عميد المحامين يدعو إلى تفعيل إجراءات التقاضي الإلكتروني    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية    المدرسة الابتدائية سيدي احمد زروق: الدور النهائي للانتاج الكتابي لسنوات الخامسة والسادسة ابتدائي.    القلعة الكبرى: اختتام "ملتقى أحباء الكاريكاتور"    الكاف: قاعة الكوفيد ملقاة على الطريق    تعزيز جديد في صفوف الأهلي المصري خلال مواجهة الترجي    طبرقة: المؤتمر الدولي لعلوم الرياضة في دورته التاسعة    سوسة: وفاة طالبتين اختناقا بالغاز    تسجيل طلب كبير على الوجهة التونسية من السائح الأوروبي    استغلال منظومة المواعيد عن بعد بين مستشفى قبلي ومستشفى الهادي شاكر بصفاقس    بطولة مدريد للتنس : الكشف عن موعد مباراة أنس جابر و أوستابينكو    تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج زيت الزيتون    أقسام ومعدّات حديثة بمستشفى القصرين    جدل حول شراء أضحية العيد..منظمة إرشاد المستهلك توضح    كلاسيكو النجم والإفريقي: التشكيلتان المحتملتان    اليوم.. انقطاع الكهرباء بمناطق في هذه الولايات    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    فضيحة/ تحقيق يهز صناعة المياه.. قوارير شركة شهيرة ملوثة "بالبراز"..!!    عاجل/ مذكرات توقيف دولية تطال نتنياهو وقيادات إسرائيلية..نقاش وقلق كبير..    اكتشاف أحد أقدم النجوم خارج مجرة درب التبانة    يتضمن "تنازلات".. تفاصيل مقترح الإحتلال لوقف الحرب    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    كلوب يعلق على المشادة الكلامية مع محمد صلاح    إمضاء اتفاقية توأمة في مجال التراث بين تونس وإيطاليا    وزير الثقافة الإيطالي: "نريد بناء علاقات مثمرة مع تونس في مجال الثقافة والتراث    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية للمنتجات الغذائية    بن عروس: انتفاع قرابة 200 شخص بالمحمدية بخدمات قافلة طبيّة متعددة الاختصاصات    سوسة: القبض على 5 أشخاص يشتبه في ارتكابهم جريمة قتل    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    اعتماد خطة عمل مشتركة تونسية بريطانية في مجال التعليم العالي    رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة ببوعرقوب يوجه نداء عاجل بسبب الحشرة القرمزية..    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    رئيس الفيفا يهنئ الترجي ع بمناسبة تاهله لمونديال الاندية 2025    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    رئيس الجمهورية قيس سعيّد.. المفسدون... إمّا يعيدون الأموال أو يحاسبهم القضاء    أخبار الملعب التونسي ..لا بديل عن الانتصار وتحذير للجمهور    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    طقس اللّيلة: الحرارة تصل 20 درجة مع ظهور ضباب محلي بهذه المناطق    وزير الفلاحة: "القطيع متاعنا تعب" [فيديو]    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    عميرة يؤكّد تواصل نقص الأدوية في الصيدليات    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قطاع النسيج والملابس في العالم وفي الاقتصاد التونسي
أطروحات عمالية: إعداد قسم الدراسات والتوثيق بالاتحاد العام التونسي للشغل
نشر في الشعب يوم 01 - 05 - 2010

ضمن العدد 1063 الموافق ليوم السبت 27 فيفري 2010 كنا قد نشرنا الجزء الأوّل من الدراسة القيمة التي أنجزها قسم الدراسات والتوثيق بالاتحاد العام التونسي للشغل تحت عنوان »قطاع النسيج والملابس في تونس وتحدّي إعادة إدماج العمّال«.
وقد تضمّن الجزء الأوّل الذي اعتنى بقطاع النسيج في العالم وفي الاقتصاد التونسي بالوضعيّة الاجتماعيّة والاقتصادية لقطاع النسيج والملابس من خلال التهديدات المنجرة عن نهاية نظام الحصص على الاقتصاد العالمي ومن خلال الوضعيّة الحالية لقطاع النسيج والملابس في تونس والتحديات الجديدة للاطار الدولي الجديد، كما تطرّق الجزء الأول من الدراسة إلى شرح خصائص اليد العاملة ونقص العمل اللائق في القطاع من خلال خصائص المشتغلين في صناعة النسيج والملابس وتوزيع العمل حسب الوسط وتوزيع الشغل حسب السن والجنس وحسب المستوى الدراسي والجنس وحسب المدّة السنوية للعمل وكذلك هيكلة الشغل حسب طبيعة علاقة العمل والاضرابات في القطاع وأزمة القطاع من خلال التسريح المكثف غير الخاضع للمنظومة القانونية لمراقبة الطرد وهيكلة البطالة وتوزيعها حسب الوسط وحسب الجنس.
وفي الجزء الأوّل شرحت الدراسة طبيعة القانون التونسي للطرد لأسباب إقتصادية وغرامات الطرد التعسفي والإحاطة الإجتماعيّة ونقائص التنظيم القانوني للطرد لأسباب إقتصادية ومحدوديّة الرقابة القضائية وغيرها من المسائل المتعلّقة بالتزامات المؤجّر.
وقد أعلنا عن نشر الجزء الثاني من الدراسة القيّمة والتي ستتناول التجربة الدوليّة في النضال ضدّ الإقصاء من سوق العمل / تنمية سياسة تتكامل في إطارها الأبعاد الاقتصادية والاجتماعيّة لسوق العمل، وهو الذي بين أيديكم الان ضمن هذا العدد، وسننهي هذه الدّراسة المستفيضة بجزئها الثالث الذي سيقدم مقترحات لعمل فعّال للمنظومة التونسيّة للإحاطة واعادة الإدماج المهني للعمّال المسرّحين في عدد لاحق.
الالتقاء بين سياسات منظمة العمل الدوليّة، ومنظمة التضامن والتنمية الاقتصادية والاتحاد الاوروبي
1 سياسة منظمة العمل الدولية: وضع التشغيل في صميم السياسات الاقتصادية والاجتماعيّة:
»ان الهدف الأساسي لمنظمة العمل الدوليّة اليوم هو ان يتأتّى لكل امرأة وكل رجل الحصول على عمل لائق ومنتج في ظروف من الحرية والعدالة والأمن والكرامة« خوان سومافيا المدير العام لمكتب العمل الدولي.
في سياق العولمة الموسوم خاصة بتسارع التقدم التقنّي، وتنامي المنافسة في الأسواق الداخلية والخارجية واعادة هيكلة المؤسسات والتشغيل، تؤكد اللجنة العالميّة حول الأبعاد الاجتماعية للعولمة، على ضرورة تبني مقارنة مندمجة لتحديث أسواق العمل في سبيل ضمان إعادة تنشيطها. هذا التحديث يرتكز على أربع مجالات: يتعلق المجال الأول بالإعلام المحيّن المتعلق بطلبات المؤجرين حول المهارات المطلوبة وطبيعة العمل المراد انجازه وملامح تخصصات اليد العاملة ويجب أن تكون هذه المعلومات متاحة مباشرة للمؤجرين ولطالبي الشغل، وذلك خصوصا عبر شبكة فاعلة من مكاتب التوظيف.
أمّا العنصر الثاني اللازم لسوق عمل ديناميكية فهو إيجاد منظومة تكوين مرنة وفاعلة تكوين مهني وفني تجمع بين التعليم الشكلي والخبرة الملموسة في وضعيات مهنيّة مختلفة، وقادرة على الاستجابة لتطور حاجيات من الخبرات والمهارات مثل هذه المنظومة، لا يجب فقط أن تسهل الدخول الى سوق العمل بل أيضا ان تؤمّن تكوينا لإعادة التأهيل بحسب الحاجيات الجديدة من العمال المختصين وكذلك اعتمادا للمهارات المهنيّة المكتسبة بطرق غير نظاميّة.
أما العنصر الثالث الأساسي فهو صلابة نظام إدارة علاقات العمل بحيث يكون مؤسسا على شراكة بين الدولة والهياكل الديمقراطية الممثلة للعمال والاعراف ويقع على الدولة واجب إعادة إطار ينظم القواعد المتعلقة بحرية تكوين الجمعيات وبالمفاوضات الجماعية وبالمعايير في مادة التشغيل وفي مسائل مثل الأجور وظروف العملة والصحّة والسلامة المهنيّة وبعض الجوانب الأخرى المرتبطة برفاهية العمال والقدرة التنافسية للمؤسسات.
كما ترتكز فاعليّة السياسات أيضا على إيجاد آليات مؤسساتيّة تسمح للاطراف الإجتماعيين بإقامة مشاورات ومفاوضات ثلاثيّة عند الضرورة، مثل مسائل آداء الاقتصاد، والصناعة أو المؤسسة، ويكون للعمال حقّ فرصة التمثيل في الأجهزة التي تناقش المسائل المرتبطة بالعمل والمشاركة في أعمالها.
أخيرا، فإن التهميش الاقتصادي المتنامي والناتج عن العولمة، يدعم أهميّة منظمة الضمان الإجتماعي، خاصة في فترات التحولات الهيكليّة السريعة لنظم الإنتاج وتغيير التخصصات المهنيّة المطلوبة وللتصدي وللإقصاء الاجتماعي والتأكد من كون التحولات الهيكلية تتم دون أضرار وتضمن تحسين مهارات العمال والقدرة الإنتاجية والتنافسيّة للمؤسسات، فإنه من الضروري وجود أنظمة دعم فعالة. وفي صميم السياسات الوطنية، يجب وجود استراتيجيّة حركيّة لإدارة التحولات في سوق العمل من أجل مواجهة التحديات الإجتماعيّة التي تفرضها العولمة.
1 1 أسواق العمل لا تقوم على البضائع وإنّما على الطاقات والحاجات الإنسانيّة
إنّ التصدي للبطالة وتحقيق أهداف التشغيل هما في صميم مهمّة منظمة العمل الدوليّة منذ إنشائها سنة .1919 وقد تضمنت توطئة دستور المنظمة تنصيصا على التصدي للبطالة ضمن الظروف المطلوب تحسينها عاجلا.
وهي ظروف تعني بالنسبة لعدد كبير من الاشخاص الظلم والخصاصة والحرمان الشيء الذي يؤكد استياء من شأنه تهديد السلم والتوافق العالميين.
وطبقا لهذه المهمة، وضع مكتب العمل الدولي من جديد التشغيل في صميم السياسات الاقتصادية والاجتماعية من خلال إعمال »أجندا من أجل التشغيل« في نوفمبر .2001 وحسب هذه »الاجندا«، فإنّ اسواق العمل لا تقوم على البضائع بل على طاقات وحاجيات إنسانية تستدعي ظروفا من الحريّة والأمان والعدالة من أجل الوصول الى الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
وبهذا فإنّ العمل اللائق يحتل مكانة مركزية في سياسة النهوض بالتشغيل التي يدافع عنها مكتب العمل الدولي. وهو يجمع عدّة عناصر:
إمكانية ممارسة عمل منتج مقابل تأجير ملائم
تحسين آفاق التقدم الشخصي والاندماج الاجتماعي
الامان في العمل والحماية الاجتماعية للعائلة
حرية الأفراد في التعبير عن مشاغلهم وفي التنظيم وفي المساهمة في اتخاذ القرارات التي تؤثر في حياتهم.
المساواة في الفرص والمعاملة للجميع نساء ورجالا.
ويتدعم العمل اللائق بفضل:
القابلية للتشغيل من خلال تحسين المعارف والمهارات.
الحماية الاجتماعية والسلامة والصحة في العمل بإعتبارها عناصر للإنتاجيّة.
التشغيل المنتج من أجل التنمية والقضاء على الفقر.
وعلى ذلك فإن السياسة الاجتماعية يجب أن تجمع بين خلق مواطن الشغل وعناصر العمل اللائق، ويعتبر الحوار الاجتماعي بين الحكومة والعمال والاعراف الوسيلة الأكثر فاعليّة للوصول إلى تفاهم حول قرارات سياسة التشغيل.
