المتلوي ...تلاميذ مركز التربية المختصة للقاصرين ذهنيا يحتفل باختتام السنة الدراسية    جلسة عامة    المندوب الجهوي للتنمية الفلاحية ل«الشروق» صابة الحبوب هامّة والتغيرات المناخية أثرت على نوعيتها    صمود المقاومة يعمّق أزمة الاحتلال...حل مجلس الحرب الصهيوني    جندوبة: اندلاع حريق في ضيعة فلاحية    أنس جابر لن تشارك في دورة الالعاب الاولمبية بباريس    فوز صعب لفرنسا في افتتاح مشوارها ب يورو 2024    الفيفا يوقف حمدي النقاز عن اللعب لمدة 6 أشهر    كيف سيكون طقس الثّلاثاء 18 جوان 2024؟    تفقّد وضعية الحجيج    تقودها عصابات ومهرّبون ...الكشف عن جرائم تهريب بنادق صيد    قرقنة .. وفاة حاج من منطقة العطايا بالبقاع المقدّسة    خصائص المدرسة الناجحة ...أثر تربية المرأة في تحقيق التنمية الشاملة    إحباط 59 محاولة اجتياز للحدود البحرية وانتشال جثتين    عدنان الشواشي : المنوّعات صنعت في وقت قياسيّ وغفلة ذوقيّة فيالق من أشباه "النّجوم" و"النّجيمات"    بمناسبة انتهاء عطلة العيد: وزارة الداخلية تصدر هذا البلاغ المروري    فظيع/ هلاك طفل داخل خزان مائي بهذه المنطقة..    ألمانيا: ضبط أضخم كمية كوكايين في تاريخ البلاد تصل قيمتها إلى 2.6 مليار يورو    لا يعرف موعده: انفجار ضخم في الفضاء يمكن رؤيته بالعين المجردة    المرصد الوطني للفلاحة: نسبة امتلاء السدود لم تتجاوز 31،5 بالمائة    قابس: وفاة زوجين في غنُوش بسبب انفجار قارورة غاز منزلي    الفيلم التونسي "المابين" يفوز بالجائزة الكبرى لمهرجان جنيف الدولي للأفلام الشرقية    وفاة الأنستغراموز فرح القاضي    بعد افتتاح سفارات اوكرانية في افريقيا: الرئيس الايفواري يحضر قمة السلام في سويسرا    مرام بن عزيزة تكشف أسباب وفاة فرح بالقاضي    يورو 2024.. رومانيا تكتسح اكرانيا بثلاثية    أرينا سبالينكا تَغِيبُ في أولمبياد باريس    بعد 24 عاما من زيارته الأولى.. بوتين يصل كوريا الشمالية غدا    نصائح وتوصيات وزارة الصحة لمجابهة موجة الحرارة    إستخدام الأواني المصنوعة من مادة البلاستيك يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة    تونسي يتميز في جامعة دايفس بكاليفورنيا الأمريكية    الهيئة الوطنية للمحامين تنعى المحامي الدواس الذي وافته المنية في البقاع المقدسة    سليانة.. تقدم موسم الحصاد بنسبة 45 بالمائة    القيروان : زوج يقتل زوجته بطريقة وحشية بعد ملاحقتها في الطريق العام    كأس أمم أوروبا: برنامج مواجهات اليوم والنقل التلفزي    عاجل/ الاحتلال الصهيوني يحرق قاعة المسافرين في معبر رفح البري..    تنس – انس جابر تحافظ على مركزها العاشر عالميا وتواجه الصينية وانغ في مستهل مشوارها ببطولة برلين    الحرارة تتجاوز المعدلات العادية بداية من الثلاثاء    حجاج بيت الله الحرام يستقبلون أول أيام التشريق    الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): برنامج مباريات الجولة الختامية..    