من البديهي جدّا أن نقول بأنّ تلفزتنا التونسية تدخل كلّ البيوت من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها كما أنّها تدخل بدون استئذان في كلّ وقت حينما تكون العائلة مجتمعة وحيث يجلس الأب بجانب ابنه والأخ بجانب أخته والأم بجانب ابنتها كما أنّ هذا الجهاز يدخل إلى كلّ جهات البلاد التي تختلف فيها اللهجات من منطقة إلى أخرى وقد تعني فيها الكلمة في جهة ما لا تعنيه في مكان آخر كما أنّ الكثير من البيئات التونسية التي تجتمع حول جهاز التلفزة ما تزال إلى اليوم محافظة ومتشبّثة بعاداتها وتقاليدها ومازال فيها الأب يحضى بقيمته كربّ بيت، صاحب الهيبة ومحل الاحترام والتقدير والوقار... فإذا حان موعد الأخبار فسح له المجال لمتابعتها ولزم الجميع الصمت وفي المقابل ينسحب هو بدوره من الغرفة كلّما شعر برغبة الأبناء في متابعة مسلسل أو »كليب« لأغنية شبابية حتى يبقى الاحترام والحياء متبادلا بين الأب وأبنائه. لكن ما طالعتنا به التلفزة التونسية »قناة 7« مساء السبت 13 مارس 2010 عبر برنامج »موزيكة وفرجة« بما لم يكن لائقا بالمرّة وإنّما هو في مستوى سوقي هابط ينم عن استهتار بالمتفرّج وجعلنا كذلك نشعر وكأنّنا لسنا أمام جهاز إعلامي له قيمة واعتبار ويحترم مشاهديه وذلك حينما انبرى مغني تونسي يردّد ويقول: »يا مزيانة يا زعبانة... بالي واسع عليك يا زعبانة« وهي لعمري عبارة تعني في العديد من البيئات التونسية المرأة التي تخطو خطوات نحو الدعارة... فكانت النتيجة ان انفض البعض من أمام جهاز التلفزة وهناك من كتم صوته وهناك من أغلقه مباشرة. إنّ التلفزة جهاز إعلامي وترفيهي وتنشيطي يساهم في تمويله كلّ أبناء الوطن لذا وجب احترام مشاعرهم وأذواقهم ونواميسهم.