1 2 القابليّة للتشغيل من خلال تحسين المعارف والمهارات:
دافع مكتب العمل الدولي منذ ,1975 عن الانتقال من تصور تقليدي معملي للتكوين المهني يقوم على الموازنة بين العرض والطلب في سوق الشغل الى تصور أوسع وأكثر حركيّة: »تأهيل الموارد البشرية« حيث يصبح التكوين والتوجيه جزءا من مسار متواصل مدى الحياة، ويكون اكتساب المعارف بصورة مستمرة مدعوا للعب دور أساسي في القرن الواحد والعشرين.
وقد اصدر مكتب العمل الدولي خلال الدورة 91 في مارس ,2003 توصية جديدة بشأن تأهيل الموارد البشرية والتكوين للمساعدة على:
تسهيل الاكتساب المستمر للمعرفة وتحسين القابلية التشغيلية لعمال العالم أجمع وتنمية مفهوم العمل اللائق.
تحسين وصول كل العمال للتربية والتكوين مع ضمان المساواة في الفرص في هذا الميدان.
تنمية أطر وطنيّة إقليمية ودولية للاعتراف بالتخصصات المهنيّة حتى تلك المكتسبة سابقا.
تدعيم قدرة الشركاء الاجتماعيين على تكوين شراكات في ميدان التربية والتكوين.
1 3 إدماج القطاع غير المنظم في الاقتصاد الوطني من خلال النهوض بالعمل اللائق في مجمل سوق العمل
في التوصية المتعلقة بالعمل اللائق والاقتصاد غير المنظم التي تبنتها في دورتها 90 في ,2002 ذكرت منظمة العمل الدولية أنه بسبب تأثير الفقر والتمييز بين الجنسين والسنّ والانتماء العرقي أو الإعاقة، فإنّ المجموعات الأكثر تهميشا توجد غالبا في الاقتصاد غير المنظم حيث النقص الفادح في العمل اللائق. وأكدت المنظمة على ضرورة إزالة الملامح السلبيّة للقطاع غير المنظم مع الحرص على عدم القضاء على مصادر الدخل وعلى روح الاستثمار والإنتاج، ويوصي مكتب العمل الدولي بإتخاذ بعض التدابير لييسر دخول مؤسسات الاقتصاد غير المنظم موارد التمويل والاسواق والقروض والبنى التحتية وأنظمة الإعلام والمعارف الفنيّة والتكنولوجية الأكثر تقدما كما يوصي أيضا بتحسين ظروف العمل في القطاع غير المنظم.
1 4 المرافق العمومية للتشغيل يجب ان تلعب دورا منسجما وعادلا في سير سوق العمل
يضطلع المرفق العمومي للتشغيل بعدة وظائف متعلقة بسوق العمل، لكن دوره الرئيسي يتمثل في مساعدة العمال على إيجاد شغل ملائم، والمؤجرين على انتداب عمال يستجيبون لاحتياجات المؤسسات وذلك مثل ما نصت عليه الاتفاقية عدد 88 (الفصل 6 منها).
وفي سياق التطوّر السريع للتخصصات المطلوبة، فإن تلك المرافق تبدو ضرورية لسير منسجم وعادل لسوق العمل ويقع تأمين مهام التوسط بين العمال وسوق العمل عن طريق المرافق المختلفة للإنتداب: مكاتب التشغيل، مكاتب العمل، بورصة الشغل...
وتلجأ المرافق العمومية للشغل بشكل مطرد الى تكنولوجيا الاعلام لجمع وتقديم إيصال المعلومات حول المواطن الشاغرة. ويجب أن تكون الخدمات المسداة لطالبي الشغل موجهة بحسب احتياجاتهم الشخصية وفي عدة بلدان توجد بعض الخدمات المتأقلمة خصيصا مع الاحتياجات الخصوصية لبعض المجهودات الضعيفة مثل العمال الذين فقدوا شغلهم. ويمكن للمرافق العموميّة ألا تقتصر تدخلاتهم على العمل المأجور بل يمكن توسيعها للعمل المستقل أو لبعث المؤسسات الصغرى.
1 5 إعادة تأهيل العمال ضحايا التسريح الجماعي: تدبير نشيط لسياسة سوق العمل:
البحث عن الشغل والخدمات المرتبطة به، والتكوين والأنشطة الأخرى الموجهة لضحايا البطالة طويلة المدّة، وإعادة تأهيل العمال المسرحين جماعيا، ومنح التشغيل والتأجير، وبرامج الأشغال العامة تدابير وسياسات تستهدف في الغالب الفئات الضعيفة في سوق العمل مثل النساء والشباب والعاطلين، والمهاجرين، والعمال المسرحين والمهددين بالطرد على إثر إعادة هيكلة المؤسسة أو تحولات تكنولوجية.
وتشير التقييمات الى كون التدابير النشيطة لسوق العمل تكون أكثر فعاليّة في إعادة إدماج المنتفعين بها في سوق الشغل: »عندما تكون جزء من مجموعة متكاملة من الخدمات تدعم بعضها البعض ويمكن ان تشمل تعليم تدارك، أو تكوينا مهنيا او مساعدة على البحث عن شغل او عرضا مباشرا لتربص«.
2 التقاء إستراتيجية منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية سنة 2004 مع إستراتيجية منظمة العمل الدولية: تكامل الابعاد الاقتصادية والاجتماعية لسوق الشغل
2 1 إستراتيجية تدعيم مواطن الشغل القائمة:
قررت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية القيام بإعادة تقييم لإستراتيجيتها من أجل التشغيل التي تبناها أعضاؤها منذ 10 سنوات وذلك من أجل توجيه الإصلاحات الهادفة إلى التصدّي للبطالة المرتفعة والمستمرة. وفي جويلية 2004 أوصت المنظمة الحكومات بتسجيل مستويات التشغيل وإجابة تطلعات العمال بخصوص استقرار العمل والتوازن بين الحياة المهنية والحياة العائلية. وعلى ذلك فإن الاستراتيجيات الموجهة للنهوض بالتشغيل يجب أن تأخذ في الاعتبار الأهداف الاجتماعيّة الجديدة.
وبهذا الخصوص، فإنّ إصلاح منظومة سلالة سوق الشغل هو أمر لطالما وقع الايصاء به سابقا، لكن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية تفترض اليوم أن ذلك يمكن أن يلحق الضرر بإستقرار مواطن الشغل وأحيانا يمكن أن يؤدي الى خلق أشكال تشغيل وقتيّة ويجب على الحكومات ان تسعى الى عدم فقدان الأشخاص الذين يصعب تشغيلهم مجمل حقوقهم في الخدمات والمنافع حتى لا يسقطوا في هوة الفقر والخصاصة وتلاحظ المنظمة أن المزيد من مرونة العمل لدفع التشغيل يمكن أن تتحول إلى سبب إقصاء من العمل، ذلك أن بعض أشكال تهيئة أوقات العمل تجعل من الصعب بالنسبة للعمال التوفيق بين الحياة العائلية والحياة المهنيّة.
»كلّ الذين يعملون في المساء أو بالليل أو في نهاية الأسبوع واللذين ليس لهم أوقات عمل ثابتة ومعروفة أو الذين لهم توقيت عمل طويل نسبيا يؤكدون انه يصعب أكثر في مثل تلك الظروف التوفيق بين العائلة والعمل«.
كما توصي منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بالتصدي للاقتصاد غيرالمنظّم يجب جعل النظام الجبائي ونظام الحماية الإجتماعية أكثر انسجاما، وكذا تبسيط الشكليات الإدارية المفروضة على الشغل المنظم. كما يمكن أيضا تطبيق القواعد القائمة بشكل أحسن، من خلال الاعتماد على أجهزة أحسن كفاءة وأداء من متفقدي الشغل ومراقبي الضرائب. كما يجب على أنظمة الضمان الاجتماعي والنهوض بالتشغيل ان تصل الى اللذين يحتاجوها فعلا ولو كانوا يعملون في القطاع غير المنظّم، لكن مع الحرص على ان يكون ذلك التدخل بطريقة تشجع وتسهل الاندماج في الاقتصاد المنظّم«.
أخيرا، فإن المنظمة توصي بدعم التكوين مدى الحياة لإعانة العمال على تحسين مهاراتهم، ويكشف الواقع أنّ العمال الذين يتلقون تكوينا يسمح لهم بتحسين مهاراتهم لهم حظوظ أوفر في الحفاظ على شغلهم أكثر من الذين لم يحصلوا على تكوين.
2 2 منظّمة التعاون والتنميّة الاقتصادية تهدف إلى إصلاح المرافق الوطنية:
التوجيه المهني
في عالم متطور بإستمرار، يحتاج الشباب الذين يدخلون الحياة النشيطة إلى مهارات تسمح لهم بالسيطرة على مهنتهم، تماما مثل الكهول الذين يجب عليهم اكتساب خبرات جديدة في حياتهم المهنية، وتقوم حاليا،، حكومات المنظمّة بإعمال سياسات نشيطة للتشغيل والتدريب مدى الحياة لمساعدة المواطنين على التأقلم مع الأنظمة التعليمية المعقدة ومع تطورات سوق العمل وحسب المنظمة، فإنّه إذا أرادت الدول أن تأتي سياستها للتعليم والتشغيل نتائجها فإنهم يحتاجون إلى أنظمة توجيه مهني فعالة.
وتلقي دراسة للمنظّمة حول التوجيه المهني الضوء على الفجوات المهمة القائمة بين أهداف السياسة العامة والوسائل المتاحة للمرافق العموميّة للتوجيه المهني.
وهي توصي خصوصا بتحسين الآليات الوطنيّة للتنسيق، وبمزيد الاهتمام بالبحث عن المعطيات وجمعها لإنارة العمل الوطني، وبوضع برامج تكوين ذات جودة أحسن وأكثر تخصص وبإنشاء أجهزة توجيه مهني أكثر تخصصا في إسداء تلك الخدمات.
3 التقاء إستراتيجية الاتحاد الأوروبي مع إستراتيجية منظمة العمل الدوليّة تدابير هادفة لتخفيف الأثر الاجتماعي للتسريح الجماعي
شغل أكثر، شغل ذو جودة أحسن وفرص متكافئة هي كلمات المرور في السياسة الأوروبية للتشغيل والاجتماعية. ويريد الاتحاد الأوروبي أن يتأكد من الا يبقى أي شخص منسيا في الوقت الذي يسعى فيه لان يكون إقتصاد المعرفة الأكثر تنافسية والأكثر حركية في العالم ويتمثل الإطار في أجندا للسياسة الاجتماعية تهدف الى الربط بين السياسات الاقتصادية والاجتماعية وسياسة التشغيل.
3 1 أجندا الربط بين الاقتصادي والاجتماعي:
إن العناصر الأساسية لهذه الأجندا هي التالية:
الإستراتيجية الأوروبية للتشغيل: تحسين معايير وظروف العمل والإدماج الإجتماعي والحماية الإجتماعية والمساواة بين الرجال والنساء، ويمثل التقليص لنسبة هامة من البطالة وهشاشة الشغل من هنا إلى سنة2010 هدفا أوّليا.
ويجتهد الاتحاد الأوروبي منذ وقت طويل في سبل أن يضمن لكل فرد بيئة عمل ملائمة في كل دول الإتحاد، وأن يحمي حقوق العمّال ومن أجل ذلك يجب الإتفاق على قواعد دنيا مشتركة بخصوص ظروف العمل والصحة والسلامة المهنية. كما يجب أيضا تنمية علاقات مهنيّة عصرية ودعم الحوار بين ممثلي العمال والمؤجرين. وقد شجعت، المفوّضيّة الأوروبية حديثا المسؤولية الإجتماعيّة للمؤسسات من خلال دعم فكرة كون الشركات يجب عليها أن تجعل الإهتمامات الإجتماعيّة والبيئيّة ضمن إستراتيجياتها التجارية كما أنّها أيضا تشجّع إنهاء التمييز بين الرجال والنساء عند إسداء الأموال والخدمات.