مصرع 6 أشخاص وفقدان 30 آخرين في انهيار أرضي في الإكوادور    الإنتاج الوطني للنفط الخام يتراجع في شهر افريل بنسبة 13 بالمائة (المرصد الوطني للطاقة والمناجم)    في ظل انتشار التسممات الغذائية في فصل الصيف، مختصة في التغذية تدعو الى اعتماد سلوك غذائي سليم    بن عروس/ 18 اتصالا حول وضعيات صحية للأضاحي في أوّل أيّام عيد الأضحى..    في أول أيام عيد الأضحى.. الحجاج يؤدون آخر مناسك الحج    47 درجة مئوية في الظل.. الأرصاد السعودية تسجل أعلى درجة حرارة بالمشاعر المقدسة    صفاقس : "البازين بالقلاية".. عادة غذائية مقدسة غير أنها مهددة بالإندثار والعلم ينصح بتفاديها لما تسببه من أضرار صحية.    العلاقات الاندونيسية التونسية جسر تواصل من اجل ثقافة هادفة، محور ندوة بتونس العاصمة    إخصائية في التغذية: لا ضرر من استهلاك ماء الحنفية..    وزارة الصحة السعودية تصدر بيانا تحذيريا لضيوف الرحمان    تخصيص برنامج متكامل لرفع الفضلات خلال أيام العيد    الصوناد: رقم أخضر لتلقي التشكيات عن الاضطراب في الماء الصالح للشرب    أطباء يحذرون من حقن خسارة الوزن    المهدية: مؤشرات إيجابية للقطاع السياحي    «لارتيستو»: الفنان محمد السياري ل«الشروق»: الممثل في تونس يعاني ماديا... !    الدورة الخامسة من مهرجان عمان السينمائي الدولي : مشاركة أربعة أفلام تونسية منها ثلاثة في المسابقة الرسمية    "عالم العجائب" للفنان التشكيلي حمدة السعيدي : غوص في عالم يمزج بين الواقع والخيال    تعيين ربيعة بالفقيرة مكلّفة بتسيير وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيان الاتحاد العام التونسي للشغل غرة ماي 2010
نشر في الشعب يوم 01 - 05 - 2010

لقد مثّل 1 ماي 1889 علامة نيّرة في وعي الطبقة العاملة وفي إكسابها القدرة على النضال ضدّ سياسة الهيمنة والتغطرس بإرادة دفعت المتظاهرين في مدينة شيكاغو إلى التظاهر وإلى مواجهة الرصاص مما أدّى إلى سقوط ضحايا وشهداء تمسّكا بقيم الحرية والعدل والمساواة والحق في العيش الكريم والعمل اللائق على قاعدة تثمين المجهود واعتبار الطبقة العاملة طرفا أساسيا في عملية الإنتاج لا مجرّد أداة مدعوة إلى التأثّر ومبعدة من التأثير في الواقع بمكوّناته.
لقد اقترن سعي الرأسمالية الدؤوب إلى بسط نفوذها وإلى إلجام العمال وإخماد أصواتهم سدّا لكل منافذ المواجهة المؤطّرة، بتجذّر الوعي لدى الطبقة العاملة وبتنامي إدراكها لأهمية التنظم في مؤسسات توجّه تحرّكاتها وتوحّد صفوف العمال في إطار تمشّ هادف، واضح ومدروس يرمي إلى الارتقاء بواقعهم في العالم وإلى تحسين ظروف عيشهم عبر إقرار تشريعات اجتماعية تحجّر الأعمال الشاقة وتضبط ساعات العمل والأجور الدنيا وتمنع الاستغلال بأنواعه.
