(...) وكان لهذه المدرسة التفاتة لطيفة الى تقويم البدن كتقويم النفس، والعناية به كالعناية بالعقل: فما لنا نقضي نهارنا في المدرسة ندرس، وعصرنا في القهوة نجلس جلسة الكسالى العجائر نتحدث، وليلنا على المكتب نحضر! أين الهواء الطلق أين جمال الطبيعة؟ أين الرياضة البدنية؟ أين الرحلات؟ إن كل هذه تجدد النفس وتنعش الروح وتبعد العجز، وتخدم العقل كما تخدم الجسم، وتغذى الروح كما تغذى البدن. إذن فلنشترك في ناد من نوادي الالعاب الرياضية، ولننظم رحلات أسبوعية، ولأحقق أنا بعض ما كانت تقوله لي المدرسة الانڤليزية »تذكر أنك شاب«. وذهبنا الى نادي الالعاب الرياضية بالجزيرة واشتركنا فيه، وكانت عِمّتي (عمامتي) أول عِمّة اشتركت في النادي، وربما كانت آخرها ايضا، وأخذت خزانة فيه ككل عضو، اضع فيها، »الفانيلا« و »الشورت« و »الجزمة الكاوتش«، فإذا حضرت خلعت عمامتي وجبّتي وقفطاني ولبست »الشورت« وما اليه، وتسابقت في العدو مع العدّائين، ولعبت كرة القدم و »العقلة« مع اللاعبين، حتى اذا تعبنا جلسنا على الحشيش في الهواء الطلق نتحدث ونضحك، وقد كنت أول الامر ألهث اذا جريت، وأخفق اذا لعبت، ثم استقام أمري، وإن لم أبلغ في خفة الحركة مبلغ صحبي، لأني أحمل من أوزار تربيتي الاولى مالا يحملون، فإذا فرغنا من ذلك ذهبنا الي خزائننا وخلعت »الشورت« ولبست الجبة والقفطان والعمامة وخرجت من النادي شيخا وقورا.