وتشكل القواعد المشتركة للإتحاد الأوروبي معايير أساسية في عدد كثير من الميادين، خصوصا الحماية من الأخطارخاصّة تلك التي تهدّد الصحّة مثل الضجيج أو التعرّض لمواد كيمياوية، أو على وجه أخصّ، حماية العاملات الحوامل أو أيضا العمّال أقل من 18 سنة، كما تتعلق تلك القواعد أيضا بحقوق العمّال، ويتمتّع العمّال في الواقع بنفس الحقّ في الإعلام من قبل المؤجرين، أيّا كان البلد الذين يعملون فيه، كما أنّ الحقوق الأساسية عند الطرد الجماعي أو تلك المتعلقة بالعمل لوقت جزئي أو لمدّة محدودة، هي ذاتها في جميع دول الإتحاد الأوروبي.
كما تعتبر مبادئ أساسيّة للإتحاد الأوروبي المساواة في الأجر للأعمال ذات القيمة المتساوية والحماية ضدّ التحرّش الجنسي وكلّ أشكال التمييز. كما تمّ تكثيف النضال ضدّ التمييز والكراهية العنصرية من خلال برنامج عمل ضدّ التمييز (2001 2005). كما أن إستراتيجية إطاريّة في مادة المساواة رجال / نساء (2001 2005) تضمن كون المسائل المتعلقة بالمساواة رجال ونساء تؤخذ بعين الإعتبار في جميع سياسات المجموعة.
3 2 التصدي للاقصاء من سوق العمل
في بلدان الإتحاد الأوروبي، كما في البلدان المترشحة للعضويّة، تجد المؤسسات نفس الضغوطات الخارجيّة التي تؤدي الى عدم استقرار دائم، تنتج عنها تحولات متواصلة وتكثيف للمنافسة، ومن بين الأسباب المهمة لهذه الاضطرابات يمكن ذكر عولمة الأسواق والتجارة والتدفق المالي، كذلك تحرير التجارة والتطورات التكنولوجية المتسارعة والمرور من الاقتصاد الصناعي الى اقتصاد قائم على المعرفة والإعلام وأخيرا التهديدات لسلامة البيئة والتحولات العامة للانتظارات ونظام القيم.
وكنتيجة لهذه التغييرات، ظهرت عوامل نجاح جديدة تفترض:
إيجاد علاقات أكثر متانة وأكثر إستراتيجية، ليس مع الحرفاء فقط، بل أيضا مع العمال والمزودين وشركاء الأعمال الآخرين.
تنمية صورة النزاهة والثقة والمسؤوليّة الإجتماعيّة والبيئية.
تمتين العلاقة مع الحريف وضبط استراتيجيات لتحقيق ذلك، والبحث عن الزيادة في الجودة والخدمات وتمام الفاعليّة.
السعي الدائم نحو التجديد والتطور المتواصل والامتياز.
تكوين يد عاملة مكونة ومتحفزة.
ويتطوّر عالم الأعمال في منوال اقتصادي مترابط في بعضه، تتولى فيه الإدارة بصورة دائمة الموازنة بين مصالح مختلف أطراف المؤسسة ويصحّ ذلك خاصة في فترة إعادة الهيكلة، وغالبا ما يكون العمال هم أول ضحايا إعادة الهيكلة عندما تقرر الإدارة وضع حلول قصيرة المدى لتخفيض التكلفة، وفي الغالب، يبدو إجراء تشخيص دقيق للمشكل أو المشاكل ودون حتى دراسة الأسباب العميقة للحاجة إلى التغيير وإعادة الهيكلة. وبذلك فإن الجهود المبذولة عادة ما تؤول إلى الفشل. وفي سياق موسوم بنسق نموّ قويّ للتسريح الجماعي، أعلنت السيدة »أنا ديمانتوبولو«، المنوب الأوروبي المكلف بالتشغيل والشؤون الاجتماعيّة في 10 ماي ,2001 جملة من المبادرات على المستوى الأوروبي، تهدف إلى مساعدة المؤسسات والعمال على إنجاح تأقلمها مع التحولات الصناعيّة وتشمل هذه التدابير المتمحورة أساسا حول تحضير وإدارة عمليات إعادة هيكلة المؤسسات:
أدوات تشريعيّة على مستوى المجموعة
تدخلات للأطراف الاجتماعيّة
النهوض بأحسن التقاليد المعتمدة من قبل المؤسسات.
إعادة توجيه قروض الصندوق الإجتماعي الأوروبي نحو المناطق والقطاعات الأكثر تضررا من فقدان مواطن العمل.
وتلك هي المرة الأولى التي تقدّم فيها المندوبيّة الأوروبية جملة من التدابير المتعلقة بإعادة هيكلة المؤسسات، وهي تشمل عرضا لضمانات قانونيّة فاعلة للعمال في مادة الإعلام والتشاور المسبق، وتشجيعا للمؤسسات على وضع تخطيط مبكر وفعّال لعمليات إعادة الهيكلة ويمثل ذلك نقاشا أوليا حول طريقة توجيه سياسات أخرى للمجموعة مثل تلك المتعلقة بالمنافسة أو بإعانات الدولة والصناديق الهيكليّة، إلى الحاجيات الجديدة للمؤسسة والعمّال في محيط اقتصادي بإستمرار.
ويمكن أن تكون الآثار الاجتماعية لقرارات إعادة هيكلة المؤسسات معتبرة جدا، ذلك، انه في بعض الحالات، تجد مناطق كاملة نفسها أمام هجرة مفاجئة لكبار المؤجرين. والأمر المثير للانشغال هو كون العمال لم يقع التشاور معهم ولا حتى إعلامهم بمشروع التوقف عن العمل، حتى بدت التدابير التي من شأنها تحسين مقدرة العمال المقبلين على إعادة الاندماج المهني هي الاستثناء بدلا من أن تكون هي القاعدة. ومن أجل تنمية التحسيس بالواجبات القائمة في القانون الأوروبي وبالتقاليد الحميدة في مادة عمليات إعادة الهيكلة، تمّ وضع قائمة مفكرة، تلخص التزامات المؤسسات على ضوء القانون الأوروبي في مادة إعلام العمال والتشاور معهم وكذلك التقاليد الحميدة للمؤسسات في مادة إعادة الهيكلة.
كما فحصت المندوبية أيضا التفاعل بين القانون الاوروبي للمنافسة في مادة اندماج المؤسسات وإحالتها، وبين الآثار الاجتماعية لتلك العمليات وبالاضافة لذلك، قامت المندوبية باستقصاء الأطراف الاجتماعية حول طريقة تنمية مفهوم المسؤولية الاجتماعية المصاحبة في حالة إعادة هيكلة المؤسسات. كما فحصت أيضا إمكانيات إيجاد آليات للمصالحة والتوسط والتحكيم على مستوى المجموعة الأوروبيّة.
سياسات الحفاظ على العمل واعادة الادماج المهني للعمال ضحايا التسريح الجماعي:
1 مقارنة بين دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بحسب درجة صرامة منظومة الحفاظ على العمل:
يشمل مفهوم الحفاظ على العمل في نفس الوقت، القواعد المنطبقة على الانتداب، (أحكام لفائدة انتداب فئات ضعيفة، شروط الالتجاء للعقود المؤقتة أو محدودة المدة، التزامات متعلقة بالتكوين الخ...) ويمكن ان تتداخل عدة آليات مؤسساتية في إعمال تلك الحماية: سوق القطاع الخاص، تشريعات العمل، الاتفاقيات المشتركة وفقه القضاء. هكذا فإن التشريع المتعلق بالحماية يتطابق مع تعريف موسع للتنظيم الذي يهدف الى ضمّ معايير الحماية القائمة مهما كان مصدرها. وقد اختارت الدول التي انتهجت طريق تخفيض التنظيم (تخفيف القواعد) خيارات مختلفة، فالبعض خيّر مرونة الإجراءات والبعض الآخر تنويع نماذج عقود الشغل وكانت أبرز التطورات في العشرين سنة الأخيرة، ظهور عقود العمل لمدة محدودة أو الوقتية التي أصبحت منتشرة بشكل كبير في دول مثل اسبانيا واستراليا وفنلندا. ومن المظاهر الأخرى للتخلي عن التنظيم، نجد ان عدة دول في السنوات الاخيرة، قد شرّعت الالتجاء الى وكالات العمل الوقتي او ألغت التضييقات التي كانت مفروضة في الأمر مثل تحديد القطاعات التي يمكنها الالتجاء إليها او تحديد مدة الالتجاء ونطاقه. لكن في المقابل نجد دولا أخرى تواصل التمسك بقواعدها الصارمة في هذا الخصوص واصبح من السهل بالنسبة للمؤجرين، في حالات عديدة الالتجاء الى العقود الوقتية، في حين بقي العمل القار متسما بدرجة حماية عالية. وهكذا يمكن ان يساهم هذا التطور في تنامي التشغيل الوقتي ويؤدي ايضا الى تمييز غير مرغوب فيه بين عمال قارين وعمال وقتيين، من حيث آفاق المستقبل المهني وشروط العمل، هذا دون تذكير بالانعكاسات السلبية التي يمكن ان تنشأ عن ذلك بخصوص تكوين العمال ومتانة العلاقات مع مؤسساتهم.
وتختلف صرامة التنظيم المتعلق بالحماية من دولة لأخرى في اطار منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. وسيظهر الرسم التالي ان دول جنوب أوروبا والمكسيك وتركيا هي الدول التي نجد فيها أشدّ حماية في حين ان الدول الانقلوفونية (الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، كندا، زيلاندا الجديدة، ايرلندا واستراليا) هي الدول الأقل حماية. اما فرنسا وبلجيكا فإنهما الدولتان ذاتا الحماية المتطورة.
ويثير تنظيم حماية التشغيل بعض المشاغل في فترة التحولات السريعة التي تلحق كل قطاعات الاقتصاد. وقد تولّد الشعور بعدم استقرار التشغيل في عدة دول من منظمة التعاون والتنمية من خلال بعض خصائص السياق الاقتصادي الحالي، وخاصة سرعة التطور التكنولوجي وظهور أشكال جديدة من تنظيم المؤسسات ومن تقاليد عمل مرنة، وكثافة المنافسة.
لكن رغم ان الخوف من التسريح ينمّي الضغوطات باتجاه تدعيم تدابير ذات طابع عام أو خاص من اجل مزيد من الحماية للتشغيل، فإننا نسمع أحيانا انه قد يكون من الصعب التوفيق بين تلك الحماية وبين المرونة اللازمة لنجاح المؤسسات والاقتصاد الوطني.
وكانت منظمة التعاون والتنمية قد اوصت سنة 1994 الحكومات بإدخال المرونة على تشريعاتهما المتعلقة بحماية التشغيل انطلاقا من فكرة كون قواعد الحماية الصارمة تساهم بنسبة هامة في استمرار المعدلات المرتفعة للبطالة ومثل ما وقع ذكره سابقا، فان منظمة التعاون والتنمية قد غيرت موقفها حول الموضوع سنة 2004 إذ أصبحت تنادي بأن مزيدا من المرونة يمكن ان يؤدي الى فقدان مواطن الشغل بدل تدعيمها.
2 حماية العمال من الطرد:
تختلف معايير الحماية في مادة الطرد من بلد لآخر وقد تختلف في نفس البلد بحسب الاقدمية وحجم المؤسسة والصنف المهني للعامل ووجود جهاز ممثل للعمال من عدمه. وقد تم اختيار 3 مجالات كبرى للتعرف على صرامة معايير الحماية ضد الطرد.
المصاعب التي تسببها الاجراءات للمؤجر عند طرد الأجير.
الاحكام المتعلقة بأجل الاعلام بالطرد ومنح الطرد.
معايير وعقوبات الطرد التعسفي.
أولا، حرية الطرد يمكن ان تكون محدودة بالالتزام باحترام بعض الاجراءات بين لحظة اتخاذ قرار الطرد والقطع الفعلي للعقد.
وقد وقع منح النقاط للدول بحسب العوامل التالية: الأجل الواجب احترامه قبل بداية اجل الاعلام بالطرد (مثلا ضرورة التنبيه المسبق او المحادثة مع الأجير...) والالتزام بالاعلام الكتابي بأسباب الطرد من عدمه والالتزام بتنبيه او بمشاورة جهة ثالثة وأخيرا الالتزام بإخضاع الطرد الى مصادقة طرف ثالث.