لقد تزامن هذا الوعي المتنامي مع اتساع الطبقة العاملة في أوروبا وكثافة عددها نظرا لسياسة التصنيع التي ميّزت نمط الإنتاج الرأسمالي مما أدّى بالحكومات الأوروبية إلى الرضوخ لنضالات العمال والاستجابة لمطالبهم وأساسها الحق في التنظيم النقابي الحر الذي كان انطلاقة لإلغاء القوانين المقيّدة لممارسته وإلى التمكن من تحقيق مكاسب تاريخية هامة أساسها التخفيض في ساعات العمل إلى 8 بعد أن كانت 16 ساعة، ولئن كانت الثورة الصناعية في أوروبا وما نتج عنها من مواجهات بين رأس المال وقوة العمل ومن نضالات تاريخية طبعت مسار العمال، فإن الاستعمار الذي جسّم عبر التاريخ الرأسمالية في أرقى مظاهرها عمّق شعور العمال والفئات الشعبية بضرورة التنظم للدفاع عن مصالحهم وعن حقوقهم الاجتماعية مما دفع بهم في البداية إلى الانضمام للنقابات الفرنسية والأوروبية، غير أنه سرعان ما اكتشف العمال التونسيون أن تلك النقابات لا تكترث لمشاغلهم المهنية ولا تهتم بمطالبهم المادية والمعنوية فاندفعوا للبحث عن تنظيم نقابي تونسي حرّ يعكس في منطلقاته وفي أهدافه طموحات العمال في تحقيق الرّفاه المادي وفي حماية الثروات الوطنية لبلادنا، ولقد وجدوا ضالتهم في تجربة زارع البذرة النقابية التونسية الأولى باني النواة الجوهرية لاستقلالية القرار النقابي: إنه محمد علي الحامي باعث جامعة عموم العملة التونسية التي تفاعل معها العمال التونسيون تلقائيا كما وجدوا فيها المبادئ والقيم التي تعانق همومهم وتعكس وعيهم الحسي بأنّ التحرّر الاجتماعي وتحسين واقع العمال وزوال الاستغلال أهداف يظل تحقيقها رهين القضاء على الاستعمار الأمر الذي يستوجب توحيد كافة فئات المجتمع في مسيرة نضال وطني متجذّر رؤية صاغها رائد التفكير الاجتماعي ونصير تحرير المرأة والعمال رفيق الحامي في نضاله إنه الطاهر الحداد في مؤلفاته الاجتماعية حين دعا إلى توحيد كافة شرائح الشعب التونسي من أجل القضاء على السيف المسلول على رؤوس الجميع الاستعمار الفرنسي.
لقد تفطّن الاستعمار إلى خطورة جامعة عموم العملة في تجربتها الأولى فعمل على القضاء عليها حيث نُفِي مؤسسها محمد علي الحامي وسُجِن أعضاؤها، ولم تنحج محاولة إعادة بعثها في تجربة ثانية على يد بلقاسم القناوي للصعوبات الجمّة التي اعترضته، غير أن التجربة في مرحلتيها الأولى والثانية شكّلت تراكما تاريخيا استوعب منه حشاد ورفاقه الدروس في أعقاب الحرب العالمية الثانية لبلورة تصورات نقابية متجذّرة ووعي وطني متطور أكّد من خلاله حشاد أن النضال النقابي ليس »من أجل بنطلون أو رسيون خبز بل من أجل دحر الاستعمار« والقضاء عليه باعتباره مصدر معاناة الشعب التونسي بكافة شرائحه وفئاته، ومثّل في ضوء ذلك ميلادُ الاتحاد العام التونسي للشغل مرحلة حاسمة في تاريخ الوعي النقابي والوطني كرّست القطيعة مع الاستعمار وكلّ مؤسساته.
أيّها الشغالون،
لقد ولد اتحادكم، ونما في خضمّ النضال الوطني، فلم ينشأ منظمة حرفية مهنية ضيّقة بل تأسّس اتحادا وطنيا مناضلا، انطلاقته النضال من أجل تحسين الأوضاع المادية والمعنوية للعمال وآفاقه النضال الوطني من أجل القضاء على المستعمر وبناء الدولة الوطنية المؤهلة لإرساء مرتكزات تنمية قوامها العدل والمساواة والحرية والكرامة.
إنها الخيارات التي مكنت منظمتنا الاتحاد العام التونسي للشغل من الاضطلاع بمهمة المساهمة الفعّالة في بناء الدولة الحديثة باعتماد مشروعها الاقتصادي والاجتماعي الذي مثل مرجعا هاما من مراجع التأسيس لمجتمع متحرّر أواسط الخمسينات.
إنها المبادئ التي تمسّك بها النقابيون طيلة مسيرتهم النضالية بقيادة الزعيمين أحمد التليلي والحبيب عاشور، مبادئ قوامها القرار النقابي المستقلّ والمواقف الحرة في مجتمع يضمن حرية الرأي والتعبير ويؤمّن حقوق الإنسان: الحقوق الأساسية للعمال جزء لا يتجزّا منها، كل ذلك في ظل مراعاة المصلحة العليا للبلاد وضمان التوازنات في كلّ أبعادها.
