لقصيدة النثر في الشعر العربي مذاق خاص ولعل التجارب الشعرية العربية الكبرى محمد الماغوط وسركون بولص وأنسي الحاج ووديع سعادة ونوري الجراح وغيرهم، تمثل اضافة حقيقية لمسارات الشعر العربي وتحولاته على مستوى التصورات والاقتراحات الجمالية. من هنا كانت ضرورة الاحتفال بهذه القصيدة المتفردة في تاريخ الشعر التونسي. ولقد ارتأت دار الثقافة بنابل الدفع في هذا الاتجاه إنجاز ملتقى فريد من نوعه من جهة التنظيم وحسن الاستقبال، ومن جهة احترام المبدعين وتكريمهم ومن جهة اختيار الاسماء المشاركة التي قدمت اضافة للمشهد الشعري التونسي. كان الافتتاح يوم الجمعة 26 افريل الماضي بمعرض لإصدارات الشعرية والروائية والقصصية والنقدية لأبناء الوطن القبلي مثل اصدارات مجدي بن عيسى وأمين الغزّي وابتسام خليل وعفاف السمعلي وجمال الجلاصي وتخلل ذلك نقاش مع اصحاب الاعمال المنشورة نشطه الشاعر جميل عمامي. وفي صباح السبت 27 افريل كانت المساءلة النقدية لإشكاليات قصيدة النثر المؤرقة من خلال مداخلة للأستاذ مهدي عثمان «قصيدة النثر التونسية بين الشرعية والشعرية» وترأس الجلسة العلمية الاستاذ الشاعر مجدي بن عيسى في الظهر كانت الجلسة العلمية برئاسة الشاعر آدم فتحي وقدم المداخلة النقدية الاولى الاستاذ الشاعر السيد التّوي بعنوان «البساطة والعمق ثورة في النص وبالنص في مجموعة مجرد رائحة لا غير للشاعر خالد الهدّاجي، وأثارت هذه المداخلة ردود أفعال كبيرة من الشعراء والنقاد والجمهور، واثر النقاش كانت الأمسية الشعرية ثرية بالنصوص لشعراء من أجيال مختلفة يوسف خديم ا&، أمامة الزاير، آدم فتحي، صبري الرحموني، محمد علي اليوسفي، السيد التومي ومهدي عثمان. وفي صباح الاحد كانت الجلسة العلمية ثرية بمداخلة أولى للأستاذ فتحي الخليفي بعنوان «من وجوه اللعب في قصيدة النثر من خلال نماذج شعرية تونسية» ومداخلة ثانية للأستاذ منصف الوهايبي بعنوان «آفاق الشعرية التونسية الجديدة في قصيدة النثر» ومداخلة ثالثة للأستاذ السيد التّوي بعنوان «العتبات والنهايات في مجموعة وحيدا في العالم كشجرة» للشاعر جميل عمامي. واثر النقاش كانت قراءات شعرية مختلفة لمنصف الوهايبي وخالد الهداجي وأنور اليزيدي ومجدي بن عيسى وصابر العبسي وجميل عمامي وعبد الفتاح بن حمودة. كان الملتقى ناجحا من جهة انه أسس لمرحلة جديدة في قصيدة النثر التونسية التي عاشت سنوات من الضياع والتهميش طيلة سنوات الدكتاتورية.ويتواصل تهميشها اليوم في ظل الرجعية بمختلف أنواعها. لذلك ارتأت دار الثقافة بنابل طبع أعمال الملتقى في كتاب حتى يكون متاحا للبحّاث والدارسين بالاضافة الى العمل على انجاح الدورات القادمة وجعلها مغاربية وهذا تحدّ آخر من تحديات الملتقى الوطني الاول لقصيدة النثر.