وتشير نتائج دراسة منظمة التعاون والتنمية الى أن هولندا تأتي في المرتبة الاولى من حيث صرامة الاجراءات واجبة الاحترام في حالة الطرد. وتليها كوريا، المانيا، والبرتغال في حين ان كندا والولايات المتحدة تأتي في المراتب الأخيرة.
أما بالنسبة لصرامة الحماية المرتبطة بأجل الاعلام بالطرد ومنح الطرد، فان كل الدول باستثناء امريكا تفرض آجالا للإعلام، بينما يفرض ثلثا الدول فقط دفع منح طرد للعمال ذوي الاقدمية الكبيرة. وفي ما عدا بعض الاستثناءات، نلاحظ ان الدول التي فيها مبالغ منح الطرد مرتفعة لا تمنح آجالا طويلة للاعلام والعكس بالعكس. وفيما يخص ترتيب الدول، فإننا نلاحظ ان دول أوروبا الجنوبية هي التي تفرض التزامات أشد (البرتغال أولا، ثم ايطاليا وتركيا) اما البلدان الأقل صرامة فهي الولايات المتحدة، كندا وايرلندا.
ويمكن فرض مقتضيات اضافية على الأجراء في حالة الطرد غير المبرر أو التعسفي، وتقريبا نجد ان كل دول منظمة التعاون والتنمية تنص في تشريعاتها على تعويض عن الطرد التعسفي ونجد مبلغ التعويضات مرتفعا في ايطاليا والسويد، لكن في الولايات المتحدة، يمكن ان تكون المبالغ المحكوم بها من قبل المحاكم تعويضا عن الطرد التعسفي ارفع من تلك الممنوحة في الدول الاخرى، هذا وتوفر النرويج والبرتغال واليابان أرفع درجة من الحماية فيما يتعلق بالصعوبات المرتبطة بالطرد، في حين ان الولايات المتحدة وانقلترا توجدان في آخر القائمة. وتعتبر عدة دول ان الطرد تعسفيا عندما يعجز المؤجر على اثبات انه بذل الجهود الضرورية لتجنبه (مثلا عرض نقلة داخلية، إعادة تأهيل...) او عندما لا يقع احترام بعض معايير الوضعية الاجتماعية او السن او الاقدمية، كما يمكن ايضا للمحاكم ان تأمر بإعادة إدماج العامل المطرود تعسفيا او باستحقاقه لغرامات ارفع في مبلغها من المنح العادية للطرد. وتسعى المحاكم في النورفيج الى حصر الطرد لاسباب شخصية في حالات قطع العقد لسبب دقيق (سلوك غير نزيه، تغييب متكرر...).
في حين ان الطرد لأسباب اقتصادية يعتبر بصورة آلية طردا تعسفيا اذا ما اتضح ان الأجير كان يمكن ان يكلف بعمل آخر.
ويقع تطبيق التزامات خاصة بالنسبة للتسريح الجماعي والمعايير التي يقع الأخذ بها للتعرف على درجة الحماية ضد الطرد الجماعي هي:
عدد مراكز العمل المحذوفة اللازمة لتطبيق قانون التسريح الجماعي.
الآجال والاجراءات المفروضة اضافة الى تلك المطبقة في حالة الطرد الفردي.
ونجد ان نيوزيلاندا واليابان وكوريا وفرنسا هي الدول التي تفرض اقل التزامات إضافية، بينما السويد وتشيكيا وايطاليا وبلجيكا هي الدول التي تفرض اكثر التزامات إضافية.
أما كندا وانقلترا والولايات المتحدة تحتل مواقع وسطى في الترتيب لأنهم ادخلوا في تشريعاتهم الخاصة بالتسريح الجماعي. عدة التزامات في مادة الآجال والاعلام وبذلك تبنوا سياسة شديدة الاختلاف عن تلك المطبقة في حالة الطرد الفردي.
3 ابقاء العمال المسرحين لأسباب اقتصادية في التشغيل: اجراءات متنوعة واسعة الانتشار:
الاجندا العامة من اجل التشغيل لمكتب العمل الدولي تؤكد على ضرورة تصور وتطبيق سياسات نشيطة في سوق الشغل توفر:
أ نوعا من الاستقرار في فترات التغيير
ت تؤدي الى قبول أحسن للتغييرات
ت تؤمّن دخلا أثناء فترات التغييرات الدورية او الهيكلية
ث تخدم الإدماج وإعادة الإدماج للعمال خاصة بالنسبة للذين يواجهون مشاكل خاصة في التشغيل المنتج.
وقد أحصى تقرير مكتب العمل الدولي: »النهوض بالتشغيل : سياسات، مهارات، مؤسسات« التدابير المتخذة على المستوى الدولي من اجل إعادة تشغيل العمال المطرودين لأسباب اقتصادية. وتكوّن هذه التدابير المنظومة التالية:
1 منح وأداءات تمنح للعمال المسرحين.
2 تدابير تمزج الاعلام حول سوق الشغل والتوجيه المهني والتكوين، والتأهيل والإحاطة في البحث عن شغل، وذلك من اجل مساعدة العمال المسرحين على إعادة اندماجهم.
3 تدابير تخدم العمل المستقل وخلق المؤسسات.
4 مؤسسات او أجهزة مخصصة لمساعدة المسرحين.
وتبدو التجربة الدولية متنوعة جدا في مادة المؤسسات المخصصة لمساعدة العمال الفاقدين لشغلهم. ففي الفلبين، تكلف فرق التدخل السريع بمساعدة العمال المسرحين على اثر غلق مؤسسة أو إعادة هيكلتها، وتقترح كل فرقة جهوية وسائل للمساعدة وإعادة الإدماج. وبالنسبة لعمل مأجور، تأخذ المساعدة شكل تدابير توظيف وتوجيه، اما بالنسبة لعمل مستقل فان العامل المعني يمكن ان يستفيد من تكوين وتدعيم لمهاراته توفر السلطات الفنية للنهوض بالتعليم والتكوين.
اما ماليزيا فقد وضعت معرضا للتشغيل يسمح للمؤجرين بالالتقاء مباشرة بطالبي الشغل. وأوجدت رومانيا مرافق خاصة بما قبل الطرد تقوم بتوجيه العمال نحو إعلانات الشغور الصادرة عن بعض المؤسسات او نحو تدابير نشيطة اخرى تقترحها الوكالة الوطنية للتشغيل. وفي انقلترا، يوجد مرفق للتدخل السريع يقدم مساعدة للعمال المسرحين من قطاعات مهنية او في جهات معينة من البلاد. ويتدخل المرفق بحسب حاجيات المؤجرين وسوق العمل المحلي، وكذلك بحسب حاجيات العمال المسرحين. وفي اسكتلندا، يوجد برنامج الشراكة النشيطة لتواصل التشغيل لدعم العمل المتضررين من التسريح الجماعي وهو يقدم النصائح في ميدان التكوين والتأهيل والبحث عن العمل. وفي ايرلندا الشمالية يعرض قسم التشغيل والتكوين مساعدة ونصائح في البحث عن العمل، واختيار المهنة والتكوين والعمل المستقل وكذلك حول الخدمات الاجتماعية وتعويضات الطرد، اما في فرنسا وبلجيكا فتوجد خلايا لإعادة التأهيل مكلفة بإعادة الادماج المهني للعمال الذين فقدوا عملهم.
سياسة حماية تشغيل شديدة التطور، حالة فرنسا:
1 المخطط الاجتماعي: أداة الحق في إعادة التشغيل:
تم إقرار المخططات الاجتماعية بموجب قانون 2 أوت 1989 الذي يفرض على المؤجرين الذين يعتزمون إجراء طرد لأسباب اقتصادية على درجة معينة من الأهمية. ان يضعوا مخططا اجتماعيا لتجنب عملية الطرد أو التقليل من عدد المستهدفين ولتسهيل إعادة تشغيل العمال الذين لم يمكن تجنب طردهم وعند اصداره كان هذا القانون يطمح الى ايجاد »مقاربة جديدة تتكون من جانبين: جانب اقتصادي يهدف الى تكييف المؤسسات عبر تصرف وقائي في التشغيل والتكوين، وجانب اجتماعي يهدف الى إعادة تشغيل العمال وتدعيم الحوار الاجتماعي وتحسين الضمانات الممنوحة«، ويضيف المنشور التطبيقي للقانون: »وضع حق حقيقي وفعلي في إعادة التأهيل لفائدة كل العمال المسرحين لأسباب اقتصادية، ويمثل أحد أهم التجديدات في الجانب الاجتماعي من القانون« ويترجم هذا القانون، الذي صدر بعد ثلاث سنوات من إلغاء الترخيص الاداري بالطرد وجاء ليحل المشاكل الناجمة عن ذلك الترخيص الاداري، تطورا مهما في مقاربة إعادة الهيكلة الهادفة الى خدمة ظهور منوال انتقال مهني قائم على مصاحبة التحولات الاقتصادية لكن الحق في إعادة التأهيل أضرّ به القانون بطريقتين: في حالة الطرد لعدد قليل من العمال (اقل من 10) أو عندما يتعلق الأمر بمؤسسة صغيرة (اقل من 50 عامل)، يلتزم المؤجر بأن يعرض على العمال المسرحين الانخراط في اتفاقية إعادة تأهيل ينشطها المرفق العمومي للتشغيل وتمول من قبل الأجراء وصندوق خاص لإعادة التأهيل.
وعند تجاوز ذينك الحدّين، يصبح المؤجر ملزما بوضع وأعمال مخطط اجتماعي. وبذلك فان القانون قد أدخل تعديلا مهّما في المقاربة الخاصة بإعادة الهيكلة حيث انه حلّ التدخل الوحيد للدولة، التزاما بالمبادرة الايجابية على عاتق المؤسسة بمساعدة الدولة وبذلك فان المخطط الاجتماعي يمثل محاولة لمنح القطاع الخاص على المستوى الأكثر لا مركزية ممكنة وهو المؤسسة، مسؤولية وضع وإعمال سياسة محلية للتشغيل. ويصف المنشور التطبيقي للقانون هذه المنظومة الخاصة بأنها مجموعة متوازنة قائمة على الحوار الاجتماعي ومرفوقة من جهة بإدارة الشغل التي عند إليها بدور وساطة جديد دون المساس بالدور الاساسي للأطراف الاجتماعية في وضع المخطط الاجتماعي، ومن جهة أخرى بتدعيم لدور القضاء لردع التعسف وإزالته.
وتتوفر ادارة التشغيل على أدوات أخرى للعب دورها: مجموعة اتفاقيات الصندوق الوطني للتشغيل، ومجموعة المساعدات (التقاعد المسبق، عطلة إعادة التأهيل، إعانة الحركية الجغرافية، التكوين...) وهي مجموعة لا يمكن اعتمادها من قبل الشركاء الاجتماعيين لوضع المخطط الاجتماعي، الا بعد موافقة ادارة الشغل.
2 الجهاز الفني لإعادة التشغيل واعادة التأهيل للعمال:
يحدد القانون جملة من التدابير يجب أن يتضمنها المخطط الاجتماعي ضرورة وتلك القائمة ليست حصرية، حيث ان التدابير المنصوص عليها فيها مسبوقة بعبارة »وخصوصا«. وفي التطبيق يقع تقديم المخطط الاجتماعي في الغالب كجدول للتدابير مطابق للأحكام القانونية وفي احسن الحالات تكون تلك التدابير بحسب الطبيعة، وفقا للأهداف التي حددها القانون:
تدابير موجهة لتجنب أو تقليص عدد المطرودين (أساسا تدابير متعلقة بإنقاص مدة العمل أو النقلة أو إعادة التشغيل الداخلي).
تدابير موجهة لتسهيل إعادة التشغيل للأشخاص الذين لم يمكن تجنب طردهم (أساسا تدابير مصاحبة لإعادة التشغيل الخارجي).
تدابير خاصة موجهة للعمال الذين من شأنهم ان يواجهوا صعوبات خصوصية (متعلقة أساسا بالمتقدمين في السن).
