سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
لا أظن أن المحامين سيختلفون حول شخصي... المرحلة اليوم لن تغفر تخلف أهل القطاع عن المساهمة
في التأسيس والبناء الديمقراطي
المرشح الأبرز لعمادة المحامين مختار الطريفي للشعب:
سيشهد قطاع المحاماة يوم الأحد الجاري جولة مفصلية لاختيار عميد المحامين، بعد أن شغل شوقي الطبيب هذه الخطة طيلة سنتين، وهي الخطة التي يتقدم لنيلها ستة مرشحين تفرقهم السياسة ومشاربهم الإيديولوجية وانتماءاتهم الحزبية، غير أن الذود عن مهنتهم وتحسين ظروف عملهم تظل الهاجس المشترك بين المترشحين... خاصة أن هذه الانتخابات هي الأولى لهياكل المهنة بعد سقوط النظام السابق... الرئيس السابق للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، المحامي والمناضل مختار الطريفي يظل المرشح الأكثر حظا لنيل هذه الخطة، فرصيده النضالي وحنكته المهنية وحرصه على تأمين أهداف الثورة، وهو أحد أعمدتها، تجعل من السيد مختار الطريفي المرشح الأبرز والأقرب للفوز بالعمادة... عن دوافع ترشحه وإمكانات الفوز، وعن واقع المحاماة ومستقبلها كان لنا هذا اللقاء مع المناضل مختار الطريفي... هل ساهمت خلفيتكم الحقوقية في تقديم ترشحكم لانتخابات عمادة المحامين في هذه الفترة الانتقالية أم أن ترشحكم هو تتويج لمسيرتك المهنية؟ أولا لا علاقة لترشحي بتتويج مسيرتي المهنية لأني اعتقد أن العمادة ليست «سطرا» سأضيفه إلى السيرة الذاتية لمختار الطريفي ثم أمضي، ولا أشعر أنني في نهاية مسيرتي المهنية ولكن السؤال الأول الذي تبادر إلى ذهني عندما عزمت على ترشيح نفسي إلى العمادة في هذه الفترة الانتقالية، هو الجانب الحقوقي في شموليته، فالجانب المهني الصرف يشترك فيه تقريبا كل المترشحين، ثم إنني طيلة 27 سنة لم انقطع يوما واحدا عن مكتبي وعن مختلف أروقة المحاكم في كامل الجمهورية التونسية، من اليوم الأول الذي أديت فيه اليمين، عندما كان الأستاذ منصور الشفي عميدا، رافعت عن المحامي جمال الدين بيدة، وكنت أكثر التصاقا بمهنتي وملفاتي القضائية كما أن الجانب الحقوقي والنضالي كان رافدا لعملي خاصة أن عديد المحاكمات كان يتم فيها التنسيق بين الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والهيئة الوطنية للمحامين، وكنت همزة وصل بينهما، ولم أتخلف عن المحاكمات السياسية الكبرى في مختلف المحطات. واليوم اعتقد أن المرحلة تفرض علي الترشح للعمادة لان السؤال الذي يؤرقني هو أي انتقال نريد. انتقال ديمقراطي حداثي يدافع عن حقوق الإنسان ويكرس مدنية الدولة ونظامها الجمهوري مبني على فصل السلط، وتكون فيها السلطة القضائية مستقلة تماما؟ أم عودة إلى الاستبداد وضرب كل الحقوق والحريات؟ وبما أن المحاماة كمهنة تأسست منذ 115 سنة كانت في صلب الحركة الوطنية وكان المحامون في الصفوف الأمامية في ابرز المحطات المفصلية في تاريخ تونس منذ بواكير الحركة الوطنية ووصولا إلى الدفاع عن مساجين الحوض المنجمي والتواجد في الصفوف الأمامية أيام الإطاحة بالنظام السابق... فإن المرحلة اليوم لن تغفر تخلف أهل القطاع عن المساهمة في التأسيس والبناء الديمقراطي. غير أنه في الفترة الأخيرة تكررت محاولات إضعاف المحاماة وإبعادها عن دورها الوطني، وبدأ الترويج إلى أن المحامين لزموا مكاتبهم لجمع الأموال... ولذلك تم استبعاد قطاع المحاماة كقطاع منظم من كتابة الدستور وتم تغييبنا في تشكيل الهيئات الدستورية، مثل الهيئة العليا للقضاء العدلي والهيئة العليا المستقلة للانتخابات كما أن الصراعات والخلافات التي عاشتها الهيئة بعد استقالة الأستاذ عبد الرزاق الكيلاني ساهمت في خلق مناخ متوتر في القطاع واستنزفت الكثير من وقت وجهد الهيئة لفض الصراعات... ثم إن توجه بعض أعضاء الهيئة إلى العمل السياسي والحزبي ساهم في تراجع الدور الحقيقي لها، ولذلك، إن تم انتخابي عميدا للهيئة فاني سأتخلى عن كل مسؤولياتي في أية منظمة أو جمعية أتحمل فيها الآن مسؤولية... لكل هذه الأسباب قدمت ترشحي لعمادة المحامين. على ماذا يرتكز برنامجكم الانتخابي؟ يمكن أن أجمله في ثلاثة جوانب رئيسية، أولها غياب الحوافز للمحامين الشبان دون سواهم من باقي القطاعات التي تشجعها الدولة، المسألة الثانية تتعلق بشفافية وعدالة توزيع القضايا العمومية لعموم المحامين دون فرز إقصائي وضبط شروط موضوعية لذلك (الكفاءة والاقدمية، التخصص...)