اعتبر متابعون للمشهد الوطني أن وزارة الشؤون الدينية بررت في بيان صادر عنها، تحركات «الأيمة» و»الوعاظ» الدينيين السياسية، واعتبرت أن لهم كل الحرية في اختيار المواضيع التي يجب نقاشها على منابر المساجد. ويأتي ذلك بعد ظهور جدل حول عمد بعض الأئمة الى القاء خطب بالمساجد، ضد الاتحاد العام التونسي للشغل والمعارضة وتحريضهم المواطنين وتحريمهم للتحركات الشعبية وكل ما يتعارض ومواقف الحكومة. وجاء في نص البيان المذكور أن « الوزارة لا تفرض على الخطيب موضوعا معيّنا»، وأن» الوزارة تعتبر الخطاب الدّينيّ يجب أن يكون حرّا في تناول مختلف القضايا لأنّ ذلك من جوهر الدّين وشموليّته، وقد كان للمساجد إبّان الثّورة دور بارز في الدّعوة إلى إغاثة الملهوفين ومنع الاعتداء على المواطنين». حرام؟ وكانت عدد من الجمعيات والاتحادات «الشرعية» الدينية أصدرت بيانا أكدت من خلاله أن دعوة الاتحاد العام التونسي للشغل يعتبر «من الفساد في الأرض ولا يجوز شرعا الدوعة اليه، أو الرضا به أو المشاركة فيه» وأمضى البيان كل من الجمعية التونسية لأئمة المساجد وجمعية المصطفى للعلوم الشرعية وجمعية الخطابة والعلوم الشرعية والجمعية التونسية للعلوم الشرعية والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فرع تونس ووحدة فقهاء تونس بجامعة الزيتونة. لا للتسييس من ناحيتها ردت نقابة الاطارات الدينية المنضوية تحت الاتحاد العام التونسي للشغل عن التحركات الأخيرة للأئمة والوعاظ، معبرة عن أسفها وإدانتها للحملة المغرضة التي تطال أئمة المساجد بعد ظهور بعض المنتسبين والمدعين الإمامة في مظاهرة صفاقس الداعمة للسلطة. وطالبت النقابة الأئمة بالحياد التام والموضوعية في خطابهم الديني كما ذكرت بالمضايقات والاعتداءات الرهيبة الذي أقدم عليا بعض الأوصوليين والانتهازيين والمتزلفين ودعت إلى عدم الزج بهم في التجاذبات السياسية. ويتواصل الجدل وبرزت في الاونة الأخيرة تحركات عدد من خطباء المساجد داعمين لسياسة الحكومة، مستغلين منابر المساجد لنشر أفكارهم ومواقفهم السياسية بين المواطنين. كما عمد عدد منهم الى الظهور في الصفوف الأولى لمسيرة نظمها مساندو الحكومة بصفاقس. وتؤكد وزارة الشؤون الدينية على أنّ الحرّيّة لا تتجزّأ فكما أنّ الإعلاميّ والسّياسيّ والمثقّف حرّ في إبداء وجهة نظره فالخطيب كذلك حرّ في إبداء رأيه في سائر القضايا ما لم يكن في خطابه دعوة للعنف أو تحريض على التّباغض والفتنة بما يهدّد بالأمن العامّ. في المقابل، مازالت أصوات أغلب القوى السياسية والحقوقية التونسية تلح على «تحييد» المساجد وعدم الزج بها في معارك سياسية ليست المساجد مكانها.