2 1 الجهاز المهني المشترك المحلي: الدعم وإعادة التشغيل وإعادة التأهيل في حاضرة ليل (Lille Metropole):
في شمال فرنسا، وتحديدا في (Pas de Calais) وللإجابة عن المشاغل التي عبر عنها النواب والأطراف الاجتماعية على اثر غلق المصانع سواء في قطاع النسيج والملابس او في قطاعات اخرى، ركز المرفق العمومي للتشغيل خدماته في جهاز لدعم اعادة التشغيل واعادة التأهيل في منطقة »ليل«. ويمس هذا الجهاز كل المؤسسات او الأجهزة التابعة للقطاع الخاص التي وضعت مخططات للحفاظ على مواطن الشغل ممولّة كليا أو جزئيا من طرف الصندوق الوطني للتشغيل. ومن وجهة نظر الصراع ضد الإقصاء من سوق العمل، يميز الجهاز 4 أصناف من العمال المسرحين.
أ العمال القادرين على تحقيق إعادة تشغيل ذاتي.
ب العمال الذي يحتاجون الى مساعدة في إعادة التشغيل.
ج العمال الذين يحتاجون الى تكوين من اجل إعادة التشغيل وإعادة التأهيل.
د العمال العاجزون مؤقتا.
وتتمثل التدابير المتخذة لمحاربة الإقصاء من سوق العمل في:
تشخيص حاجيات كل أجير بغاية إعادة إدماجه المهني. وهو إجراء يشمل كل فئات العمال.
إشهاد الخبرة المكتسبة عن طريق إسناد سندات من الدليل الوطني للمهارات المهنية لتسهيل إعادة الادماج المهني. ويشمل هذا الإجراء كل العمال المسرحين.
الدعم في البحث عن الشغل (استشراف تحضير) للعمال الذين يتطلب إعادة تشغيلهم مصاحبة في هذا الميدان.
خدمات مساعدة للعودة الى سوق العمل وذلك لكل العمال.
التكوين لتسهيل إعادة التشغيل أو إعادة التأهيل بحسب الأهداف المهنية القابلة للانجاز في الأجل القصير.
بعث المؤسسات، وهي وسيلة إعادة إدماج مهني تهم كل فئات العمال ويتم القيام بحملات تحسيس للجميع لوضع مشاريع، وتقع مصاحبة الذين وضعوا مشاريع في انجازها.
الدعم الاجتماعي لكل فئات العمال وخاصة الذين هم في حالة عجز مؤقت ويتعلق الأمر بتسهيل وصولهم الى المرافق العمومية الاجتماعية لتجاوز العراقيل القائمة أمام العودة الى العمل (صحة، سكن) وتمسّ هذه التدابير عدة مؤسسات مهتمة بمسألة إعادة تشغيل العمال: الدولة، المجلس الجهوي، الوكالة الوطنية للتشغيل...
2 2 (FORTHAC) : جهاز إدارة متناصفة للتكوين في خدمة قطاع النسيج والملابس والجلود:
هذا الجهاز ذو التركيبة المتناصفة مكلف بجمع الاداءات والتصرف في المبالغ المخصصة للتكوين وتمثلت مهمته منذ إنشائه سنة 1995 في:
التصرف في ميزانية التكوين المستمر.
إعلام ونصح المؤجرين والعمال وممثليهم.
دفع انجاز دورات التكوين بما ينسجم مع احتياجات المؤسسات في اطار تنمية قطاع النسيج والملابس والجلود.
تشجيع إدماج الشبان عبر عقود التناوب.
وقد أقام الجهاز شبكة عبر 11 منظمة إقليمية بهدف مصاحبة المؤسسات والعمال عن قرب في سبع اختصاصات وهي: النسيج، الملابس، الأحذية، الجلود، معالجة الجلود، كراء منتوجات النسيج والجلد. وهو يساهم في تنمية مهارات العمال ويحضر لإعادة تأهيلهم ويضمن مصاحبة إعادة تأهيل العمال المسرّحين. وهي عبارة عن أجهزة تصرّف في الموارد البشرية تهدف الى تنمية وتدعيم مهارات المتدخلين، وانجاز مسارات تكوين على مقاس كل عامل وحسب حاجيات الانتاج والانخراط في دورات متوجة بشهادة. لكن هذا النظام يضعف في عدة مراحل.
هذا وقد وضع الجهاز مرصد لمهن الموضة في النسيج والجلود وان كان لم يبدأ في العمل الفعلي. ومن المتوقع قريبا إمكانية زيارة موقع »الواب« المخصص له. »www.Fr.FORTHAC« وفي اطار إعادة هيكلة القطاع، يقع بذل عمل جبار من أجل ان يقوم دليل المهارات بتفعيل امكانيات الحركية المهنية بين المهن. كذلك فإن المرصد قائم على قاعدة معلومات متعلقة بالتكوين والدراسات والتحاليل الاستشرافية. كما تم وضع مسارات نموذجية تأهيلية وهي عبارة عن أجهزة تصرف في الموارد البشرية تهدف الى تنمية وتدعيم مهارات المتدخلين، وانجاز مسارات تكوين على مقاس كل عامل وحسب حاجيات الانتاج والانخراط في دورات تأهيل متوجة بشهادة. لكن هذا النظام يبرز ضعفا في عدة مراحل:
1) موقعة الأجير بحسب متطلبات المهنة المنشودة والشهادة المقابلة، ويتم تقييم مكتسباته المهنية، والامكانيات الكامنة عنده وتكملة التكوين الضروري له.
2) تنظيم تكوين مشخص وتدريجي حسب وحدات قصيرة من طرف جهاز تكوين تابع للقطاع (تكوين فني) مع التعليم الوطني.
3) إشهاد المهارات المهنية المكتسبة عبر تسليم شهادة دون اجتياز امتحان.
4) وبهذا فان هذا النظام يمنح إمكانية الحصول كليا او جزئيا على شهادات الكفاءة المهنية، تحت اشراف مستشارين متخصصين في تقييم الكفاءات مع التنسيق مع مهنيي قطاع النسيج، والمؤسسات المهنية والتربية الوطنية ومراكز التكوين وتحضر شهادات الكفاءة المهنية لممارسة 7 مهن اساسية مرتبة بتشغيل وتعديل الآلات والمعدات في صناعة النسيج.
وبهذا يمثل ذلك النظام تمشيّا يشرك المؤسسة في كل مراحل المسار وخاصة بالنسبة للتأطير، ويمكن القول انه يقدم المزايا التالية:
تأهيل المتدخلين في الانتاج.
الكشف عن كفاءات غير مستغلة وإشهادها في اطار شهادة حكومية.
تدعيم الخبرة المعرفية للمؤسسة.
تطوير المتدخلين بحسب حاجيات المؤسسة.
تحفيز الأجراء.
استغلال التكوين على المقاس الملائم لمتطلبات مهن القطاع.
ويتولى الجهاز المتناصف لإدارة التكوين تمويل تحقيق تلك المزايا إضافة الى مساعدات تكميلية من الدولة والاتحاد الاوروبي.
سير عمل جهاز إعادة التشغيل وإعادة تأهيل العمال
1 الاطار الاقتصادي والاجتماعي لجهاز إعادة التأهيل وإعادة التشغيل:
1 1 المشاكل التي تظهر في بداية عملية التسريح الجماعي.
1 1 1 منازعة العمال في الأسباب الاقتصادية للطرد المقدمة من المؤجر.
تنطلق الاجراءات التي يجب على المؤسسة الخضوع لها في حالة الطرد الجماعي لأسباب اقتصادية بمذكرة اقتصادية تقدم للجنة المؤسسة للتشاور، وتشرح تلك المذكرة اسباب اللجوء الى إعادة هيكلة مؤدية الى حذف مواطن عمل وتعيين لجنة المؤسسة خبيرا لمساعدتها في فهم وتحليل الوثائق المقدمة من الادارة وتقدير وضعية المؤسسة. هذا وعادة ما يكشف الرأي المقدم من الخبير والنقاشات التي تدور حوله، واقعا أكثر تعقيدا مما توحي به المذكرة المقدمة من المؤجر، وخاصة من وجهة نظر الاطار الذي يقع فيه قرار إعادة الهيكلة.
وبصورة عامة، فإن التبرير عادة ما ينتظم حول عناصر بسيطة نسبيا، متعلقة بصعوبة أكيدة لا يمكن حلّها بوسائل أخرى غير إعادة الهيكلة المقترحة.
وفي المذكرة الاقتصادية، نجد قليلا من الشرح وكثيرا من التبرير الهادف الى جعل إعادة الهيكلة ونتائجها مقبولة اكثر وفي كل الحالات فان الاسباب الاقتصادية لا يقع كشفها، الشيء الذي يغذي الشكوك ويجعل من المستحيل الاتفاق على تشخيص معين.
ويقترن فقدان مشروعية القرار بخطر اجتماعي مهم وهو رفض القرار وبالتالي حصول النزاع الاجتماعي، ويمنع عدم الكشف عن الاسباب الاقتصادية العمال من تقييم اسباب الطرد وبالتالي منازعة قرار المؤسسة.
1 1 2 قرار الطرد له آثاره الاجتماعية في مكان مختلف عن مكان اتخاذ القرار.
بلغة اقتصادية، ينظر للطرد على انه فقدان لمراكز عمل بغضّ النظر عن خصائص ومواقع الاشخاص المعنيين بذلك. لكن على الصعيد الاجتماعي، فان الطرد يمسّ مصنعا معينا او محلا او مكتبا او مخبرا، حيث يعمل جمع معين، بل هو نتاج لتاريخ متفرد، ومسجل في مكان معين، انه إذن الاطار المحلي (او الأطر المحلية في حالة كون الطرد يمس عدة أماكن عمل مختلفة) الذي يمثل في المرتبة الاولى الاطار الاجتماعي لإجراءات الطرد.
وعندما تكون الشركة متكونة من عدة فروع، يتم اتخاذ قرار الطرد في المقر الاجتماعي للشركة الذي يكون بعيدا عن المكان الذي سينفذ فيه القرار. ومقابل الطابع المركزي لقرارات الطرد، فان مسيرة المفاوضات والمشاورات وما يتصل بها من أمور اجتماعية تكون ذات طابع غير مركزي. وعلى ذلك فان الآثار الاجتماعية للطرد تنتج في مكان بعيد عن مكان اتخاذ القرار الشيء الذي يجعل المشكل يأخذ حجما يستدعي تدخل عدة اطراف محلية وخصوصا المسؤولين السياسيين.
1 1 3 بداية عملية التسريح الجماعي تشهد عدم توازن القوى بين المؤسسة والنقابة:
يوجد عدم توازن في المدة التي تتوفر لكل طرف مفاوض لإعداد النقاشات حول مشروع المخطط الاجتماعي. وتتحكم ادارة المؤسسة بصورة تامة في اختيار لحظة انطلاق المفاوضات وهي تملك الوقت الذي تريد لوضع المخطط الاجتماعي وتحضير المفاوضات قبل انطلاق الاجراءات. ولا يعلم الأجراء متى ستنطلق الاجراءات، ولا حتى أنها ستنطلق قبل أعلانها من قبل الادارة.
ويحصل أحيانا أن اعضاء لجنة المؤسسة يشعرون بأن مخططا اجتماعيا سيتم وضعه في فترة قد تطول او تقصر ويمكنهم حينئذ ان يستعدوا وحتى ان يتكونوا، ورغم هذا الاختلال، فان الادارة والأجراء لا حيلة لهم أمامه، باستثناء بعض ادارات المؤسسات التي تملك خبرة مهمة في المخططات الاجتماعية.
ويتمّ إعمال إجراءات التشاور بنسق مرتفع بصفة خاصة وتملك الادارة، اضافة الى زمن التحضير، موارد من الكفاءات ووقت العمل، أي أجراء من مصلحة التصرف في الموارد البشرية مكلفين بانجاز المشاورات والمخطط الاجتماعي، كما ان بعض المؤسسات لا تتردد في الالتجاء الى خبراء متخصصين في المخططات الاجتماعية.
