انتهت أشغال المؤتمر الثاني لنقابة الصحافيين التونسيين الذي التأم على امتداد يومي 5 و6 جوان 2011 بأحد النزل بالعاصمة بفوز قائمة »السلطة الرابعة« بأغلب مقاعد المكتب التنفيذي للنقابة والذي تكوّن على النحو التالي: نجيبة الحمروني، سلمى الجلاصي، سعيدة بوهلال، أيمن الرزڤي، محمد بشير شكاكو، احسان التركي، ثامر الزغلامي، منجي الخضراوي وزياد الهاني، كما تمكّن الزملاء عبد الرزاق الطبيب وعادل البرينصي والسيدة الهمامي من الفوز بالمقاعد الثلاثة للمناوبة. المؤتمر ترأسه الزميل سفيان بن فرحات وأنابه الزميلان مريم كادة ويوسف الوسلاتي وحضره عديد الضيوف من الخارج وأساسا من الفيدرالية الدولية للصحفيين واتحاد الصحافيين العرب إلى جانب ممثلين عن أحزاب وطنية ومنظمات وجمعيات وشخصيات وطنية تونسية. مشاركة متميّزة لقد سجّل الصحافيون المنخرطون بالنقابة حضورًا متميّزًا في أشغال المؤتمر حيث حضر حوالي 800 زميل في اليوم الأول، لكن الغريب أنّ حوالي النصف لم يشارك في العملية الانتخابية في اليوم الثاني اذ اقترع 453 صحافي من جملة 1074 منخرطا وأُلغيت 81 ورقة انتخابية ليطرح ذلك تساؤلاً حول الثقافة الانتخابية لبعض الزملاء. تكريم وجائزة وعلى هامش الأشغال، أُسندت إلى الرئيس السابق للنقابة الزميل ناجي البغوري جائزة حرية الصحافة والتي تُمنح في جينيف من قبل مؤسسة Presse emblem على ما قدمه الزميل من نضالات من أجل الحق في الاعلام في تونس طوال نضاله وزملاءه صلب المكتب الشرعي للنقابة. مؤتمر ساخن والانقلاب في البال امتازت النقاشات ومداخلات الزملاء المؤتمرون خلال الأشغال بمسّها لجميع الهموم والمشاكل المطروحة في القطاع، فلم تغب المشاكل المهنية والاجتماعية من هشاشة تشغيل وبطالة أصحاب الشهادات العليا وخاصة خرّيجي معهد الصحافة وعلوم الأخبار والطرد التعسفي والأجور غير القانونية وضرب الحق النقابي. كما طرح المؤتمرون مسائل حرية الصحافة قبل وبعد 14 جانفي وتوظيف الاعلام للمصالح الشخصية والحزبية الضيقة وأساسا من توجيه مباشرة من القصر قبل 14 جانفي من قبل بن علي وعبد الوهاب عبد الله خدمة لمنهج ديماغوجي أراده النظام حتى يبقي على عمره أكثر وقت ممكن. كما تطرّق المؤتمرون إلى ما يُعانيه إعلامنا حاليا من توظيف وتوجيه تفنّنت فيه رموز محسوبة على نظام بن علي وسكتت عنها الحكومة وهي تريد أن تعيد بنا وبإعلامنا إلى الوراء هذا علاوة على مشكل التكوين السياسي الذي بدا جليا ضعفه في وسائلنا الاعلامية بمختلف أنواعها ممّا أبقي على عدم الثقة بين الباثّ والمتلقي. جملة هذه الأفكار تضمّنتها اللائحتان العامة والمهنية اللّتان تناولتا توصيات شدّد المؤتمرون على أن ينطلق المكتب الجديد في تطبيقها فور صعوده والذي سيأخذ على عاتقه أيضا مسؤولية الاسراع في وضع التصورات لبعث اتحاد الصحافيين التونسيين حلم جميع الصحافيين منذ عقود. أمّا المنعرج الذي تميّز به المؤتمر، فهو تقييم الفترة السابقة وأساسا الانقلاب الذي نفّذه الحزب الحاكم السابق المنحل التجمع الدستوري الديمقراطي ومعاونوه على المكتب الشرعي يوم 15 أوت 2009 وانتهاك النظام الداخلي للنقابة بإيعاز ومساعدة من أجهزة الأمن وخاصّة البوليس السياسي. وهي فترة تميّزت بضرب كلّ مكونات المجتمع المدني والديمقراطي وانتهاك استقلاليته على غرار الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان والاتحاد العام لطلبة تونس، هذا المنعرج كان له انعكاس على قاعة المؤتمر من خلال عديد التدخلات التي أكّدت أنّ مهندسي انقلاب 15 أوت مازالوا موجودين وهم مختبؤون وراء قائمة انتخابية معيّنة ويسعون إلى العودة للمشهد شيئا فشيئا والفوز بمقاعد المكتب التنفيذي للنقابة والمسك بزمام الأمور مثلما قاموا به في العهد السابق. وقد تفاعلت أغلبية القاعة بالمداخلات المندّدة بالانقلاب وبانتهاك حرية الرأي والتّعبير في تونس ورفعت شعارات اDégageب والشعارات المُنادية باستقلالية المهنية وخاصة على بقايا نظام بن علي. كما شدّد الزملاء المؤتمرون على أن يُضمّن مكتب رئاسة المؤتمر توصية إلى مكتب النقابة الجديد لبعث لجنة تقوم بإعداد قائمة سُمّيت بالسوداء ستتضمّن أسماء لصحافيين تورّطوا مع بن علي ونظامه في تخريب القطاع وتجميل صورة الحكم وبيع الضمائر وكتابة التقارير وضرب استقلالية النقابة الوطنية. تنافس على أشدّه 37 مترشّحا لمكتب النقابة، تكوّنت منهم ثلاث قائمات رئيسية وبقيّة الترشحات كانت تقريبًا بشكل فردي. ولعلّ التنافس تركّز بين قائمتين رئيسيتين الأولى ترأستها الزميلة نجيبة الحمروني والثانية ترأسها الزميل زياد الهاني، حيث كان التجاذب بين القائمتين واضحًا وأفرز في الأخير فوز القائمة الأولى بثقة النواب وربح أغلبية مقاعد المكتب. ورغم هذا التنافس الواضح، فإنّ كلّ المترشحين أجمعوا على خدمة القطاع على كافة المستويات وفي إطار الوحدة والتوحد. لكن ما حكاية النقابة الموازية؟ مباشرة بعد اعلان الفائزين لمقاعد مكتب النقابة، بدأت تروج لدى عديد الأوساط عزم بعض الصحافيين بعث نقابة صحافيين موازية، ولئن عبّر العديد عن حق أي صحافي في تأسيس نقابة فإنّ آخرين اعتبروا أنّ ذلك يدخل في اطار عرقلة المكتب الجديد وتخريب القطاع من خلال خلق تعدّدية وهمية تُجيّر لمصلحة جهات محسوبة على نظام بن علي.