيجة بالخصوص للزيادة الملحوظة في نفقات الدولة من ناحية أخرى، فيما ارتفعت نسبة الفائدة الوسطية في هذه السوق إلى مستوى 4.25٪ في نفس الشهر. وبالنسبة إلى القطاع المصرفي، فقد اتسم بارتفاع قائم الإيداعات خلال سنة 2012 بنسق أسرع من ذلك المسجل في السنة السابقة (10.8٪ مقابل 5.1٪) ليشمل شهادات الإيداع والإيداعات تحت الطلب، وسجلت المساعدات للاقتصاد تباطؤا في نسق نموها (8.7٪ مقابل 13.4 في سنة 2011) وشمل أساسا القروض متوسطة الأجل بالعلاقة مع تباطؤ الاستثمار الخاص.