أما النواب فأنهم لا يملكون الكفاءات الضرورية ولا الوقت المناسب لإعداد المفاوضات وبالتالي يجب عليهم اكتساب المهارة اللازمة اثناء سير المفاوضات، وهنا ايضا، فان هذا الاختلال يبدو نسبيا بالنظر الى خبرة النواب في مناقشة المخططات الاجتماعية، وتتمثل الوسيلة الاساسية لاكتساب المهارات اللازمة بالنسبة للنواب في انتداب خبير يلعب دورا مزدوجا فهو مكوّن للنواب من جهة ومساعد على تصور استراتيجية فعالة من جهة أخرى. وهو بذلك يوفر الخبرة والمهارة التي يفتقدها النواب. والمؤجر هو الذي يقرر مضمون المخطط الاجتماعي ويمنحه القانون دور المبادر والقيادي بينما ليس لممثلي العمال اي دور للتأثير او المراقبة. وفي غالب الحالات، تبقى الاجراءات شكلية فقط ما لم توجد ارادة قوية من النواب لإجبار المؤجر على التفاوض الجدي. ذلك ان المؤجر غير ملزم الا بالتشاور وليس بالتفاوض لكن بالنسبة لممثلي العمال غير المتعودين على نمط العلاقات التنازعية او قليلي الخبرة. فان معارضة رئيس المؤسسة تمثل امتحانا حقيقيا. لكن مع ذلك يوجد بعض المؤجرين الذين يسهل إقناعهم والتفاوض معهم.
إن لأنظمة التشغيل عيبين بالنسبة للمؤسسة: فهي أعلى تكلفة من أنظمة التسريح (إلا إذا وقع طرح التكاليف مع منح الطرد) وتتطلب اكثر وقت الشيء الذي يمكن ان يسبب انعكاسات على المناخ الداخلي في المؤسسة. وعلى ذلك فان اغلب المؤجرين لا يعتبرون ذلك من بين مهامهم. لكن بعض المؤسسات تبدي اهتماما بالآثار الاجتماعية لإدارتهم لمؤسساتهم واستعدادا للاستثمار في منظومة إعادة تشغيل.
1 2 المشاكل القائمة أثناء إعمال منظومة إعادة التشغيل في فرنسا.
يمكن تحديد المشاكل القائمة من خلال دراستين والدراسة الاولى.
قام بها فريق من الباحثين من »تولوز« (مٌَُُِِّّّش) فحصوا المخطّطات الاجتماعية المقدمة من طرف 46 مؤسسة في 4 مناطق في »من البريني الأوسط« بين 1992 و,1994 وهي بذلك جملة المخطّطات المقدمة في تلك المنطقة في ذلك الوقت. وقد أكّد الفريق في الخاتمة على »الصعوبات وعدم الفاعلية النسبيّة لمنظومة مشاورة الأطراف الإجتماعية التي لا تساهم تقريبا أبدا في تقليل عدد المطرودين ونادرا ما تؤدي إلى تحسين لمضمون المخطّط الإجتماعي«.
أمّا الدراسة الثانية التي قام بها فريق باحثين من »نانسي« (ٌّ(Nanc فقد احتوت على تحليل 56 حالة مخطّط اجتماعي من 14 منطقة عمل وقع اختيارها على أساس تمثيليتها وخصائصها السوسيو اقتصادية المختلفة، وقد قدم الباحثون نتائج قريبة جدّا من تلك الواردة في الدراسة الأولى:
المؤجرون، وإلى حدّ ما، متفقدو الشغل والمنظمات النقابية، يبحثون قبل كلّ شيء على مضاعفة التدابير الواردة في المخطّط، دون معرفة مدى ملاءمتها للجمهور الذي تتوجّه إليه.
هذه النظرة التوسيعية للمخطّط الاجتماعي يمكن أوّلا أن تفسّر بالغياب التام لتقييم خصائص العمّال المسرحين من حيث التكوين والتخصص أو الحركية عند اختيار التدابير التي ستضمن في المخطط الاجتماعي وعلى ذلك فإنّ التقاعد المبكر يبقى الوسيلة المحبذة في التصرف في العمالة الزائدة وبقيت عدد من المخططات الاجتماعية شكلية جدّا، بل تدعمت الصبغة المؤسساتية لمرحلة الإنتقال إلى البطالة، خاصة عبر خلايا إعادة التأهيل وظلّت الفاعلية الحقيقية للتدابير غير معروفة حق المعرفة خصوصا من قبل المرافق الإدارية.
وهكذا، فرغم النوايا الحسنة، فإنّ المخططات الاجتماعية بقيت بعيدة عن أن تكون أدوات فعّالة للحق في إعادة التشغيل، الذي يبقى مجرّد افتراض مشكوك فيه. كما يبدو أنّ هدف إعادة تأهيل العمّال المطرودين قليل الحضور عند تصوّر المخطّطات. وخلال المحادثات التي تمّ إجراؤها مع عديد المتدخلين المعنيين بمنظومة إعادة التشغيل، فإنّ عديد الإنتقادات التي عبّر عنها النقابيون كانت متعلّقة »بمجسمات التشغيل« أو »خلايا إعادة التشغيل«.
121 المؤسسات ومكاتب الخبراء لا يعتبرون أنفسهم ملتزمين بنتيجة خلال إعمال منظومة إعادة التشغيل:
لا يكفي التوصّل إلى وضع مخطّط اجتماعي يشير إلى تراتيب مواتية لإعادة التشغيل حتى تتحقّق النتائج بالضرورة، ولا حتى سير تلك التراتيب كما هو مخطّط لها. بل انّه التزام جميع المتداخلين طوال المخطط، الذي يضمن النجاعة ويحقّق إعادة التشغيل. لكن لا نجد أن كل المتدخلين لهم نفس المصالح أو الرهانات بهذا الخصوص.
وباعتباره المسؤول عن التصرّف في المؤسسة، فإنّ رئيس المؤسسة هو المسؤول على تحديد حجم العمالة الزائدة وعمليات الطرد الناتجة عن ذلك، ومبدئيا فإنّ هذه الوضعية لن تخلق لديه مصلحة في إعادة تشغيل أو إعادة تأهيل العمّال المسرحين. والنجاح المتوقع لإعادة التشغيل يهمّ العمّال فحسب، فيبدو الأمر وكأنّ الإدارة، باعتبارها قد نفذت التزامها ببذل العناية، لا تشعر أنّها ملزمة بنتيجة.
فعند تمويل المخطّط وتدابير إعادة التشغيل، تبرأ ذمتها، على اعتبار أنّه على البقيّة أن يتصرّفوا. فالمتابعة تحدّد غالبا في الشكل فقط وتتعلّق بالخصوص بالحرص على عدم حصول تجاوز للمبالغ المقرّرة.
كذلك نجد أنّ دور المكاتب الاستشارية العاملة في إطار إعادة التشغيل هو دور شديد الأهمية وغالبا يطلب رأي لجنة المؤسسة حول عدّة عروض من مكاتب مختلفة، لكن في كل الحالات فإنّ إدارة المؤسسة هي التي تتحمّل الكلفة وهي بالتالي التي تتولّى اختيار المكتب وعلى هذا، فإنّ المكتب لا يتمّ تقييمه على أساس النتائج من حيث إعادة التشغيل بما أنّه ليس من بين اهتمامات المؤسسة.
وترى النقابات انّ هذه المكاتب لا تبذل المجهود الكافي المقابل لما تأخذه من مبالغ، حتى أنه قد تمّ مضاعفة المخططات دون إجراء أي مراقبة على النتائج. وتردّ المكاتب بأنّه لا يمكن تحميلها إلتزاما بنتيجة لأنّ نشاطها يرتبط كثيرا بالوضعية المحلية للتشغيل، ولتحسين نسبة إعادة التشغيل لديهم نجد أن بعض مجموعات المؤسسات قد قامت بشراء شركات تشغيل مؤقت، فيكون الخطر متمثّلا في إضفاء طابع مؤسساتي على إعادة التشغيل في أعمال هشّة.
والذي يحدث في الغالب، أنّه يقع اعتبار بعض الأشخاص الذين قد تمّ تشغيلهم عن طريق مجسّات التشغيل، حتى ولو كانوا قد قبلوا بعمل لا يتمثّل حقيقة في عمل ملائم كما تمّ تعريفه من قبل الأطراف الاجتماعية، وتتمثّل هذه الأعمال في عقود عمل محدّدة المدّة أو أعمال تعويض أو وضعيات لا يمكن وصفها بأنّها عمل حقيقي وقد يتمّ ممارسة بعض الضغوطات على أشخاص حتى يقبلوا أعمالا لا تتماشى مع وضعيتهم وطموحاتهم (أجر أقل، تصنيف أدنى...).
كما يتمّ أيضا اتهام المساهمة المباشرة في إنشاء الشاريع الشخصية للعمّال عندما لا يتمّ استعمال الأداة التي تمثّلها أرصدة الكفاءات أو يتمّ استعمالها استعمالا سيئا أو انّ تلك البرامج تتأتّى من العلاقات القائمة مع النوّاب أكثر ممّا تتأتّى من هياكل إعادة التشغيل. كما يظهر مشكل آخر متمثّل في المصادقة على كلّ المشاريع الشخصيّة دون فحص أولي حقيقي، بحجّة كونه يجب تشجيع الجميع وعدم تثبيط أي أحد.
كذلك فإنّ نوعية الخدمة المسداة من قبل مجسات التشغيل تنعكس سلبيا على سلوك العمّال، فبعض منهم يعبّر عن خيبته وينتهي بالعدول عن الاستعانة بهياكل إعادة التشغيل مفضّلا المحاولة بمفرده.
123 تكوين غير فعّال في إطار المخطّط الاجتماعي
جزء آخر من الشكاوي المقدمة من النقابات، نجده متعلّقا بالتدابير المرتبطة بالتكوين. ذلك أنّ تدابير التكوين قلما وقع استعمالها، وتمّ رفض بعض طالبي التكوين لأسباب تعسفية بحسب رأي النواب، أو اقتراح مواد تكوينية غير مكلّفة على حساب مواد مكلّفة. وبصورة عامة، فإنّ عروض التكوين المقترحة على العمّال تعتبر قوالب جامدة غير ملائمة للحالات الدقيقة وغير ضامنة لحظوظ جدية في إعادة التشغيل، وخصوصا التكوين طويل الأمد، الذي عادة ما يكون ضروريا لإعادة التأهيل، فإنّه نادر
124 نقص الوقت وعدم وجود الاستباق لصالح العمّال
الوقت دائما غير كاف والاستباق لصالح العمّال غير موجود ويمكن النظر للطرد على أنّه مسار حركة مهنيّة ضاغطة، والعمّال الذين لا يجدون ضمانا لمستقبلهم عبر تدبير عمري (مرتبط بالسن) يضطردون لتغيير عملهم، تحت طائلة التهميش الاجتماعي المزمن والمؤلم. وإذا كان الضغط لا يشكّل الإطار الأمثل لإنجاز مشروع مهني، فإنّ العنصر الأقسى يتمثّل في حالة عدم الجاهزيّة التي يكون عليها العمّال عند صدور القرار وينضاف إلى ذلك كون الإدارة تريد الإسراع في إتمام مشروع حسّاس. وبذلك يجد العمّال أنفسهم مضطرين إلى اكتساب القدرة على تغيير العمّال في وقت وجيز.
لكنّهم ليسوا سواسية إزاء ذلك الضغط، إمّا لأسباب شخصيّة (سنّ، وضعية عائلية...) أو مهنيّة (العمل السابق، مستوى التخصّص، الأقدمية في المؤسسة...) أو جغرافيّة (حجم وحركية وتخصص حوض التشغيل).
وعدم المساواة تلك لا يقع لا استباقها أثناء السير العادي للأعمال ولا معادلتها عن طريق مشاريع المخططات المقدمة، وتفترض المعادلة المراوحة بين تدابير إصلاح حوض التشغيل، ومخطّط إعادة التأهيل، كما تفترض أيضا تكييف مدّة مخطّطات إعادة التأهيل بحسب كلّ فرد. أمّا الاستباق فإنّه أكثر طموحا ويتطلّب سياسات مساعدة على الحركية المهنية خارج فترات إعادة الهيكلة.
