الاتحاد ليس منظمة مهنية حرفية منعزلة عن بقية المجتمع فهو في صميم الحركة التاريخية للمجتمع ودوره يتلاءم مع المصلحة الوطنية العامة والمصلحة الوطنية تقتضي فيما تقتضي العدالة الاجتماعية فالعدالة الاجتماعية ليست شعارا أو مطلبا نقابيا بل هي واجب وطني لضمان استقرار المجتمع وسلامته. محمود المسعدي حشاد من الوعي الطبقي إلى الوعي الوطني برز انحياز حشاد لطبقة العمال منذ الايام الأولى لانتمائه اليها سواء في اختياره عاملا أو نضاله نقابيا فقد تجلت المثل العليا التي دافع عنها في دعوته الى «تحرير العمل» اي جعل العمل بالنسبة الى العامل وسيلة حياة كريمة... لكن ما لا جدال فيه هو انه صاحب وعي عمالي عميق وانه كان متمثلا في هويته الطبقية وانتمائه الى كتلة متميزة في حاجة الى وحدتها كي تتمكن من الدفاع عن مصالحها العامة والخاصة. ويلاحظ الدارس دون عناء تواتر استعمال حشاد في كتاباته وخطبه مصطلح «الطبقة العاملة» وتواصلت مثل هذه الاستعمالات الى حدود الخمسينات اذ لما عرف النضال الوطني انطلاقة جديدة ولما تحرك الشعب التونسي دفاعا عن ذاته الوطنية اصبح حشاد ميالا الى استعمال لفظة الشعب والشعب الكادح. أحمد الحسيني العدل أساس كل عمل تنموي ... سرعان ما قام الاتحاد العام التونسي للشغل بالربط الوثيق بين مشاغل الاجراء الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وانجر عن هذا تسييس سريع للحركة النقابية التي اصبح قادتها منذ سنة 1951 يرددون على رؤوس الملاء إن «الواجب الأول هو تحرير البلاد» وقد قال حشاد في هذا السياق «إنه من المستحيل عمليا ان يحقق الشعب مطامحه في الحقل الاقتصادي وهو رازح تحت نظام سياسي يسيطر على البلاد ولا يعترف لشعبه بالحقوق الأولية التي تتوفر بها شروط الانسانية». لا ديمقراطية دون تنمية اعتبر فرحات حشاد ان الحريات وحتى الاستقلال مرهون بالنمو اذ يقول «إن الاستقلال السياسي بغير الرقي الاجتماعي وبغير سيادة العدالة الاجتماعية وتغيير السياسة الاقتصادية والاجتماعية للنظام القائم ليس الا إغراء خادعا خطيرا».