إنه المسار الذي أدّى إلى تصادمات عنيفة بين الثوابت التي تأسس عليها الاتحاد وبين خيارات الحكومة بحكم خضوعها إلى إملاءات خارجية لتجاوز الصعوبات الاقتصادية الداخلية، فكانت أزمات 1965 و1978و,1985 واختارت الحكومة الحلّ الأمني عبر ضرب الاتحاد ومهاجمة هياكله والزجّ بالقيادات الشرعية النقابية في السجون ومحاكمتهم ومحاولة تنصيب قيادات باعتماد أسلوب القوة والتسلّط هادفة من وراء ذلك إلى القضاء على طموحات العمال والشغالين في بناء تنمية عادلة ومستدامة وإلى تدجين الاتحاد العام التونسي للشغل والقضاء عليه غير أن كل الأزمات الاجتماعية التي عرفتها البلاد لم تزد النقابيين إلا صمودا وثباتا على المبادئ وإصرارا على عمل نقابي حر يرفض الإملاءات ويأبى الرضوخ، ولقد تجلّى ذلك في آخر أزمة عاشها النقابيون )1985( والتي كادت تمزّق كل إمكانات بناء وحدة داخلية والتأسيس لجبهة تقوم على الاحترام المتبادل وتمثل أفضل سلاح لمقاومة تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وهو التوجّه الذي وعت به قيادة التغيير السياسي في 7 نوفمبر 1987 فعملت على إعادة الاعتبار للعمل النقابي وعلى إرجاع كافة المطرودين النقابيين إلى سالف عملهم وإرساء قنوات حوار بين أطراف الإنتاج وترسيخ نهج التفاوض الدوري وهو المناخ الذي تفاعلت معه قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل واستثمرته من أجل تحسين تشريعات العمل والترفيع في الأجور ودعم الحق النقابي رغم بعض العراقيل والصعوبات الناجمة عن تأزّم الأوضاع الاقتصادية والمالية العالمية.
أيّها الشغالون،
لقد خبر النقابيون - بحكم ما راكموه من تجارب القدرة على التفاوض والحوار وتدرّبوا على الاستعداد لذلك بالتكوين والتثقيف والدراسات وعلى خوضها بروح نضالية وباقتدار على المحاججة والجدل واستنبطوا آليات علمية لتقييم حصيلتها تقييما موضوعيا يضمن تثمين المجهودات المبذولة والنتائج الحاصلة والوقوف عند الثغرات قصد سدّها وتجاوزها.
لقد أنهى اتحادكم الدورة السابعة من المفاوضات الجماعية وتوصّل، رغم الصعوبات العالمية والمحلية، إلى تعديل القدرة الشرائية لكافة الأجراء بل إلى تحسينها باعتماد أسلوب محاججة مقنع جوهره التأكيد على أن الاستثمار الحقيقي يظلّ في الموارد البشرية، إذ أن في إنماء القدرة الشرائية تحسينا لطاقة الاستهلاك، وفي تحسين طاقة الاستهلاك تحسين للإنتاج وفي تحسين الإنتاج تطوير للطاقة التشغيلية للمؤسسة.
إن إنماء الطلب الداخلي في ظلّ تراجع التصدير هو السبيل إلى الحفاظ على التوازنات الاقتصادية والاجتماعية الداخلية.
لقد تمكّن اتحادكم خلال الجولة ذاتها من التقدّم في إقرار تشريعات تضمن استقرار الشغل في حدودها الدنيا في القطاع الخاص وإلى الحدّ من عمليات المتاجرة باليد العاملة وإلى تعزيز حماية المسؤول النقابي وإلى الإقرار وللمرة الأولى بحق الإضراب في الوظيفة العمومية.
لقد خضنا هذه الجولة من المفاوضات في ظلّ البحث عن المعادلة الصعبة والعسيرة، بين ضرورة تحسين أجور كافة الأجراء وتحسين التشريعات المنظمة للعلاقات الشغلية، ومحافظة المؤسسات على طاقاتها التشغيلية، شعارنا في ذلك التضامن في اقتسام الثروات والاستعداد لتقاسم التضحيات بعيدا عن كل أشكال الحيف والاستغلال، واعين بكل التحديات التي تتهدّد الجميع في ظل اقتصاد السوق وفي ظل عولمة أصبحت الغلبة فيها للأقدر على الارتقاء بالمردود كمّا وكيفا، ارتقاء لن ندركه في ظل الضغط على الأجور ولا في ظل آليات تشغيل لا علاقة لها بالتشريع الجاري به العمل بانتهاجها أسلوبا جوهره المتاجرة بالعمال ضمانا للربح الأوفر.