125 العمّال في حالة ارتباك وليسوا دائما مهتمين بمنظومة إعادة التشغيل
إذا كان الجميع مقتنعين بفائدة منح الطرد، فإنّ ذلك ليس حال منظومة إعادة التشغيل. ذلك أنّ عددا كبيرا من العمّال لا يمرّرون عبر أجهزة إعادة التشغيل، أو يعولون عليها بصورة ضعيفة، وهو ما لا يدفع في اتجاه الضغط على تلك الأجهزة. وقد يتعلّق الأمر بعمّال وجدوا شغلا بأنفسهم سريعا، كما قد يتعلّق بعمّال لا يريدون المرور بهياكل إعادة التشغيل الموضوعة على ذمتهم لعدم اعتقادهم في جدواها. كذلك قد يتعلّق الأمر بعمّال لا يرغبون مطلقا في العودة إلى المؤسسة أو مازالوا يعانون من الآثار النفسية للطرد (نفور، انهيار، فقدان ثقة في النفس...).
كما يمكن أن يكون العمّال غير متحمّسين لإعادة التشغيل السريع، سواء لأنّهم يتمتّعون بعطلة إعادة تأهيل تسمح لهم بتقاضي مدخول أفضل أو أنّهم يريدون الاستفادة من منحة مغادرة.
2 صراع النقابات والعمّال ضدّ التسريح الجماعي:
2 1 بناء ميزان قوى لصالح ممثّلي العمّال
مهما كان المناخ الاجتماعي ومستوى مساهمة الإدارة في إعادة التشغيل، فإنّ ممثلي العمّال عليهم أن يضغطوا على الإدارة بخلق ميزان قوى يكون لصالحهم وذلك حول الملفات التالية:
المشروعية الاقتصادية للمخطط الاجتماعي
سير عمل المؤسسة
الصورة الخارجية للمؤسسة
مشروعيّة المفاوضين
الدعم السياسي
وحول تلك الملفات، توجد بالنسبة لممثلي العمّال »رافعات فعل« تسمح بإمالة الميزان لصالحهم.
211 منازعة المشروعية الاقتصادية للمخطط الاجتماعي:
في إطار الإجراءات، يجب على المؤجر عرض الأسباب الاقتصادية التي دفعته إلى الإلتجاء للطرد الجماعي، لكن أغلب التبريرات المقدمة من المؤسسات تكون ضعيفة جدّا وسهلة المنازعة. والفائدة من منازعة مشرعيّة المخطّط الاجتماعي هي فائدة مزدوجة:
تعبئة العمّال تكون أكثر كلّما كان لديهم الشعور بأنّ المخطط الاجتماعي غير مبرّر اقتصاديا.
تصبح الإدارة مسؤولة عن خيار التصرف الذي يمثّله المخطط الاجتماعي ولا يمكنها بعد ذلك الإحتماء باللجوء إلى الظروف القاهرة أو الضغوطات الخارجية كما هو الحال في التبرير الاقتصادي ويصبح موقف الإدارة أضعف كلّما اتضح أنّها قد لجأت إلى خيار معيّن في حين توجد عدّة حلول أخرى. ويتمثّل التدخل الناجع بالنسبة للعمّال في هذه الحالة، في الإلتجاء إلى خبير يتولّى تحليل ونقد المبرّرات الاقتصادية المقدمة من الإدارة. ومع ذلك فإنّ هذا التدخل سيكون له مدى نسبي فقط في الحالة التي تكون فيها المؤسسة في وضعية اقتصادية صعبة حقيقة. عندئذ سيحاول الخبير أن يبيّن أنّ تلك الوضعية ماهي الاّ نتاج لخيارات سابقة للإدارة.
أمّا بالنسبة للإدارة فإنّ وسائلها من نوعين:
التركيز على حيرة العمّال من خلال تقديم تبرير متمثّل في كون عدم طرد عمّال محدّدين الآن سيؤدي حتما إلى غلق المؤسسة وبالتالي طرد الجميع غدا.
استعمال الإطارات وأعوان التسيير في محاولة نشر فكرة مشروعية المخطّط.
212 منازعة الصحة الشكلية للمخطط الاجتماعي:
الواجبات القانونية في مادة المخطّطات الاجتماعية شديدة وصارمة (المؤجر يجب عليه احترام إجراءات معيّنة واقتراح تدابير تسهّل التشغيل)، وفي الواقع، نادرا ما يقع احترام كلّ تلك الإجراءات.
ونقطة الضعف هذه، تسمح لممثلي العمّال، مستعينين بخبير ومحام بالضغط على الإدارة من خلال تهديدها بالتتبع القضائي، وهو ضغط فعّال بالنظر إلى رغبة الإدارة في إنهاء العمليّة بأسرع ما يمكن، ذلك أنّ إبطال المخطّط الاجتماعي من قبل القضاء، سيلزم الإدارة بإعادة الإجراءات من البداية ويسبّب بالتالي ضياعا كبيرا للوقت. نفس هذا الأثر ينتج أيضا عن محاضر النقص (عدم الكفاية) المحرّرة من قبل إدارات الشغل وكلّ ذلك يظهر أنّ الإستعانة بمحام تمثّل ورقة مهمّة في الميدان.
213 خلخلة سير العمل بالمؤسسة
يمثّل إدخال الإضطراب على سير العمل العادي للمؤسسة وسيلة ضغط على الإدارة، ونجد هنا وسائل التدخل الكلاسيكية مثل توقيف العمل، والإضراب والتهديد بالإضراب.. وهي تسبّب تكاليف إضافية للمؤسسة لكن تلك الوسائل التقليدية ليست الوسائل الأسهل في التطبيق، حيث أنّها تتطلّب انخراطا ومساهمة فعّالة من العمّال، وبعض فئات العمّال لا تتحمّس لمثل تلك الوسائل وفي المقابل فإنّ بعض الإدارات لا تتردّد في التهديد بالإلتجاء إلى البطالة الجزئية، وخاصة لضمان آجال الإجراءات.،
214 إعطاء صورة خارجية سيئة عن المؤسسة:
يمثّل إشهار المخطط الاجتماعي وسيلة ضغط خطيرة إذا لم توقف المؤسسة نشاطاتها ويمكن أن تتسبّب الصورة السيئة للمؤسسة في إفساد علاقاتها مع حرفائها، وجعل الانتداب الجديد أصعب، وضياع فرص المنح والمساعدات، وتخويف المستثمرين... لذلك فإنّ العمّال والنواب يسعون إلى خلق الحدث الإعلامي، لكن من النادر أن يكون على درجة من القوّة، بحيث يؤثّر على سير المفاوضات. ففي الغالب نجد أنّ المخطّط الاجتماعي يقع نشره في صحافة محلية.
ويكون اللجوء إلى وسائل الإعلام أسهل بالنسبة لنوّاب العمّال إذا ما نجحوا في تنظيم تعبئة تقليدية للعمّال (إضراب، مظاهرة...) وفي هذا الميدان بالذات، تقدم النقابات دعما مهما من خلال تعبئة عمّال المؤسسات.
215 منازعة مشروعية المفاوضين والبحث عن الدعم السياسي:
في بعض الحالات، يسعى نوّاب العمّال إلى التشكيك في ممثّل الإدارة والمطالبة بالتفاوض مع شخص يكون حقيقة في موقع أخذ القرارات وعادة تكون الإدارة المحلية ملزمة بخيارات تمّت في مكان آخر (المركز). ويكون أكثر فاعلية بالنسبة لممثلي العمّال، فإنّ عدّة وسائل تسمح بتدعيم مشروعيتهم التي عادة ما تشكّك فيها الإدارة، وفي حالات عديدة يمثّل الانسجام بين النقابات دعما مهما لقدرتها على التفاوض.
وتسعى الإدارة في العموم إلى استهداف الثقة القائمة بين العمّال ونوّابهم، وتحاول إظهار بعض العملة معارضين للنوّاب، كما تلجأ الإدارة إلى تقنية متمثلة في مدّ النواب بقائمة العمّال الذين سيتمّ طردهم، وعلى النوّاب حينئذ تقرير إمّا عرض القائمة على العمّال أو الاحتفاظ بها سرية. وفي الحالة الأولى، فإنّ العمّال الذين لم ترد أسماؤهم في القائمة يبدون قلّة اكتراث أو عدم اهتمام بمسألة الطرد أصلا وبالتالي تكون تعبئتهم أعسر.
أمّا في الحالة الثانية فيمكن أن ينشأ توتّر بين العمّال الذين يريدون معرفة إذا ما كانوا ضمن القائمة من جهة أولى، وبين النوّاب الذين يعلمون من هم العمّال المهدّدون بالطرد من جهة أخرى.
وعادة ما يحاول نوّاب العمّال إشراك السياسيين المحليين في مسار المفاوضات حول الطرد بحثا عن دعمهم السياسي.
22 تعبئة العمّال في التصدّي للطرد:
يقوم البحث عن الدعم الخارجي بصورة واسعة على القدرة على تعبئة العمّال. وإذا كان رفع دعوى أمام القضاء أو الإلتجاء إلى الخبير يمكن أن يقوم بهما النوّاب، فإنّ الإضراب لا يمكن أن يكون له أثر فعّال إذا لم يلتزم به الجزء الأكبر من العمّال. وقد أمكن التعرّف على بعض العوامل التي تخدم تعبئة جيّدة للعمّال وبعض العوامل التي لا تخدمها. أمّا العناصر التي تخدم تعبئة العمّال فهي تلك التي تخدم تماسك جموع العمّال، وهي:
الخشية من المستقبل المهني المرتبطة من الإحساس بكون الكفاءات الموجودة في المؤسسة لا يمكن نقلها إلى نشاط مهني آخر.
إشراك العمّال في عمل النوّاب، فعندما يساهم العمّال في نحت القرارات التي تخصّهم، فإنّهم يشعرون بمزيد من الثقة. ولذلك فإنّ النوّاب مدعوون لتنظيم اجتماعات مع العمّال لمناقشة سير المفاوضات مع مدير المؤسسة.
بعض الثقافات المشتركة للعمّال تتجّه إلى تدعيم الروابط القائمة بين الأشخاص والرّابطة الجماعية بينهم وتخدم بالتالي التضامن بين العمّال ونجد مثل هذه الروابط في المؤسسات ذات التقاليد النقابية العريقة والجمعيات ذات التقاليد النضالية.
الشعور بالظلم، يمكن أيضا أن يلعب دورا تعبويا، فمثلا عمليّة تهجير رأس المال يمكن أن تجند غالبية العمّال.
أمّا العوامل التي لا تخدم العمّال فهي تلك التي تمسّ التماسك بين جموع العمل وأهمّها:
تعدّد مواقع العمل الذي يمنع العمّال من التعارف وتنمية علاقات تضامنية فتفرّقهم مصالحهم المختلفة.
الأشخاص الذين يعتقدون بإمكانية وجود شغل بسرعة يتجهون إلى اعمال استراتيجيات فردية بدلا من التحرّكات الجماعية.
الوعود (التي قد لا تنفذ بالضرورة) بإعادة التشغيل في صورة معاودة النشاط، تدفع العمّال إلى عدم إظهار مواقفهم حتى يتمّ إعادة تشغيلهم حسب تلك الوعود.
23 التعبئة من أجل توصيف (LABELISATION) خلايا إعادة التأهيل:
منذ ظهور المشروع، فإنّ رهانات ومنطق عمل كلّ واحد من المتدخلين يدفعانه في طريق غير تعاوني يؤدي إلى استبعاد مشروع إعادة التشغيل لفائدة الشكلية الإجرائية وتؤدي عدم فاعلية المنظومة إلى تنفير العمّال الذين يمحورون مطالباتهم على التعويض المالي أكثر من إعادة التشغيل المهني وأثناء تنفيذ المخطّط، فإنّ المصاحبة الفعّالة تفرض انخراطا من كلّ المتدخلين. لكن هذه المصاحبة قد تصطدم باختلاف المنطق بين مؤجر قليل الاهتمام بإعادة التشغيل بعد قطع عقد الشغل معه، ومكتب إعادة تشغيل متبن لمنطق المؤجر الذي يتلقى منه الأوامر والأموال وبين ممثّلي العمّال ضعيفي الحال. فضلا عن ذلك فإنّ غياب رسملة المعارف والخبرات وعدم جعلها متاحة مثل إساءة تقدير النتائج يمثّلان عائقا أمام وضع وتنفيذ مخطّط إعادة التشغيل.
