الطّاهر الشريعة هو المثقف التونسي الأكثر حصولا على ميداليات وتكريمات ونياشين وأوسمه من كل القارات... غير أنني لما أعيد قراءة »مذكرات مجنون...« »لنيكولا غوغول« واستحضر حوار البطل مع كلبته حول الوسام... أجمل ما سمعته عن التكريمات ما قاله يوما الفنان العظيم عبد اللطيف الحمروني الذي كنّا نلقبه »أستاذي« عندما سمع بحفل تكريم يعدّ له... قال لوزير الثقافة وقتئذ: »أطعمني ولا تكرمني« تتالت هذه الأيام الاحتفالات بالمئويات وهو أمر جميل أن يتذكّر شعبنا مبدعيه... غير أنني أخاف من أن تحوّل المئويات من احتفالات المحتفى بهم الى مائة سنة أخرى من العزلة...سنة أخرى من النسيان.. أي على حدّ تعبير محمود المسعدي »مولدا جديدا للنسيان...« فلنردّد مع الشاعر العظيم »بابلو نيرودا«: »ان الحبّ قصير والنسيان عميق كالبحر« هنالك رجالات يجب تكريمهم وهم أحياء، وليس بطريقة فتح أبواب المستشفيات فذلك من التحصيل الحاصل، أو تقديم منح »كملح الصبر في الحنك« على حدّ تعبير الشاعر عبد الرحمان الابنودي شفاه الله. بل بالقيام بمبادرات حضارية، دون عطف زائف أو مساعدات في شكل صدقة بالنسبة للطاهر الشريعة فهو، بأن يكون رجل ذو همة وأنفة مرضيّة... فالاعتراف به بسيط أقترحه على أولى الامر من مسؤولين ومحبين، فقد أتى في تقرير اللجان عن السينما بأن المستقبل يفرض ان تموّل السينما بأموال السينما فلنطبق هذا الأمر على الأستاذ الطاهر شريعة ليكون الوقوف إلى جانب الطاهر الشريعة يموّل بالطاهر الشريعة. والاقتراح بسيط، أن تقوم وزارة الثقافة باقتناء حقوق مؤلفات الطاهر الشريعة ونشر أعماله الكاملة وهو على قيد الحياة وقد سجّل صاحب هذه السطور 24 ساعة منها مذكرات الطاهر الشريعة... فأعمال الطاهر الشريعة اليوم تتجاوز الالف صفحة أو أكثر، فلماذا لا ترصد أموال حفل استقبال واحد في مهرجان قرطاج التي يتم فيها التهام أطباق يكون مآلها مجاري صرف المياه... في حين أن أعمال الطاهر الشريعة سوف تدخل في مدونة الموروث الثقافي التونسي وذاكرة السينما التونسية. أقسم باسم العلم والوطن والدستور أنني على استعداد للإحاطة بهذا المشروع مجانا وذلك لجمع رصيد يؤمن الى »عمّ الطاهر« ممرضا رسميّا واحاطة كاملة وغرفة نوم لائقة في صيّادة وكرسي كهربائي ليجلس أمام البحر ويرنو كما يحبّ الى الافق... وذلك بحرّ ماله... وبمداخيل انتاجه... فهل من مجيب؟