إنها الروح الوطنية ذاتها التي ستقودنا في الجولة الجديدة من المفاوضات والتي كان قد أعلن عنها السيد رئيس الدولة في برنامجه الانتخابي، فبنفس الروح وبالعزيمة ذاتها، وبالحجج المقنعة والنهج النضالي نعدّ مقترحاتنا التشريعية والمادية من أجل واقع أفضل تتحسن فيه شروط العمل اللائق والعيش الكريم.
أيّها الشغالون،
يظلّ التشغيل في صدارة اهتمامات منظمتكم الاتحاد العام التونسي للشغل: بالتشغيل نحسّن القدرة على الاستهلاك وتنتعش دورة الانتاج وينمو الاقتصاد، بالتشغيل نضمن الاستقرار للأفراد وللأسر وللمجتمع بأسره، بالتشغيل نقضي على بؤر التوتّر التي قد تزداد احتدادا إذا استمرّ اقتصادنا في العجز عن خلق مواطن شغل إضافية تستجيب للحاجيات المتزايدة للطلبات الإضافية، بالتشغيل تتنامى موارد الصناديق الاجتماعية ويتحسّن مدخولها وأنظمتها وخاصة أنظمة التقاعد منها، بالتشغيل تعوّض ميزانية الدولة ما ستفقده من موارد نتيجة الحذف التدريجي للأداء القمرقي ونتيجة ما فقدته على إثر خوصصة عدد من المؤسسات الرابحة.
إن التشغيل إذا مصدر انتعاشة لكافة مؤسسات التنمية في بلادنا ولكنه التشغيل الذي يجب أن يبنى على علاقات قوامها الاستقرار وأساسها تصنيف مهني يثمّن المجهود ويحترمه ويضمن شروط العمل اللائق.
لقد عمل اتحادكم جاهدا على المشاركة في كافة المنتديات واللقاءات التي تعالج ظاهرة البطالة وتبحث عن حلول لها، وآخرها الندوة الوطنية للتشغيل، إيمانا من قيادته بأن الحوار الدائم بين كل ممثلي فئات الشعب هو السبيل إلى الخوض في معالجة التشغيل وهي المقاربة التي اعتمدناها في تطويق أحداث الحوض المنجمي فتوصلنا إلى الاقناع بإطلاق سراح المساجين، واتحادكم إذ يثمّن ذلك يجدّد الدعوة إلى السيد رئيس الدولة لإرجاعهم إلى سالف عملهم.
إن من الحلول العاجلة دفع عجلة الاستثمار والتحفيز على بعث المؤسسات الصغرى والمتوسطة بشكل مدروس وهادف فضلا عن ضرورة بعث صندوق للبطالة يؤمّن للمسرحين من العمل دخلا أدنى يخوّل لهم الاستمرار في دورة الاستهلاك بعد مغادرتهم دورة الإنتاج.
إن التشغيل في المناطق الداخلية رهين تطوّر الاستثمار ونموّه، ولقد اتّضح عدم تحمّس القطاع الخاص لإقامة استثمارات داخل البلاد، الأمر الذي يدفعنا من جديد إلى التذكير بدور الدولة الأساسي في إسنادها، فللدولة دور تعديلي أساسي في مسار التنمية، وهو المعطى الذي أكّدته الأزمة العالمية الأخيرة حيث ثبتت المقاربة النقابية التي تمسّكت بعدم تهميش دور الدولة وضرورة الحفاظ على القطاع العام مصدرا أساسيا لموارد ميزانية الدولة وعنصرا هاما من عناصر التعديل الاجتماعي.
واتحادكم إذ يجدّد تمسّكه بهذا الخيار يدعو إلى الكفّ عن تخصيص ما تبقى من القطاع العام وإلى وقفة تقييمية لمسار التخصيص في بلادنا من أجل رصد نتائجه من حيث تأثيره على التشغيل أو على النمو أو على الاستثمار بحثا عن حلول ملائمة تكون وثيقة الصلة بالواقع الملموس.