وتطالب النقابات الفرنسية بتوصيف متشدّد لخلايا إعادة التشغيل. ونجد نفس المطالبة عند بعض النقابات الأوروبية الأخرى، بل إنّها أصبحت توصية من فريق رفيع المستوى مكوّن من الإتحاد الأوروبي حول »التشغيل التكوين«.
أمام تسارع التحوّلات، فإنّه يجب متى كان ذلك ضروريا، وضع خلايا إعادة التشغيل وإعادة تأهيل للعمّال تكون لها مهمّة مصاحبة الذين فقدوا شغلهم وخدمة إعادة التشغيل وإنجاح خلق إمكانيات جديدة للتشغيل في مناطق ترتبط بالنسيج والملابس. هذه الخلايا ذات القيادة المتناصفة، يجب أن تجمع مختلف المتدخلين المعنيين: المؤسسات، النقابات وأيضا السلطات والمرافق العمومية والإرتكاز على منظومة الأعمال القائمة وكذلك على العادات الحميدة والتجارب الملموسة، والتوصيف (تحت مراقبة مصالح الشغل في الدول الأعضاء) لتلك الخلايا، من المفروض أن يضمن لها فاعلية أكبر.
أخيرا، فإنّ إيجاد مبادرات مشتركة بين المؤسسات متعدّدة القطاعات، يخدم اتخاذ تدابير في الأحواض والمناطق الأكثر ارتباطا بالنسيج والملابس، للوقاية من المآسي الاجتماعية حتى ولو كان هدف النهوض بالقطاع يتمتّع بالأولوية متى كان ذلك ممكنا.
ويظهر رصيد التجربة الفرنسية هشاشة المكانة التي تحتلها إعادة التأهيل في المخططات الاجتماعية وهشاشة مخطّطات إعادة التأهيل ذاتها. لكن مع ذلك، توجد بعض التجديدات ذات جودة لا يستهان بها. وحسب لغة الصناعة، يمكن الحديث عن »تجديد إجرائي« متعلّق بطريقة تصور وإعمال المخطط، و»تجديد منتوج« أو »تجديد مضمون« متعلّق بمضمون وجودة المخطط نفسه.
3 وجود حركيّة اجتماعية للتّجديد في إعمال منظومة إعادة تشغيل العمّال الذين فقدوا أعمالهم:
يتمّ أحيانا تنفيذ بعض الأعمال بمبادرة أو تحت تأثير من متدخلين مختلفين يضعون إعادة التشغيل في صميم المخطّطات. وقد أخذت السلطات العمومية والمنظمات النقابية مكانة متفرّدة ودافعة في إنجاح المخطّطات الاجتماعية وبالطريقة ذاتها، تظهر بعض المخطّطات الاجتماعية في السنوات الأخيرة.
انّ أعضاء لجان المؤسسة يجتهدون في تغيير الأعراف الاعتيادية لإدارات المؤسسات وبعض لجان المؤسسات والمنظمات النقابية وذلك بتجاوز الشكلية الإجرائية والنقاشات حول التدابير التي سيتضمّنها المخطط إلى وضع إعادة التشغيل الفعلية في صميم العملية. إنّها تلك المخطّطات المهيكلة كمشاريع لإعادة التشغيل، بتشجيع ومتابعة من نوّاب العمّال، هي التي تمثّل مصدر التجديد الاجتماعي.
3 1 عوامل التأثير على أعمال المنظومة:
إضافة إلى انخراط المتدخلين، فإنّ العوامل الأساسية للتأثير تتعلّق من جهة بطبيعة الخدمات في مادة إعادة التشغيل، ومن جهة أخرى بالمتطلّبات الخصوصية لمصاحبة فردية حقيقية للأشخاص المطرودين، وأخيرا بإشكالية التقييم.
311 طبيعة خدمات إعادة التشغيل:
تجد عددا كبير من المشاكل مصدرها سير أجهزة إعادة التشغيل. ودون وقوف عند حجم التمويل المرصود، فإنّ جودة الخدمة المسداة يمكن أن يتغيّر من مسد لآخر بشكل كبير، وذلك حسب عدّة عوامل:
احترام أو عدم احترام آداب معيّنة للمهنة.
المعرفة النّسبية بحوض التشغيل.
الحرفيّة النّسبية للمستشارين.
الإنخراط والجاهزيّة النّسبية للمستشارين الذين يظهر بعضهم كمناضلين حقيقيين في إعادة التشغيل بحيث يذهبون إلى أبعد من مهامهم ويعارضون إدارة المؤسسة ولا يلتزمون معها الاّ بالقليل بل قد لا يحترمون ما تمّ الاتفاق عليه.
كفاءات الخبير النفساني التي يتأكّد منها أو من عدمها بعض المتدخلين، ويتعلّق الأمر بالقدرة على وضع النفس مكان الآخر والإحساس بما يحسّ.
3 1 2 شروط مصاحبة فردية حقيقية:
إجمالا، وفي عدّة حالات مفترضة، يوجد تنصيص على نقائص في متابعة الأشخاص: غالبا يتعلّق الأمر بتصرّف أو بمحاسبة حسب نوع التدابير الممكنة أكثر من كونه يتعلّق بمصاحبة فردية حقيقية من المفروض انّها أولت اهتماما خاصا بكل فرد، ودون شكّ فإنّ الصعوبة تكون أكبر متى كان المخطّط الاجتماعي يمسّ مجموعة كبيرة، لكن تلك النقائص تبقى موجودة حتى في حالة ما إذا كانت المجموعة صغيرة.
وعندما تكون لجنة المتابعة متفاعلة جدّا مع المشاكل المعترضة أثناء تطبيق التدابير وسير المنظومة، فإنّ دورها الأساسي يتمثّل في فرض احترام المخطّط الاجتماعي خاصة من حيث كونه لا يقع تأويله من قبل الإدارة بشكل ضار بالعمّال.
لكن بإمكانها أيضا المساهمة في تطويره بالذهاب إلى أبعد ممّا هو متوقع في البداية، فعندما تتابع فعليا الأشخاص بصورة فردية، يمكنها الوصول إلى حلول ملائمة بالنسبة للجزء الأكبر من العمّال.
وتتخّذ مسألة المتابعة الفردية هذه، أهمية أكبر إذا علمنا أنّ أغلب المخطّطات الاجتماعية تمسّ مجموعة كبيرة نسبيا من الأشخاص ذوي الصعوبة الخصوصية في إعادة التشغيل بفعل خاصيات مختلفة: نقص تخصّص، سنّ، هشاشة اجتماعية أو عائلية، إدمان، مشاكل صحية... وتزداد الأهمية أكثر عندما نعرف أنّ تحديد الأشخاص الذين يتمّ طردهم يتجّه إلى أن يكون على أساس تلك الخاصيات (بما في ذلك الطرد لأسباب اقتصادية). وتلك المجموعة الحسّاسة يجب أن تكون موضوع مصاحبة ملائمة، وهذا أبعد من أن يكون دائما هو الحال.
أخيرا، يتمّ التساؤل عن الوقت الممضى في تطبيق المخطط الاجتماعي وبالتالي في متابعة الأشخاص وذلك لوقت مختلف بصورة معتبرة.
313 إشكالية التقييم:
غالبا، لا توجد أداة حقيقية لتقييم إعمال المخطّط الاجتماعي وإذا وجدت سجلات متابعة للخدمات المسدات من قبل المتدخلين المكلّفين بإعادة التشغيل صلب مجسّات التشغيل، فإنّها تشكو من عدّة عيوب:
من جهة لا تتضمّن الاّ النتائج الخاصة بالمجموعة التي استفادت من خدماتهم (ورأينا أنّ أفراد المجموعة يختلفون بصورة كبيرة بالمقارنة مع مجمل المجموعة).
من جهة أخرى تثار عدّة تحفظات بشأن تلك النتائج، لأنّها عادة تكون موجّهة بشكل يضخّم نسبة نجاح مكاتب الاستشارة التي أنتجتها.
أخيرا، لا تتضمّن الاّ فترة عمل المنظومة ولا تأخذ بعين الاعتبار الوضعية اللاحقة للأشخاص بغاية التأكد من استمراريتها.
32 خصائص منظومة مجدّدة وفعّالة:
إنّ خاصيات منظومة إعمال تدابير إعادة تشغيل تغطّي 4 أبعاد: الوقت اللازم لإتمام المشروع، الموارد التقنية اللازمة للمشروع، تحديد النتائج المنتظرة، تسيير ومتابعة المشروع.
321 الوقت اللازم للمشروع: مدّة الوقت لكن أيضا نوعيته
إنّ إعادة بناء وتجسيد مستقبل مهني جديد يتطلّبان الوقت. ويمكن فضلا عن ذلك، الاعتقاد بأنّ الأمر يكون أقل صعوبة بقدر ما يكون الأشخاص المعنيون غير معزولين وغير متعرضين لضائقة مالية حادة. ولذلك فإنّ مدّة المنظومة يجب أن تكون بما يكفي لحلّ مشاكل كلّ الأجراء ضحايا التسريح الجماعي.
322 الموارد التقنية في خدمة المشروع: اللجوء إلى هيكل مختص وتحديد كرّاس شروط له.
يتضمّن مسار إعادة التشغيل، خاصة عندما يطرح إعادة التأهيل، بُعدا تقنيا. لذلك فإنّ الإلتجاء إلى هيكل مختص قادر على تنسيق العمليات الفنية المرتبطة بإعادة التشغيل (رصيد الكفاءات، مشروع مهني، تحديد وعرض التكوين...) واستشراف سوق العمل وخاصة السوق الخفية، يبدو مصيريا. كما يكون من مهام ذلك الهيكل ملاءمة المقتضيات العامة للحالة الخاصة لكلّ أجير. ويجب أن يكون هذا الإلتجاء إلى الهيكل المختص حافزا على موافقة الطرفين، إدارة المؤسسة وممثلي العمّال.
323 تحديد القيود المفروضة على المشروع: مفهوم العرض المقبول للشغل:
منذ أن يكون هدف المشروع متمثّلا في السماح لكل شخص بالعثور على مسيرة مهنية دائمة، فإنّه من الطبيعي أن تحوز إعادة التشغيل خصائص تضمن لها في نفس الوقت الدوام والقبول. ويفرض هذا المتطلّب تعريفا دقيقا لطبيعة عروض الشغل التي يمكن أن تقدم بصورة مشروعة لطالبي إعادة التشغيل ويتضمّن مفهوم العرض المقبول للشغل أربع نقاط:
الوضعيّة القانونية (عقد غير محدّد المدّة، عمل لوقت جزئي).
التخصّص المهني (مطابقة للتخصّص الأصلي أو المشروع المهني).
الأجر (الفارق الأقصى مع الأجر السابق).
البعد الجغرافي (المسافة القصوى بالكم أو بالوقت عن محل الإقامة).
كما أنّ الإلتجاء إلى هيكل مختص يجب أن يترافق مع إعداد لكرّاس شروط يحدّد النتائج المنتظرة من إعادة التشغيل وإعادة التأهيل ويضمن الوضوح حول الوسائل المسخّرة لتحقيق الهدف.
أمّا التعديلات المتعلقة بنظام الوظائف المكوّنة للعروض المقبولة للشغل بحسب تطور الظروف في سوق العمل، فيجب أن يتمّ الإتفاق بشأنها بين الأطراف.
324 تسيير ومتابعة المشروع إرساء لجنة مكلّفة بالمتابعة وتحديد صلاحياتها واختصاصاتها:
يفترض كلّ إشراف على مشروع، تسييرا وتجميعا للأطراف المؤثرة المهتمة بالوصول بالمشروع إلى غايته ويتعلّق الأمر خاصة:
ضمان إدارة ومتابعة العمليات المنجزة من قبل هيكل إعادة التشغيل.
تقدير شروط وطرق إعمال التراتيب الواردة في المخطّط.
تنظيم عمليّات إعادة التشغيل ذاتها، عندما لا يمكن معالجتها حسب طريقة فنية من قبل هيكل إعادة التشغيل.
والهيكل المؤهل أكثر من غيره لضمان هذا التسيير الضروري، مع تجميع الأطراف المؤثرة، هو لجنة التسيير. وهي لجنة متناصفة تتولّى تسيير عمليّات إعادة التشغيل ولها سلطة اتخاذ القرارات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.