، فمن غير المعقول أن نكون متساوون أمام القانون وغير متساوين في اخذ القضايا العمومية، النقطة الثالثة أيضا تتعلق بحق كل محامي في الإنابة أمام الضابطة العدلية بمقتضى المرسوم الذي صدر في 2011 حتى يكون حضور المحامي مع منوبه الموقوف منذ ساعة إيقافه مثلما هو معمول به في الدول الديمقراطية، أيضا الدفاع عن مجال تدخل المحامي، هذا المجال المهدد اليوم من بعض الأطراف التي تريد اخذ مكان المحامي خاصة في الدفاع عن مؤسسات الدولة، مثل مصالح المكلف العام بنزاعات الدولة، والمكاتب الأجنبية التي باتت تنتصب في تونس بصورة غير شرعية، أيضا سندافع عن خطة المحامي المستشار الذي يكون مسؤولا على سلامات الإجراءات المالية للمؤسسات، كما سنعد خطة وطنية لمقاومة ظاهرة السمسرة في القطاع، وخطة ثانية لتكوين المحامين وتكوين جهاز إداري للغرض يكون فعالا، وأيضا سندافع عن حصانة المحامي وسنشكل لجنة وطنية بالاتفاق مع السادة القضاة لهذا الغرض، أيضا من المطالب المطروحة اليوم هي الحيطة الاجتماعية وتقاعد المحامي، لا ننسى أيضا تكوين فرع للهيئة الوطنية للمحامين في كل محكمة استئناف خاصة انه لا توجد إلا ثلاثة فروع في كامل الجمهورية، وبالتالي من بين مهامنا المطروحة إنشاء الفروع المستوجبة وتوفير الظروف اللوجستية والمادية الضرورية لعمل المحامين داخل مختلف جهات البلاد، وعلى الدولة أن تساهم في هذه العملية. هذه النقاط مطروحة في اغلب البرامج الانتخابية لبقية المترشحين، فبماذا يتميز مختار الطريفي في برنامجه الانتخابي؟ أعتقد أن ما يميز برنامجي هو أنني أضع مختلف المطالب المهنية ومشاغل المحامين في إطار اكبر وأعمق وهو إطار الانتقال الديمقراطي وبناء الدولة المدنية الراعية للحقوق والحريات، بمعنى أن برنامجي ليس حرفيا بالمفهوم الضيق للكلمة، لأني اعتقد أن المحاماة ليست مهنة مجردة بل هي كيان اجتماعي بالأساس وتمثل حجر الزاوية في المجتمع، ودون مبالغة اعتقد أنها ثاني أهم كيان اجتماعي في تونس بعد الاتحاد العام التونسي للشغل. كيف ترون اليوم تكرر القضايا الضاربة للحقوق الفردية والعامة في أروقة المحاكم والتي تطال الإعلاميين والمبدعين خاصة، هل ترونها قضايا «معزولة» أم تدخلا في سياق عام تنتهجه الحكومة لإرساء ديكتاتورية جديدة؟ دون مواربة أقول بان هناك إرادة واضحة من طرف الحكومة لوضع يدها على مختلف مفاصل الدولة خاصة المؤثرة مثل الإعلام الذي خاض معركة شرسة من اجل استقلاليته، وهذا ليس غريبا باعتبار أن هناك اليوم مشروعا لا يؤمن بحرية التعبير والإبداع والخلق، ولا يدور إلا في فلك المحرمات والقمع ولا يعمل إلا على «أسلمة» البلاد وبالتالي الالتفاف على مطالب الثورة التونسية، فرغم أن الشعب التونسي شعب مسلم وهويتنا مترسخة منذ أكثر من 14 قرنا... فان الأطراف «المتنفذة» اليوم تضع على السطح مسألة الدين لتعويم القضايا الجوهرية للشعب التونسي والمتمثلة أساسا في العدالة الاجتماعية والحريات والكرامة والتوزيع العادل لخيرات البلاد بين مختلف المواطنات والمواطنين دون تمييز... كيف ترون اليوم الجدل المحتد بين الأطراف السياسية حول مسودة مشروع الدستور الجديد؟ أعتقد أن السؤال الحقيقي هو هل نريد كتابة دستور يؤسس لدولة مدنية راعية للحقوق والحريات وضامن للمساواة التامة بين النساء والرجال وضامن للعيش الكريم لكل مواطن تونسي، وأعتقد أن المشروع النهائي ورغم التقدم في عديد النقاط والفصول إلا أنه مازال بعيدا عن هذه الطموحات، كما أن الممارسات التي نشاهدها يوميا من طرف بعض النواب تثير أكثر من نقطة استفهام حول مدى جديتهم ومدى تخلصهم من الأطر الحزبية الضيقة التي تطغى على مناقشة الفصول وعلى التصويت، ورغم ذلك اعتقد أن مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل مع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وهيئة المحامين واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية كانت جادة للخروج بالبلاد من الأزمات المتكررة وأظن أنها ساهمت في تغليب المصلحة الوطنية بعيدا عن التجاذبات السياسية ونجحت في تقريب وجهات النظر ورسم بعض التوافقات الهامة... ولا أفهم محاولات عرقلة هذه الخطوة... وكيف ترون مواقف رئيس الجمهورية المؤقت، وهو الحقوقي السابق والذي تشترك معه في الرئاسة الشرفية للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان؟ صديقي المنصف المرزوقي خيب آمالي. يفرض الحدث، السؤال التقليدي، ذاك المتعلق بحظوظكم في الفوز بمنصب عميد المحامين؟ أنا مترشح لأكون عميدا للمحامين، وحظوظي وافرة، ولا أظن أن زميلاتي وزملائي سيتخلون عني... لا أعداء لي... ودليلي الحفاوة التي استقبلت بها في كامل الجمهورية وفي جل المناطق التي تحولت إليها في الآونة الأخيرة...