أيّها الشغالون،
تظلّ السياسة التربوية عاملا محدّدا في التقليص من حدة البطالة، ومن الثغرات التي ظلت قائمة في بلادنا، عجز النظام التربوي عن الملاءمة بين التربية والتكوين وبين سياسة التشغيل الأمر الذي يستدعي قراءة تقييمية للسياسة التربوية يتم فيها تشريك كافة مكوّنات المجتمع وفي مقدمتها النقابات باعتبار التربية والتعليم شأنا عاما يمسّ كل شرائح الشعب التونسي وفئاته.
أيّها الشغالون،
يعدّ نظام التغطية الاجتماعية مقياسا أساسيا من مقاييس العدالة الاجتماعية والتقليص من نسب الفقر ولقد تفاعل اتحادكم مع محاولات إصلاح أنظمة الضمان الاجتماعي بدءا بنظام التأمين على المرض، والاحتفال بالعيد العالمي للشغل مناسبة نؤكد فيها ضرورة احترام الاتفاقيات المبرمة في الغرض من أجل الإسراع في تأهيل القطاع الصحي العمومي وإصلاح الخارطة الصحية، في إطار خطة واضحة المعالم تحدّد فيها آجال الإنجاز وترصد فيها الموارد المالية الضرورية لإدراك تأهيل مدروس هادف وفعّال، بالإضافة إلى ضرورة البحث عن موارد مالية أخرى تضمن التوازنات المالية للصناديق بعيدا عن الترفيع في نسب الاشتراكات باعتبار تأثّر القدرة الشرائية للأجراء لما شهدته الأسعار من ارتفاع مسّ مواد الاستهلاك الأساسية.
والاتحاد العام التونسي للشغل، وعيا منه بالصعوبات التي تعيشها أنظمة التقاعد يؤكد على ضرورة خوض مفاوضات تثبّت النظام التوزيعي التضامني وتضمن حقوق الأجراء وتوفّر لهم تقاعدا يحفظ كرامتهم ومكتسباتهم.
سيظلّ اتحادكم متمسّكا بقيم الكرامة والعدل والمساواة مدافعا عن تنمية عادلة أساسها التوزيع العادل للثروات والحق في الشغل القار والنظام الجبائي العادل في مجتمع تتعمّق فيه حقوق الإنسان والحقوق النقابية جزء لا يتجزّأ منها وتترسّخ فيه الديمقراطية وتفعّل فيه مؤسسات المجتمع المدني في إطار حوار دائم حول كافة القضايا التي يفرزها المسار التنموي في المجالات المختلفة.
سيظلّ اتحادكم وفيّا لمؤسسيه، وسيتابع مغتالي زعيمه النقابي والوطني فرحات حشاد متمسّكا بتقديم قضية في تونس وخارجها انصافا لمؤسس اتحادنا ولعائلته ولكافة النقابيين والشغالين.
أيّها الشغالون،
يحيي الشغالون في بلادنا وفي العالم بأسره العيد العالمي للشغل وشعبنا العربي يمرّ بظروف صعبة ومعقّدة أساسها هيمنة القوى الامبريالية على خيرات أجزاء كثيرة من وطننا العربي وحملات إبادة جماعية للفلسطينيين وتهجير قسري لهم واعتداءات متكرّرة على المقدّسات بدعم مفضوح من الامبريالية العالمية بأشكالها وبتواطئ من بعض الأنظمة العربية وفي ظلّ صمت رهيب للبعض الآخر.
استيطان في الضفة وحصار جائر مضروب على غزة وجدران عازلة من هنا وهناك.
احتلال عسكري للعراق واعتداءات متكررة على جنوب لبنان واستمرار احتلال الجولان.
إن اتحادكم بما اكتسبه من مصداقية في المحافل الدولية، دافع وسيظلّ على قضايانا العربية في ضوء المبادئ القومية التي أسس لها حشاد وناضل من أجلها، والاتحاد إذ يجدّد إدانته للاستعمار بكل أشكاله يدعو كل القوى التقدمية في العالم وفي مقدمتها النقابات إلى العمل على مؤازرة شعبنا في فلسطين حتى تحرير أراضيه المحتلة وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
عاشت نضالات الطبقة العاملة.
عاش التضامن العمالي العالمي في مقاومة كل مظاهر الحيف والاستغلال.
الأمين العام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.