كثيرة هي الأعياد في البلاد الايطالية والتي تكاد تكون طيلة ايام السنة، هم يحتفلون بكل شيء، وخاصة منها الاعياد الدينية ولكل عيد عندهم عاداته وتقاليده ونوعية الاحتفال به هذا طبعا عدا الاعياد الخاصة بكل عائلة كالاحتفال بذكرى الزواج، وباعياد الميلاد، وهي اعياد مقدسة لديهم يدعون إليها الاصدقاء والجيران، وينفقون الكثير لاقتناء المرطبات والحلويات وخاصة الزهور، وها نحن ايضا في تونس اصبحنا ننسج علي منوال الاوروبيين في الاحتفال بهذه المناسبات العائلية.. وجولة قصيرة بين باعة الزهور وفي شارع الحبيب بورقيبة ولافيات لتشاهد بعض التونسيين يشترون شجرة «نوّال» sapin de noêl للاحتفال بعيد ميلاد المسيح! هو عيد من أقدس الاعياد عندهم يتجند له الكبير والصغير ويعرفه الآباء والابناء والنساء والرجال... وقد عرفت ذلك عندما قصدت الفضاء التجاري المجاور لمسكني لاقتناء بعض المواد الغذائية فاذا به مغلق! وتحولت إلى المخبزة، فإذا هي مغلقة وكذلك الخضار والجزار والمقهى... وسألت: ماذا هناك؟ هل هو الاضراب العام في ايطاليا فجاءني الجواب: هو عيد الموتى.. هو يوم زيارة المقابر فلكل عائلة موتاها. ولذلك يغلق الجزار محله ليزور قبر امه او ابيه وكذلك الخباز وصاحب الحانة والمقهى والشركة ويمنح صاحب الفضاء التجاري اجازة للعاملين والعاملات لتمتلئ المقابر بالزوار حاملين باقات الزهور والترحم على أرواح موتاهم، وتبادل الاحاديث والذكريات والرابح الوحيد في هذا العيد هو بائع الورود، وتخصص شركات النقل حافلات خاصة لنقل الزوار الى المقابر مجانا حيث تنتشر الصحف اوقات ومحطات الانطلاق والعودة.. وقلت في نفسي: هم يتخذون احتياطاتهم مسبقا، ونحن الذين لا نعرف شيئا عن عيد الموتى.. هل نموت جوعًا وعطشًا مثلما ماتت المدينة يوما كاملا؟!